رغم أن مقولة الراحل هواري بومدين «الجزائر مع فلسطين ظالمة أو مظلومة» قد تظهر في أحايين كثيرة «سطحية» و«غير منطقية» للأحداث – التي تعرفها المنطقة العربية، ولا سيما عند النخب السياسية والثقافية، التي تساير «السياقات الآنية» والتي تتفاعل مع ما يجري في فلسطين وحولها، حسب مجرى الرياح التي تعصف في المنطقة – إلا أن للشعوب منطقا آخر. وما شهدته الرياضة من تفاعل مع القضية الفلسطينية برفض التقابل والمنافسة أمام الإسرائيليين خير دليل أن فلسطين في الأعماق.
وما شهده المغرب من مظاهرات عارمة ضد التطبيع أيضا يعبر عن تلاحم الشعوب المغاربية مع القضية الفلسطينية.
وما عرفته «كأس العرب» منذ بدايتها بزرع الأعلام الفلسطينية في كل مكان، بدءا من القلوب، لخير دليل أن القضية قضية شعوب عربية أولا ثم قضية الإنسانية جمعاء.
ومع هذا فهناك من يصطاد في المياه العكرة، فعندما خرج الجميع في الشوارع حاملين الرايات الجزائرية والفلسطينية وارتداء الكوفية، لم يكن ذلك لمناقشة عروبة الكأس أو غيرها من النعوت والتسميات، بل لإحساس جارف بأنهم مناصرون لفريقهم الفائز ولانتصار الروح الرياضية وللتنظيم المحكم في قطر. ولأن الكأس العربية كانت ستهدى للفلسطينيين إن كان الرابح تونس أو المغرب أو الجزائر.
كأس عربية تهدى لفلسطين العربية، ذات الجذور الكنعانية التي تقابل الوجود الإسرائيلي الوافد على حضارة الكنعانيين بكل عنف الغزاة.
«كأس العرب» سيفوز بها العجم: فخ العرقية!
قبل فوز الجزائر، بلد العجم حسب تعبير «أحمد عصيد». أثار هذا الأخير جدلا بسبب تصريحاته وانتقاده لتسمية الكأس العربية بـ»كأس العرب».
التصريحات نشرت على العديد من المواقع المغربية، مثل «الحوار المتمدن» و»ماروك 04» وغيرها من المواقع والمنصات الإعلامية التي عنونت «كأس العرب التي سيفوز بها العجم» أو كما عنونها موقع «ماروك 04» بأحمد عصيد «كأس العرب» عنصرية اختزالية لا تحترم شعوب المنطقة.
وعبر «عصيد» وهو مفكر شمولي، وأستاذ فلسفة وشاعر وباحث في الثقافة الأمازيغية وناشط حقوقي، ورئيس المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات عن الاحتجاج على التسمية: «يحتج الأمازيغ والكورد والأقباط والزنوج والآشوريون وغيرهم من القوميات الموجودة على خريطة شمال افريقيا والشرق الأوسط على تسمية «كأس العرب» التي أطلقها عرب الخليج على الدوري المنظم حاليا في قطر».
ويضيف «أقول عرب الخليج، لأن الفيفا لم تطلق على الكأس اسم «كأس العرب» بل سمتها «الكأس العربية» أو بالفرنسية La coupe arabe، لكن إخواننا العرب الأقحاح، أبناء الجزيرة الصحراوية، ارتأوا تسميتها بـ»كأس العرب» احتفاء بعرقهم وأصولهم وأنسابهم».
هل يعقل أن تنسب اللغة للأشياء الجامدة، ولو كانت كؤوس ذهب وألماس. اللغة تنسب لبشر من لحم ودم وإحساس وتفاعل ممن أنتجوا وأثروا المعارف والمهارات المختلفة وصدروها للشعوب الأخرى. وكلام «عصيد» ليس موضوعيا للأسف الشديد، لأنه زاد من «لهجة الاستعلاء والتهكم» عندما قال: «وبما أن هذه أول كأس قائمة على التمييز العرقي تنظم في بلد من بلدان المعمور، فقد كان حريا بالمنظمين أن يعمدوا قبل استقبال الفرق إلى إجراء تحليل دقيق لحمضهم النووي للتأكد من «عروبتهم» الخالصة، ومن لم تثبت عروبته منع من المشاركة في تظاهرة اختص بها العرب الأقحاح دون غيرهم».
