تونس-«القدس العربي»: قال سمير بن عمر، رئيس الهيئة السياسية لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية، إن الأوضاع التي تعيشها تونس لا تسمح بانتخابات حرة ونزيهة، وخاصة في ظل ما اعتبره “خضوع الإعلام للسلطة التنفيذية” ووضع كل من يقوم بانتقاد السلطة في السجن، وخاصة مرشحي الانتخابات الرئاسية.
وأضاف، في حوار خاص مع “القدس العربي”: “الانتخابات الرئاسية ستجري في ظل مناخ تحولت فيه تونس إلى سجن كبير، فكل من يتجرأ على نقد السلطة القائمة يجد نفسه في السجن ويواجه أحكاماً زجرية وفق المرسوم 54 (المتعلق بمكافحة الجرائم الإلكترونية)، كما أن هناك عدداً كبيراً من المحامين والإعلاميين والنشطاء السياسيين يقبعون اليوم في السجن على خلفية مواقفهم السياسية وآرائهم المنتقدة للحكم (رغم أن بعضهم ليسوا من المعارضة)”.
وتابع بن عمر: “أغلب المرشحين المحتملين للانتخابات هم إما في السجون أو المنافي، والأحزاب القوية في البلاد – مثل حركة النهضة والحزب الدستوري الحر- ممنوعة من النشاط، وزعماؤها موجودون في السجون، على غرار راشد الغنوشي وعلي العريض ونور الدين البحيري وعبير موسي، وهذا يمس من مصداقية العملية الانتخابية ويعكس توجه السلطة نحو الاستفراد بالشارع وفرض قيس سعيد بالقوة على إرادة الناخبين في تونس”.
كما انتقد قيام الرئيس قيس سعيد بـ”حملة انتخابية دائمة ومستمرة باستعمال وسائل الدولة والإعلام، وقد تحوّل سعيد في هذه الحملة إلى “المعارض الأول” في البلاد، حيث لم يقدم خلال حملته المستمرة هذه أي برنامج أو حلول لإنقاذ تونس، بل اكتفى بصب جام غضبه على المسؤولين المحليين الذين عينهم بنفسه، ثم قام بعزل بعضهم بذريعة إخلالهم بمسؤولياتهم وواجبهم، متناسياً أنه هو من تولى تسميتهم ويتحمل مسؤولية كل القرارات الصادرة عن السلطة باعتباره رأس السلطة التنفيذية، وهذا تنصل من المسؤولية وتحميلها للغير”.
وأضاف: “في ظل هذه المناخات: معارضة في السجن وإعلام مكبل ومحامون وإعلاميون في السجن، لا يمكن الحديث عن انتخابات حرة ونزيهة وعن توفر شروطها. وفي ظل ضبابية الرؤية وعدم وضوح المسار الذي تسير فيه البلاد، وعدم تحديد السلطة لخارطة طريق حتى على المدى القريب، فإن تونس مفتوحة على كل الاحتمالات وكل التونسيين يتوجسون خوفاً من المستقبل”.
وكان الرئيس قيس سعيد أصدر قبل أيام قراراً يقضي بتحديد السادس من تشرين الأول/ أكتوبر موعداً للانتخابات الرئاسية، فيما أعلنت هيئة الانتخابات روزنامة الانتخابات الرئاسية، كما أضافت شروطاً جديدة بالنسبة للترشح للانتخابات، على غرار البطاقة رقم 3 بالمتعلقة بالسوابق العدلية، فضلاً عن اعتمادها على الشروط الواردة في دستور 2022 والمتعلقة بالجنسيّة والسن القانونيّة والتمتّع بالحقوق المدنيّة والسياسيّة.
وعلق بن عمر بالقول: “هيئة الانتخابات -بضغط وتهديد من الرئيس قيس سعيد- تعمل على تغيير شروط الترشح للانتخابات الرئاسية وإصدار نص تدريبي يتضمن شروطاً جديدة طبقاً لأحكام دستور قيس سعيد 2022. وهذه فضيحة قانونية غير مسبوقة لأن تغيير القانون الانتخابي لا يتم إلا بقانون، ولا يمكن للهيئة أن تطبق أحكام الدستور مباشرة ومن تلقاء نفسها لأن أحكام الدستور يجب أن تطبق بواسطة قانون انتخابي يصدر للغرض وهو ما لم يحدث، وهذا يعكس إلى أي مدى وصل عدم احترام القانون في تونس ومدى خضوع الهيئة لتعليمات السلطات التنفيذية”.
واعتبر أن الرئيس قيس سعيد “ليس له أي حصيلة تؤهله لحيازة ثقة الناخبين من جديد، فبعد خمس سنوات من الفشل والدمار والتخبط، أصبحت حياة التونسيين لا تطاق، فالشباب يفرون من البلاد عبر الهجرة السرية، ويضحون بحياتهم من أجل اللحاق بأوروبا للنجاة بأنفسهم، والبطالة في ازدياد، والأسعار بلغت مستوى غير مسبوق، وهذه الأمور كلها تؤكد أنه من الصعب أن يتمكن قيس سعيد من الظفر بولاية جديدة”.
وأضاف: “لو وقع تزوير الانتخابات وفرض قيس سعيد من جديد على رأس البلاد، فسيؤدي ذلك لإدخال البلاد في أزمة جديدة، لأن حل الأزمة في البلاد يتجلى في رحيل قيس سعيد، وليس بقاؤه”.
ومن جهة أخرى، اعتبر بن عمر أن فوز اليمين المتطرف في الانتخابات البرلمانية الأوروبية “يخدم أجندة قيس سعيد الذي بنى سياسته الخارجية على التعامل مع اليمين المتطرف في إيطاليا وبعض الدول الأوروبية، والأوروبيون يرون في سعيد خير مساعد لتنفيذ وتمرير سياساتهم في البحر المتوسط، وخاصة أنه وضع نفسه كحارس لحدود أوروبا”.