سور صيني للمستوطنات

حجم الخط
2

في العام 2005، بعد سنة من المداولات، وقعت آخر صيغة لاتفاق المنطقة التجارية الحرة بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي. فالمطلب الاساس الذي طرحه الاوروبيون كان ادخل بندا يمنع بضائع ومنتجات زراعية من المستوطنات في الضفة وفي شرق القدس، تستورد الى الاتحاد الاوروبي، من الحصول على اعفاء جمركي.
وزير الصناعة والتجارة في حينه، ايهود اولمرت، لم يتحمس للبند. وفهم اولمرت ورئيس الوزراء ارييل شارون بان معناه هو اعتراف اسرائيلي بان المستوطنات ليست جزءا من اسرائيل. وبالمقابل، فعلى الكفة كان كل اتفاق التجارة الحرة بين اسرائيل والاتحاد الاوروبي، الذي قيمته للاقتصاد الاسرائيلي عشرات مليارات الشواكل. وقرر اولمرت تفضيل الربح للاقتصاد بأسره على المستوطنات ووقع على الاتفاق.
في الواقع السياسي لاسرائيل 2013، من المشكوك فيه أن يوقع مثل هذا الاتفاق. فمن الصعب أن نرى كيف يمكن أن يوافق وزير الاقتصاد نفتالي بينيت على المساهمة في اعتراف رسمي من الحكومة في أن المستوطنات ليست جزءا من اراضيها السيادية. وتحدث نائب وزير الخارجية زئيف الكين عدة مرات منذ تسلم مهام منصبه بانه ما كان ليوقع. ويبدو أن معظم وزراء الليكود يتفقون معه.
واذا كان الاوروبيون طالبوا حتى اليوم بادخال مثل هذا البند فقط الى اتفاقات الاعفاء من الجمارك، فقد قرروا الان تشديد القواعد. فابتداء من اليوم سيطلب الاتحاد الاوروبي من اسرائيل أن تعترف، في كل اتفاق، في أن المناطق خلف الخط الاخضر في الضفة وفي شرق القدس هي ارض محتلة. في الاتفاقات المتعلقة بكل مجالات حياة الاسرائيلي العادي التعاون العلمي، تبادل الشباب، الثقافة، الزراعة، الرياضة، السياحة والقائمة لا تزال طويلة.
الجمود السياسي، الخوف على مستقبل الدولتين وأكثر من كل شيء الاحساس بان حكومة اسرائيل غير معنية حقا بانهاء الاحتلال في المناطق دفع الاتحاد الاوروبي الى أن يجعل كل ما كان نظرية شفوية، اجراءات ادارية رسمية، ملزمة وموثقة. فالى جانب الخطوة الحالية يجري حث اجراءات اخرى تأشير منتجات المستوطنات في شبكات التسويق، وربما حتى الطلب من سكان المستوطنات استصدار تأشيرة للاتحاد الاوروبي.
يريد الاوروبيون ان يبنوا ‘سورا صينيا’ بين منظومة علاقاتهم مع دولة اسرائيل الشرعية ومنظومة علاقاتهم مع دولة المستوطنات غير الشرعية. وهكذا، كما يدعون، سيمنع التدهور في المنحدر السلس الذي يمكنه أن يؤدي الى مقاطعة عامة للمنتجات الاسرائيلية في اوروبا، على نمط المقاطعة التي فرضت على نظام الابرتهاد في جنوب افريقيا.
في الايام الاخيرة، منذ عاد من الصين، يجري بينيت المقابلات الصحافية تحت كل شجرة باسقة ويدعي بان مكانة اسرائيل العالمية لم تكن في أي وقت سابق افضل مما هي اليوم. والامثلة على عزلة اسرائيل في العالم وصفها بانها ‘تلفيقات’، اما التحذيرات من المقاطعات فوصفها بالتباكي. وبينيت مخطئ. خطوة الاتحاد الاوروبي تظهر الى أي درك وصلت مكانة اسرائيل في اوروبا وكم هي خطيرة العزلة الدولية التي تنزلق اليها. ‘احد في العالم غير معني بالمسألة الفلسطينية’، قال بينيت في مقابلة مع صوت الجيش الاسبوع الماضي. ‘ما يعني العالم من بكين حتى واشنطن وحتى بروكسل هو التكنولوجيا العليا الاسرائيلية… لدينا ميزة فلاحية للتفكير بان العالم يدور حولنا، ولكنه يدور حول الاقتصاد’.
بينيت محق. التكنولوجيا الاسرائيلية، الافلام الاسرائيلية والحاصلون على جائزة نوبل من الاسرائيليين مطلوبون جدا في العالم. وصحيح العالم حقا يدور حول الاقتصاد. بالذات لهذا السبب تثبت الخطوة الاخيرة للاتحاد الاوروبي بان سياسة الاستيطان الاسرائيلية واستمرار الاحتلال هما خطر واضح وفوري على الاقتصاد.
ماذا سيفعل كل اعضاء لوبي المستوطنين في الحكومة حين تأتي لحظة التوقيع على الاتفاق التالي الذي سيجلب الاستثمارات، المنح الدراسية والمنح الاقتصادية من اوروبا الى اسرائيل؟ ماذا سيفعل بينيت؟ ماذا سيفعل وزير السياحة عوزي لنداو؟ ينبغي الامل في أن مثل اولمرت، سيفضلون مصلحة اسرائيل على مصلحة دولة المستوطنات.

باراك رابيد
هآرتس 16/7/2013

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول عاطف - فلسطين 1948:

    لا تخف يا بينيت فأن السلطة الفلسطينية ستنقذك من هذا المأزق باعلانها تجديد المفاوضات وبذلك يخف الضغط الاوروبيين اسرائيل.

  2. يقول هدهد الدريقات:

    الحرية في فوهة المدفع والبندقية…الصهاينة ما فيه أوقح منهم سيستمرون يقرضون فلسطين شبرا شبرا الي أن يرث الله الأرض ومن عليها …أفلا تعقلون أفلا تتدبرون أفلا تتعضون ؟

إشترك في قائمتنا البريدية