ربما تكون كلمة صغيرة جداً، من أربعة حروف، لكنها تعكس روح الامتنان على رحلة رائعة ورهيبة، لم نتخيل نتائجها وتأثيرها على المتابعين.
طبعاً إقامة كأس العالم في بلد عربي مسلم، سمح لنا بالحلم، بل سمح لآلاف الجماهير العربية من تحقيق هذا الحلم، بحضور مباريات من العيار الثقيل في بلد مضياف وفي أجواء كرنفالية رائعة، بل خالية من أي شغب أو اشتباكات بين المشجعين، كعادة ما يحدث في البطولات الكبرى، فكانت تجربة تشكر عليها قطر. بل الشكر يمتد حتى الى المنتقدين والمشككين، الذين وجدوا ردودا تلقائية من الجماهير العربية امتدت الى الزائرين الأجانب، خصوصا ما يتعلق بمحاولات الترويج لمجتمع المثليين، فلهم الشكر على ايقاظ تراثنا وثقافتنا وقيمنا بين الآلاف من الجماهير العربية، الذين التفوا حول علم فلسطين، كعامل مشترك لآلامنا ومعاناتنا، رغم اختلاف الأفكار. فعادت روح العروبة تظهر بقوة من جديد، رغم ان البعض يحاول تسفيهها وربطها بقرينتها السابقة، لكن هذه الفكرة بحد ذاتها نابعة من قلوب تشعر بانتماء وليس بعقول تبحث عن أهداف شخصية.
كانت تجربة غير تقليدية مقارنة بسابقاتها من النسخ المونديالية، فرغم ان المسابقة هي كروية رياضية بحتة، الا ان رائحة السياسة والاقتصاد كانت تفوح من المكان، فزعماء ومسؤولون تراضوا بعد سنوات من الخلاف، وكسر الجليد في علاقات كانت متوترة قبل المونديال. وأيضا خلال هذا المونديال كان رجال الأعمال حاضرين بقوة للبحث عن فرص جديدة، وأبرزهم كان أبناء مالك مانشستر يونايتد مالكولم غليزر، حيث يعتقد انهم التقوا مع أثرياء ومستثمرين كثر مهتمين بشراء النادي الإنكليزي. لكن أهم النقاط في هذا المونديال البعيدة عن الاهتمامات الرياضية أو السياسية او الاقتصادية، كانت الدروس التاريخية والثقافية التي جناها العالم من حضور مشجعيه ورياضيه الى قطر، وتعرفوا على قيم وتراث بكل تأكيد غيرت من مفاهيمهم، فأعادوا النظر في نظرتهم الى هذه المنطقة وهذه الأمة، بل فتحت الأعين على عجرفة أوروبية غربية في طريقة تعاملهم مع الآخرين.
نعم… شكراً لقطر على رفع سقف الاستضافة، بسجل حضور جماهيري خال من الشغب، وعلى ملاعب واستادات حديثة وعصرية بأحدث ما توصلت اليها التكنولوجيا الحديثة. وشكراً أيضاً على منحنا واحدة من أمتع المباريات النهائية في تاريخ كأس العالم، فالنهائي بين الأرجنتين وفرنسا كان الثامن الذي يحسم بعد نهاية الوقت الأصلي وبإضافة شوطين آخرين، وهو النهائي الثالث الذي يحسم بركلات الترجيح، لكن الأول الذي نشهد أهدافاً طيلة أوقات المباراة، بعد انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل 2-2 وثم 3-3. وأيضا في هذا المونديال شهدنا أكبر نسبة من النتائج الصادمة منذ 64 عاماً، بل الأعلى منذ 1958، بـ24% من عدد المباريات، لكنه الأعلى بالعدد حيث بلغت 15 نتيجة صادمة، بينها 5 لمنتخبات عربية هي السعودية (على الأرجنتين) وتونس (على فرنسا) والمغرب (على بلجيكا واسبانيا والبرتغال).
وأيضاً شهد مونديال قطر أقل عدد من التسديدات على المرمى، حيث بلغ 1458 تسديدة، وهو الأقل منذ بدء تسجيل الأرقام والإحصاءات في مونديال 2002، ومقارنة بالأعلى 1661 تسديدة في مونديال 2014، أي ان معدل التسديدات على المرمى في مونديال 2022 في مباراة واحدة بلغ 22.8، ورغم ذلك لم يمنع ذلك من تسجيل أكبر عدد من الأهداف، البالغ 172 هدفاً، منذ مشاركة 32 منتخباً في مونديال واحد للمرة الاولى في مونديال 1998، ومتفوقاً بفارق هدف على مونديالي فرنسا 1998 والبرازيل 2014. علما ان 92.9% من أهداف مونديال 2022 جاءت من داخل منطقة الجزاء.
واعتبر مونديال 2022 «الأنظف» في الألفية الجديدة من جهة الإنذارات وحالة الطرد، اذ رفع الحكام البطاقة الصفراء 227 مرة (الأعلى منذ 2010) والبطاقة الحمراء 4 مرات (الأعلى منذ المونديال السابق 2018)، رغم أن الأخطاء المحتسبة من الاعاقات قل عددها الى 1599 خطأ، ربما بسبب تغاضي الحكام عن احتساب أي احتكاك خشن كخطأ. واحتسبت 23 ركلة جزاء، منها 3 ركلات في المباراة النهائية. وما ميز المونديال القطري، منح الكثير من الوقت بدل الضائع، حيث بلغ في كل مباراة 11 دقيقة، وبزيادة 5 دقائق عن المعدل المحتسب في المونديال السابق في روسيا.
ومن المظاهر المثيرة رؤية المنتخبات تستعين بلاعبين مراهقين أكثر من أي مونديال آخر، حيث بدأ 10 مراهقين 20 مباراة، بينهم الإنكليزي بيلنغهام والألماني موسيالا والاسباني غافي، ولا يزال النجم الفرنسي مبابي (23 سنة حاليا) صاحب الرقم القياسي بعدد المباريات التي لعبها في المونديال في سن المراهقة، وعددها 6. والغريب أيضاً أن هذا المونديال كان شاهداً على مشاركة المخضرمين البالغين أكبر من 35 سنة، وهم 27 لاعباُ شاركوا في 83 مباراة، وأكثر بـ32 مباراة من المونديال صاحب الرقم القياسي السابق وهو 2022. وأكثر المخضرمين مشاركة في هذا المونديال كان أفضل لاعب فيه ميسي (35 سنة) والكرواتي مودريتش (37)، وشاركا في 7 مباريات.
شكرأ مونديال قطر 2022، على ذكريات جميلة لا تنسى.
@khaldounElcheik
شكرا للمغرب?? أيضا الذي منحنا كل هذا الفرح الممتد لحد الٱن
أكيد
لمادا لم تشكر المغرب على توهجه
تألق المنتخب المغربي وتغلبه على منتخبات عريقة ووصوله لنصف النهائي، وكذلك رفعه للعلم الفلسطيني، وتوحيد العرب حوله قلبا وقالبا يستحق الشكر بل كل الشكر ..