الناصرة: “القدس العربي”:
تواصل استطلاعات الرأي في إسرائيل إظهار تراجع مكانة حزب “الليكود” الحاكم وتدني شعبية رئيسه بنيامين نتنياهو نتيجة فضائح الفساد وفشل حكومته في مواجهة عدوى الكورنا حيث يستمر وزراء فيها انتهاك تعليماتها الخاصة بالجائحة.
ويظهر استطلاع رأي للقناة الإسرائيلية 12 أن معظم الإسرائيليين لا يثقون بنتنياهو وحكومته ويؤيدون إجراء انتخابات مبكرة رابعة رغم انتشار العدوى وربما بسببها وسبب نتائجها الاقتصادية الخطيرة.
وحسب الاستطلاع المذكور فإن قوة الليكود تتراجع من 36 مقعد في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) اليوم إلى 26 مقعدا لو جرت الانتخابات العامة اليوم فيما يواصل حزب المستوطنين “يمينا” مضاعفة قوته وهو يحصل وفق الاستطلاع بـ23 مقعدا مما يعني أن الفارق بينه وبين الليكود بات ثلاثة مقاعد فقط ويليه حزب “هناك مستقبل” مع 18 مقعدا فيما تحافظ القائمة المشتركة على قوتها (15 مقعدا).
في المقابل تتراجع أيضا قوة حزب “أزرق- أبيض” برئاسة وزير الأمن بيني غانتس من 18 مقعدا إلى 7 مقاعد فيما يسقط حزب “العمل”.
وحسب الاستطلاع يؤيد 49% من الإسرائيليين إجراء انتخابات عامة مبكرة اليوم وبشأن الوزيرة غيلا غاملئيل التي خالفت تعليمات وزارة الصحة الإسرائيلية الخاصة بالعدوى قال 53% من الإسرائيليين إنه على نتنياهو الإسراع إلى إقالتها خاصة أن نسب تفشي الكورونا ما زالت عالية جدا رغم فرض الإغلاق التام على البلاد منذ عشرة أيام حتى الثامن عشر من الشهر الجاري.
فقدان القدوة والثقة
ويواجه عدد من الشخصيات الإسرائيلية العامة انتقادات واسعة بسبب مخالفتهم تعليمات الإغلاق الشامل الذي فرض في إسرائيل خلال فترة الأعياد اليهودية للحد من انتشار كورونا، فبعد الكشف عن عدم التزام الوزيرة غيلا غملئيل بالتعليمات، اتضح أن عددا آخر من الشخصيات خالفوها من بينهم رئيس جهاز الشاباك ناداف ارغمان وزوجة رئيس الحكومة سارة نتنياهو ورئيس تحالف “يمينا” نفتالي بينيت.
وكانت وزيرة حماية البيئة غيلا غملئيل أعلنت عن إصابتها بالفيروس واتضح أنها أصيبت بالعدوى خلال تواجدها في أيام عيد العرش في منزل عائلة زوجها في مدينة طبرية في حين أنها تقطن مدينة تل أبيب، وهذا الأمر يعتبر مخالفا للتعليمات العامة.
وكشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن زوجة رئيس حكومة الاحتلال سارة نتنياهو قامت باستدعاء مصفف شعر إلى مقر رئيس الوزراء في مدينة القدس عشية عيد العرش، وهو أمر مخالف للتعليمات أيضا والتي تحظر التواجد في بيت شخص آخر لغرض غير مسموح.
كما كشف النقاب عن قيام رئيس جهاز الأمن العام ناداف ارغمان باستضافة أقارب له في العريشة في منزله خلافا لتعليمات وزارة الصحة، حيث ذكر التقرير أن ابنته التي تعيش على بعد عدة كيلومترات من منزله وضيوف آخرون، جميعهم لا يعيشون معه في نفس المنزل كانوا ضيوفا لديه السبت الماضي للاحتفال بعيد العرش لعدة ساعات.
أيضا اتضح الأربعاء أن ابن رئيس تحالف أحزاب اليمين “يمينا” نفتالي بينيت استضاف صديقة العائلة داخل منزله خلال عيد الغفران وعلى خلفية كل ذلك وجه المنسق الحكومي لشؤون كورونا بروفيسور روني غامزو انتقادات حادة ضد تصرفات الشخصيات العامة التي تخالف التعليمات ولا يتصرفون كمثال يقتدي به الإسرائيليون.