وكان «عصيد» قد جال بين تسميات الكؤوس، التي لم تسمّ بناء على عرقيات بل على جغرافيات، مثل «كأس افريقيا» و»كأس آسيا» و»كأس العالم». ونسي أو تناسى أن كل تسمياتنا في البلدان المغاربية تخضع للعرقيات، إذ توسم كل التظاهرات والفعاليات بوسم لغوي وعرقي، متوقعين بذلك أننا أنصفنا انتماءنا الحضاري والثقافي، مثلما اكتسح وسم «عربي» المجالات المختلفة، اكتسح وسم «أمازيغي» كل المجالات أيضا. مسرح أمازيغي، وسينما أمازيغية. وسنة أمازيغية.
وهذا ليس من باب التفاعل بين الشعوب، الذي يزيد الظواهر انسجاما وبريقا، بل من باب التغلب والسيطرة والهيمنة.
أحمد عصيد، المثقف الذي لم يكن لمثله أن يدخل في مثل ردود الفعل الواهية هذه، بقدر ما أراد أن يبين موضوعية ما طرح، وقع في فخ ذاتية مفرطة وهو الذي يعترف بـ«صعوبة وجود لاعب واحد «عربي قحّ» لا غبار عليه». فأين لأحمد عصيد أن يجد «لاعبا بربريا أو أمازيغيا قحا» لو قام منظمو الدورة بتحليل الحمض النووي؟ وهو بنفسه الذي يقر في سياق حديثه أن «التاريخ نفسه قد أقر منذ قرون طويلة منطق التمازج بين البشر، ما يفرض عليهم (على منظمي الكأس العربية) الاحتياط في التسميات التي ينبغي أن تراعي ذلك المنطق التاريخي، الذي تثبته الحضارات المتعاقبة، كما تؤكده اليوم التحليلات الجينية لمختلف سكان العالم من القارات الخمس».
لا أعتقد أن عصيد تنقصه الفطنة والحنكة حتى يعلم أن التسمية هنا بكأس العرب، جاءت لجمع الشمل. فماذا لو سميت هذه الكأس بـ»الكأس العجمية، القبطية، الآشورية، الفينيقية». قد تعجبه هذه التسمية، وإن كانت تقام على أرض قطر، أرض الأعراب. ما يزعجه إذا، تسمية «كأس العرب». ولنسمها بأي اسم كان.
العدوى «العصيدية» شملت بلدانا أخرى، مثل الجزائر، حسب ردود الأفعال التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول «كأس العرب». فكتب الأستاذ عبد الكريم باجاجة الإرشيفي الكبير على صفحته الرسمية على الفيسبوك: «لماذا وفي كل مرة يقع فيها حدث ما تخرج اعتبارات خارج سياقها؟ فالبعض يخرج نعوتا ذات صبغة اثنية (عرقية) مثل «بربري» والأخرى جغرافية مثل «شمال افريقيا». ثم يواصل مخاطبا من يروجون لتلك النعوت: «سأقول للقبائل العنصريين، الأكثر ضراوة في هذا المجال، ابدأوا أولا بإيجاد اسم آخر لأن «كابيل» يأتي من العربية «قبائل». وهذا الكلام بسبب التعليقات على انتصار الفريق الوطني بكأس العرب: «لماذا تبحثون على افساد الاحتفال بهذه الكأس العربية، التي اخرجت في طرق مدننا، الشباب، والكبار والنساء وحتى الأطفال». العديدون ممن لم تعجبهم تسمية «كأس العرب» انجروا نحو سياقات عنصرية، الكل في غنى عنها، آخر ما لفت انتباه بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي تعليق جريدة «الوطن» الجزائرية، الناطقة بالفرنسية، والرسم الكاريكاتوري الذي عبرت به على انتصار محاربي الصحراء، حيث ظهر رسم لاعب من الخضر فوق حرف «الزاي» بالتيفيناغ، والتعليق من فوق بالفرنسية: «الجزائريون أبطال العرب».
وممن علقوا على ذلك الباحثة في التاريخ « ح. مولاي» التي نشرت على صفحتها الرسمية معلقة على ذلك بتدوينتها التي جاء فيها: «مزبلة الإعلام. وواصلت تعليقها بـ: «إعلام يشحن العنصرية وكأنه لا يوجد على أرض الجزائر عرب». في سياق يحتفى فيه باللغة العربية وبتصنيف الخط العربي من طرف اليونيسكو. دائما احتفالات ترسلها اليونيسكو، تبدو في البداية قوية، ثم سرعان ما تظهر هشة لا تعبر عن الواقع النخبوي المشحون بالتذمر من كل الأطراف، ناهيك عن «العنصرية» التي تتحين كل الفرص للظهور والتسرب عبر كل المواقع والمنابر الإعلامية.
