سيناريوهات الغرب للضربة العسكرية

حجم الخط
0

شكل قرار ايمكانية اجراء تدخل عسكري في سورية نقطة انعطاف في كثير من المواقف الدولية، مما ادى الى ظهور بوادر تساؤلية، عن ما هو سر القرار المفاجئ لمجلس العموم البريطاني القاضي بمنع رئيس الوزراء دايفيد كاميرون شن حرب على سورية؟ وهل حقا اوباما بحاجة الى تفويض من الكونغرس الامريكي حتى يقوم بتدخل عسكري في سورية؟
وسؤال اخر يلوح الى اين هي الديمقراطيات التي طالما تتغنى بحقوق الانسان خصوصا منها الغربية من استخدام الكيماوي في سورية؟ اوليست هذه جريمة في حق الانسانية تستلزم عليها العقاب، فلما لا نرى مجالس هذه الديمقراطية تطالب بمعاقبة مرتكبيها بمثل ما اتت عليه في العراق وليبيا، فهي اذن تساؤلات عدة ستعكر صفو امريكا بالاخص عند تبريرها مثل هذه التعقيدات.
فالاحتملات المسنونة لجحيم التدخلات العسكرية، قد بدت ملامح ردودها متسنجة في الدويلات الغربية بما فيها امريكا لما تنطوي عليه من مخاوف ان تصبح عواصمها قلب استهداف الحركات الجهادية العالمية، وبالاخص مراكزها الحيوية في القارة الاسيوية والافريقية،اضافة الى ما تحمله من تداعيات اقتصادية نلمح فيها استفاقة متسارعة من قبل الشعوب الغربية لرفض قرار حكوماتها المنصوص بالتدخل العسكري في سورية.
ومن عجيب العجاب الذي نقف عنده اليوم من حديث القيل والقال عن التباطا السلحفاتي في المواقف الامريكية لاحداث ثورتي مصر وسورية مقارنة بسرعة مواقف المشايخ الخليجية التي ابدت تأثيرا واضحا على ردود الفعل الامريكة، اضاقة الضغوطات الاسرائلية التي زادت من تازم الموقف الامريكي وجعلته يفقد نوعا من مناعته المصداقية لحيثيات بداهة اتخاد القرارات الحساسات والفاعلة في حل الازمات الدولية بعد ان كانت قدوة الكثير من الديمقراطيات في تشخيص الازمات وتقديم الحلول الانسب لها، فهل يعقل ان امريكا باعظم اجهزتها الاستخباراتبة وقوة ترسانتها الحربية اضحت اليوم غير قادرة على تحميل نفسها صلابة تصويب القرارات الرزينة تجاه مختلف الاحداث الدولية،دون ان تواجه ضغوطات التي تشهدها الان من اسرائيل ومشايخ الخليج و بعض الحكومات الغربية لتفقد بذلك مركزها القيادي العالمي في رسم خريطة الطريقة السياسة التي كانت قد بدات فيها في السابق.
وقد يجعل ذلك من امريكا تعاني الامرين من ناحية اعادتها لسناريوهات اثارة لبنيات الحروب الاهلية باسم الانسانية، علاوة على ما يحدث الان في افغانستان والعراق، او من جهة ثانية وهي ما قد تفقده من هيبتها الدولية شيئا فشيئا خصوصا عندما يتعلق الامر بجانب الشراكة مع الدول الاروبية التي انكشفت مؤخرا مؤامرة الخيانة التجسسية بينها وبين الطرف الامريكي، ما دفع ببعض رؤوس هذه الدول الى عدم التصديق والتشكيك من نوايا الامريكية في كثير من تدخلاتها العسركية التي اجرتها في السابق، فقررت اعلان المقاطعة ومناقضة قرراتها لاسيما حينما تتعلق بوجود مواد محضورة ومحرمة دوليا تتدخل باسمها امريكا عسكريا مثلما حدث في العراق الذي لم يثبت لحد الان امتلاكه لنووي.
ولاول مرة سيغيب عن امريكا صديقها الحميم الذي وقف معها في اغلب تدخلاتها العسكرية التي قامت بها وهو بلا شك بريطانيا التي اعلنت عدولها وامتناعها عن شن حرب عسكرية في سورية، ما يعني بذلك نكسة موجعة لامريكا، بعد ان تجد نفسها برفقة فرنسا وحيدان امام حربهما الجديدة في سورية،وعليه كذلك ان اختلاف بريطانيا مع امريكا بمثل هذا الشأن يعتبر بمثابة تغيير في موازين القوى لصالح كفة روسيا والصين التي قد تتوازي هذه المرة قرارتها مع امريكا وفرنسا في مجلس الامن، وزيادة على ذلك،كما يبدوا عليه الخلاف الاخير بين اسرائيل و امريكا الذي طرأ عليهما عند صدر قرار من اوباما مبني على تاجيل الضربة العسكرية، ما اثار زوبعة في اسرائيل بتجاه هذا الاخير الذي يلاقي مخاوف من رفض الكونغرس تفويضه القيام بذلك.
فمما لا شك فيه ان امريكا اصبحت محاصرة سياسيا و اقتصاديا جراء انعكاسات نتائج تدخلاتها العسكرية في افغانستان والعراق وليبيا، تبعا لردود الافعال الدولية المطالبة بالتخلي عن سياسة التدخلات العفوية التي من شانها ان تزيد الخناق على تدهور اقتصاديات العالم المتقدم، الذي يبدو انه تضرر اكثر مما هو متوقع بالمنعرجات الحاصلة في ثورات الربيع العربي، ما يفسر ارتباك بعض الاطراف الدولية من مشاركة قرار امريكا عسكريا خصوصا ان لم يثبت تورط النظام السوري في قضية الكيماوي، خذا بعبرة ما خلفته حرب العراق وانعكاساتها عليها.
وعليه، فهل ستكون حرب اليوم على سورية اخر عدوان عسكري تقوم به امريكا مع ان تكتفي فقط بالدعم اللوجستي لهذه الدول؟

حداد بلال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية