شراكة سعودية ـ أمريكية ـ أردنية بدعم بريطاني فرنسي كويتي إماراتي مطلوبة لتحقيق نتائج على الأرض في سوريا

حجم الخط
3

لندن ـ ‘القدس العربي’ يرى السفير الأمريكي السابق لدى سوريا روبرت فورد أن الرئيس السوري بشار الأسد باق في السلطة في المدى القريب والمتوسط، متوقعا أن تتحول البلاد إلى مجموعة من ‘الكانتونات’ التي تسيطر عليها جماعات مسلحة تتنافس فيما بينهما. ونقلت صحيفة ‘نيويورك تايمز’ أقوال فورد الذي استقال من منصبه الشهر الماضي والتي جاء فيها ‘من الصعب تخيل فقدان الأسد السيطرة على المناطق بين دمشق وحلب وتلك الواقعة على الساحل في المدى القصير بل والمتوسط’.
وأضاف أن الأسد ‘سيسيطر على تلك المنطقة التي تشكل ربما ربع البلد’، وأضاف فورد أن هذه المنطقة تضم كل المدن السورية، أما بالنسبة لبقية البلاد فستكون تحت سيطرة ‘جماعات مسلحة مختلفة تتنافس فيما بينها’.
وكان فورد الذي عمل كنقطة اتصال مع المعارضة السورية وممثل الخارجية الأمريكية لديها، يتحدث يوم الخميس في مركز وودرو ويلسون للباحثين.
وتعلق الصحيفة على تقييمات فورد بأنها تختلف عن تقييمات الإدارة الأمريكية للرئيس باراك أوباما التي أكدت قبل عام أن الرئيس الأسد في طريقه للخروج من السلطة، وأنه يفقد السلطة على البلاد في حرب استنزاف تقودها جماعات المعارضة المعتدلة.

ثلاثة أسباب

وأشار فورد إلى أسباب ثلاثة جعلت الأسد قادرا على البقاء في السلطة، الأول هو فشل المعارضة السورية في تقديم تطمينات للعلويين بعدم تعرضهم للتهديد حالة الإطاحة بالأسد ‘أولا وأخيرا’، لم تكن المعارضة ‘ناجحة في تقديم برامج تطمئن فيها المجتمعات التي تعتبر حجر أساس للنظام، وخاصة العلويين’.
أما العامل الثاني الذي ساعد الأسد على التمسك بالسلطة فهو استمرار الدعم الروسي والإيراني له. كما أدى تشجيع إيران لحزب الله اللبناني والجماعات الشيعية الأخرى على القتال إلى جانب الأسد إلى تقديم الدعم البشري للحكومة السورية التي كانت بحاجة ماسة إليه. ويتعلق العامل الثالث بتماسك نظام الأسد ووحدته وهو ما تفتقد إليه المعارضة.
وبدا من حديث فورد أنه لا يعول الكثير على الدبلوماسية وإمكانية التوصل إلى حل للأزمة بشكل قريب عبر الطريق السياسي.
وقال إن الحكومة السورية ليست مهتمة كثيرا بالتفاوض حول هيئة انتقالية تكون جاهزة لإدارة البلد حالة تخلى الأسد عن السلطة. كما أضاف أن الولايات المتحدة جادة بعقد محادثات حول سوريا مع إيران.
ومع أنه عبر فيه عن حذره حول الخيارات العسكرية الهادفة إلى وضع ضغوط على الأسد إلا أنه أكد أن الرئيس أوباما لم يسحب هذا الخيار عن الطاولة.
وعن تصوره لسوريا بعد من الآن قال إنها ستتحول إلى كانتونات ومجموعة من المناطق التي تسيطر عليها جماعات متنافسة.
وتمنى لو كان هناك حل، مؤكدا أن الداعمين الإقليميين لكل من النظام والمعارضة ليس لديهما استعداد لوقف الحرب.
وتعلق الصحيفة بأن فورد ليس المسؤول الحالي أو السابق اعترف بتعزز قوة الأسد، ففي شباط/فبراير قدم مسؤول أمني كبير شهادته للكونغرس وأكد فيها أن سلطة الأسد تعززت بعد موافقته على تسليم أسلحته الكيميائية وتدميرها وهو ما دعا إدارة أوباما إلى التخلي عن ضرب سوريا عقابا للنظام على استخدام السلاح الكيميائي.
وبدا هذا الموقف في حديث وزير الخارجية جون كيري أمام طلاب جامعيين حيث علق يوم الثلاثاء ‘سواء انتصروا أم لم ينتصروا فلن يستطيعوا استعادة الشرعية، وأكد كيري أن الأسد سيظل يواجه معارضة مسلحة طالما تمسك بالسلطة.
وتتفق مراكز البحث والمحللون مع هذه الرؤية ففي ورقة قدمها الباحث أنتوني كوردسمان في معهد العلاقات الخارجية حول ‘واقعية جديدة’ في العلاقات الأمريكية- السعودية ودعا فيها ضمن ما دعا إدارة أوباما والحكومة السعودية للتعاون في الملف السوري.
السعودية وأمريكا

ويرى كوردسمان أن الوضع في سوريا قاتم، حيث ينتصر الأسد، وهناك فرصة في أن يبقى الأسد في السلطة لسنوات.
والنتيجة المحتملة للحرب كما يقول كوردسمان هي أن يسيطر الأسد على غرب ومدن البلاد، فيما ستظل المعارضة المسلحة في المناطق الفقيرة والأقل كثافة سكانية. مما يعني بقاء سوريا مشكلة كبيرة في الواقع الإستراتيجي والإنساني وللعقد المقبل على الأقل. ويعتقد أنه ربما استحق الأمر الموافقة على قيام السعودية باتخاذ القيادة وتمويل وتسليح المعارضة بشكل كامل رغم مخاطر عملية كهذه.
ويرى أن وزارة الداخلية السعودية لديها مستوى من الإتصالات مع المعارضة ليس متاحا للولايات المتحدة. وأظهرت قدرة على نقل الأموال والأسلحة للمقاتلين الذين لا يدعمون الإرهاب ولا قضايا المتطرفين.
وأظهر قانون مكافحة الإرهاب أن السعودية لا تتسامح مع العنف أو التطرف الإسلامي على حدودها. وأظهرت السعودية أنها قادرة على التعامل وبطريقة سرية مع فصائل المقاتلين بطريقة مباشرة ومستوى العارف بهم.
وعليه فشراكة سعودية- أمريكية- أردنية وبدعم من بريطانيا وفرنسا والإمارات والكويت قد يؤدي لنتائج. ويشكك الكاتب بحدوث نجاح كبير ولكن البديل هو بقاء الأسد في السلطة أو تقسيم يشل البلاد. ويجب أن تكون الولايات المتحدة صادقة حول حقيقة أنها لن تتحرك بحسم في المستقبل مثلما لم تتحرك في الماضي، وليس لديها أي معالم للنفوذ، وترك سوريا للأسد أو أي جماعة سنية متطرفة ليس خيارا.
وتحتاج السعودية في الوقت نفسه كي تبدأ في التخطيط لانتصار الأسد أو سوريا مقسمة. وتحتاج الولايات المتحدة والسعودية للعمل معا وبأكبر عدد من الحلفاء ممكن، والعمل على برنامج للإغاثة لتخفيف أعباء اللاجئين الذين تدفقوا نحو تركيا ولبنان وإلى حد ما العراق. وهم بحاجة للتفكير في تقديم طرود من المساعدات الإغاثية لخدمة الناس ودفع الأسد كي يقبل بها وممارسة الضغط عليه إن رفض الإلتزام بها.
وهما بحاجة للتعاون في دعم الأمم المتحدة وسعيها لعقد مفاوضات وممارسة الضغوط على كل الأطراف في سوريا والإمتناع عن استخدام العنف في التعامل مع الشعب السوري.

الجيش يحاول كسب العقول والقلوب

وفي سياق نفسه الحديث عن ثقة النظام بنفسه وتقدمه وصف الكاتب الصحافي روبرت فيسك محاولات الجيش السوري كسب عقول وقلوب المواطنين في الأحياء القريبة من دمشق والتي كان بعضها معقلا للمقاتلين السوريين المعارضين للأسد.
وفي مقابلة في بلدة داريا القريبة من دمشق مع جنرال من الفرقة الرابعة في الجيش السوري، تحدث الجنرال عن المقاتلين الذين يسلمون أسلحتهم وأن الجيش ‘سيعطيهم سجلا نظيفا’ أما بالنسبة للمقاتلين الأجانب فعليهم مغادرة سوريا وإلا ‘كانت قبورهم في سوريا’. ويعلق فيسك أن الجنرال يوسف سويدان وهو ضابط بثلاثة نجوم يقاتل بكلماته وبالسلاح. ويضيف فيسك أن سويدان كان يقدم لأهل داريا ‘نسخة الجيش من معركة كسب العقول والقلوب’ وكان يقف خلف كشك الفاكهة محاطا بعدد من البائعين على أطراف بلدة داريا وكأنه يريد القول للسكان ‘انظروا كيف يعاملكم الجيش، انظروا لأكاذيب الإرهابيين، لقد سمعت هذا من قبل’ يقول فيسك.
ولاحظ فيسك كيف تجمع الناس في المكان وهتفوا تحية للجيش بل وقام صاحب سيارة بتوزيع العلم السوري على الأطفال، وفي هذه الأجواء سمع من على بعد صوت إنفجارا رهيبا. ويقول فيسك إن الضابط كان صريحا حول ما يجري قائلا ‘ من يدري، ربما لم يغادر الإرهابيون ‘، مضيفا ‘قد يكونوا جواسيس، وإذا واصلنا بهذه الطريقة فقد تتعرض للإختطاف، وتعتمد حياتك على مكالمة واحدة، من يعرف ماذا في قلوب الناس’. وكانت داريا ميدانا لمعارك متواصلة في العامين الماضيين وشهدت مذبحة قبل 18 شهرا ولكن الضابط سويدان يقوم بصفته قائدا ميدانيا مثل بقية الضباط حول دمشق بأخذ جنوده للتحدث مع السكان ولقاء ما تطلق عليها الحكومة ‘لجان المصالحة’ المكونة من الأطباء وأصحاب المحلات والمشايخ. وهي استراتيجية من الصعب بيعها للسكان أو من تبقى منهم لكنها نجحت في بعض الأماكن حيث غادر المقاتلون وفتحت المحال وعادت الحياة إلى طبيعتها بشكل نسبي.
ويقول سويدان الذي جاء من مدينة اللاذقية أن لا اتفاق وقف إطلاق نار مع ‘الإرهابيين’ ومع ذلك فالجيش حسب فيسك ربما كان يحاول استخدام الكلمات والرصاص من أجل استعادة المناطق التي خسرها النظام حول العاصمة دمشق.
ويشير هنا إلى المشهد الغريب ‘في الوقت الذي كان فيه الضابط يتحدث عن السلام وهو جالس على كرسي في روضة للأطفال مهجورة قامت مدفعية بإطلاق عدد من القذائف التي طارت فوق رؤوس الناس من أجل أن تحمي حاجزا للجيش في جنوب دمشق تعرض للهجوم. ويضيف فيسك أن سويدان رجل عسكري وسياسي في نفس الوقت حيث اتهم قطر والسعودية وإسرائيل وأمريكا بالتعاون على إضعاف سوريا ‘لقد أخطأوا جميعا عندما فكروا أنهم قادرون على تمزيق وحدة الشعب السوري’.
ويتساءل فيسك عن الأسلحة وأجهزة الإتصال وبنادق القناصة الجديدة التي تتدفق عبر الحدود من تركيا والأردن إلى المقاتلين كيف يتم هذا؟ ويجيب الضابط ‘لا يمكن لأي دولة في العالم السيطرة على حدودها عندما تتآمر كل الدول عليها، فكيف تستطيع سوريا في ظل هذه الظروف؟’.

مؤامرة إسرائيلية- خليجية

ويسرد الكاتب وقائع محادثة مع الضابط وآخرين قالوا إن إسرائيل كانت تنتظر هذه اللحظة لضرب سوريا، وكيف أن الجيش جاهز للرد عليها.
وزعم الضابط أن الجيش وهو الكلام نفسه الذي قاله للناس حول أكشاك الفاكهة، ليس عاجزا عن استعادة المناطق التي وقعت في يد المقاتلين، بل باستطاعته فعل هذا في 7 أيام. ما الذي يمنعه؟ يقول الضابط لأن الجيش لا يريد قتل المواطنين ‘يستخدم الإرهابيون السكان كدرع بشري’، ويتساءل فيسك ‘هل سمعت هذا من قبل، فهذا بالضبط ما تقوله إسرائيل عندما تضرب لبنان’.
ويؤكد الضابط ‘لا اتفاق وقف إطلاق نار مع الإرهابيين فأنا لا أثق بهم، فسيستخدمون الهدنة للحصول على إمدادات جديدة’، وهي أسلحة كما يقول مصنوعة في إسرائيل وأوكرانيا وبلجيكا.
ويؤكد الضابط ‘لا جيش في العالم قادر على هزيمة المؤامرة حتى يقف الشعب إلى جانب الجنود’.
ويضيف ‘عندما ندخل القرى التي كانت بيد الإرهابيين، نجد أحيانا صور بشار الأسد مخبأة في الخزائن، ونحصل على معظم معلوماتنا من المدنيين الذين يعيشون في مناطق الإرهابيين’.
ويلتقي فيسك مع مجندين في الفرقة الرابعة حيث يقدمون أنفسهم وأسماءهم الكاملة ويؤكد الضابط سويدان أن ما بين 60-65′ من أفراد الفرقة الرابعة هم من السنة ‘ لا طائفية في هذا الجيش ولا في فرقتنا، ولو تنقلت في حواجز الجيش حول المدينة لوجدت أن معظم الجنود هم من السنة’.
وعموما يقول فيسك إنه مر على نقاط تفتيش وسأل الجنود عليها وكانت الإجابة أنهم كلهم سنة. وفي النهاية وللدلالة على تفوق الرابطة الإنسانية فوق الطائفية والعرقية يستشهد الضابط سويدان بحديث للنبي عندما مرت جنازة فوقف وطلب من أصحابه الوقوف وعندما قيل له إنها جنازة يهودي ذكرهم بحرمة الموت والرابطة الإنسانية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حامد *hamed*:

    . و مكرو و مكر الله , و الله خير الماكرين صدق الله العظيم

  2. يقول طعس بن شظاظ الصميدي:

    أرد على عنوان المقال بما يلي:
    إنا لا نستعين بالمشركين على المشركين !!!
    فكيف بهؤلاء يستعينون بالمشركين على المسلمين ؟؟؟؟؟!!!
    ((( الإستعانة في القتال )))

  3. يقول فوكاش:

    الشعب السوري يحتاج تعاوناً إستراتيجياً لأنه واقع تحت طائلة نظام إنتحاري مسلح مدعومٍ عسكرياً وفاشل سياسياً

إشترك في قائمتنا البريدية