رأي القدس تصريحات المسؤولين الاسرائيليين حول البرنامج النووي الايراني وكيفية التعاطي معه تبدو متناقضة، فهناك من يصعد ويهدد، وهناك من يحاول التهدئة، وقد يكون هذا التناقض مقصودا ومن قبيل التضليل والحرب النفسية التي برع فيها الاسرائيليون، وتعلموها من حلفائهم الغربيين.تضخيم الخطر النووي الايراني، والتهديد بقصفه كخيار وحيد للقضاء عليه، وتحريض العالم باسره ضده، كلها من مفردات قاموس صقور اليمين الاسرائيلي المتطرف وزعيمه بنيامين نتنياهو وحليفه الاوثق في حزب العمال، او ما تبقى منه ايهود باراك وزير الدفاع. اما الذين يحاولون تخفيف حدة هذا الخطر فهم خليط من شخصيات عسكرية مثل بني غانتز رئيس هيئة الاركان وشاؤول موفاز زعيم حزب كاديما الجديد.باراك عاد بالامس الى تضخيم خطر البرامج النووية الايرانية في خطاب القاه بمناسبة ما يسميه عيد الاستقلال دون ان يأتي بجديد لافت، ولكن النقطة الاهم التي لا يمكن تجاوزها هي قوله ‘ان ايران النووية ستوقظ سباق تسلح اقليمي نووي’.واشار الى ان ‘ثلاث دول هي المملكة العربية السعودية وتركيا ومصر ستضطر الى الانضمام الى هذا السباق’.السباق النووي في المنطقة سينطلق عاجلا ام آجلا سواء امتلكت ايران اسلحة نووية او لم تمتلك، لان احتكار اسرائيل لهذا السلاح لا يجب ان يستمر خاصة في ظل عملية التغيير السياسي الديمقراطي التي تسود المنطقة حاليا.ايهود باراك يرى ان العقوبات الاقتصادية لن تحقق اهدافها في دفع ايران للتخلي عن طموحاتها النووية، والتفتيش الدولي قد يدفعها الى زيادة تحصين منشآتها النووية، والخيار الوحيد للتعاطي معها هو اللجوء للخيار العسكري، ولكنه في الوقت نفسه، لا يريد ان يتطرق احد الى قضية اساسية وهي رفض اسرائيل توقيع معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية.الدول الثلاث، اي مصر والسعودية وتركيا، تأخرت طويلا في بناء منشآت نووية تؤدي الى انتاج اسلحة تحقق الردع النووي مع اسرائيل، وكان عليها ان تقيم هذه المنشآت قبل ايران وليس بسببها، وتستخدمها ورقة مساومة لاجبار اسرائيل على توقيع المعاهدات الدولية، والتنازل عن اسلحتها وبرامجها النووية مثلما فعلت جنوب افريقيا.فالقاسم المشترك بين الدول الثلاث هو كونها ‘معتدلة’ وحليفة قوية للغرب والولايات المتحدة الامريكية على وجه الخصوص. ومحور الارتكاز الاساسي لسياساتها الشرق اوسطية.الدول الثلاث لا يجب ان تساند اي جهد اسرائيلي او امريكي ولو بطريقة غير مباشرة لخوض حرب ضد ايران بسبب طموحاتها النووية، واذا اضطرت الى ذلك مكرهة، فان مشاركتها او صمتها على الحرب ضد ايران يجب ان تكون غير مجانية، وانما مشروطة بتعهد امريكي غربي بتجريد اسرائيل من اسلحتها النووية وتحويل الشرق الاوسط الى منطقة خالية من الاسلحة النووية.الاديب الالماني غونتر غراس الفائز بجائزة نوبل للاداب كان اكثر الادباء والسياسيين الغربيين جرأة عندما علق الجرس وقال ان اسلحة اسرائيل النووية هي اكبر تهديد لامن العالم واستقراره وليست ايران، وهذه الحقيقة يجب ان تكون الارضية التي تؤدي الى اطلاق سباق التسلح النووي، وتكون المبرر للدول الثلاث للنزول الى مضماره سواء امتلكت ايران اسلحة نووية او لم تمتلك طالما ان اسرائيل تملأ ترسانتها باكثر من 300 رأس نووية.Twitter: @abdelbariatwan