سيناريوهات ما بعد اغتيال سليماني

حجم الخط
3

مشهدان من المؤكد أنهما لم يخطرا على بال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، عندما اتخذ قراره باغتيال قائد «فيلق القدس» الحاج قاسم سليماني، ولو أنه استحضر هذين المشهدين لربما أعاد النظر في قراره، أو على الأقل فكّر ملياً قبل أن يصدر أمراً باغتيال رجل بحجم رئيس دولة، بل هو أهم من العديد من رؤساء الدول في العالم.
– المشهد الأول: بيروت في 23 أكتوبر/تشرين الأول 1983: شاحنتان مفخختان يقودهما انتحاريان تقتحمان مقر القوة متعددة الجنسيات في لبنان، وهو ما أدى إلى مقتل 241 جندياً من قوات «المارينز»، كما أصيب 128 آخرون توفي 13 منهم في وقت لاحق. كان ذلك الهجوم هو الأكبر الذي يستهدف الولايات المتحدة منذ الحرب العالمية الثانية، وكان الرد الأمريكي هو قرار فوري وسريع من الرئيس رونالد ريغان بسحب كافة القوات الأمريكية من لبنان.
– المشهد الثاني: مقديشو في عام 1994: أمر الجنرال محمد فرح عيديد مقاتليه بربط اثنين من الجنود الأمريكيين القتلى وهم عراة بسيارة طافت بهما شوارع العاصمة الصومالية على مرآى ومسمع من كاميرات الصحافيين، فأحدث ضجيجاً لدى الرأي العام الأمريكي، لم يحتمله الرئيس بيل كلينتون فأصدر الأوامر لقواته البالغ تعدادها 30 ألفاً بالانسحاب فوراً من الصومال.
ثمة دلالة واحدة في المشهدين لكنها مهمة، وهي أن القوى الكبرى لا معنى لها في حروب العصابات، والأسلحة الفتاكة لا تعني شيئاً في حروب الشوارع والمواجهات مع الميليشيات، والمعادلات في الحروب التقليدية تختلف تماماً عنها في حروب العصابات ومواجهات الشوارع، وهنا فإن القوى الكبرى تفقد هيبتها. بالمنطق ذاته والمعادلة ذاتها لم تنجح إسرائيل في حربها ضد حزب الله التي استمرت 33 يوماً في عام 2006، وكذا فشلت في إخضاع وهزيمة حركة حماس، عبر ثلاث حروب متتالية، والسر في ذلك ببساطة أنها ليست حروباً نظامية ولا تقليدية، ولا هي مواجهة بين جيشين متقابلين.
باغتيال سليماني دخلت الولايات المتحدة في مواجهة مع إيران، وأغلب الظن أن هذه المواجهة لن تتحول الى حرب تقليدية شاملة، إذ أن أغلب الأطراف بما فيها طهران لا ترغب بحرب شاملة ومدمرة، وربما لا يستطيع الايرانيون أيضاً في ظل ظرفهم السياسي والاقتصادي الراهن خوض الحرب الشاملة، لكن إيران تمتلك قوة من نوع آخر يمكن أن تشكل خطراً حقيقياً على الولايات المتحدة، وعلى وجودها في المنطقة، وهي المجموعات المسلحة والميليشيات الموالية لها. تصريحات المسؤولين الايرانيين كانت واضحة خلال الأيام الماضية بأن الانتقام سيكون على عاتق «محور المقاومة» بكل أركانه، ولن يكون منوطاً بالإيرانيين وحدهم، وهو ما يعني أن الحرس الثوري أعطى الضوء الأخضر لكل الموالين له، بأن يفعلوا ما بوسعهم للانتقام، الأمر الذي قد يوجع الأمريكيين، من دون أن يدفع إلى الانزلاق نحو الحرب المباشرة والشاملة.

ربما لا تستطيع إيران خوض حرب شاملة، لكنها تمتلك قوة من نوع آخر يمكن أن تشكل خطراً حقيقياً على الولايات المتحدة

في الحروب التي تخوضها المجموعات المسلحة والميليشيات، تواجه الدول ما يُشبه «الشبح»، وقد تتعرض لهجمات موجعة، من دون أن تعرف مصدرها، وهو المتوقع أن تواجهه الولايات المتحدة في المرحلة المقبلة من المواجهة مع الإيرانيين، وعليه فإنه سيصبح من المؤكد أن اغتيال الحاج سليماني، كان قراراً خاطئاً وخاسراً بالنسبة لواشنطن، إذ أن مواطنيها ومصالحها أصبحوا أكثر عرضة للخطر مما لو ظل الرجل على قيد الحياة.
كل الاحتمالات اليوم واردة ومنطقة الخليج والشرق الأوسط تنام على صفيح ساخن، خاصة أنَّ حلفاء إيران ينتشرون على امتداد أربع دول عربية، بينما الولايات المتحدة ومصالحها وحلفائها بالقرب منهم وفي كل الاتجاهات، وعليه فالمواجهات المحدودة واردة والحرب الشاملة واردة أيضاً، ولا يعلم أحد الى أي قاع ستنزلق هذه المنطقة.
كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول العلمي. ألمانيا:

    تحمل الإنتقام و التضحية من نصيب الشيعة العرب و تحمل المقتلة و الخراب من نصيب السنة العرب
    ماذا عساه أن يقول عمر و علي والحسين

  2. يقول تيسير خرما:

    الصين استسلمت للعالم الحر وتبنت اقتصاد حر وجنت فائض 3 تريليون وباتت بمجموعة العشرين واتحاد سوفياتي استسلم وتقلص لاتحاد روسي وترك 15 دولة محتلة وشرق أوروبا وتبنى إقتصاد حر وبات بمجموعة العشرين لكن ألمانيا هتلر لم تستسلم إلا بعد تدميرها وطردها من أوروبا وشمال أفريقيا ومحيط أطلسي وممرات دولية رغم إغراقها آلاف سفن وإسقاطها آلاف طائرات واليابان لم تستسلم إلا بعد تدميرها وطردها من الصين وشرق آسيا رغم إغراقها أسطول أمريكا السابع وإدعاء قادتها أنهم أنصاف آلهة، فعلى إيران آيات الله أخذ عبرة واختيار مسار

  3. يقول سامح//الاردن:

    *نعم اخي عايش .. كل الاحتمالات قائمة
    وربنا يستر .
    حسبنا الله ونعم الوكيل.

إشترك في قائمتنا البريدية