وكشفت وزارة التعليم الإسرائيلية الخميس عن إصابة أكثر من 15 ألف طالب وطالبة من مختلف المراحل التعليمية في مدارس البلاد بفيروس كورونا المستجد، بينهم 7823 طالبا من اليهود المتدينين المتزمتين (الحريديم) الذين أعلنت أوساط منهم تمردها على الحكومة ولا تحترم تعليمات وزارة الصحة مما يؤدي لمواجهات مع الشرطة الإسرائيلية التي تحول منع تجمعاتهم وقيامهم بصلوات جماعية داخل الكنس في عدة مدن خاصة في القدس المحتلة.
تصاعد الاحتجاجات والمظاهرات
وعلى خلفية ذلك ورغم تعليمات الكورونا تتواصل مظاهرات الاحتجاج ضد نتنياهو والتي تطالبه بالاستقالة، سواء على خلفية تقديمه إلى المحاكمة بشبهة ارتكاب مخالفات فساد أو على خلفية فشل حكومته في مواجهة أزمة فيروس كورونا ويتساءل مراقبون عن جدواها واحتمال نجاحها بإسقاطه. هذا أحد الأسئلة التي تتضمنها التحليلات الإسرائيلية الأخيرة مع دخول هذه الاحتجاجات أسبوعها الـ15 واستقطابها للمزيد والمزيد من الإسرائيليين وبالأساس المتضررين من تداعيات الأزمتين الصحية والاقتصادية- الاجتماعية اللتين ترتبتا على تفشي فيروس كورونا وعلى الفشل في مكافحته حيث بلغ عدد المظاهرات خلال يوم الثلاثاء 1000 تجمع احتجاجي.
وفضلاً عن استمرارية هذه التظاهرات واتساع رقعتها الجغرافية وعدد المنخرطين فيها، طرأ الأسبوع الماضي مُستجد آخر يعتبره بعض المحللين واعداً، يتمثل في نشوء جيب معارضة للحكومة ورئيسها داخل حزب “أزرق أبيض”، الحليف الرئيس لحزب الليكود في الائتلاف الحكومي وشكّلت استقالة وزير السياحة الإسرائيلية أساف زامير من “أزرق أبيض” مؤشراً إلى هذا التطوّر.
وعلل زامير استقالته قبل أيام في بيان بالقول “أنا قلق على الدولة، قلق من أنها على وشك الانهيار التام، ومن الواضح أن هذا لن يتغيّر ما دام نتنياهو رئيساً للحكومة، فأزمة كورونا مع كل تأثيراتها الكارثية موجودة بأحسن الأحوال في المرتبة الثانية على قائمة سلم أولويات رئيس الحكومة، والاعتبارات الشخصية والقضائية هي التي تشغله، وهذا واضح في كل خطوة يقوم بها.
وتتقاطع أقوال زامير هذه مع كثير من التعليقات التي أكدت الأمر عينه حتى قبل أن يبوح بها، بل إن بعضها ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، إلى حدّ اتهام نتنياهو بتسييس أزمة كورونا من أجل تلك الاعتبارات الشخصية والقضائية وبالتالي خلط الحابل بالنابل مما يفشل الحرب على الكورونا.
قوانين الطوارئ
ووفقاً لبعض تلك التعليقات، إذا كان نتنياهو استغل الموجة الأولى من تفشي فيروس كورونا، في آذار ونيسان الماضيين، لتسريع تشكيل ائتلاف وحكومة جديدين برئاسته هو، بالرغم من عدم فوزه بالأغلبية البرلمانية التي تتيح له إمكان ذلك، فها هو يستغل الموجة الثانية من تفشي الفيروس الآن لمحاصرة بل ومنع أي نشاطات احتجاجية تطالب باستقالته من جهة، ولتأجيل موعد بدء جلسات النظر في لائحة الاتهام الجنائية ضده من جهة أخرى.
كما دلت على ذلك عدة إجراءات أقدمت عليها الحكومة في الآونة الأخيرة وكانت ذروتها مصادقة الحكومة الإسرائيلية في الأول من الشهر الحالي على سلسلة من الأنظمة الجديدة، استناداً إلى التعديل الخاص الذي أقرّه الكنيست للقانون المسمى “قانون صلاحيات كورونا”، وهو “قانون طوارئ” كان الكنيست سنّه في بدايات أزمة كورونا.
وينصّ التعديل القانوني والأنظمة الجديدة التي وضعتها الحكومة بناء عليه، على تقييد عدد من الحقوق والحريات الأساسية والمساس بها بصورة حادة إلى حدّ الإلغاء التام، في مركزها: الحق في التظاهر كجزء من حرية التعبير عن الرأي، حرية الحركة والتنقل، الحق في الخصوصية الشخصية، الحق في الحفاظ على السريّة الطبية، وغير ذلك من الحقوق.
الاسرائيليين لا يثقون بنتنياهو لكن زعماء عرب الخليج يثقون فيه ثقة عمياء