الخرطوم ـ «القدس العربي»: تفاقمت الأوضاع في شرق السودان، بعد إعلان المجلس الأعلى لنظارات البجا، إغلاق فرع بنك السودان المركزي، في مدينة بورتسودان، بعد يوم على مطالبة الناظر محمد الأمين ترك، رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، بالتدخل وإعلان حكومة تصريف أعمال ورفض مسار الشرق في اتفاق جوبا.
وأعلن في بيان، أمس «إغلاق فرع بنك السودان المركزي في مدينة بورتسودان». وقال، في تدوينة على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إنه «جرى إغلاق ميناء بشائر لخدمات البترول» وهو الميناء الوحيد الخاص بتصدير النفط السوداني، والجنوب سوداني.
وحسب، المجلس، «الإغلاق الشامل للشرق لا يشمل السيارات الخاصة للمواطنين، والباصات السفرية، وسيارات المنظمات». وأوضح أن «الإغلاق يستهدف ناقلات النفط وبقية المعينات للدولة».
والجمعة، بدأ المجلس، إغلاق عدد من الطرق في ولايات الشرق الثلاث بالإضافة إلى ميناء بورتسودان الجنوبي.
إلغاء مسار الشرق
ودعا، ترك، البرهان، لـ«إلغاء مسار الشرق باتفاق جوبا للسلام، والإعلان عن منبر تفاوضي جديد، وحل الحكومة الحالية، وتشكيل حكومة كفاءات وطنية غير حزبية، بجانب تشكيل مجلس عسكري تمثل فيه أقاليم البلاد كافة، بشخص واحد». وقال، في مخاطبة جماهيرية في مدينة سواكن، أمس الأول: «على البرهان إما أن يحل الحكومة، ويشكل مجلساً عسكرياً انتقالياً يهيئ الساحة السياسية لانتخابات حرة ونزيهة، وإما أن يسمح لنا بتكوين حكومتنا في الإقليم الشرقي».
ولفت إلى أنه «سيتم رفع إغلاق شرق البلاد في حال صدور هذه القرارات من البرهان».
وأوضح أنه «لا يرى منطقاً في استيلاء قلة من الأحزاب على السلطة بعد ثورة ديسمبر/كانون الأول التي مهرها ثوار غير حزبيين بدمائهم الغالية».
وناشد، الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي، بـ«إسناد الجيش في إنجاح الفترة الانتقالية بحكومة كفاءات غير حزبية وتشكيل مفوضيات للانتخابات والتعداد السكاني ومكافحة الفساد».
وشكك في جدية الحكومة الانتقالية الحالية في تهيئة الأحزاب لانتخابات، وقال إن «أحزاباً يسارية صغيرة تتشبث بالسلطة، ولا ترغب في مغادرة الكراسي لأنها لن تجدها باستحقاق انتخابي».
«واليت المؤتمر الوطني»
وأقر، بعضويته في الحزب المحلول، وقال: «إنني، واليت المؤتمر الوطني عن قناعة، وكنت أختلف واتفق معهم وفقاً لمصالح شعبي عكس الآخرين كانوا يوالونه خوفاً وطمعاً ويخدمونه على حساب مصالح أهلهم». وتابع: «أنا كنت أصارع المؤتمر الوطني من الداخل دون خوف».
وفي الأثناء كشف مصدر مطلع في الحكومة الانتقالية لـ«القدس العربي» عن تواصل الحكومة مع قيادات الشرق. وقال، دون كشف هويته، «منذ أمس (الأول) شرعنا في اتصالات مع كيانات الشرق المختلفة تمهيدا لزيارة سنقوم بها للإقليم، وأوضحنا لهم بشكل لا لبس فيه، أننا ضد استخدام العنف في مواجهة المحتجين سلميا، وكان يفترض أن تسافر أمس الأحد وزيرة الخارجية مريم المهدي، عضوة لجنة متابعة قضية الشرق، ولكن تم إرجاء الزيارة، إلى حين إكمال التنسيق».
وسبق أن أكد، وزير مجلس الوزراء، خالد عمر يوسف، في لقائه الأسبوعي المصور الذي يبث عبر صفحته الرسمية أن «الحكومة الانتقالية تعتزم مخاطبة جذور الأزمة وإزالة التهميش وأقر بوجوده في شرق البلاد منذ سنوات طويلة».
وتابع: «قضية شرق السودان عادلة، لكن الحوار هو الحل ولن تستثني الحكومة الانتقالية أي طرف لحل قضايا الإقليم وجميع الأقاليم في البلاد، ولن تلجأ إلى أساليب النظام البائد باستغلال الانقسامات الاجتماعية». وزاد «في اتفاق جوبا أقرت الحكومة بوجود نقص في مسار الشرق لأنه لم يشمل جميع الأطراف». وأضاف: «نعتزم حل قضية شرق السودان بالحوار لا باللجوء إلى الحلول الأمنية».
مشادة كلامية
في الإطار ذاته، كشفت صحيفة «السوداني» عن مشادة كلامية بين يوسف والبرهان، خلال اجتماع مجلس السلام، بسبب اعتراض الوزير على طريقة إدارة الاجتماع، الذي يناقش قضية الشرق، حيث تباينت وجهات النظر حول التعامل مع القضية المطروحة. وحسب الصحيفة «طرح وزير شؤون مجلس الوزراء خالد عمر يوسف، رؤية للتعامل مع القضية تشمل إعلاء الحل السياسي الشامل، والموافقة على منبر تفاوضي منفصل يستكمل مسار الشرق؛ ليشمل جميع الأطراف ويعالج القضايا التي طرحها معارضو المسار، مع التأكيد على الحق في التعبير السلمي الملتزم بالقانون وضرورة تجنب قطع الطرقات المؤدي لخنق البلاد، داعياً لمنع ذلك بطرق غير عنيفة».
ونقلت عن مصادرها أن «المشادة الكلامية بين رئيس مجلس السيادة ووزير شؤون مجلس الوزراء، كانت بسبب اعتراض الوزير على طريقة إدارة الاجتماع، حيث طلب من البرهان عدم توجيه الاجتماع في اتجاه محدد يتوافق مع رغبته». وشدد يوسف، على أن «المجلس للتداول ولا تمييز لرأي على الرأي، وهو الأمر الذي قاد لمشادة كلامية بينهما». وأوضحت المصادر نفسها أن «المشادة انتهت لحظياً، وواصل الاجتماع انعقاده، بجميع أعضائه، حيث تدخّل أعضاء الاجتماع لتهدئة الجو». وأكدت أن «المكون العسكري طالب بتفويض للقوات النظامية، من أجل حماية منسوبيها من الملاحقات، لتقوم بمهامها في حسم الانفلات الأمني الذي يحدث في البلاد، الشيء الذي رفضه المكون المدني، حيث شددوا على ضرورة عدم المساس بحق المواطنين في التظاهر السلمي». وأكدوا أن القوانين تكفل للأجهزة الأمنية كل الصلاحيات في أداء واجبها في حسم الانفلات الأمني والمخاطر التي تتعرّض لها البلاد».
مشادة كلامية في اجتماع رسمي بسبب اقتراح حول استخدام القوة لفض الاعتصامات
وكان عدد من المواقع الالكترونية، قد نقل عن مصادر أن المشادة بين يوسف والبرهان، سببها طلب الأول من الثاني، استخدام القوة لفض المعتصمين الذين أغلقوا الطريق القومي، وأن زعيم حزب «البعث» علي الريح السنهوري، كان يسانده في هذا المنحى.
وطالب الأمين السياسي لحركة «العدل والمساواة» سليمان صندل، أهل الشرق، بالالتزام بالسلمية وفتح المعابر. وقال، في تدوينة على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» إنه «يجب مواجهة قضية الشرق بشجاعة وطرح حلول سياسية بعيدة عن المزايدات، ووصف المواطنين بنعوت سياسية لا تمت بواقع المطالب بصلة».
وأضاف «أهل الشرق لديهم وعي بأهمية حركة الصادر والوارد لكل الشعب السوداني فقط يحتاجون لمن يسمع إليهم ويجلس إليهم لمناقشة مطالبهم بموضوعية». وتابع «عليهم الالتزام بالسلمية وفتح كل المعابر لأن صوتهم ومطالبهم قد وصلت».
دعم أهل الشرق
وفي السياق نفسه، أعلنت اللجنة الفنية لقوى إعلان «الحرية والتغيير» (منقسمة من تحالف الحرية والتغيير وينشط فيها حاكم دارفور مني مناوي) دعمها لمطالب أهل شرق السودان، ووصفت مطالب المجلس الأعلى لنظارات البجا، بـ«المشروعة». وأدان بيان ممهور باسم اللجنة، ما نسب لقيادات في الحكومة وحاضنتها ومطالبتهم باستخدام القوة في مواجهة المواطنين.
وقال البيان «إننا ننظر بعين الريبة لمثل هذه الدعاوى التي تكشف قدرة كراسي السلطة على تغيير نفوس الجالسين عليها، لذلك نؤكد بأننا لن نسمح بإعادة سيناريو فض الاعتصام ولو كانت الدعاوى مرتبطة بأكذوبة فرض هيبة الدولة». وأوضحت اللجنة أنها «تُتابع بقلق وترقب الأحداث الجارية في الشرق ومحاولات زرع الفتنة في أوساط مجتمعات الشرق، بتحريض بعض من ينسبون أنفسهم للثورة وتهديدهم بفض الاعتصام، وادعائهم بأنهم يقومون بعمل الحكومة نيابة عنها». وقالت «نحذر كل الجهات التي تريد توظيف هذه الأزمة لمصالحها الشخصية، ومن أي طرف كانت».
ودعت، لـ«ضرورة إفساح المجال لحوار جاد وبناء من قبل الدولة يفضي إلى حل سلمي للأزمة». وحذرت من «الجنوح ناحية أي حلول أمنية مجافية لقيم الثورة تعيد البلاد إلى مربع الدكتاتورية والشمولية التي كان يتبعها النظام البائد».
«حل متوافق عليه»
وأعلنت اللجنة أنها شرعت في «اتصالات مع جميع أطراف الأزمة بهدف الوصول لحل متوافق عليه، يرضي كل الأطراف، ويحفظ للبلاد أمنها واستقرارها، ويحافظ على مبادئ وشعارات ثورتنا المجيدة». كذلك، قال القيادي في «الحرية والتغيير» جمال إدريس الكنين، لصحيفة «الراكوبة» إن الناظر ترك «يتحرك نيابة عن الفلول، خصوصا في مطالباته بحل الحكومة الانتقالية، وحل لجنة إزالة التمكين».
وكانت لجان المقاومة في ولاية البحر الأحمر أصدرت بيانا حول إغلاق الطريق القومي، ذكرت فيه : «ظللنا طوال عامين نتحاشى الصدام المباشر مع نظار القبائل لاعتبارات تتعلق بطبيعة المكونات المحلية على أمل أن تتخذ الحكومة بشقيها المدني والعسكري، موقفا حاسما، تجاه تفلتات الأعيان الذين هم حصان طروادة لفلول النظام البائد لضرب الاستقرار والتمهيد لإعادة حكم المؤتمر الوطني الذي لازال ينخر في عظم ولاية البحر الأحمر بلا هوادة، ولكن ها قد طفح الكيل».
«الابتزاز المهين»
وأضافت أن «الابتزاز المهين، الذي يقوم به من حين إلى آخر، الناظر ترك وبقايا فلول النظام المباد، ما هو إلا دور محدد لزعزعة الاستقرار وضرب النسيج الاجتماعي وتعطيل عمل لجنة إزالة التمكين، خشية أن يتم فتح تحقيق في فساد صندوق إعمار الشرق والأراضي والمعادن وعائدات الموانئ والوظائف الوهمية وشركات الملاحة والصادرات والتخليص الجمركي وأموال الاستثمارات والبنوك».
وواصلت: «حماية لكل هذه التركة الكبيرة من ملفات الفساد ينشط الناظر ترك ومن خلفه الفلول الذين هم شركاء في الفساد، وقد وجدوا ضالتهم في ناظر لقبيلة عريقة لها ثقلها في الإقليم وله رمزية، ولكن السودان أكبر من الجميع والوطن في حدق العيون ودونه المهج والأرواح ولن نخون دماء الشهداء مهما كان حجم المتاريس، ولن نساوم في ثورتنا، وسندك كل طريق مقفل ونزيل الحواجز ومن وضعها في آن واحد والطريق القومي ملك لكل المواطنين ولن تستطيع إقفال متر واحد، طالما فينا عرق ينبض».
«التصعيد الأحمق»
وحذرت «الناظر ترك ومن خلفه مجرمي النظام المباد من التصعيد الأحمق ومنهج قطاع الطريق وتهديد السلم الوطني وعدم الانجراف في مسالك غير محمودة العواقب». وأمهلت «حكومة الفترة الانتقالية حسم هذه التصرفات الإجرامية خلال 24 ساعة بحيث تعود الحياة إلى طبيعتها أو نقوم بحسمها نيابة عنهم».