‘سي اي ايه’ توسع برنامج تدريب مقاتلي المعارضة السوريين في الاردن

حجم الخط
0

لندن ـ ‘القدس العربي’ بدأ فريق الاستخبارات الامريكية ‘سي اي ايه’ العامل مع المعارضة السورية بتوسيع برامج تدريب المقاتلين، حيث ارسلت الوكالة في الاسابيع القليلة الماضية اعدادا من الضباط لتدريب المقاتلين في قواعد عسكرية سرية في الاردن، وتزويدهم بالتعليمات القتالية والاسلحة قبل ارسالهم مرة خرى للقتال في داخل سورية.
وتتزامن هذه الجهود مع تراجع للمعارضة التي توصف بالمعتدلة، وصعود الجماعات الجهادية يقول مسؤول امريكي ان ‘الاستخبارات تقوم بتكثيف وتوسيع جهودها لان المعارضة المعتدلة على ما يبدو لا تخسر فقط على المستوى التكتيكي بل وعلى المستوى الاستراتيجي’.
وجاءت التطورات هذه في وقت تقوم به السعودية بمحاولات لتوحيد صفوف المعارضة من اجل مواجهة فصائل الجهاديين الذين يسيطرون على الساحة القتالية في سورية. وعلى الرغم من كل هذا فبرنامج الاستخبارات الامريكية يظل محدودا من ناحية الرؤية والهدف والسلطات الممنوحة للضباط العاملين به.
ولن يؤدي، حتى بعد توسيع برامجه لاستيعاب اعداد جديدة من المرشحين، الا لاعداد مئات من المقاتلين في كل شهر.
ولن تكون هذه الاعداد كافية لان تواجه الفصائل الجهادية ذات القدرات البشرية والمالية الكبيرة.
وترى صحيفة ‘واشنطن بوست’ ان مهمة الاستخبارات الامريكية تسير جنبا الى جنب مع رؤية البيت الابيض الداعية الى تسوية سياسية بين الاطراف المتحاربة في سورية بدون ان يكون بالضرورة فيها رابح واضح.
ويقول المسؤولون الامريكيون ان محدودية البرنامج هي محاولة لمساعدة المعارضة بحيث تكون في وضع لا تخسر فيه الحرب ولا تربحها في الوقت نفسه. ونقلت عن مسؤولين حاليين وسابقين في الادارة الامريكية قولهم ان ‘سي اي ايه’ دربت اقل من الف مقاتل هذا العام، مقارنة مع 20 الفا من قوات الدفاع الشعبي الذين تلقوا تدريبات على حلفاء النظام السوري، حزب الله وايران.

محاولة عاجلة

ويوصف برنامج الاستخبارات الامريكية على انه محاولة عاجلة لتعزيز قوة الفصائل المعتدلة لمواجهة نظام الاسد وقوة الفصائل الاسلامية المتشددة خاصة تلك المرتبطة منها بتنظيم القاعدة.
ومنيت المعارضة في الاونة الاخيرة بسلسلة من النكسات سواء خسارتها مواقع للجيش السوري او بسبب حصول تصدعات داخل القوى المنضوية تحت قيادة الجيش الحر، حيث قررت 12 كتيبة ولواء تشكيل تحالف اسلامي يهدف الى اقامة دولة اسلامية، وضم التحالف الوية قوية من لواء التوحيد واحرار الشام وجبهة النصرة.
وتنبع مشاكل البرنامج السري من محدودية المصادر المتوفرة لدى الاستخبارات الامريكية وتردد المقاتلين السوريين مغادرة بلادهم للمشاركة في البرنامج والقيود التي يفرضها الاردن على تحرك ضباط الاستخبارات الامريكية.
وكل هذا له علاقة بالخلاف العميق بين المسؤولين الامريكيين حول الاستراتيجية المناسبة الواجب اتباعها في سورية، اي استراتيجية تعمل على حماية المصالح الامريكية من جهة ولا تورط الادارة في الحرب الاهلية التي قتل فيها اكثر من 100 الف منذ اندلاعها قبل عامين ونصف العام.
ووصف مسؤول سابق مهمة المدربين الامريكيين في الاردن بقوله انه طلب منهم ‘تحقيق شيء مهم وبدون مصادر’.

مراكز سرية

ويتركز معظم التدريب في الاردن، ويشرف على عمليات التدريب فريق صغير من ‘وحدة النشاطات الخاصة’ في ‘سي اي ايه’، وهي وحدة شبه عسكرية تعتمد بشكل كبير على شركات تعهدات امنية واعضاء سابقين في فرقة العمليات الخاصة.
ويتلقى المرشحون تدريبات بسيطة تستمر ستة اسابيع، حيث يتدربون على الانضباط، وعلى كيفية التصويب على الهدف، وتعبية مخزن البندقية، وتنظيف الغرف، اي ‘التعليمات الاساسية التي تتلقاها وحدات المشاة’.
ولا يشمل البرنامج على تدريبات حول استخدام الصواريخ او الذخيرة المضادة للدبابات التي تزودها دول خليجية مثل السعودية وقطر ، مع ان الوحدات تقوم بالبحث عن الجهات التي تتلقاه. ولا يشكل المقاتلون الذين تدربهم المخابرات الامريكية الا نقطة في بحر من المقاتلين الذين يقدر عددهم بحوالي 100 الف تقول الولايات المتحدة ان منهم 20 الف ‘متطرف’ يحملون اجندة اسلامية.
وتضم جماعات اسلامية مثل النصرة والدولة الاسلامية في العراق والشام ‘داعش’ مقاتلين لديهم خبرة واسعة في الساحات القتالية في العراق وافغانستان.
وكان نائب مدير ‘سي اي ايه’ السابق مايكل موريل قد تحدث لمحطة ‘سي بي اس’ من ان الكثير من المقاتلين المعتدلين انضموا للجماعات الجهادية لقوتها وكفاءتها في المعارك ضد نظام الاسد.

تردد وانشقاق

وادى تردد الادارة الامريكية لدعم المقاتلين الى حالات من الانشقاق وتغيير المواقع داخل خريطة الفصائل. وعلى الرغم من قرار الادارة ارسال شحنات من الاسلحة للمعارضة الا ان وصولها تأخر لاشهر.
ومما زاد من احباط المقاتلين اكثر هو قرار ادارة اوباما عدم توجيه ضربة للنظام السوري بعد الهجوم الكيماوي على الغوطة في 21 آب (اغسطس) الماضي. كما يندفع المعتدلون للجماعات الجهادية بسبب الوعود المالية والرواتب الجيدة التي تعرضها عليهم هذه الجماعات.
وفي الوقت الذي تقول فيه داعش ان الفي مقاتل انضموا اليها في الفترة الاخيرة، يعاني برنامج ‘سي اي ايه’ من قلة المرشحين.
ويعود هذا الى حالة من التشاؤم التي وصلت الى مخيمات اللاجئين السوريين في الاردن حيث كانت تغادر اعداد يومية منها لسورية، لكن الموجة توقفت ويسود مزاج من التشاؤم في مخيم الزعتري ويقول مسؤول ان الدعم للثورة تراجع، و’نشاهد اعدادا قليلة تغادر وتراجع في عمليات التجنيد’ بين اللاجئين.

التدخل السعودي

وتقول الصحيفة ان التدخل السعودي جاء بسبب الحضور البارز لداعش في المناطق القريبة من العاصمة دمشق والتي تعرض بعضها الى هجوم كيماوي بالسارين.
ويقوم مقاتلو الدولة الاسلامية وبشكل واضح بقيادة الدبابات في الغوطة التي لا تبعد سوى ميل عن القصر الجمهوري، حيث ادى تردد الغرب في الرد على الهجمات الكيماوية لاضعاف التيار المعتدل في المعارضة المسلحة وتقوية ساعد الجهاديين حسب الصحيفة. وجاء اعلان علوش عن جيشه في وقت اعلنت فيه فصائل اسلامية الطابع عن ‘التحالف الوطني السوري’ الذي انتقد الائتلاف المعارض في اسطنبول.
ولا يعرف كيف سيرد الغرب على التدخل السعودي الذي يرى مراقبون انه سيشد من ساعد الجماعات السلفية الاخرى، ونقلت الصحيفة عن تشارلس ليستر من ‘مركز اي اتش اس جينز لمراقبة الارهاب والتمرد’ قوله انه ‘في حالة توصل (الغرب) الى ان المعارضة ليست كما كانوا يتصورون فقد يتعاملون مع هذا الاطار كحل وطريقة لمواجهة التطرف’. ومثل جبهة النصرة وداعش فجيش الاسلام يستلهم افكاره من السلفية، ويتراوح عناصره من المعتدل الى المتشدد، لكنهم على خلاف داعش التي تريد اقامة دولة اسلامية في سورية، يصرون على تحقيق هدف التخلص من الاسد اولا.
وينبع نشاط وقوة داعش من امتداداتها بين العراق والشام، حيث ترى صحيفة ‘الاندبندنت’ وجود نوع من الارتباط المتبادل بين التفجيرات التي يشهدها العراق بشكل يومي والحرب الاهلية السورية.

الحرب المنسية

وتقول في افتتاحيتها ‘جيران مزعجون’ ان عدد القتلى في ‘الحرب المنسية’ الشهر الماضي اقترب من الالف فيما قدر عدد القتلى منذ نيسان (ابريل) العام الحالي بحوالي 4500 قتيل.
وتضيف ‘عندما يقتل حوالي الف شخص في العراق الشهر الماضي فهذا يعني عودة البلاد الى المستوى الذي مرت به اثناء الحرب الطائفية قبل خمسة اعوام’.
وتقول ان معظم القتلى هم من المدنيين الشيعة حيث يتم استهداف الجنائز والاسواق للتأكد من تسجيل ضحايا كثر. وفي لغة الارقام فما يجري في العراق مريع ولا احد يلتفت اليه في العالم الخارجي الذي يتعامل مع العنف في العراق وكأنه جزء من الحياة في البلاد. فباستثناء بعض التعليقات التي يطلقها قادة مثل توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق، من ان البلاد في وضع جيد، فقادة العالم يبدون صمتا يثير العار حول احداث بلد ارسلوا اليه جنودهم.
وتقول الصحيفة ان العنف مستمر في العراق لان الحرب التي بدأت عام 2003 لم تنته بعد، بل وزادت سوءا منذ اندلاع الانتفاضة السورية عام 2011 والتي ادت لتقوية القاعدة في العراق والشام والتي تقوم بالعمليات هذه وتسيطر الان على مناطق واسعة في شمال سورية. ومما يزيد في خطورة الازمة هو فشل الحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد في التصالح مع السنة والذين يقومون بتظاهرات وسط العراق.
ومن هنا فالقاعدة يمكنها الان الاعتماد على دعم من شمال سورية ومن وسط العراق.
وتلقي الصحيفة باللائمة على الحكومة العراقية التي تقول انها عاجزة، وفاسدة بشكل كبير وتدير جهازا امنيا مفككا.
وفي النهاية ومن اجل ان لا يتصاعد العنف في العراق اكثر ويتطور الى حرب اهلية جديدة يجب التفاوض من اجل التوصل لوقف اطلاق النار في سورية.

معركة تنتظر السوريين

ومن هنا جاء مقال لغيث ارمنازي ممثل الجامعة العربية السابق في بريطانيا في صحيفة ‘الغارديان’ ليثير مسألة خطر القاعدة والجماعات المتطرفة، ودعا فيه ‘سورية للوحدة وقتال القاعدة’.
وقال فيه ان قرار مجلس الامن 2118 الذي سيتم من خلاله التخلص من اسلحة سورية الكيماوية يعتبر نقطة تحول في الصراع وقد يفتح الطريق نحو عقد جنيف-2 لتسوية الازمة في سورية.
وبعيدا عن هذا فقد نشأ واقع جديد يشير لخروج الازمة من يد السوريين، فالمصير بيد القوى، سواء دولية ام اقليمية الذين يخوضون سباقا لتحقيق مصالح جيوسياسية لا تأخذ بعين الاعتبار هموم وطموحات ‘الجنود المشاة’ سواء كانوا من المعارضة او النظام.
ويقول ان السوريين يضربون بعضهم البعض والبلد الذي يدعون حبه لدرجة انهم تنازلوا على سيادته واستقلاله وربما وحدة ترابه التي حققها في عام 1946 بعد كفاح بطولي وطويل ضد الفرنسيين. واذا كانت الحكومة السورية في وضع سيىء بعد التطورات الدبلوماسية فالمعارضة هي في وضع سيىء ايضا.
فهي تعاني من انقسام وبنت كل امالها على الضربة الامريكية التي أملت ان تؤدي الى الاطاحة بالنظام. وبدلا من ذلك حصلت على الاهانة، وشعرت بالخيانة من حليف وعد ولم يف، ولان الكثير من العرب اصبحوا ينظرون اليها كاطار يدعو الى عودة الامبريالية الغربية المسلحة لضرب بلدها.
وقد تكرر المشهد نفسه عندما فشلت المعارضة باظهار القيادة الجيدة وتوحد السوريين لبناء ديمقراطية جامعة لكل شتات السوريين. وسمحت لنفسها بان تقاد من متشددين اسلاميين يريدون تحقيق اجندة ضيقة همشت معظم السوريين.
وانتقد سذاجة بعض الفصائل التي اعتقدت انها بالتحالف مع القاعدة ضد العدو المشترك يمكن ان تحقق اهدافها، فالحليف الجهادي الان يضرب وبقوة الجماعات المعتدلة في الجيش السوري الحر. ويكتب ارمنازي ان الاوضاع المزرية التي يعيش فيها السوريون من دمار وموت وتشرد وسجن وتعذيب بشكل جعلتهم يحنون لاي عملية سياسية تنهي معاناتهم. ويقول ان فرص نجاح جنيف -2 ستزيد ليس من خلال مشاركة المعارضة الرسمية والنظام بل والناشطين ممن نسقوا العمليات الاولى للانتفاضة السلمية قبل ان تتحول للعنف والعسكرة. ويؤكد على الخطر الذي تمثله القاعدة في شمال سورية والتي لا يهمها اي تسوية تؤدي لسورية مستقرة وديمقراطية.
ولهذا يدعو ان تشمل التسوية في جنيف على بنود من اجل مكافحة الامارات الاسلامية في شمال سورية. وهناك فرصة ان يجد المعارضون للنظام والمعارضة الرسمية ارضية مشتركة في مرحلة ما بعد التسوية او جنيف-2 لمواجهة الجماعات التي تهدد وحدة وتسامح سورية او على الاقل ما تبقى منه.
ويعتقد ان المعركة الحقيقية هي القادمة وكلما تقدم موعد جنيف -2 وتوصل سريعا الى تسوية كلما كان السوريون مستعدين لشن هذه المعركة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية