لم يكن التمثيل هو الغاية الأولى والرئيسية لسهير محمد عبد السلام نوح الشهيرة بسهير رمزي، لكنها دخلت عالم الفن والأضواء تأثراً بوالدتها الفنانة دُرية أحمد التي لم تتحقق لها النجومية بالشكل الكافي، وربما لعبت الصُدفة دوراً مهماً في أن يكون للطفلة الصغيرة نجمة المستقبل سهير حظاً أوفر من الشهرة وهي لا تزال في عمر الزهور، حيث اكتشفها المخرج إبراهيم عمارة وأسند إليها دوراً ثانوياً في فيلم «صحيفة سوابق» عام 1956 وكان عمرها حينئذ 6 سنوات فقط.
من هنا كانت المحطة الأولى للنجمة الكبيرة التي أصبحت بعد ذلك ملء الأسماع والأبصار وهي التي لم تُخطط يوماً لتكون مُمثلة، بل أنها ركزت كل التركيز من البداية في الهواية التي أخذت بعقلها والمجال الذي أحبته كمضيفة طيران. فقد كانت تمتلك مقومات النجاح في هذه المهنة النوعية المهمة، الجمال والرشاقة واللباقة والأناقة.
الغريب أن الفتاة الجميلة الذكية لم تستمر طويلاً في مهنتها كمضيفة وغيرت وجهتها إلى نشاط آخر يرتبط بذات المقومات المتوافرة لها والمذكورة سلفاً، فعملت كعارضة أزياء، لكن السينما لم تترك لها فرصة الالتحاق بنشاط آخر غير التمثيل، إذ لاحقها المنتجون والمخرجون وبترشيح من المخرج حسين كمال شاركت سهير رمزي في فيلم «ثرثرة فوق النيل» الذي لفت إليها الأنظار بقوة لوجود عدد كبير من النجوم الكبار مثل عماد حمدي وأحمد رمزي وعادل أدهم، بالإضافة لأهمية القصة والأحداث التي كتبها الكاتب الكبير نجيب محفوظ.
ومن «ثرثرة فوق النيل» إلى ميرامار حظيت الفنانة الشابة باهتمام النُقاد والكُتاب كوجه جديد يُبشر بالنجاح والنجومية، ففي فيلم «ميرامار» الذي أخرجه كمال الشيخ عام 1969 كانت بوادر الموهبة قد ظهرت بشكل واضح في الأداء والثقة والتأثير فزادت العروض وعرف الجمهور عن قرب من هي سهير رمزي؟
وبعد عدة اختبارات وأدوار كثيرة بدأت الفنانة الصاعدة تُثبت أقدامها وتتخير من الأدوار ما يُناسبها فقد تجاوزت مرحلة الانتشار وبات من حقها أن تُفاضل بين الجيد والأجود، وعلى ذلك حققت تميزاً ملحوظاً في ما قدمته خلال فترة السبعينيات والثمانينيات وأصبحت محل ثقة بالنسبة للمُنتجين وأصحاب دور العرض والموزعين الخارجيين.
وفي ضوء نجاح أفلامها ووصولها لأرقام قياسية في شباك التذاكر تنوعت أدوار الفنانة الكبيرة وزادت العروض عليها ما أدى إلى كثافة عطائها والاعتماد عليها كواحدة من النجمات اللاتي يمتلكن خصائص تنشيط السوق السينمائي وانعاش حركته التجارية المُدرة للأرباح.
أفلام عالجت قضايا حساسة
برزت أفلام سهير رمزي خلال مراحل الازدهار في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، خاصة التي تناولت قصصاً جريئة وعالجت قضايا حساسة مثل فيلم «المُذنبون» للمخرج سعيد مرزوق إنتاج عام 1975 وفيلم «شباب في عاصفة» و«زواج بالإكراه» و«حياة خطرة» و«المُتعة والعذاب» وفيلم «ثم تُشرق الشمس» و«بالوالدين إحساناً» و«عالم عيال ـ عيال» و«امرأة من زجاج».
كذلك كانت أفلامها الأخرى في المراحل التالية أكثر تميزاً كفيلم «حتى لا يطير الدخان» مع عادل إمام الذي ناقش مأساة الفتاة البسيطة سنية التي رفضت أن تبيع شرفها مقابل المال والثراء والراحة من التعب والشقاء وفضلت حياة الخادمة البائسة على حياة المجون والبغاء.
كذلك كان دورها في فيلم «المُطارد» مع نور الشريف دالاً على تمكنها من أداء الأدوار الإنسانية وحرصها على الرسالة المُتضمنة داخل الدور، وفيلم «دموع صاحبة الجلالة» مع سمير صبري كان أيضاً إضافة لرصيدها الفني والسينمائي، بخلاف أدوار كثيرة أخرى قدمتها الفنانة على مدار مسيرتها الطويلة ما بين السينما والتلفزيون كـ»عصر الحُب» و«إعدام طالب ثانوي» و«كلاب الحراسة» و«رجل فقد عقله» و«أين المفر» ومسلسل «الحائرة» و«زينب والعرش» و«الرجل الثالث» و«قصر العُشاق» و«بنت اسمها محمود» و«أشجان» و«ألف ليلة وليلة» و«سيداتي آنساتي» و«شرف المهنة» إلى آخر الأعمال ذات التأثير الجماهيري الكبير والتي لا تزال تُثير الاهتمام باستمرار عرضها على الفضائيات.
في عام 2006 عادت سهير رمزي للأضواء مُجدداً لتقوم ببطولة مسلسل «حبيب الروح» للمخرج تيسير عبود مع عدد من النجوم، مصطفى فهمي وأشرف عبد الغفور والسيد راضي وبثينة رشوان وإبراهيم خان ونور قدري. ففي هذا المسلسل ظهرت الفنانة بشكل مُختلف مُرتدية الحجاب، ولعبت دوراً مهماً وضحت فيه خبرات السنوات المُتراكمة والنجاحات المتوالية.
وإلى الآن ما زال موقع سهير رمزي متميزاً ومكانتها خاصة في قلوب جمهورها داخل مصر وخارجها، فهي الفنانة التي أعطت الكثير من موهبتها وطاقتها الإبداعية فنالت ما تستحقه من الحُب والتقدير.