تستعد شركة “صودا ستريم” الإسرائيلية للمشروبات الغازية لفتح مصنع لها في غزة، بعد أن تقدمت بطلب إلى الجهات المختصة التي لم توجه أي اعتراض على ذلك. وتنوي الشركة فتح المصنع في خطوة تهدف لتشغيل الأيدي الفلسطينية العاطلة عن العمل، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر والبطالة في صفوف سكان غزة. ورغم ما تطمح إليه الشركة التي افتتحت مطلع عام 2015 مصنعا كبيرا لها في الضفة الغربية، إلا أن مصنع غزة سيخلف آثارا سلبية وتساؤلات عديدة سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي، نتيجة سيطرة حماس الكامل على غزة وتصاعد وتيرة العنف بينها وبين إسرائيل، وما يرافقه من إغلاق متقطع للمعابر، وربط الأوضاع المعيشية بأثمان سياسية من قبل إسرائيل.
وبين الخبير الاقتصادي معين رجب أن قطاع غزة لديه فائض كبير في إنتاج المشروبات الغازية وبأسعار مخفضة جداً، نظراً لوجود عدد كبير من المصانع المحلية إضافة إلى إغراق السوق بمنتجات خارجية يتم إدخالها عبر معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد مع غزة، فالاكتفاء الموجود يجعل نجاح المصنع الإسرائيلي أمرا مستبعدا.
وقال لـ”القدس العربي” إن الشركات العاملة في غزة والتي يقدر عددها بخمسة مصانع تعاني من أزمات اقتصادية حقيقية، نتيجة الفائض الكبير في الإنتاج وقلة الطلب بالتزامن مع إغراق السوق بالمنتجات المستوردة ومنها مصرية وإسرائيلية، في حين أن إقبال المواطنين يزداد على المنتجات المستوردة نتيجة ما يقدم من إغراءات لمشروبات بأطعمة مختلفة لم يجر تصنيعها في غزة، وبذلك فإن إمكانية فتح مصنع إسرائيلي جديد في غزة سيلقي بظلاله على جميع المصانع العاملة، وقد يؤدي إلى إقدام البعض منها على الإغلاق وإشهار الإفلاس، نتيجة المصاريف التشغيلية اليومية من عمال وكهرباء وغيرها.
وحول إمكانية فتح المصنع في الوقت القريب، أضاف رجب أن ذلك سيخفف قليلاً من مشكلة البطالة، وهذا ما يمكن أن تنظر له الحكومة في غزة من تسهيل إجراءات إنشائه في أقرب وقت ممكن، في خطوة لتشغل العاطلين واستقطاب المصنع لعدد كبير منهم. في حين يرى الخبير الاقتصادي أن إمكانية دفع المصنع للرسوم اللازمة للحكومة والالتزام بدفع الضرائب المستحقة، سيوفر له الموافقة بشكل أسرع لمباشرة العمل، وذلك سيعزز من دخل الحكومة في غزة التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة طالت موظفيها.
وتدخل إلى غزة العديد من أنواع المشروبات الغازية المصرية والإسرائيلية بموجب اتفاق مع وزارة الاقتصاد في غزة، حيث أن هذا الإغراق المستمر ضاعف من نسبة التنافس مع المنتج المحلي، فيما اضطرت العديد من الشركات المحلية إلى تسريح بعض عمالها إضافة إلى تقليص ساعات العمل اليومية، في حين أن أصحاب المحال التجارية لا يرغبون في شراء المنتج المحلي نتيجة الطلب الكبير على المنتجات المستوردة، وهذا ما أدلى به صاحب أحد المحال التجارية لـ”القدس العربي” والذي يمتنع عن شراء المنتج المحلي، لعدم وجود طلب عليه في الوقت الذي تنال المشروبات الغازية الإسرائيلية من نوع “كولا أرسى” و”كولا شويبس” بطلب كبير من قبل الغزيين، لما فيها من أنواع وأطعمة منوعة وأسعار مخفضة.
في خضم ما يعانيه سوق المنتجات المحلي من خسائر كبيرة، بين فؤاد عبيد صاحب أحد مصانع المشروبات الغازية المحلية، أن إنتاج المصنع من المشروبات الغازية بدأ بالانخفاض التدريجي، نتيجة لعدم وجود قبول من المواطنين على شراء منتجات المصنع ورفض المحال التجارية شراء المنتجات من الموزعين.
وأشار لـ”القدس العربي” إلى أن المنتجات الإسرائيلية على وجه الخصوص، كبدت المنتج المحلي خسائر اقتصادية فادحة نتيجة ما يتم إدخاله من منتجات ذات جودة عالية وأطعمة مختلفة، لم نتمكن من إنتاجها في مصانع غزة لغياب المواد الخام اللازمة والخبرات، إضافة إلى انخفاض تكلفة بيع المنتج المستورد مقارنة بالمحلي، وهذا زاد من رغبة المواطنين في شراء المنتج الإسرائيلي المستورد والعزوف عن شراء المحلي.
وناشد الجهات المختصة في غزة، حماية المنتج الوطني ووقف الاستيراد من الخارج حيث كرس من أزمة الأوضاع الاقتصادية في غزة، ذلك أن ضعف إنتاج المصانع وقلة تسويق المنتجات، يشكل كارثة كبيرة تطال عشرات العاملين المهددين بالتسريح وقطع لقمة عيشهم، في ظل تأزم الأوضاع المعيشية وغياب فرص العمل.
ويعتبر إنشاء مصنع إسرائيلي على أرض قطاع غزة بمثابة خطوة أولى من نوعها، في حين ساد التعاون الإسرائيلي الفلسطيني منذ سنوات، حيث تربط شركات عديدة في غزة مصالح عمل مع شركات إسرائيلية عن بعد، وبعض هذه الشركات لا تزال تعمل بشكل سري خوفاً من تعرضها لشبهات من قبل الأجهزة الأمنية في غزة، ومن هذه الشركات تحالف شركة “ميلانوكس” الإسرائيلية الخاصة بتكنولوجيا المعلومات مع شركة أخرى في غزة لإنجاز عقود شهرية بقيمة 10 آلاف دولار، حيث أن طبيعة العمل بين الشركتين حسب تصريحات من قبل الشركة الإسرائيلية، تشهد حالة من التوافق والانسجام والمصداقية المتبادلة.