غزة– “القدس العربي”: بما يدلل على خطورة وضعه الصحي بسبب طول مدة الإضراب عن الطعام قامت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بنقل الأسير خليل عواودة، وبشكل عاجل من “عيادة سجن الرملة” إلى أحد المستشفيات المدنية الإسرائيلية، في الوقت الذي شرع فيه أحد الأسرى الذين شاركوا في عملية الفرار من “سجن جلبوع” في إضراب عن الطعام، رفضا لعزله الانفرادي.
وذكر نادي الأسير أن قيام سلطات الاحتلال باتخاذ هذه الخطوة جاء بسبب تدهور خطير طرأ على الوضع الصحي لهذا الأسير الذي يستمر في إضرابه عن الطعام لليوم الـ 57 على التوالي، رفضا لاعتقاله الإداري. وكان عواودة متواجد في “عيادة سجن الرملة” التي تفتقر لمعظم الأجهزة الطبية، بعد أن نقل إليها بسبب وضعه الصحي الخطر، قبل عدة أيام من زنازين العزل الانفرادي في “سجن عوفر”، فيما يصر على تحقيق مطالبة بإنهاء اعتقاله الإداري، وقد رفض طلب الاحتلال منه بأن يتم مده بالفيتامينات والمدعمات الغذائية.
وحسب مؤسسات تتابع أوضاع الأسرى فإن عواودة عانى مؤخرا من أوجاع وآلام في كافة أنحاء جسده، وأوجاع شديدة في جهة الكلى، وصعوبة في الكلام، وأصبح لا يستطيع ابتلاع الماء، وأنه بالكاد يشربه، ويتقيأ كثيرا، وبات أيضا يتقيأ دما.
تجديد أمر الاعتقال
والجدير ذكره أن الأسير عواودة أب لأربع طفلات، وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلته بتاريخ 27 ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، وحولته للاعتقال الإداري دون أن توجه له أي اتهام، كما اعتقل سابقا في معتقلات الاحتلال عدة مرات.
وفي السياق، يواصل الأسير رائد ريان والمحتجز حاليا في سجن “عوفر”، إضرابه لليوم الـ 24 على التوالي، رفضا لاعتقاله الإداري أيضا، وقد اعتقل ريان بتاريخ الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد مداهمة قوات الاحتلال منزله واستجواب ساكنيه، حيث تم تحويله للاعتقال الإداري لمدة 6 أشهر، إلا أنه وبعد قرب انتهاء مدة الاعتقال تم تجديده إداريا لمدة 4 أشهر إضافية، ليعلن بعدها إضرابه المفتوح عن الطعام.
والاعتقال الإداري هو اعتقال يكون دون تهمة أو محاكمة، ودون السماح للمعتقل أو لمحاميه بمعاينة المواد الخاصة بالأدلة، في خرق واضح وصريح لبنود القانون الدولي الإنساني، حيث أن إسرائيل هي الجهة الوحيدة في العالم التي تمارس هذه السياسة، وتتذرع سلطات الاحتلال وإدارات السجون بأن المعتقلين الإداريين لهم ملفات سرية لا يمكن الكشف عنها مطلقا، فلا يعرف المعتقل مدة محكوميته ولا التهمة الموجهة إليه.
وفي أغلب الأحيان تقوم سلطات الاحتلال بتجديد مدة الاعتقال أكثر من مرة لمدة ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو ثمانية، وقد تصل أحيانا إلى سنة كاملة، ووصلت في بعض الحالات إلى سبع سنوات كما في حالة المناضل علي الجمال.
يشار إلى أن عشرات الأسرى الإداريين نفذوا في أوقات سابقة إضرابات عن الطعام، وصل بعضها لأكثر من أربعة أشهر متتالية، فقدوا خلالها الكثير من أوزانهم، وتحولوا أشبه بهياكل عظمية، ولم يتمكنوا بسبب طول المدة من الحركة وأصيبوا بإعياء شديدة، لكنهم أصروا على خوض المعركة، وتمكنوا في نهايتها من تحقيق مطالبهم بالحرية، وذلك باستجابة سلطات الاحتلال لمطالبهم بتحديد سقف اعتقالهم أو إطلاق سراحهم فورا.
ويؤكد نادي الأسير الفلسطيني أن الاحتلال يواصل تصعيده جريمة الاعتقال الإداري حيث تجاوزت أعداد الأوامر الصادرة منذ مطلع العام الجاري، أكثر من 550 أمر اعتقال إداري، من بينها 240 أمرا جديدا، فيما صدرت بقية الأوامر بحق معتقلين صدرت أوامر سابقة بحقهم، وتركزت نسبة الأوامر الصادرة في شهري مارس/آذار الماضي وأبريل/نيسان الجاري.
وأوضح نادي الأسير، في بيان، أن الارتفاع في أعداد المعتقلين الإداريين لم نشهده منذ سنوات “الهبة الشعبية” وتحديدا منذ عامي (2016 و2017)، وقال إنه من المرجح إذا ما استمر الاحتلال بنفس الوتيرة أن يصل عدد المعتقلين الإداريين حتى نهاية العام لـنحو 700 معتقل، وذلك وفقا للمعطيات الراهنة. وطالبت هيئة شؤون الأسرى والمحررين المؤسسات الحقوقية والقانونية والإنسانية، بالضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي للإفراج عن المعتقل الإداري المسن بشير الخيري من مدينة البيرة، والبالغ من العمر (80 عاما)، وتحتجزه سلطات الاحتلال بمعتقل “عوفر”
يشار إلى أن نادي الأسير الفلسطيني، أعلن أيضا أن المعتقل عبد الله العارضة من جنين، شرع بإضراب مفتوح عن الطعام رفضا لتمديد أمر عزله الانفرادي، الذي فُرض عليه منذ شهر سبتمبر/أيلول العام الماضي.
وذكر نادي الأسير، في بيان صدر عنه، أن العارضة يعد أحد قيادات الحركة الأسيرة، وهو معتقل منذ عام 1999، ومحكوم بالسجن لمدة 26 عاما، وفقد والدته خلال سنوات أسره وحرم من وداعها، وأشار إلى أن إدارة معتقلات الاحتلال صعدت من سياسة العزل الانفرادي، حيث تواصل عزل الأسرى الستة الذين تمكنوا من الفرار من “سجن جلبوع” قبل أن يعاد اعتقالهم منذ سبتمبر/أيلول الماضي، إضافة إلى مجموعة من الأسرى بذريعة تقديم المساعدة لهم.
حالة حرجة
وفي سياق الحديث عن مأساة المعتقلين، أكدت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، أن الحالة الصحية للأسير المصاب بالسرطان ناصر أبو حميد، آخذة بالتدهور بشكل سريع، وباتت تمر بمرحلة حرجة وخطيرة. ونقل محامي الهيئة كريم عجوة، عن شقيق المعتقل محمد الذي يرافقه في المعتقل، بعد التمكن من زيارته في “عيادة سجن الرملة”، أن هناك انتشارا واسعا للورم في منطقة الصدر وتحديدا في الرئة وأن وضع أخيه ناصر صعب للغاية. وأضاف أن أخاه لا يزال يعاني من آلام شديدة بجميع أنحاء جسده ولا يستطيع المشي إلا بواسطة كرسي متحرك وتلازمه أسطوانة الأكسجين بشكل دائم لمساعدته على التنفس، وحركة أطرافه باتت ضعيفة جدا، ومؤخرا قام أطباء الاحتلال بزيادة جرعة الأدوية التي تُعطى له لأن جسده أصبح في الفترة الأخيرة لا يستجيب لكمية الأدوية المقدمة له سابقا. وأشار إلى وجود “مماطلة حقيقية” من قبل إدارة سجون الاحتلال بإجراء الفحوصات اللازمة له ومتابعة جلسات العلاج الكيميائي، مشيرا إلى أن ناصر ينتظر منذ فترة طويلة تحويله لإجراء صورة للدماغ (صورة MRI)، وحالته الصحية لا تحتمل التأجيل والتأخير بإجراء الفحوصات وتلقي العلاج اللازم.
والأسير أبو حميد (49 عاما) من مخيم الأمعري في مدينة رام الله، معتقل منذ عام 2002 ومحكوم بالسجن سبع مؤبدات و50 عاما، وهو من بين خمسة أشقاء يواجهون الحكم مدى الحياة في المعتقلات. وكان منزلهم تعرض للهدم عدة مرات على يد قوات الاحتلال آخرها خلال عام 2019، وحُرمت والدتهم من زيارتهم لعدة سنوات، وفقدوا والدهم خلال سنوات اعتقالهم.