‘سودان أيدول’.. ‘اراب أيدول’!

حجم الخط
0

قبل أيام قدمت قناة النيل الأزرق السودانية الحلقة الأخيرة من برنامج ‘نجوم الغ’، الذي يُعتبر بمثابة برنامج ‘سودان أيدول’، حيث غنى عدد من الفنانين الشباب المنتمين للدفعة 18 بعد أن قام الطفل أحمد عبود، الذي لا يتعدى عمره 3 سنوات تقريباً، بتقديم كل واحدٍ منهم على حدة على خشبة المسرح، ومن ثم تم إعلان فوز الفنان الشاب رامي عمر بالجائزة الأولى كما تم تتويج عدد آخر من الفنانين والفنانات الناشئات بميداليات ذهبية، ولعل أطرف وأظرف ميدالية هي تلك الميدالية التي قدمها مقدم البرنامج بابكر صديق للطفل أحمد عبود، والذي طالب، بجراءة وبراءة طفولية محببة، بمنحه ميدالية اسوةً بالكبار لأنه كما قال يستحق ميدالية على طلوعه ونزوله مع الفنانين! وغنى عن القول إن برنامج نجوم الغد يُعتبر من أنجح البرامج الفنية السودانية ويمثل مساحة متميزة لاظهار المواهب الفنية الشابة في مجال الغناء، كما أنه يعتبر مصدراً للفرح لكل السودانيين داخل وخارج السودان الذين تكاد تصيبهم أخبار السياسة السودانية، من حروب قبلية وازمات اقتصادية وإغلاقات أنبوبية، بكآبة مزمنة!
بالأمس القريب، انتهت الحلقة الأخيرة من برنامج اراب أيدول الذي قدمته قناة ‘ام بي سي’ بفوز الفنان الفلسطيني الغزاوي محمد عساف بالمركز الأول، وسمحت حماس، التي تعلن رسمياً عدم حبها للغناء والموسيقي، لعدد كبير من سكان غزة بالقيام باحتفالات راقصة في مقاهي وفنادق القطاع كما احتفل سكان الضفة الغربية بذلك النصر الفني المؤزر بل أن الرئيس عباس قد سارع إلى تسيس تلك اللحظة الفنية الباهرة حين عين محمد عساف سفيراً للنوايا الحسنة ومنحه بعض الامتيازات الدبلوماسية، لقد وحّد محمد عساف بفنه الضفة وغزه بعد أن قسمهما السياسيون ولو تم إجراء انتخابات الآن في الضفة والقطاع، لفاز محمد عساف بالضربة الفنية القاضية على اسماعيل هنية وعباس في ذات الوقت!
قبل يومين، قدمت قناة البي بي سي اللندنية برنامج نقطة حوار وكان السؤال المطروح هو: من المستفيد من تقديم برامج المسابقات الغنائية؟ لقد قال 5 ‘ من المصوتين ان الشباب هم الذين يستفيدون من هذه البرامج لأنها تتيح لهم فرصة للظهور الجماهيري بينما قال 95 ‘ من المصوتين أن القنوات الفضائية هي الرابح الأكبر، عبر استفادتها من الاعلانات التجارية ورسوم الرسائل القصيرة التي يرسلها المصوتون العرب بغرض اختيار هذا النجم أو ذاك، كما أكد بعض هؤلاء أن هذه البرامج تجارية بامتياز ولا شأن لها بالفن ولا يرأس لجان تحكيمها خبراء موسيقيون وإنما يرأسها نجوم غنائيون مشهورون لأغراض جذب الجمهور فقط لا غير كما أن النجوم التي تصنعها هذه البرامج هي نجوم باهتة تكتفي بالتقليد ولا تأتي بالجديد وتتلاشي بعد الحلقة الأخيرة ومن ثم يبدأ تجار البرنامج في رحلة البحث عن نجوم جديدة أخرى، وقالت عينة من المُستطلعين إنها تقاطع برامج المسابقات الغنائية لأن الظروف السياسية والاجتماعية السيئة لا تتيح أي مجال للاستماع والاستمتاع بالغناء والموسيقى!
في اعتقادي أن برامج المسابقات الغنائية، حتى لو كانت تجارية النزعة، مطلوبة بشدة، خصوصاً في زمن الازمات السياسية الخانقة، فالانسان يحتاج إلى مساحة من الفرح، بعيداً عن أخبار المليونيات المؤيدة والمعارضة، وصور ضرب المتظاهرين بالغازات المسيلة للدموع، وأخبار الديناصورات السياسية المتهالكة التي تصر على التشبث بكرسي السلطة حتى لو أغرقت كل البلد في بحر من الدموع والدماء!

فيصل الدابي/المحامي

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية