القاهرة ـ «القدس العربي»: أكد السودان، الأربعاء، رفضه إدراج تقاسم المياه ضمن مفاوضات «سد النهضة» الإثيوبي، داعيا إلى تعزيز آلية التفاوض بإشراك أطراف لها أثر ونفوذ سياسي. وفيما أكدت واشنطن «تواصل دعم جهود إثيوبيا ومصر والسودان للتوصل إلى تسوية دائمة بشأن السد تحت قيادة الاتحاد الأفريقي» قال دبلوماسي مصري سابق إن موقف أمريكا وروسيا سيتغير، إذا اقتنعت إسرائيل بضرورة دعم مصر.
والتقى وزير الري السوداني ياسر عباس، مبعوثة الاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي أنيتي ويبر، في العاصمة الخرطوم، وفق وكالة الأنباء السودانية الرسمية «سونا».
وقال إن بلاده «ترفض إدراج تقاسم المياه ضمن مفاوضات سد النهضة، باعتبار أن المرجعية القانونية لمفاوضات سد النهضة هي إعلان المبادئ الموقع بين الدول الثلاث في 2015».
وفي مارس/آذار 2015 وقع السودان وإثيوبيا ومصر بالخرطوم، إعلان مبادئ يتضمن خريطة طريق مكونة من 10 نقاط للعمل المشترك بينها وتؤكد على عدم إضرار «سد النهضة» بمصالح مصر المائية.
«آلية التفاوض»
وجدد عباس «تمسك بلاده بضرورة تعزيز آلية التفاوض بين الدول الثلاث بإشراك ضامنين لهم أثر ونفوذ سياسي (لم يحددهم) تحت مظلة الاتحاد الأفريقي». وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي «يمكن أن يكون أحد المراقبين للمفاوضات» وفق المصدر ذاته.
في الموازاة، نقلت قناة «الجزيرة» عن مسؤولين في الخارجية الأمريكية قولهم إن واشنطن «تواصل دعم جهود إثيوبيا ومصر والسودان للتوصل إلى تسوية دائمة بشأن السد تحت قيادة الاتحاد الأفريقي، كما تعرب عن تفهمها لأهمية مياه النيل للبلدان الثلاثة».
ودعوا جميع الأطراف إلى الامتناع عن الإدلاء بأي تصريحات أو اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يعرض عملية التفاوض للخطر.
واعتبروا إعلان المبادئ لعام 2015 الذي وقعت عليه الأطراف وبيان يوليو/تموز 2020، الصادر عن مكتب الاتحاد الافريقي، أسسا مهمة لهذه المفاوضات.
والثلاثاء، دعت إثيوبيا مصر والسودان إلى التفاوض «بحسن نية» حول «سد النهضة» وأكدت «التزامها» بإنجاح المفاوضات الثلاثية التي يقودها الاتحاد الافريقي.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري، قال خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الخميس لبحث ملف «سد النهضة» إن الجهود التي يقودها الاتحاد الأفريقي بشأن الأزمة «وصلت إلى طريق مسدود».
«ليس المسار الوحيد»
وبيّن مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، محمد إدريس، أن ذهاب بلاده لمجلس الأمن الدولي في قضية سد النهضة يعد أحد المسارات، وليس المسار الوحيد أو المنتظر لحل المشكلة من خلاله.
ولفت في تصريحات متلفزة، الى أن مصر توجهت لمجلس الأمن في 3 قضايا مفصلية وحيوية وهي: قضية الجلاء، وقضية الأرض عقب عام 1967، وأخيرا أزمة سد النهضة، موضحا أن مجلس الأمن «لم يكن طرفا في حل أي منها».
وأشار إلى «ضرورة عرض القضية على مجلس الأمن وإسماع العالم بها» متابعا: «لو كان المجلس هو الحل لماذا لم نذهب له منذ 10 سنوات، بالطبع لأنه يوجد إدراك بأن المجلس ليس هو الحل، لكنه مسار طرقناه بعد أن انخرطنا في المفاوضات لفترة طويلة لم تصل إلى نتيجة، فذهبنا للمجلس لنعرض عليه قضيتنا».
الفقي يؤكد أن موقفي واشنطن وموسكو سيتغيران إذا اقتنعت تل أبيب بضرورة دعم القاهرة
وأكد أن» ذهاب مصر لمجلس الأمن هو لتوضيح أن مسار الاتحاد الأفريقي لم يصل إلى نتيجة بعد عام كامل من المفاوضات، وأن العودة للمجلس ليست لإيجاد حل، لأن المجلس لا يرحب بالانخراط في مثل هذه القضايا».
وأوضح أن «العبرة ليست باتخاذ المجلس قرارا، بل إن مجرد عرض القضية على المجلس يعد رفعا لمستوى الانخراط السياسي لدوله الأعضاء».
إلى ذلك، قال الدبلوماسي السابق، مصطفى الفقي، إن «لإسرائيل تأثيرا بملف سد النهضة، لأنها تحلم أن تكون إحدى دول مصب نهر النيل منذ عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات» موضحا إن «الموقفين الأمريكي والروسي سيتغيران إذا اقتنعت إسرائيل بضرورة دعم مصر».
وأكد إدريس وهو المسؤول المصري البارز في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، ورئيس مكتبة الإسكندرية حاليا في تصريحات متلفزة، أن «عقد جلسة لمجلس الأمن بشأن سد النهضة، يستهدف التعبئة والحشد الدولي للوضع الحالي الذي يشهده الملف» واصفا إياها بأنها «إثبات حالة».
ولفت إلى أن «مصر لن تعود إلى المفاوضات بصيغتها الحالية» مؤكدا «أهمية مطالبة الاتحاد الأفريقي لإثيوبيا بالتوقف عن الإجراءات الأحادية، والتفاوض خلال مدى زمني يتراوح ما بين 6 أشهر إلى عام».
وأوضح أنه «يتعين على مصر الاعتماد في حل الأزمة على الحلول غير التقليدية والاتصالات مع الدول صاحبة التأثير» مشيدا بـ«أداء وزير الخارجية، سامح شكري، بالملف وكلمته أمام مجلس الأمن.
الكاتب الصحافي والإعلامي عماد الدين أديب المقرب من نظام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قال إن «مخرجات جلسة مجلس الأمن بشأن سد النهضة تفيد بإحالة الملف إلى الاتحاد الأفريقي، وضبط جميع الأطراف للنفس، وعدم اتخاذ إجراءات أحادية» منوها أن «المجلس لم يدن بشكل واضح وصريح إثيوبيا أو رئيس وزرائها آبي أحمد».
«حل مائع»
وأضاف، خلال مداخلة هاتفية لبرنامج «تحت الشمس» الذي يقدمه الإعلامي معتز عبد الفتاح عبر فضائية «الشمس» أن «مجلس الأمن اتخذ حلا مائعا يرضي كل طرف بالملف» لافتا إلى أن «الأمر يؤدي إلى أمرين متضادين، الأول استدعاء الردع أو القيام بعمل رادع لمواجهة تشدد رئيس الوزراء الإثيوبي، والثاني عدم وجود بيئة حاضنة للعمل العسكري» مؤكدا أن «تأثير سد النهضة على الحق التاريخي لمصر في المياه لا مزاح فيه».
وحذر «من الضغط والتسخين للوضع الداخلي من أجل عمل عسكري» معلقا: «لكن أنا مع العمل العسكري ورأيي أن الجانب الإثيوبي لن يأتي بالحسنى أو الحوار».
ونوه بأن «ما يقوم به آبي أحمد لا يمكن تفسيره على أنه عمل بريء» موضحا أن «أحمد يريد استدراج مصر لاستنزاف مشروع إصلاحها في عمليات عسكرية».
وشدد على «أهمية الثقة بصورة كاملة بالسيسي والجيش الذي قاد ثورة 30 يونيو وعمل على تحسين الوضع واستقرار الدولة، وبناء دولة حديثة بشكل غير مسبوق» مؤكدا أن «الإنجازات التي نعيشها تشهد على ذلك».
وأشار إلى «أهمية اضطلاع القيادة بالقرار المناسب للتعامل مع الملف في التوقيت المناسب الذي تراه» مضيفا أن «إثيوبيا تحاول ابتزاز مصر بسيف الوقت وبدء عملية الملء الثاني».
وفي 5 يوليو/ تموز الجاري، أخطرت إثيوبيا دولتي مصب نهر النيل، مصر والسودان، ببدء عملية ملء ثانٍ للسد بالمياه، من دون التوصل إلى اتفاق ثلاثي، وهو ما رفضته القاهرة والخرطوم، باعتباره إجراءً أحادي الجانب.
وتصر أديس أبابا على تنفيذ ملء ثانٍ للسد بالمياه، في يوليو الجاري وأغسطس/ آب المقبل، حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأنه، وتقول إنها لا تستهدف الإضرار بالخرطوم والقاهرة، وإن الهدف من السد هو توليد الكهرباء لأغراض التنمية.
بينما تتمسك مصر والسودان بالتوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي حول ملء وتشغيل السد لضمان استمرار تدفق حصتهما السنوية من مياه نهر النيل.