كما كان لقرار «الفيفا» باعتماد اللغة العربية كلغة رسمية في مقرها، ردود أفعال على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما انتقدوا «موافقتها» لأول مرة على تسمية كأس العرب، مثل ما فعل أحمد عصيد وغيره.
زادت «الفيفا» من تكريس العربية كلغة رسمية عالمية، وهذا من منطلقات موضوعية، بسبب عدد المتحدثين بها في العالم، وليس لمناوشات ايديولوجية داخلية بين العرب والعجم. الخبر الذي تناوله الاعلام بإسهاب. وربما ستخفف هذه النقاشات المشحونة بالشوفينية، بما جاءت به جريدة «الشروق» مؤخرا من اكتشاف عن أصل سكان الجزائر بعنوان: «جيناتنا عمرها 75000 سنة. الأمازيغ ثاني من استقر في الجزائر. فمن هم أجدادنا»؟
ومما جاء في المقال: «ففي الجزائر، تعتبر الأنساب الأوراسية (الأوروبية والآسيوية) هي الأكثر شيوعا (80 في المئة) متقدمة بفارق كبير عن الأنساب الافريقية (20 في المئة). ما لا يقل عن سلالتين أوراسيتين تعودان إلى العصر الحجري القديم في شمال افريقيا». أي «هناك، وبنسب متفاوتة، جينات كثيرة في «الجينوم الجزائري» أي الشفرة الوراثية، منها الافريقي والعربي والأوروبي والقوقازي وغيرها والهندي والأفغاني والتركي». فلا داع للغضب. قد يجد الجميع ضالته وهو ما يجعلنا لا نؤمن بوجود ملكية خاصة وصرفة لعرق دون الآخر.
كاتبة من الجزائر
تحية خاصة للمفكر الكبير عصيد، الذل والعار للقومجيين العروبيين السوفينيين، افريقيا للافارقة .
العرب والأمازيغ والحميرين من أصل واحد باليمن!
إنتشر معظم هؤلاء خارج اليمن بعد دمار سد مأرب!! ولا حول ولا قوة الا بالله
ولا تحتقر كيد الضعيف فربما – تموت الأفاعي من سموم العقارب
وقد هد قدمًا عرش بلقيس هدهد – وخرب حفر الفأر سدًّا لمأرب
– شاعر يمني –
نحن جزائريين قبل كل شيء ثم جزائريين وأخيرا جزائريين.
الجزائر مع الفلسطيين والصحراويين ظالمين أو مظلومين الى يوم القيامة.
أستاذة مريم بالنسبة لأحمد عصيد فإني أتحفظ على كلمة “مثقف و مفكر” في وصفه، فهو لا يعدو أن يكون أستاذا في الثانوي ركب موجة الأمازيغية وأخذ يسب العرب والمسلمين في كل كتاباته وبالتالي إشتهر ، وكما تعلمين حقده على العرب جعلته يخصص كل جهده حتى لإنكار كل مزايا الحضارة الإسلامية ويختزلها في ترجمة النصوص العلمية ضاربا بعرض الحائط كل العلماء الأفذاذ من ابن سينا والفارابي و ابن الهيثم والخوارزمي.
لكن الذي يغيظني حقا هو رغم كرهه الشديد لإخواننا الخليجيين ونعته إياهم بأقذع الأوصاف ما زالوا يستضيفونه على قنواتهم.
عصيد نفسه لم يفحص حمضه النووي. هو اداة الملك موهمد سكس لشغل الشعب عن الفساد ِ العلم حسم كلمته . السلالة الاقدم في افريقيا هي A. ثم جاءت والسلالة E من الجزيرة العربية واسيا واختلطت بالسكان الاوائل في افريقيا . الدراسات العلمية والشواهد الاثرية واللغوية والتاريخية و الجغرافية و الاجتماعية تؤكد هجرات من جنوب الجزيرة العربية نحو شرق افريقيا ثم المغرب القديم قبل 20000 سنة . وكذلك هجرات الكنعانيين نحو شمال المغرب القديم منذ 3000 سنة .
https://www.facebook.com/حوار-العرب-والبربر-في-ظل-الإسلام-101517101393660/