دمشق «القدس العربي»: تناور أنقرة، من أجل تحصيل الضوء الأخضر للسماح لها بشن حملة عسكرية بمساعدة حلفائها في إدلب ومحيطها، ضد قوات حماية الشعب الكردية التي تقود قوات سوريا الديمقراطية «قسد» شمال سوريا، وذلك عبر المقايضات الدولية، بينما تعيش «قسد» أياماً مرعبة، حسب تصريحات المسؤولين الأكراد.
فقد أبلغت الحكومة التركية على لسان نائب وزير الخارجية التركي السفير سادات أونال، المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة السفيرة ليندا توماس-غرينفيلد، أنها مصممة على اتخاذ التدابير العسكرية اللازمة ضد التنظيمات التي تهدد أمنها القومي على الحدود السورية – التركية. وأعربت المندوبة الدائمة للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة عن قلق بلادها حيال العملية العسكرية التي تستعد تركيا لتنفيذها شمالي سوريا.
وبحسب بيان للخارجية التركية، فقد عبر أونال عن مخاوف بلاده من التنظيمات المصنفة على قوائم الإرهاب، والتي تشكل «تهديدًا وجوديًا ليس فقط لوحدة أراضي سوريا، بل أيضًا على الأمن القومي التركي» كما شدّد السفير التركي على أن بنود الاتفاقيات التي توصلت إليها تركيا مع الولايات المتحدة والاتحاد الروسي في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2019 لم يتم الوفاء بها، مشيراً إلى أن خطر الهجمات الإرهابية ازداد من هذه المنطقة ضد تركيا بشكل أكبر في الآونة الأخيرة. وأكد المسؤول التركي، أنه لا يمكن توقع بقاء تركيا في حالة اللامبالاة حيال هذه الهجمات التي تستهدف قواتها والمدنيين داخل حدود تركيا أيضاً، وحيال دفع الأجندة الانفصالية في المنطقة، مجدداً عزم أنقرة بمواصلة اتخاذ التدابير اللازمة ضد التنظيمات التي تهدد مصالح أمنها القومي.
ورغم الوعيد التركي والحشد الإعلامي لشن حملة عسكرية ضد وحدات حماية الشعب الكردية شمال سوريا، بهدف استكمال المنطقة الآمنة، إلا أن قيادة الجيش الوطني وفصائل المعارضة المنضوية تحت صفوفه، لم تبلّغ بأية توجيهات من شأنها رفع الجاهزية أو الاستعداد العسكري، أو تحضير نقاط هجومية ودفاعية استعدادا للمعركة، حتى اليوم، وهو ما يشي وفق مراقبين لـ»القدس العربي» بالتريث حيال الحملة في الوقت الحالي، إلى أن يتم التنسيق وإيجاد تفاهم ولغة مشتركة بين أنقرة وموسكو، وتحصيل الموافقة الأمريكية في المرتبة الأولى، لأنه وكما هو معلوم أن التنسيق هو «تنسيق تركي – أمريكي» بالنسبة لأنقرة.
مصدر عسكري رفيع من الجيش الوطني، أكد لـ «القدس العربي» عدم تلقيهم أي رسائل أو توجيهات تركية للتحضير والاستعداد من أجل التحرك العسكري المحتمل. وبالنسبة للاستنفار والمناورات التي استعرضت بعض الفصائل المقاتلة في الشمال السوري، جزء منها، قال المصدر إن «التدريبات والاستعدادات هي أمور روتينية في المنطقة، وموجودة بشكل دائم، ولا تعتبر مؤشراً على التحرك العسكري التركي». مضيفاً «لدينا استنفارات وهي حالة طبيعية على كامل خط الجبهة والنقاط الخلفية والمعسكرات، فضلاً عن الاستنفارات التي يقوم بها الجيش الوطني والشرطة العسكرية في المنطقة، وهناك تدريبات لدى الفرق المتعددة من أجل رفع الجاهزية والاستعداد وهو إجراء طبيعي وروتيني ويخدم غايات كثيرة وهو غير مؤشر على موعد العملية العسكرية». في غضون ذلك، عبّر القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية «قسد» مظلوم عبدي، عن قلقه من التهديدات التركية الجديدة التي اعتبر أنها تشكل «خطراً كبيراً» على شمال سوريا.
وقال عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر أمس «قلقون من التهديدات التركية الجديدة.. أي هجوم سيؤدي لانقسام السوريين، ويخلق أزمة إنسانية جديدة، وسيؤدي إلى تشريد السكان والنازحين». وكان الناطق باسم وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود قوات سوريا الديمقراطية، قد قال في تصريحات سابقة، أن تركيا تلقت ضوءا أخضر في شن هجوم على بعض المناطق شمال سوريا. وقال نوري محمود في تصريحات لوسائل إعلام مقربة من «قسد»، إن «احتمالية شنّ أي هجومٍ لتركيا هو احتمال جدّي ووارد إذ لم يبقَ أمامها أيّ حل آخر سوى هذا». وأضاف أن «تركيا تريد القضاء على هذا المشروع من جهة وإعادة خريطة الميثاق الملّي من جهة أخرى، معتبرا أن «الهدف الآن مناطق سيطرة «قسد» ولكن ستتبعها لاحقاً حلب، الموصل وكركوك»، حسب قوله، مضيفاً أن «تركيا مرشّحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، كما أنّها عضو في الناتو، وهي تريد استغلال هذا الأمر والاستفادة منه، فحتّى لو لم تكن لديها الإمكانيات الكافية فستشنّ هذه الحرب بالاعتماد على أوروبا والناتو». وأوضح «محمود»، أن «الرئيس التركي ما إن تتاح له الفرصة سيبدأ الحرب، وبطبيعة الحال هو يتحدّث عن هذا، وعلى ما يبدو فإنهم قد تلقّوا الضوء الأخضر في بعض الأماكن، كما أن أمريكا وروسيا شاهدتان على استخدام الجيش التركي لإمكانيات الناتو في هجومها على قسد».
كانت الأمة بخير قبل الشوق للاستهلاك بدءا بإدخال التنباك والسيجار مقابل سايكس بيكو!