شرطة إسرائيل.. رصاص ضد بدو النقب ومياه ضد الحريديم

حجم الخط
0

تابعت مؤخراً تقريراً إعلامياً عن مظاهرات فئات سكانية مختلفة في أرجاء إسرائيل. يبدو أن هناك أنماطاً مختلفة لتغطية أنباء عن فئات سكانية مختلفة. ففي القدس، خصوصاً في منطقة “مئة شعاريم”، تجرى مظاهرات تنزلق إلى العنف وتتضمن إغلاق طرقات، ورشق حجارة، وإلقاء حفاضات مليئة بالقرف على قوات إنفاذ القانون، فيما تترافق المظاهرة بوصف أفراد الشرطة بالشتيمة الأسوأ في حياة شعبنا: نازيين. هذه المظاهرات العنيفة تحظى دوماً بالوصف إياه: “مظاهرة” أو أحياناً حين تجتاز كل حدود فإنها تحظى بلقب “أعمال شغب”.

إن مظاهرات البدو في النقب على ما يرونه محاولة من الحكم للسيطرة على أراضيهم (أراضيهم أو غير أراضيهم هذه مسألة أخرى) وإن يغير أنماط حياتهم التي تتضمن عناصر مشابهة جداً، تسمى بشكل عام “اضطرابات” وتنزلق غير مرة إلى اللقب المخيف أكثر بأضعاف: “إرهاب”.

يخيل أن محافل إنفاذ القانون تعمل بشكل مختلف في “مئة شعاريم” وحيال البدو. في الحي الحريدي يستخدمون سيارة المياه العادمة لتفريق المظاهرة، أما في أرجاء النقب فيظهر أفراد شرطة مسلحين بسلاح أوتوماتيكي وقنابل يدوية وكأنهم يخرجون إلى اجتياح لمعاقل “حزب الله” في لبنان. وأحياناً تلتقط لهم الصور ويندفعون على تراكتورات ميدانية. لا عجب بأن وسائل الإعلام تسوي مثل هذه المواجهة “جلبة”. فلماذا يكون حجر يلقى على شرطي في القدس مجرد مظاهرة انزلقت إلى العنف بسبب “حفنة”، بينما يصنف الحجر إياه الذي يرشق في مفترق “شوكت” “حدثاً إرهاباً”؟ التغطية الإعلامية الشوهاء، كما المعالجة الشرطية، تنبعان، برأيي، من خليط فتاك للخوف والجهل والعنصرية. في اليوم الذي يفهم فيه الجميع، بمن فيهم مخصصو المقدرات الحكومية، بأن البدوي مواطن مثل كل واحد منا؛ إنسان يستحق الأمل ومواطن جدير بمأوى وتعليم وخدمات صحية ومؤسسات بلدية – سنحظى برؤية نقب مزدهر في صالح كل سكانه.

هذا هو زمن المبادرات المدنية في مجالات التعليم والصحة والرفاه؛ وهي مبادرات بشكل عام تتنكر لها الحكومات في ظل تفضيلها لاحتياجات باقي سكان المنطقة، وفي حالتنا سكان النقب في رأس سلم الأولويات وتخصيص المقدرات. إذا ما واصلنا العيش وفقاً للرؤية المسبقة التي نعيش بموجبها اليوم، فسنشهد لاحقاً هبوطاً متواصلاً في تجند شبان الطائفة البدوية للجيش الإسرائيلي.

في الماضي عندما تعلمت في كلية العلوم السياسية، حاول البروفيسور أن يشرح لجمهور الطلاب أنه وفق أساليب البحث الاجتماعية، يصعب فهم السبب والنتيجة من المعطيات الخام، ضارباً طريقة النجدة مثالاً على ذلك بأنه “في المكان الذي نجد فيه الكثير من رجال الإطفاء، فثمة حرائق أكبر”. فهل تجلب الحرائق رجال الإطفاء أم أن رجال الإطفاء يتسببون بالحرائق؟ هي مسألة منطقة. هكذا أيضاً بالنسبة لمستوى اللهيب الجاري هذه الأيام في النقب: هل تتدهور المظاهرات إلى العنف أم أن معاملة السكان تؤدي –بالصدفة- إلى تعاظم الاحتجاج؟

إن الحوار جيد لمنع التصعيد: سواء تجاه المظاهرات الحريدية أم تجاه احتجاج المستوطنين أم تجاه صرخة البدو.   

بقلميورام دوري

 معاريف 19/1/2022

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية