سياسي جزائري يتهم أمريكا باستخدام موضوع الحرية الدينية لابتزاز بلاده بسبب موقفها من القضية الفلسطينية

حجم الخط
0

الجزائر- “القدس العربي”:

 لم يمر تصنيف الجزائر ضمن قائمة المراقبة الأمريكية للدول التي تنتهك الحرية الدينية، دون أن يثير ردود فعل مستنكرة داخل البلاد، ذهب بعضها لحد اتهام الولايات المتحدة بابتزاز الجزائر بسبب موقفها المساند للقضية الفلسطينية.

وورد في بيان كاتب الدولة الأمريكي أنطوني بلينكن المنشور على موقع الخارجية الأمريكية تصنيف كل من الجزائر وأذربيجان وجمهورية أفريقيا الوسطى وجزر القمر وفيتنام، ضمن الدول المدرجة على قائمة المراقبة الخاصة لتورطها في انتهاكات جسيمة لحرية الدين أو تسامحها معها”.

وشملت القائمة أيضا تصنيف كل من بورما وجمهورية الصين الشعبية وكوبا وجمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية وإريتريا وإيران ونيكاراغوا وباكستان وروسيا والمملكة العربية السعودية وطاجيكستان وتركمانستان كدول مثيرة للقلق بشكل خاص لتورطها في انتهاكات جسيمة لحرية الدين أو تسامحها معها بشكل خاص.

وشدد بلينكن على أنه “يتعين على الحكومات وضع حد للانتهاكات المماثلة للهجمات على أفراد الأقليات الدينية وأماكن عبادتهم وأعمال العنف الطائفي والسجن لفترات طويلة بسبب التعبير السلمي والقمع العابر للحدود الوطنية والدعوات إلى العنف ضد الطوائف الدينية، بالإضافة إلى الانتهاكات الأخرى التي نشهدها في أماكن كثيرة حول العالم”.

وتفاعلا مع ذلك، هاجم أحمد صادوق رئيس الكتلة البرلمانية لحركة مجتمع السلم بشدة التصنيف الأمريكي، مع ربط ذلك بالقضية الفلسطينية، إذ لا تزال حسبه الولايات المتحدة تقدم دروسا في مجال الحرية الدينية في وقت هي متورطة للنخاع في دعم حرب دينية يشنها اليمين المتطرف الصهيوني على فلسطين.

ودوّن صادوق على صفحته في موقع فيسبوك، قائلا: “التصنيف ليس جديدا وأنطوني بلينكن قاتل أطفال غزة، الذي أعلنها حربا يهودية على الفلسطينيين (المسلمين والمسيحيين)، هو آخر من يتحدث عن الحقوق والحريات الدينية وقد أعلنها صريحة في أول زيارة له للكيان وقال أني جئتكم اليوم كيهودي”.

وأضاف المسؤول في ثاني حزب من حيث عدد المقاعد في البرلمان الجزائري أنه “إذا كان بلينكن وأمثاله يعتقدون بإمكانية ابتزاز الجزائريين ومساومتهم على مواقفهم الثابتة، فهو واهم باعتبار أن الموقف من القضية المركزية موقف مبدئي وتاريخي وعقائدي ووطني”.

وقبل ذلك، سارع وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف لنفي مضمون البيان الأمريكي، معبرا عن عميق أسفه لما ورد فيه من “معلومات مغلوطة وغير دقيقة بخصوص الجزائر”.

وأكد عطاف خلال مكالمة هاتفية جمعته اليوم مع نظيره الأمريكي، أنطوني بلينكن، أن “ذات البيان قد أغفل الجهود التي تبذلها الجزائر في سبيل تكريس مبدأ حرية الاعتقاد والممارسة الدينية، وهو المبدأ الذي يكفله الدستور الجزائري بطريقة واضحة لا غموض فيها”.

وفي الواقع، يعد بيان هذه السنة نسخة عن العام الماضي الذي أدرج الجزائر أيضا على قائمة على قائمة المراقبة للدول التي تمارس انتهاكات جسيمة للحريات الدينية.

وتورد التقارير السنوية المفصلة التي تصدرها الخارجية الأمريكية حول الحريات الدينية في العالم، سنويا ملاحظات حول ملاحقة أتباع طائفة الأحمديين التي ظهرت في السنوات الأخيرة ومعلومات حول بعض أتباع المذهب الشيعي وبعض التيارات الصوفية مثل الكركرية التي استرعت الانتباه قبل سنوات.

أما الجانب الأكبر من هذه التقارير فيخصص للحديث عن أوضاع المسيحيين في الجزائر، عبر الإشارة إلى وجود انحياز من المحاكم الجزائرية في القضايا العائلية خاصة الطلاق ضد المتحولين عن الإسلام، وانتقاد منع السلطات الجزائرية التبشير بالمسيحية ودعوتها الكنائس إلى تقليص عدد من الأنشطة مثل توزيع الكتب المسيحية وإقامة مناسبات خاصة بالطائفة المسيحية. كما يتم استعراض غلق الكنائس غير المرخصة ومعاناة الجمعيات المسيحية في الحصول على الاعتماد الضروري للنشاط أو التطابق مع قانون الجمعيات لسنة 2012، وعدم قدرة المسيحيين على استيراد الكتب الدينية. واللافت في تقارير السنوات الأخيرة، الحديث أيضا عن نظرة المجتمع الجزائري لليهود وتقديم ملاحظات عن معاداة السامية.

وتنفي السلطات الجزائرية من جانبها، أي تضييق على حرية العبادة إذا كان في إطار القانون. ولم تخف أنها قامت بغلق كنائس عشوائية أقيمت داخل المنازل بغرض ممارسة النشاط التبشيري، في مدن مثل تيزي وزو ووهران، معتبرة مثل هذه النشاطات مخالفة للقانون الذي “يمنع القيام بحملات تبشيرية باستغلال القصر والمحتاجين من أجل تغيير دينهم وعقيدتهم، وذلك حفاظا على الأمن العمومي”.

وفي الشهر الماضي، نشّط وزير الشؤون الدينية الجزائري يوسف بلمهدي ندوة علمية حول “الحرية الدينية: الحماية والضمانات”، أبرز فيها أن اختيار الشعب الجزائري الدين الإسلامي بقناعة كان له الأثر البالغ في تكريس مبدأ حرية الدين.

واعتبر الوزير أنه منذ ذلك الوقت، بقيت الجزائر وفية لمبدئها في تقديس الحرية العامة واحترام الحرية الدينية، حيث تكفلت بتسيير الشأن الديني وقامت بتهيئة وتشييد عديد الكنائس، مبرزا أن “دستور الجزائر نص في مادته الثانية أن الإسلام دين الدولة كما نص أيضا على أن حرية ممارسة العبادات مضمونة مع احترام القوانين”.

وأشار بلمهدي إلى أن “وزارته تفتح دائما أبواب الحوار والتعاون مع ممثلي هذه الديانات، وما يُطبق على الكنائس من قواعد وقوانين هو ذاته مُطبق على المساجد في الجزائر”، مستشهدا بالأسقف “هنري تيسيي” راعي الكنيسة الكاثوليكية في الجزائر الذي ذكر قبل وفاته أن “الكنيسة لم تتعرض لمضايقات في الجزائر وأوصى بدفنه في بلادنا”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية