موضوع الانتهاكات التي تُرتكب من قبل العناصر التابعة للفصائل المسلحة المنضوية تحت لواء ما يسمى «الجيش الوطني السوري» الخاضع عملياً لتوجيهات وأوامر الجهات التركية المختصة، يشكل جرحاً مفتوحاً مؤلماً يؤرّق سائر الوطنيين السوريين بغض النظر عن انتماءاتهم أو توجهاتهم. فهي انتهاكات واضحة فاضحة مستمرة، تشمل الاعتداء على ممتلكات الناس المدنيين وأرزاقهم وأعراضهم؛ كما تشمل الاعتداء على حرياتهم، وممارسة كل أنواع التهديد والوعيد والاعتداء، بما في ذلك الضرب والاعتقال والخطف وحتى القتل، كل ذلك من أجل الابتزاز وتحصيل الأتاوات والفديات.
يحدث هذا بصورة خاصة في منطقة عفرين ونواحيها، كما يحدث في المناطق الأخرى، سواء في إدلب واعزاز والباب وتل أبيض وسري كانيي/ رأس العين، وإن بدرجات مختلفة. أما في منطقة عفرين ونواحيها فهي تأخذ طابعاً أكثر حدية من جهة الحجم والطبيعة والقسوة، وبفعل الحساسيات التي تتراكم. فسكان المنطقة في غالبيتهم من الكرد، وقد كانوا منذ بدايات الثورة السورية ضحية ممارسات حزب العمال الكردستاني عبر واجهاته السورية المختلفة؛ هذا ومن المعروف أن هذا الحزب دخل إلى المنطقة بناء على التوافقات مع الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة بشار الأسد في بدايات الثورة السورية السلمية ربيع عام 2011؛ وبدأ يقمع الناس، ويمنعهم من التفاعل مع الثورة السورية، ويتحكّم بكل شاردة وواردة في المنطقة التي استخدمها ساحة لشعارته وخططه التي لا تتوافق أبدا مع مصالح الكرد السوريين والسوريين عموماً. وقد استغل في ذلك مشاعر بعض البسطاء، واستفاد من تعاونه مع بعض أبناء المنطقة ممن كانوا، وما زالوا، موضع شبهات من جهة تعاملهم مع سلطات بشار، وبعض هؤلاء يعملون اليوم ضمن «الإدارة الذاتية» التابعة لـ «حزب العمال الكردستاني» في منطقة الجزيرة.
وبعد دخول القوات التركية إلى المنطقة في أوائل عام 2018، كان التوقع هو أن تفرض تلك القوات صيغة من التنظيم تساعد على التخفيف من معاناة السكان، وذلك من خلال حل مشكلاتهم المعيشية، ومساعدتهم على تجاوز ظروف المعاناة التي تعرضوا لها في ظل حكم «حزب العمال» في المنطقة، وهذا ما كان سيدفعهم نحو البقاء في مساكنهم، وممارسة نشاطاتهم الاقتصادية كالمعتاد، والاستمرار في استقبال المزيد من المهجرين بسبب ظروف الحرب التي أعلنتها سلطة بشار الأسد على المناهضين لحكمها المستبد الفاسد المفسد.
ولكن الذي حصل كان هو العكس تماماً؛ فقد أبعدت القوات التركية نفسها عن المشهد لأسباب خاصة بها، وظهر المسلحون الذين بدأوا منذ اليوم الأول بممارسة النهب والسلب؛ وكانت التهم الجاهزة هي الوسيلة التي اعتمدت على الدوام، وما زالت تعتمد، لتسويغ كل الانتهاكات.
وقد تناول هذا الموضوع العديد من الوطنيين السوريين، إذ تحدثوا عنه بوضوح، وكتبوا حوله، وأدانوه. وتم التواصل مع السلطات التركية لكي تتدخل، وتضع حداً للانتهاكات، كما كان التواصل مع «الائتلاف» أيضاً الذي يمثل من الناحية الرسمية مرجعية «الحكومة المؤقتة»، التي من المفروض أن تتبعها تلك الفصائل عبر وزارة دفاعها، وتلتزم بأوامرها وتوجيهاتها.
