أصدر عدد من السينمائيين السوريين بيانا أدانوا فيه «تزايد ظاهرة استخدام بيوت وأحياء المدن والبلدات السورية المنكوبة و المُدَمَرة والمُهَجّر سكانها قسراً، كمواقع تصوير لأفلام سينمائية تحت موافقة السلطات السورية».
وأضاف البيان «لا ينفك يتوالى على تلك الأحياء والأماكن المنكوبة وبإذن من القوى العسكرية المسيطرة عليها، مروحة واسعة من المشاريع السينمائية ، يقتحم فريق تصويرها تلك الأحياء والبلدات السورية بكاميراتهم مُتَجاهلين ذاكرة المكان وحرمة البيوت وقصص وأرواح وذكريات ساكنيها، ملتزمين بحياد فادح وسكوت مطبق عن المسؤول عن كل هذا القتل والتهجير.
مؤكدين إن هذه المُدن المُدَمَرة التي تحولت إلى مواقع للتصوير السينمائي، ليست فقط أماكن حدثت فيها جرائم حرب آنية موصوفة من قصف لأحياء سكنية أو لمدارس أو مشافي أو مخابز، ولكنها أماكن ومواضيع لجرائم ضد الإنسانية لاتزال ممتدة ومُستمرة وقيد التنفيذ عن طريق الإمعان بجريمة التهجير القسري لساكنيها ومنعهم من العودة إلى بيوتهم، وتشريع ذلك من خلال إجراءات قانونية، أقرت مؤخراً في سياق ما سُمّي بعملية إعادة إعمار وتنظيم المدن، سعياً لمحو آثار الجريمة والانتهاء من فرض وقائع جديدة على الأرض، بهدف تجريد أصحاب الأرض والبيوت من أملاكهم وحيواتهم وذاكرتهم وحقهم في العودة وفي العدالة، وبالتالي تجريدهم من حقهم في مواطنيتهم.
وقال الموقعون «إنّ لنا في الداخل السوري القابع تحت سيطرة النظام، أصدقاء ورفاق قابضين على جمر الحكاية والذاكرة، قد لا تسمع أصواتهم ولا تظهر أسماؤهم علناً، لكن كاميراتهم وأعمالهم السينمائية لا تنفك تسجل وتوثق. إنهم في صمودهم في الداخل يسجلون بامتناعهم عن التعفيش السينمائي، موقفاً مشرفاً في مواجهة التطبيع الثقافي المُشين المُفضي إلى تمييع الجرائم وتجهيل مرتكبيها.
وأضافوا « نحن السوريات والسوريين ، المُشتغلات والمُشتغلين في مجال السينما، احتراماً لذواتنا ولشرف مهنتنا، نرفض أن تتحول المدن السورية المدمرة ، بكل ما تحمله من أدلة وبراهين وشواهد على الجرائم التي ارتكبت بحق الناس الذين خرجوا يطالبون بالكرامة والحرية وكريم العيش إلى ديكور لأفلام سينمائية تطبع مع النظام. وأن يدفن مع أنقاض المدن السورية المُدَمَرة، ذكرياتنا وقصصنا وآمالنا. نحن لن نساوم على سرديتنا ولن نقبل التلاعب بقصصنا وأمكنتنا وصورنا. هذه المنازل المُتَداعية والخالية من سكانها، لم تكن ولن تكون يوماً أطلالاً نبكي عليها، إنها جزء من حكايتنا التي سنصونها ونرويها ونتوارثها إلى أن تتحقق العدالة ويحاسب القَتَلَةْ.
وشدد الموقعون في بيانهم على أن» استقلالية الثقافة وحرية الفن لا تكون بالرقابة على العمل الفني كما لا بالتطبيع مع الجريمة و لا بالقبول بسردية القتلة (من أي جهة كانت) وتناسي تضحيات ونضالات شعوب ثارت من أجل الحرية والكرامة. من هنا فإننا نعلن إدانتنا لأفلام تورطت وتتورط في «التعفيش» السينمائي، تتلاعب بذاكرة الأمكنة والناس، وتتواطأ مع المسؤولين عن جرائم الحرب وعن الجرائم ضد الانسانية.
وقد وقع على البيان أكثر من 50 سينمائيا سوريا، نذكر منهم:
فارس الحلو، عفراء بطرس، محمد علي الأتاسي، زياد كلثوم، هالة العبدالله، الفوز طنجور، آفو كبرئيليان، محمد آل رشي، حلا عمران، ريم علي، عروة مقداد، ثائر موسى، جلال الطويل، فراس فياض، رشا رزق، وآخرين.