سوريون لجأوا من تركيا إلى أوروبا يعودون بعد سنوات إلى إسطنبول سياحاً

حجم الخط
1

إسطنبول – “القدس العربي”: بالتزامن مع عيد الأضحى، وأمام مطعم للمأكولات الشعبية السورية في إسطنبول التركية، اصطفت العديد من العائلات السورية بسبب الازدحام للحصول على مقعد لتناول الحمص والفول والفلافل في المطعم السوري التقليدي الذي ازدحم بالسياح السوريين القادمين من أوروبا إلى إسطنبول التي غادروها قبل عدة سنوات فقط لاجئين وعادوا إليها سائحين عقب انتهاء إجراءاتهم القانونية في أوروبا وحصولهم على جنسية إحدى دولها.
وفي محاولة لمعايشة أجواء العيد واسترجاع ذكريات الأماكن السورية التقليدية التي اعتادوا عليها في بلادهم يقضي السوريون اللاجئون في تركيا أيام العيد في زيارة المطاعم ومحلات الحلويات والمقاهي السورية التقليدية التي تعتبر أغلبها فروع لمطاعم ومحلات ومقاهي كانت موجودة في سوريا بنفس الأسماء حاول أصحابها إعادة بنائها في إسطنبول بنفس الشكل والديكور والأسماء التقليدية.
وبينما لا تعتبر هذه الظاهرة والعادات جديدة بالنسبة إلى قرابة 3.6 مليون سوري يعيشون في تركيا منذ قرابة 10 سنوات، إلا أنها جديدة بالنسبة لشريحة من اللاجئين السوريين الذين كانوا يعيشون في تركيا قبل أن يهاجروا منها بحراً أو براً إلى أوروبا التي انتهوا حديثاً من ترتيب أمورهم القانونية والحصول على جنسية إحدى الدول الأوروبية ومن ثم العودة إلى إسطنبول كسياح لقضاء العيد فيها.
ويقول اللاجئون السوريون الذين تحولوا إلى سياح عقب حصولهم على جنسيات أوروبية إنهم يأتون إلى إسطنبول لقضاء العيد ولقاء الأحباب والأقارب ومعايشة أجواء العيد في إسطنبول التي تشبه إلى حد ما أجواء العيد في سوريا لافتقادهم إلى هذه الأجواء في أوروبا التي فيها جاليات سورية أقل من عدد اللاجئين الكبير الموجود في تركيا والذي عمل طوال السنوات الماضية على توفير كافة الخدمات والأجواء السورية في إسطنبول.
وفي إسطنبول التي يتركها سكانها الأتراك عائدين إلى محافظاتهم وقراهم الأصلية حيث تبدو إسطنبول التي يسكنها قرابة 17 مليون نسمة شبه خاوية من السكان، تدب الحياة في الأحياء التي يسكنها اللاجئون السوريون والتي توجد بها المطاعم والمقاهي السورية بكثافة لا سيما أحياء الفاتح وباشاك شهير وكايا شهير في إسطنبول، حيث يمكن معايشة أجواء العيد العربية والسورية على وجه التحديد.
يقول صاحب محل للمأكولات الشعبية السورية في منطقة الفاتح بإسطنبول لـ”القدس العربي”: “نستقبل في الآونة الأخيرة الكثير من زبائننا القدماء الذين كانوا يرتادون المكان في السابق ونسترجع معهم الذكريات”، مضيفاً: “كثير منهم أعرفهم عندما كانوا يعيشون في إسطنبول قبل هجرتهم إلى أوروبا واليوم يعودون لاسترجاع ذكرياتهم وتناول الحمص والفلافل الشامي لعيش ولو القليل من أجواء العيد التي افتقدناها جميعاً في سوريا”.
واتخذ مئات الآلاف من اللاجئين السوريين تركيا ممراً للعبور إلى أوروبا براً أو بحراً في بداية سنوات الأزمة السورية حيث كانت تدفقت أعداد كبيرة تقدر ما بين مليون إلى مليوني سوري من تركيا إلى أوروبا واستقروا هناك حيث حصلوا على جنسيات دول أوروبية مختلفة وبات بمقدورهم السفر بحرية بجوازات السفر الأوروبية.
يقول محمد 35 عاماً لـ”القدس العربي”: “كنت في إسطنبول لعامين وكنت أرتاد هذا المكان باستمرار قبل أن أهاجر بحراً إلى اليونان وبراً إلى ألمانيا التي أصبحت مواطناً فيها”، مضيفاً: “جئت إلى إسطنبول لقضاء العيد ولقاء الأهل والأصدقاء حيث هنا الأجواء أجمل وأقرب لأجواء العيد في سوريا”.
وإلى جانب التنزه والسياحة وقضاء العيد، وصل سوريون آخرون من أوروبا إلى تركيا لزيارة عائلاتهم وأقربائهم حيث غادر الكثير من الشباب إسطنبول إلى أوروبا لكن عائلاتهم لم يحالفها الحظ باللحاق بهم وبقيت تعيش اللجوء في تركيا وهو ما يدفعهم للقدوم سنوياً إلى تركيا لزيارتها وقضاء بعض الوقت معها قبل العودة مجدداً إلى بلدهم الأوروبي الأصلي التي بات بالنسبة إليهم الوطن الأم بسبب استمرار الحرب في بلادهم وعدم تفكيرهم بالعودة والعيش في سوريا مجدداً، أو على المدى المنظور على أقل تقدير.
يقول عبادة 28 عاماً القادم من بلجيكا وهو يتناول الإفطار مع صديقه السوري من إسطنبول: “كنت أعيش هنا مع صديقي، هاجرت إلى بلجيكا قبل خمس سنوات، وأصبحت مواطناً هناك، لكن صديقي بقي هنا في إسطنبول، جئت لقضاء العيد مع صديقي ورؤية العائلة وأصدقاء آخرين والاستمتاع ولو بقليل من الأجواء السورية المتوفرة هنا والتي نفتقدها في بلجيكا، أحن إلى المطاعم والمقاهي والأغاني السورية”.
وإلى جانب لقاء الأهل والحنين إلى الأجواء السورية، تصل شريحة أخرى من اللاجئين السوريين في أوروبا والذين باتوا مواطنين في تلك الدول لتركيا للسياحة وقضاء عطلاتهم في الولايات الساحلية التركية بسبب قربها من أجواء سوريا وقرب طعامها إلى جانب أسعارها التي يقولون إنها رخيصة مقارنة أوروبا لكنها تبقى مرتفعة ولا يقدر عليها معظم من تبقى من اللاجئين السوريين في تركيا والذين يحصلون على رواتب متدنية بالليرة التركية التي تراجع سعر صرفها بشكل كبير جداً أمام الدولار الأمريكي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول مجتهد:

    هذا شيء جميل، إنه إعتراف بالجمبل من قبل السوريين لتركيا التي لم ينسون أنها آوتهم في وقت الشدة وبالتالي عادوا لدعمها سياحيا وزيارة الأقارب فيها.

إشترك في قائمتنا البريدية