سعيّد يعايد التونسيين بـ”دستور جديد”.. والمعارضة تستحضر السيناريو السريلانكي

حجم الخط
0

تونس– “القدس العربي”: انشغل التونسيون خلال عيد الأضحى المبارك بحدثين مثيرين للجدل، يتعلق الأول بـ”نسخة معدلّة” من دستور الرئيس قيس سعيد، فيما يتعلق الثاني بفرار الرئيس السريلانكي، غوتابايا راجابكسا، من قصره، بعدما اجتاحته جموع من الجماهير الغاضبة بسبب الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد.

وكان سعيد أصدر عشية العيد “نسخة جدية” من دستوره المعروض على الاستفتاء في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، تضمنت 46 تعديلا أو إصلاحات لأخطاء قال سعيد إنها “تسربت” لنسخة الدستور المنشورة قبل أيام في الجريدة الرسمية.

ولم تحظ “النسخة المعدّلة” من دستور سعيد برضى التونسيين، وخاصة المعارضة، حيث كتب عبد الوهاب الهاني رئيس حزب المجد “إسقاط مشروع دستور “قيس الأوَّل” (وأخطائه الشَّكلانيَّة السِّتَّة والأربعين) بالسَّحب وتعويضه بمشروع “قيس الثَّاني” بالغصب”.

وأوضح بقوله “إسقاط مشروع دستور “قيس الأوَّل” بالسَّحب بعد “التفطُّن الرِّئاسي” لـ 46 خطأ ارتكبها وسرَّبها رئيس الجمهوريَّة وشملت ثُلُث الفصول (46 خطأ على 139 فصلا، استزادها إلى 142).. فقرَّر سحبه من بعد تقديمه ونشره ثُمَّ سحبه، خارج الضَّوابط الدُّستوريَّة والقانونيَّة والإجرائيَّة وما جرت عليه نواميس الأنظمة الدِّيمقراطيَّة، وحتَّى غير الدِّيمقراطيَّة، في احترام المساطر والضَّوابط الشَّكليَّة والإجرائيَّة ناهيك عن غياب الرُّوح الدِّيمقراطيَّة والتَّشاركيَّة والانفراد الخطير بالسُّلطة التَّأسيسيَّة”.

وأضاف “وتعويضه بمشروع دستور “قيس الثَّاني” بجرَّة قلم، لإدخال تعديلات لغويَّة ومضمونيَّة عميقة في السَّاعة الخامسة والعشرين، خارج حتَّى الآجال المرسوميَّة الاستثنائيَّة المنقَّحة، وأثناء الحملة الانتخابيَّة وقبل أسبوعين من يوم الاقتراع اللَّا دستوري على مشروع دستور “قيس الأوَّل” وأخطائه السِّتَة والأربعين الَّتي طالت ثُلُث فصوله وتدابيره”.

وكتب عصام الشابي، الأمين العام للحزب الجمهوري: “مشروع دستور معروض على الاستفتاء تطلب 46 “إصلاحا وتعديلا”، بعضها شكلي وبعضها مضموني. مشروع حري أن يلقى به في سلة المهملات. قاطعوا الاستفتاء المهزلة”.

https://www.facebook.com/issam.chabbi/posts/pfbid02vSMsT8NVr7nqovNkB4QQTSAkd1L6uFqBm8JUyLdsYNS7SZ4sbsVaFqiwyiuE7jpsl

ولم يغب عن المعارضة التذكير بما حدث في سريلانكا، التي هرب رئيسها بعدما اجتاحت الجموع قصره الفاخر في تظاهرات غاضبة بسبب الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد، والذي تسبب بنقص المواد الأساسية، حيث لمّح البعض إلى احتمال تكرار هذا السيناريو في تونس.

وكتب النائب السابق سمير ديلو تحت عنوان “هرب الرئيس”: “ليبيا ليست تونس. قالها أنصار القذّافي ثمّ رحل! مصر ليست تونس. قالها مريدو مبارك ثمّ رحل! تونس ليست سريلانكا. ربّما يكون مناسبا أن يفكّر أنصار سعيّد مليّا قبل أن يقولوها. فعلا تونس ليست سريلانكا فمساحتها ضعف مساحة سريلانكا تقريبا، وعدد سكّان تونس نصف عدد سكّان سريلانكا. ولكنّ نقاط التّشابه بين رئيسي البلدين قيس سعيّد وغوتابايا راجاباكسا مثيرة للاهتمام”.

وأوضح بقوله: “فكلاهما حلّ البرلمان وأعلن الإجراءات الاستثنائيّة، مع فارق أنّ سعيّد لم يعيّن شقيقه رئيساً للحكومة كما فعل زميله السّريلانكي. وكلاهما كتب دستورا جديدا، وكلاهما تحدّى الضّغوط الدّوليّة لاحترام معايير النّظام الدّيمقراطي واحترام حقوق الإنسان وشروط صندوق النّقد الدّولي لإنقاذ الاقتصاد المتهاوي والماليّة العموميّة المنهارة، مع فارق رئيسي بينهما أنّه في الوقت الذي كان كلاهما يجاهر بذلك كانت رئيسة حكومة سعيّد (زميلة رانيل ويشكريميسينقي السيريلانكي) تفاوض صندوق النّقد الدّولي حول مصفوفة إجراءات آخر من يعلم بها هم التّونسيّون أنفسهم!”.

وتابع بقوله: “الشّعب الجائع المحتجّ على فشل السّلطة في تحسين ظروفه المعيشيّة وتوفير الوقود والغذاء والدّواء، طرد الرّئيس من القصر الرّئاسيّ وأجبره على الالتزام بالتّنحّي يوم الأربعاء المقبل. كلّ الحكّام الذين يجعلون أنفسهم فوق المحاسبة ويدسترون الإفلات من المساءلة. يختارون أقسى أنواع المحاسبة: محاسبة الشّارع. تُسكِرهم السّلطة ويخدعهم المداهنون، فينسون مقولة جُرِّبت فصحّت “في الدّيكتاتوريّات، كلّ شيء يسير على ما يُرام حتّى ربع السّاعة الأخيرة!”.

https://www.facebook.com/semir.dilou/posts/pfbid0S57QyABuPfUe1ACXXseUcXn5J4F3TTWpnRNRvVN6sPijxxmwGcpQDEREyW2D9prLl

وعلّق مستشار الغنوشي، رياض الشعيبي بقوله “الشّواء في سيريلانكا والدّخان في تونس”.

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=pfbid0EFGixQTFEGbhWt3Xf2zPRPSk83d2oZJp3JhdfLeMjJPx9mY6DT9UCTb98oVpKXnHl&id=100010080014343

وكتب الوزير السابق رفيق عبد السلام: “هروب رئيس سيريلانكا من القصر الجمهوري المحصن، بعد سنوات من خداع الشعب وتجويعه في قوته، ومحاولة فرض نظام حكم وفردي اعتباطي. هذه نهاية كل طاغية لا يصغي لشعبه ويستخف بمعارضيه”.

وشهدت تونس قبل أكثر من عقد هروب الرئيس السابق زين العابدين بن علي إلى السعودية، عقب “ثورة الياسمين” التي أطاحت بحكمه.

 ويحذّر مراقبون من تكرار هذا السيناريو في حال أصر الرئيس سعيّد على تجاهل الأطراف الفاعلة في البلاد، والمضي في سياسته التي ترى نسبة كبيرة من التونسيين أنها لا تصبّ في مصلحة البلاد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية