سوريا هي مستقبل أوكرانيا؟

حجم الخط
22

لوحظت عناصر تشابه كثيرة بين المسألتين السورية والأوكرانية، ومنها أن استراتيجيات الغزو الروسيّ لأوكرانيا، العسكرية منها والسياسية، تكاد تتطابق مع الاستراتيجيات التي مارستها القوات الروسية على الأرض السورية منذ التدخل الروسي عام 2015 حتى الآن.
استعاد السوريون صور الحصار والقصف الروسي، وتعاطف أغلبهم مع الأوكرانيين، واستقبل بعضهم أشرطة فيديو ومقاطع صادرة عن نشطاء وحسابات أوكرانية أو عالمية على وسائل التواصل الاجتماعي، تؤكد للسوريين مقتل ضابط كبير أو طيار روسيّ في أوكرانيا كان مشاركا في العمليات الحربية في سوريا.
ردود فعل النظام السوري، الذي ساهم التدخّل الروسي في منعه من السقوط، تجاوزت المعقول سياسيا، بدءا من إعلان فيصل المقداد، من موسكو، تأييد “العملية الخاصة” الروسية، مرورا باعتراف رئيس النظام بشار الأسد بـ”جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك”، ثم قيام مؤسسات الأمن بتسيير مظاهرات تأييد لبوتين وعقوبات لمن لا يشارك فيها، وإعلان بعض جهات “الدفاع الشعبي” استعدادها للقتال بجانب روسيا في أوكرانيا، وصولا إلى إعلان رياض حداد، سفير النظام في موسكو، أن “أوكرانيا ستتحول إلى إدلب كبيرة”.
كان ملفتا، ضمن الأنباء الواصلة من جبهات الحرب الأوكرانية الكشف عن مشاركة جنرالات روس كبار كانوا في سوريا، ومنهم الجنرال أندريه سوكوفيتسكي، نائب قائد الجيش الحادي والأربعين للقوات المشتركة، الذي قتل الشهر الحالي، والجنرال فيتالي غيراسيموف، الذي أعلنت كييف مقتله أيضا.
كما في سوريا، التي تعرضت مدنها وبلداتها في حلب وإدلب لغارات روسية استهدفت المدارس والمشافي والأسواق، تستخدم روسيا حاليا استراتيجية حصار المدن، واستهداف البنى التحتية والمرافق الخدمية والصحية (التي كان آخرها مشفى ماريوبول للتوليد) بقصف جوي ومدفعي ومنع إدخال المساعدات الإنسانية لدفع القوات المقاومة في تلك المناطق للمغادرة، وكذلك لترويع المدنيين وجعل حياتهم مستحيلة، ثم تفعيل “ممرّات آمنة” لإجلاء المدنيين، واستهدافها أحيانا، لتعميم الفوضى والرعب واليأس.
كانت سوريا، عمليا، حقل الرماية والتدريب على حصار المدن وترويع المدنيين وتجربة منظوماتها العسكرية، فحسب وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، فإن الجيش الروسي “اختبر جميع الأسلحة الروسية في سوريا”، وأن “جميع قادة الأفواج وقادة الفرق والجيوش وكل قادة المناطق وكل رؤساء الأركان والخدمات، شاركوا في معارك سوريا”، وحسب قناة “زفيزدا” الروسية فإن الجيش الروسي اختبر 359 سلاحا حديثا في سوريا ضمن ظروف قتالية، وأن بعضها “اكتسب شهرة عالمية بفضل جودته”!
استنسخ الجيش الروسي، بهذا المعنى، الهجمات التي نفذها في إدلب والحسكة والرقة والقنيطرة واللاذقية وريف دمشق وحمص وحماه بالهجمات الجارية اليوم في إيزيوم وبتروفسكي وهروتشوفاكا وسومي وأختيركا وخاركيف وماريوبول، من دون أن يغيّر في الأمر شيئا أن سلطات الكرملين كانت تبرر تدخلها في سوريا بدعم “نظام شرعي” وأن تدخّلها في أوكرانيا يحاول احتلال بلد وإسقاط نظام ديمقراطي وحكومة منتخبة.
أدت العمليات الحربية الروسية في سوريا منذ تدخلها في 30 أيلول/سبتمبر 2015 حتى الآن، حسب “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، إلى مقتل 6910 مدنيين بينهم 2030 طفلا، وسجلت 1231 حادثة اعتداء على مراكز حيوية، بينما وثق مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حتى يوم الأربعاء الماضي، مقتل 516 مدنيا بينهم 71 طفلا، لكن المكتب أعلن أنه يتوقع أن تكون الأرقام الحقيقية “أعلى بكثير”.
إلى الفرق بين أسباب التدخّل، ووجود اختلافات عديدة سياسية وعسكرية مهمة (منها أن القوات البرية الروسية تشارك في العمليات الأوكرانية)، فالأغلب أن قرار بوتين باجتياح أوكرانيا ما كان سيحصل لو لم تتواطأ المنظومة الدولية مع تدخّله في سوريا، وما لم يقم جيشه بتجريب أسلحته في أجساد السوريين.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول فرحات:

    اظن ان الفرق في سوريا وأوكرانيًا ان سوريا فيها عميل خائن واكبر جبان في الدفاع عن أرضه وعرضه ورث الجبن ابا عن جد يفعل كل شيءٍ من أجل كرسي الحكم فاستنجد اولا بإيران وحزب الله وإسرائيل الملشيات الطائفية عندما اقترب سقوط دمشق وكانت الضاحية الجنوبية في لبنان وقم في ايران الهدف الآتي لولا تدخل روسيا التي سوت المدن السورية بالأرض ومن فوقها لتسهيل دخول ميلشيات ايران وحزب الله إلى الأحياء لترتفع بعض معنوياتهم ويزفون حرق المدن وقتل المدنيين العزل على أنها انتصار على امريكا والغرب.
    اما اوكرانيا ففيها شعب وحكومة غير عميلة لا تريد العودة الى الإحتلال الروسي القديم الجديد وسيقاوم حتى الموت. فهي مسألة وقت وسيهرب الروس من اوكرانيا كما فعلوا في أفغانستان.

    1. يقول محمد:

      كلام حقيقي

  2. يقول إبسا الشيخ:

    تحياتي لقدسنا العزيزة علينا
    نعم العدوان البوتيني في كلا الحالتين متطابق من حصار ودمار والقصف ،ولكن في سوريا رجل وحكومته يقفون مع الجيش القيصر، ولكن في أوكرانيا الحكومة والجيش والشعب يقفون في صف واحد ويقاومون بشجاعة الغزو البوتيني بشجاعة، ها هو القيصر الواهم بوتين ظن نفسه قويا

  3. يقول Omar Ali:

    مقال جيد
    الفرق بين الاحتلال الروسي لسوريا ولاوكرنيا ان الاعلام الغربي يفضح باستمرار الممارسات القمعية الروسية في اوكرانيا بينما لا يركز بشكل كبير على الممارسات الاجرامية الروسية في سوريا. مع الاسف حتى بعض ما يسمون باليساريين في الغرب لا يكشفون مآسي الاحتلال الروسي لسوريا

  4. يقول ابن الوليد. المغرب:

    أعتقد أن أوجه الشبه في العدوان على سوريا ثم على أوكرانيا ينحصر في هوية الغازي فحسب, في حين باقي التفاصيل متباينة, أولها أن في سوريا أقلية هي المتحكمة في دواليب الحكم وتخشى الديموقراطية التي تعطي للأغلبية الهيمنة على الحياة السياسية للبلد, أما في أوكرانيا فالأغلبية وصلت للحكم بشكل ديموقراطي غير أنها تجد صعوبة في إدماج أقلية في الحياة السياسية. في سوريا استخدم الجيش الروسي كل أسلحته الجديدة بعيدا عن رقابة ومحاسبة الحكومات الغربية بل وعدم مبالاتها, أما في أوكرانيا فالبنتاغون يتابع عن قرب كل تحركات الجيش الروسي ويفشي على الملأ خروقاته و هدد من الأسبوع الثاني للحرب اتهام الروس بارتكاب جرائم حرب والبلدان الأوربية تقف على قدم رجل واحد ضد هذا العدوان, في سوريا ترك الشعب الأعزل يقاوم وحده بوسائل محدودة ترسانة حربية مدمرة, بينما في أوكرانيا فالمقاومة يديرها جيش محترف من أقوى جيوش أوروبا الشرقية تصنيفه الرتبة 25 عالميا ويحظى بدعم بالتسليح من بلدان غربية…

    1. يقول محمد:

      قلت كبد الحقيقة

  5. يقول تيسير خرما:

    استفزاز روسيا للعالم بالقرن العشرين باحتلالها عدة مناطق بمظلة إتحاد سوفياتي أدى لتكاتف دولي لحصاره وعزله عن العالم وصولاً لانهياره اقتصادياً واجتماعياً وانسحابه من 15 دولة محتلة وتحجيمه بإتحاد روسي، والآن بالقرن 21 تعود روسيا لإستفزاز العالم لكن بمظلة إتحاد روسي باحتلالها مناطق خارجه ابتداء بجورجيا وسوريا وأوكرانيا وسيقود ذلك لتكاتف دولي لحصاره وعزله عن العالم وصولاً لانهياره اقتصادياً واجتماعياً وتفكيكه واستقلال مناطق القوقاز وقوميات أخرى محتلة وإبعاد روسيا عن بحر الأسود وبحر قزوين وبحر البلطيق

    1. يقول محمد:

      مستغرب جدا جدا اول مره اشوف تعليقك ضد روسيا داىما كنت معاهم ضد الثورة السورية

  6. يقول سامح //الأردن:

    *ماذا تتوقعون من (أشرار وزعران العالم)
    سوى القتل والدمار والتخريب والتضليل؟؟؟
    (روسيا وأمريكا والكيان الصهيوني)
    هم أشرار وبلطجية العالم
    قاتلهم الله جميعا.
    حسبنا الله ونعم الوكيل فيهم.

  7. يقول الكروي داود النرويج:

    ” فحسب وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، فإن الجيش الروسي “اختبر جميع الأسلحة الروسية في سوريا”، ” إهـ
    كان الروس يطلقون صواريخ بالستية من روسيا لتسقط فوق رؤوس المدنيين بالأسواق والمخابز و المشافي ووو !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  8. يقول محمد اسماعيل:

    اخواني و احبائي العرب في كل اوروبا الشرقيه والغربيه نصيحه اخويه حاولوا ترجعوا كل لوطنه ولو مؤقتأ لانه الحرب ستطول وستمتد الى اوروبا كلها وهذه الحرب ليست مسخره وبكفيكم مسخره على بشار وعلى بوتن وعلى فلان وعلى علان وايران وتكريه الناس في اشخاص ودول ما النا علاقه فيهم . اللهم اني قد بلغت

  9. يقول عابر سبيل:

    السيناريو يتغير شكلياً من منقطة إلى أخرى حسب المعطيات على أرض الواقع لكن مضمون و موضوع المشروع الدرامي والتراجيدي وبطل الفيلم الاجرامي (الجلاد) هو نفسه ! وكذلك الضحية تختلف من ضحية لا حول ولا قوة لها (في حالة سورية ) إلى ضحية مستدرجة و مغرر بها (كما في حالة الشعب الأوكراني الذي زين له الغرب حلم الديمقراطية الغربية البراقة فإستيقذ على كابوس بوتين المهلك ) لكن دائماً المصالح السياسية ونفوذ القوي وسطوته وعمالة العميل هو العمل المشترك بين كل ما يحدث من خلافات فوق الارض

  10. يقول safi:

    لا يمكننا إلا نكون ضد ألحرب وألحروب أينما كانت. شعورنا آلدائم بعقدة ألضعف، لا حول ولا قوة إلا با لله ألعلي ألعظيم، يجعلنا لا ننظر إلا من منظارألضحيه وعلى ذلك لا بد من ألتشكيك في رواية وصور مستشفى ألولاده وألمزعوم قصفه في أوكرانيا ،فالمقاربه بما حدث بعد إحتلال صدام للكويت والممرضه الكويته ؟؟بنت ألسفير ألكويتي في ألولايات ألمتحده؟؟؟ وكل ذالك أمام عدسات الهلووديه.نرجوا ألتحقق من ألخبر وإلا فسنكون شركاء في ألتضليل وألجريمه . ألتحريض على ألقتل أكبر جرماً عند ألله من ألقتل .ولله في خلقه شوؤن مع أجمل تحياتي .

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية