وصف المتحدث الرسمي باسم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، لقمان أحمي الهجوم على سجن الصناعة بـ«العملية المركبة» والتي تتألف من عدة أطراف.
في أكبر عملية أمنية تؤكد أن عودة تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى صدارة المشهد في شرق سوريا باتت وشيكة، هاجمت خلايا التنظيم سجن «الصناعة» جنوب مدينة الحسكة، وهو أكبر سجن مخصص لمقاتلي التنظيم في منطقة النفوذ الأمريكي وسيطرة قوات سوريا الديمقراطية «قسد».
واتخذت وحدات حماية الشعب الكردية من مدرسة الثانوية الصناعية مقرا لها منذ سيطرتها على المدينة وطرد قوات النظام والدفاع الوطني في شهر اب (أغسطس) 2016. ومع تشكيل قوات سوريا الديمقراطية «قسد» والانضمام إلى «التحالف الدولي للقضاء على داعش» حولت قسد المدرسة المؤلفة من ثلاث كتل إلى سجن كبير للأسرى من عناصر التنظيم، حتى وصل عددهم في وقت من الأوقات إلى ما يزيد عن خمسة آلاف عنصر. وحظي السجن باهتمام كبير من قبل قيادة الوحدات، وأوكلت مهمة قيادته إلى أحد أهم الأمنيين القادمين من جبال قنديل وهو جمال كوباني.
في التفاصيل، بدأ الهجوم بتفجير سيارة مفخخة كانت متوجهة إلى بوابة السجن الرئيسية بعد أن اعترضها الحاجز المؤدي إلى البوابةـ ففجر انتحاري نفسه بالعربة معلنا بدء الهجوم ليقوم نحو خمسين عنصرا حسب تقديرات «قسد» بالهجوم من عدة المحاور على السجن بهدف خلق الفوضى. وتمكن مقاتلو التنظيم من إحداث خرق عند البوابة الرئيسية، بعد أن فجر انتحاري آخر نفسه بدراجة نارية على البوابة، ما ساعد بتسهيل ممرور زملائه إلى الداخل. بالتوازي مع التفجير الأول، بدأ آلاف السجناء استعصاء داخل السجن، تمكن سجناء ثلاثة مهاجع على الأقل من خلع الأبواب وكسر أقفال المهاجع الأخرى. ونجح السجناء في واحدة من كتل السجن الثلاث بالخروج إلى الساحة. ومع الفوضى الحاصلة فقد حراس السجن السيطرة وتمكن سجناء التنظيم من الخروح خارج السجن والهروب جنوبا إلى حي الزهور المعروف محليا باسم حوش البعير، وهو الحي العشوائي الملاصق للسجن باتجاه دوار دير الزور.
وما يشير إلى التخطيط المحكم للعملية هو إحراق عدة صهاريج وخزانات وقود في محطة «سادكوب» للمحروقات وهي المحطة الرئيسية للمحروقات في الحسكة منها تقوم «الإدارة الذاتية» بتوزيع المحروقات وفيها تجري عمليات تعبئة جرار الغاز المنزلي أيضا، وفي الأساس هي محطة حكومية تتبع وزارة النفط السورية.
وتبعد المحطة أقل من 800 م عن سجن الصناعة وتقع ضمن المربع الأمني الكبير لـ«قسد». وهدفت خلايا التنظيم إحداث فوضى بعملية الإحراق في المدينة، كما أن الدخان الكثيف الناتج عن احترق المازوت واطر عجلات الصهاريج يؤدي إلى تصاعد دخان أسود يقوم بأعماء الطيران الأمريكي ويمنعه من رصد أهدافه بدقة.
ونجحت خلايا «تنظيم الدولة» باختيار ساعة الصفر لبدء الهجوم أيضا، فقد شنت الهجوم في تمام الساعة 8 مساء، وهو بعد فترة غير بعيدة عن حلول الظلام الشتوي، ولكنه في الوقت ذاته، تبقى حركة المدنيين طبيعية، وهو ما يعيق سرعة استجابة القوى الأمنية لـ«قسد» للتدخل، كما أن وجود المدنيين يخلق حالة من الذعر والحركة غير المنتظمة للأخيرة.
من الواضح، أن المخططين للعملية كان هدفهم تجاوز السجن إلى الجهة الأخرى من حي غويران وهو حي سكني عشوائي مكتظ بالعرب السنة، أغلبهم من أهالي محافظة دير الزور. وكان على المهاجمين تجاوز عدة أبنية من السجن للوصول إلى الكورنيش الجنوبي الذي يفصل عمق حي غويران عن السجن، وأهم تلك الأبنية هي كلية الاقتصاد. وفي حال نجحوا من الوصول إلى عمق الحي فهذا يعني ان فصلا جديدا من فصول حياة التنظيم قد بدأت، كانت ستستمر شهورا طويلة، لن تنتهي إلا بهدم الحي السني وتجريفه كما حصل في عدة مناطق استعصى بها مقاتلو التنظيم.
اخفق المهاجمون من تحقيق خطتهم في فرار السجناء باتجاه حي غويران، لعدة أسباب، أهمها قلة السلاح المتواجد بين أيديهم أساسا، والسلاح الفردي الذي سيطروا عليه من حراس السجن. كما أن كثرة المقار الأمنية والعسكرية ومؤسسات الخدمات في الإدارة الذاتية وقلة الأبنية السكنية الفعلية في المنطقة أعاقت سرعة الوصول إلى عمق الحي. وتعتبر مشكلة نقص السلاح واحدة من أهم الأسباب لدى المهاجمين، وهو ما سيتكشف خلال الأيام المقبلة بعد استعادة المقاتلين الأكراد السيطرة على السجن، فمن المتوقع أن تعلن «أسايش» وجهاز «مكافحة الإرهاب» عن وجود مستودعات أسلحة في الحي تعود إلى خلايا التنظيم. سياسيا، بعد ساعات قليلة على بدء الهجوم على السجن، أطلقت «قسد» حملة إعلامية منظمة استهدف الرأي العام الغربي، حيث تواصلت مع الصحافيين الدوليين وزودت العشرات منهم بصور حصرية ومقاطع لم تنشرها منصات التواصل الاجتماعي المقربة منها. وشرح موظفو العلاقات العامة ما يحدث باقتضاب شديد وعدم إسهاب، مع التأكيد على مقدرة «قسد» على احتواء التمرد والهجوم على 24 ساعة.
وشدد مسؤولو «الإدارة الذاتية» على فكرة «دحر وإفشال هذا الهجوم بمساندة التحالف الدولي» جواً ، كمال قال الرئيس المشترك لمكتب الدفاع في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، زيدان العاصي الذي ريط ما يجري بأنقرة «لاحظنا مع بدء هجوم عناصر داعش الإرهابي أنَّ تركيا أيضاً حركت قواتها والقوات المرتزقة التي معها باتجاه تل تمر» واتهمها بمنع وصول المؤازرات إلى السجن بوقف التمرد حيث «استخدمت المُسيَّرات لضرب الأرتال القادمة لمؤازرة القوات التي دخلت من أجل تحرير السجن والمنطقة من المجموعات الإرهابية» حسب قوله.
في حين، وصف المتحدث الرسمي باسم الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، لقمان أحمي الهجوم على سجن الصناعة بـ«العملية المركبة» والتي «تتألف من عدة أطراف».
كما اتهم أحمي النظام السوري الذي وصف خلايا التنظيم، انها «مجموعات المقاومة الشعبية ودعمها لهم إعلامياً ولوجستياً، لإضفاء الشرعية لهم واللعب على وتر الوطن». وعلى الرغم من تشديده على اتهام تركيا، لفت إلى دور الجيش الوطني السوري المعارض، ووصفه بـ«المجموعات الإرهابية» ووصف علاقته بالتنظيم بـ«علاقة عضوية، لا يمكن التفريق بينهم، والأحداث التي تدل على ذلك كثيرة».