ولكن الانتهاكات ظلت، واتسع نطاقها، وتفاقمت. ومن حين إلى آخر كان الحديث يجري عن تشكيل لجان بهدف التحقق من الشكاوى والاتهامات، وإجراء التحقيقات، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات، ووضع حدٍ لها. ولعل أبرز تلك اللجان «لجنة رد المظالم» التي شكلها «المجلس الإسلامي السوري». وفي يومنا هذا يجري الحديث عن تفعيل هذه اللجنة، برعاية فضيلة المفتي الشيخ أسامة الرفاعي. ولكن الوقائع على الأرض ما زالت على حالها، وهناك الكثير من القصص التي تُروى، وهي في معظمها صحيحة بناء على التقاطعات، ووفق تأكيدات اناس يمتلكون المعلومات والمصداقية.
حالات الاعتداء على عقارات الناس وممتلكاتهم مستمرة، وحالات الخطف والأتاوات والفديات ما زالت قائمة. والتهم الجاهزة هي المعتمدة. فكل كردي يمكن أن يُتهم بأنه على علاقة مع «حزب العمال الكردستاني». وكل عربي سني يمكن أن يُتهم بأنه على علاقة مع «داعش».
هذا في حين أن من يتحكّمون بالمنطقة من المسلحين لا يمتلكون سجلاً عسكرياً مهنياً معروفا يمنحهم المصداقية، بل هناك الكثير من الشهادات والوقائع التي تُدينهم، وتؤكد استخدامهم أساليب التشبيح لترويع السكان، ودفعهم نحو الهجرة، ومنع المهجّرين من العودة إلى ديارهم ومنازلهم.
استمرارية التجاوزات والانتهاكات التي ترتكب من جانب عناصر وقيادات «الجيش الوطني» في منطقة عفرين وغيرها من المناطق تتحمّل «الحكومة المؤقتة» مسؤوليتها، وكذلك «الائتلاف»، ومسؤولية «الائتلاف» أكبر في هذا المجال باعتباره يقدم نفسه بوصفه يمثل «قوى الثورة والمعارضة»، وهذا ما يلزمه بالتدخل، والتنديد بما يجري على الأقل عبر وسائل إعلامه، حتى يفهم السوريون بأن ما يجري إنما هو نتيجة تجاوزات أفراد، لا يلتزمون بالتعليمات، الأمر الذي سيساهم في رفع الغطاء عنهم، ويمهد الطريق أمام محاسبتهم. هذا إذا كانت هناك نية لإقناع السوريين بأن البديل الوطني، المطمئن لجميع السوريين من دون أي استثناء، موجود. فكيف سيكون بالإمكان الانتصار على سلطة بشار الأسد ما لم يكن البديل المطروح متفقا عليه أخلاقيا على الأقل، وذلك أضعف الإيمان؟
لا يمكن أن ندعو إلى المشروع الوطني السوري ما لم يكن هذا المشروع مطمئناً للجميع.
وبناء على ذلك، لا بد أن تكون هناك إجراءات واضحة لمواجهة الانتهاكات، تسفر عن نتائج ملموسة، تثبت للناس وجود إرادة جادة لمعالجة الخلل. أما أن يترك الموضوع للنصح والإرشاد، أو تعلن قرارات مبهمة من دون محاسبة مطلوبة، سواء من طرف «لجنة رد المظالم» أو غيرها، أو يتم الاكتفاء ببعض الجمل العاطفية الإنشائية العامة، التي لا تندد بما جرى ويجري، ولا تحدد إجراءات المنع والمحاسبة؛ فهذا معناه التهرب من المسؤولية، والإقرار بالعجز عن اتخاذ الموقف وبيانه، حتى ولو على الصعيد الإعلامي الخطابي الشفوي.
السلطات التركية المختصة تتحمّل المسؤولية، وذلك بكونها قادرة على التدخل لمنع ما يجري، وهي تستطيع محاسبة المسيئين الذين يستقوون بها؛ فهؤلاء يسيئون إلى السوريين وإلى الأتراك في الوقت ذاته. ومن الإجراءات التي يمكن اتخاذها في هذا المجال، إبعاد القوى المسلحة عن مراكز المدن والبلدات والقرى، على أن تتولى المجالس المحلية التي تمثل بالفعل أبناء المنطقة المسؤولية الإدارية. ويمكن الاعتماد على قوات الشرطة المحلية للمحافظة على الأمن، على أن تكون هذه القوات خاضعة لمرجعية تراقبها وتحاسبها، وتلزمها بضرورة التصرف وفق القوانين والتعليمات الواضحة الصريحة، التي تمنعها من ممارسة التعسف وارتكاب الانتهاكات بحق الناس المدنيين.
أما مسؤولية النخب السورية المعارضة لسلطة بشار الأسد فهي كبيرة في هذا المجال؛ فأن تظل صامتة، أو تكتفي ببعض الإيحاءات الخجولة، لدى تناولها موضوع الانتهاكات التي يتعرض لها السوريون سواء في منطقة عفرين، أو غيرها من المناطق التي تتواجد فيها الفصائل التابعة لـ «لجيش الوطني»، فإن ذلك يضعف من مصداقيتها الوطنية، ومن قدرتها على إقناع السوريين، من دون أي استثناء، بأنها تدافع عنهم جميعاً، ولا تميز بينهم، وتطالب باحترام خصوصياتهم، وتأمين حقوقهم، ضمن إطار وحدة الشعب والوطن.
أما أن يعهد بموضوع المحاسبة للجهات التي تقف وراء الانتهاكات، أو تقوم بها، فهذا معناه عدم وجود الرغبة أو القدرة، على المعالجة المطلوبة التي تضع حداً للمظالم، وتحاسب الظالمين، وتعوض المظلومين.
وقد تناولت منظمات حقوقية سورية ودولية عديدة واقع الانتهاكات التي يتعرض لها السوريون في مختلف المناطق، سواء في تلك الخاضعة لسلطة بشار الأسد أم تلك التي تتحكم بها واجهات «حزب العمال الكردستاني»، أو تلك التي تتواجد فيها فصائل «الجيش الوطني»، والخاضعة لـ «هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة سابقاً».
إن القوى التي تقدم نفسها بوصفها قوى التغيير نحو الأفضل، لا بد أن تثبت ذلك في الواقع العملي أنها هي كذلك بالفعل، وإلا فإن الشعارات ستكون كالعادة وسيلة للتضليل والتعمية، تماماً كشعارات «حزب الله» في لبنان، و«حزب العمال».
*كاتب وأكاديمي سوري
و ماذا بالنسبة لجرائم و انتهاكات عصابات بشار افندي
بشار وعصاباته الكل يسميهم بمجرمين وقتلة ولكن جيوش المعارضة وفصائلها الكل يسميهم وطنيين وشرفاء
هل الإشكالية هي عقلية التجريم (الشيطانية)، أم الإشكالية هي عقلية التعايش (الملائكية)، أم الإشكالية في عقلية الفلسفة، وهل يمكن للحكمة أن تصل إلى خبرتها بدون أخطاء الفلسفة؟!
هو أول ردة فعل على عنوان (سوريا: لا مصداقية أخلاقية ووطنية من دون إدانة الانتهاكات) من كان في موقع سلطة إدارة وحوكمة المعارضة السورية بعد 2011، الكوردي/الكُردي/السوري/السويدي (عبدالباسط سيدا)، والأهم هو لماذا، وما دليلي على ذلك؟!
لأن من وجهة نظري، عملية النجاح في تغيير زاوية الرؤية، للعدو (الخارجي)، داخلك، قبل نفسك (الداخلي)، في موضوع أن يتحوّل من فلسفة الصراع إلى حكمة المنافسة مع الآخر (العدو/الداخلي/الخارجي)،
حتى يمكنك (الفوز) عليه تسويقياً، أي بلا دم أو قتل، بل بربح تجاري، هنا هو تطبيق عملي عن معنى الذكاء، الإنساني من وجهة نظري على الأقل،
ولذلك يا نواف يجب أن تتخلص من عقلية الراتب أولا، وعقلية تبديل تلبيس طواقي عن التجارة،
لو أردت أن تنافس المُبشر (الأمريكي/البروتستانتية) أو تنافس المُبشر (الأوربي/الكاثوليكية)،
لأن من خبرتي في التجارة، تنجح عندما تضيف شيء يحتاجه السوق، لا تنقل طاقية من فلان إلى علان وتطلب عليها عمولة.
ولذلك عرضي مختلف في موضوع تجارة الأعشاب (الحلال)، من أجل تكاملها، مع آلة الجيل الثاني (أتمتة) تقديم الخدمات الصحية التايوانية، عند تسويقها حول العالم،
الكثير لا يعلم شيء عن (تايوان)، وفي الرابط شيء من تاريخها
https://twitter.com/elafiix/status/1497169753441509391?s=21
رب ضارة نافعة، ما حصل إلى أوكرانيا،
توافق واستغلال الصين وروسيا، الألعاب الشتوية للأولمبياد في بكين 2022، في توقيع اتفاقية تفاهم وتعاون استراتيجي،
وما حصل بعدها من رد الصاع، صاعين إلى استفزاز وتحرّشات (الناتو) التي بدأ بها قانون في عام 1998،
بواسطة ممثلي الشعب الأمريكي في عهد الثنائي (كلينتون-آل غور)، فلم يكفي كل المكاسب التي حصلوا عليها،
من ربط كل أسواق المال حول العالم، من خلال (الإنترنت/الشّابِكة) بحجة إنقاذ إقتصاد العالم، من آثار إعلان إفلاس ومن ثم تقسيم الإتحاد السوفييتي في عام 1992،
حتى وصلت إلى أوكرانيا في عام 2014،
لكن السؤال، لماذا تم استغلال مناطق المسلمين، في القرم أولاً؟!
ثم مناطق غير المسلمين في عام 2022، برأيك؟!
فالكثير اتصلت بي، توقعت أن يحصل لتايوان، من الصين، كما حصل لأوكرانيا؟!
فلماذا لم ولا ولن يحصل في شرق آسيا ما حصل في أوروبا؟!
من وجهة نظري، لأن ثقافة (النحن) للأسرة في شرق آسيا هنا، أكثر انتشاراً من ثقافة (الأنا) الأوروبية للفرد (الديمقراطية) والحمدلله،
فأهلا وسهلا، إذا أردت أن تكون من ضمن الفريق، من خلال التجهيز حسب شروط سوق صالح (الحلال).??
??????
شكرًا أخي عبد الباسط سيدا. أخشى أن يكون الجيش الوطني أسم على غير مسمى! وأن يكون الائتلاف الوطني قد أصبح في خبر كان!
” وقد تناولت منظمات حقوقية سورية ودولية عديدة واقع الانتهاكات التي يتعرض لها السوريون في مختلف المناطق، سواء في تلك الخاضعة لسلطة بشار الأسد أم تلك التي تتحكم بها واجهات «حزب العمال الكردستاني»، أو تلك التي تتواجد فيها فصائل «الجيش الوطني»، والخاضعة لـ «هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة سابقاً». ” إهـ
فصائل الجيش الوطني ليست كلها خاضعة لهيئة تحرير الشام !
هناك محاكم بتلك المناطق لتحقيق العدل هناك !! ولا حول ولا قوة الا بالله
الغريب ان جيش الوطن السوري يقول نحن مصلحون ولكن هم المفسدون