الجزائر- “القدس العربي”:
تسمّر الجزائريون كغيرهم من الشعوب المعنية بتطورات الوضع في فلسطين، أمام شاشات التلفاز لساعات متأخرة من الليل، بعد إعلان بدء الهجوم الإيراني على الأراضي المحتلة، مع تعليقات متنوعة تارة تشيد بهذه الخطوة غير المسبوقة وتارة أخرى تتحدث عن طبيعة الرد الذي كان محسوبا بدقة من قبل الإيرانيين.
وأجمع السياسيون في تدخلاتهم على مشروعية رد طهران الذي جاء بعد القصف الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية في سوريا، في عملية تتجاوز كل القوانين والأعراف الدولية، بينما تمنى آخرون ان يكون هذا التصعيد مقدمة لفك الخناق عن غزة والتوصل لوقف دائم لإطلاق النار بعد نحو سبعة أشهر من العدوان.
وفي هذا الشأن، قال رمضان تعزيبت القيادي في حزب العمال الجزائري (يساري تروتسكي) إن “رد فعل إيران مشروع لأن الدفاع عن النفس حق لا غبار عليه، خاصة أنها ليست المرة الأولى التي يتهجم فيها الكيان الصهيوني بوصفه وكيل الإمبريالية الأمريكية في الشرق الأوسط على الجمهورية الاسلامية الايرانية.”
وأوضح تعزيبت في تصريح لـ”القدس العربي”، أن الكيان الصهيوني خسر الحرب في غزة كونه لم يحقق أي هدف من أهدافه المعلنة، وهي القضاء على المقاومة الإسلامية حماس وعلى كل القدرات العسكرية للمقاومة الفلسطينية، والاستسلام لإرادة مسح القضية الفلسطينية وإفراغ غزة من سكانها.
كما يواجه الاحتلال الإسرائيلي، حسبه انهيارا غير مسبوق لسمعته في العواصم الغربية، مثلما تبين ذلك التعبئة منقطعة النظير للشعوب والعمال في الدول الغربية ولأول مرة من قبل اليهود غير المتصهينين دون نسيان الأزمة السياسية داخل إسرائيل التي شهدت مظاهرات عارمة مطالبة باستقالة حكومة نتنياهو وإرجاع الرهائن.
وأضاف تعزيبت أن إسرائيل أصبحت منبوذة في العالم والتعبئة الشعبية المطالبة بوقف إطلاق النار أجبرت حكومات الإمبريالية الأمريكية وحلفائها الأوروبيين وأذنابها التي تعيش أزمات داخلية علاقة بدعمها للكيان على تغيير سياساتها ولو جزئيا تجاه الكيان الصهيوني، كما توقفت حسبه عدة بلدان غربية على بيع السلاح لاسرائيل، ولأول مرة في التاريخ بات الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة ينعتون الكيان بالغاصب وبشن حرب إبادة، يضيف.
وأبرز القيادي في الحزب اليساري، ان نتنياهو الذي خسر الحرب يريد استدراج الولايات المتحدة الأمريكية بمحاولته توسيع الحرب في كل منطقة الشرق الأوسط، مبرزا أن التهجم على قنصلية إيران في دمشق تدخل في هذه الخانة. وأضاف أن حرب الإبادة في غزة كشفت أساطير الدول الغربية التي تتغنى بحقوق الإنسان والحريات والديمقراطية وكشفت نهائياً طبيعة غالبية الأنظمة العربية في المنطقة.
من جانبه، اعتبر ناصر حمدادوش نائب رئيس حركة مجتمع السلم، أن الهجوم الحالي من إيران على إسرائيل هو “رد طبيعي ودفاع عن النفس، نتيجة للانتهاكات المتكررة للعدو الصهيوني للسيادة السورية والانتهاكات الإيرانية الأخيرة للقانون الدولي، وهو انتهاك أيضًا للسيادة الإيرانية”.
وشدد حمدادوش في تصريح لـ”القدس العربي” على أن إسرائيل هي الخطر الحقيقي في المنطقة والعالم، ويجب أن يتم التركيز على هذه النقطة، مشيرًا إلى أن الحرب المجنونة على قطاع غزة كشفت استهتار إسرائيل بالقانون الدولي والقيم الإنسانية والمجتمع الدولي.
واعتبر المتحدث أن الرد الإيراني رسالة للكيان الصهيوني ودول داعمة له بأنهم لا يمكنهم العبث بالمنطقة كما يشاؤون، وأنه يجب أخذ بعين الاعتبار الواقع الجديد وتوازن الرعب وحالة الردع مع محور المقاومة.
كما أكد حمدادوش على أن مسؤولية التصعيد والتوتر في المنطقة تقع على إسرائيل وأمريكا، مبرزا أن الحل هو زوال الاحتلال الصهيوني وإنهاء عسكرة المنطقة بالتدخل الأمريكي والغربي.
وفي اعتقاد المسؤول في الحزب الإسلامي (الإخواني التوجه)، فإن هذا الرد هو رسالة جديدة وتاريخية تشكل خطوة متقدمة في الصراع، وتحذر من خطورة تحالفات القوى الإقليمية والدولية التي تدفع بالمنطقة نحو حالة من الاستقرار واللا أمن.
واختتم بالتأكيد على أن الحل الشامل للقضية الفلسطينية يمر عبر إلجام الجنون الصهيوني وعمليات الاستعلاء على القانون الدولي، مشيرًا إلى أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار في المنطقة إلا من خلال حل عادل وشامل لهذه القضية المستعصية.
وعلى الصعيد الرسمي، أجرى أمس الوزير الأول الجزائري النذير العرباوي ووزير الخارجية أحمد عطاف محادثات مع رئيس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني محمد مصطفى الذي يزور الجزائر.وفي هذه اللقاءات، تم بحث مستجدات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة لاسيما في قطاع غزة وتداعيات العدوان الصهيوني الغاشم على الشعب الفلسطيني.
وذكر بيان لمصالح الوزير الأول، أنه بعد استعراض علاقات الأخوة والتضامن التي تجمع البلدين والشعبين الشقيقين، أعرب “رئيس الوزراء الفلسطيني عن عميق شكره وامتنانه للرئيس عبد المجيد تبون، على دعم الجزائر الثابت للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة والجهود الحثيثة التي تبذلها في سبيل الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي الوحشي على غزة وإيصال المساعدات الإنسانية بالإضافة إلى حشد الدعم لحصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة”.