وطالب المتحدث الرسمي قوات التحالف الدولي «بمنع تركيا والمجموعات الإرهابية المرتبطة بها من العدوان على مناطقنا، وإخراج المحتل التركي من المناطق التي يحتلها، وتقديم الدعم اللازم لتحصين السجون بالمعدات والسلاح اللازم، وكسر الحصار الاقتصادي على مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، ودعم المنطقة اقتصادياً ولوجستياً، لمنع خلق بيئة مناسبة لعودة داعش». وكرر أحمي عملية الضغط على الدول من خلال المطالبة بتشكيل محكمة خاصة لمحاكمة عناصر التنظيم في شرق سوريا، وإفراغ مخيم الهول من أسر مقاتلي التنظيم وإعادة الدول لرعاياها.
أمنيا، اعترفت قيادة قوى الأمن الداخلي «أسايش» بمقتل عنصر واحد فقط من قواتها، وجرح ثلاثة آخرين يوم الجمعة، ولم تصدر أي تصريحات أخرى منها حتى كتابة التقرير – صباح السبت- في حين أشارت مصادر محلية في الحسكة إلى أن عدد القتلى والجرحى من كامل الأجهزة الأمنية في «قسد» تجاوز 20 قتيلا بينهم قائد السجن، القيادي البارز في وحدات «حماية الشعب» الكردية، جمال كوباني.
في المقابل، من غير المستبعد تورط «قسد» بعملية تسهيل حركة المهاجمين، خصوصا وان الهجوم استبق بإعلان رسمي من «قسد» من إحباط مخطط للهجوم على السجن، واعتراف أحد عناصر التنظيم البارزين خلال التحقيق معه بنية التنظيم الهجوم على السجن وتحرير السجناء. وهذا ما يعطي المشككين والمُتهمين فرصة لوصف ما يحصل بالمسرحية، الهدف منها إعادة تعزيز الشراكة بين «قسد» والتحالف الدولي والتذكير بأهمية الشراكة الاستراتيجية في ظل عودة تنظيم «الدولة الإسلامية» التي أصبحت قاب قوسين من الإعلان.
نهاية، سيعطي الهجوم دفعا قويا لعناصر التنظيم السجناء للتحرك وزيادة حركات الاستعصاء، كما انه سينعكس في مخيم الهول المكتظ بآلاف الأسر، وستنتقل الفوضى إلى هناك أيضا.
هذا البحر لي
هذا الهواء الرٌطْب لي
هذا الرصيف وما عليْهِ
من خطاي وسائلي المنويٌ لي
ومحطٌة الباصِ القديمة لي .
ولي شبحي وصاحبه .
وآنية النحاس وآية الكرسيٌ ، والمفتاح لي
والباب والحرٌاس والأجراس لي
لِي حذْوة الفرسِ التي
طارت عن الأسوار
لي ما كان لي . وقصاصة الورقِ التي
انتزِعتْ من الإنجيل لي
والملْح من أثر الدموع على
جدار البيت لي
واسمي ، إن أخطأت لفْظ اسمي
وهذا الاسم لي
ولأصدقائي ، أينما كانوا ، ولي
جسدي المؤقٌت ، حاضرا أم غائبا
مِتْرانِ من هذا التراب سيكفيان الآن
لي مِتْر و75 سنتمترا
والباقي لِزهْري فوْضويٌ اللونِ ،
يشربني علي مهلي ، ولي
ما كان لي : أمسي ، وما سيكون لي
غدِي البعيد ،
وعودة الروح الشريد
كأنٌ شيئا لم يكنْ
وكأنٌ شيئا لم يكن
جرح طفيف في ذراع الحاضر العبثيٌ
والتاريخ يسخر من ضحاياه
ومن أبطالِهِ
يلْقي عليهمْ نظرة ويمرٌ
هذا البحر لي
هذا الهواء الرٌطْب لي
واسمي
وإن أخطأت لفظ اسمي علي التابوت
لي .
أما أنا وقد امتلأت
بكلٌ أسباب الغياب
فلست لي .