شهداء غزة والأقصى يلعنون المتآمرين والخونة والمهرولين… وسفير الكيان في كولومبيا «شخص غير مرغوب فيه»

حسام عبد البصير
حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي»: فيما يتواصل التنديد الواسع بالعدوان الإسرائيلي البربري من مختلف الأوساط والمؤسسات والأحزاب، سواء الموالين للسلطة أو المختلفين معها، يبدو موقف رأس الكنيسة الارثوذكسية مثيراُ للدهشة بالنسبة للكثيرين بسبب حالة الصمت تجاه المذابح التي يتعرض لها سكان قطاع غزة منذ بدء الحرب وهو ما دفع الكاتب جمال سلطان يغرد مجددا “مرة أخرى، اليوم البابا فرانسيس بابا الفاتيكان يناشد المجتمع الدولي التدخل لمنع كارثة إنسانية في غزة، وما زال البابا تواضروس بابا الأقباط في مصر يلتزم الصمت التام منذ عشرة أيام، رغم توالي المجازر ومنع الغذاء والماء والدواء عن المدنيين المحاصرين في غزة، ورغم الغضب العارم في مصر؟ فيما توالى التنديد الواسع والمفاجأة التي أدهشت الكثيرين كانت على لسان محمد رمضان النجم المثير للجدل: “صوتنا يوصل لبلادنا اللي عندها جيوش وأسلحة وبنشتري أسلحة ودبابات وطيارات، وبنسيبها لحد ما تصدي وتترمي، هنستخدمها إمتى؟”. هكذا وفي لحظة نادرة صدح الفنان رمضان بالحق متجاوزا الحذر من غضب السلطة دعما للشعب المحاصر الذي يتعرض لأبشع مجازر تعرض لها الإنسان منذ بدء الخليقة، واصل رمضان منفعلا: “ربنا يصبر أهالي الشهداء ويرزقهم الاستقرار والنصر القريب إن شاء الله”. واستكمل:”كم الرسايل اللي بتجيلي إني أنزل حاجة وعايزين صوتنا يوصل، لمين؟ بره بلادنا”. وأضاف بغضب شديد: “صوتنا يوصل لمين بره، أحنا عايزين مين بره يدافع عننا؟ ده قمة الجبن وعدم الرجولة عشان نقول عايزين نكتب بالإنكليزي عشان يعرفوا بره أن إحنا بننضرب، وأنت فين أنت؟ فين بلدك وفين جيشك، مين هيدافع عن عربي زيي وزيك، ما نقول كلام عاقل”. فيما قارن الكثيرون بين تصريحات رمضان وأخرى للاعب محمد صلاح حرص خلالها على رفع العتب عنه لتأخره في دعم الفلسطينيين دعائيا، وإن حرص في ظهوره الأخير على أن يتجنب الإشادة بالمقاومة والشعب الذي يقف وراءها والحق المشروع للفلسطينيين في تحرير وطنهم المسلوب، ولاحقا حذف النجم محمد رمضان مقطع فيديو، ظهر فيه في جلسة مساج وفي أجواء تسيطر عليها البهجة، مما أثار غضب جمهوره بسبب الأحداث التي يعاني منها الشعب الفلسطيني واستشهاد العشرات من الأطفال في غزة..
ومن جانبه قال سفير فلسطين لدى مصر دياب اللوح: حذرنا مرارا من مغبة انسداد الأفق السياسي، ومغبة استمرار الممارسات الإسرائيلية العنصرية العدوانية ضد الشعب الفلسطيني في القدس والضفة وحصار قطاع غزة، لكن لا حياة لمن تنادي». وأشار إلى أن «إسرائيل لا تصغي لنداءات المجتمع الدولي؛ الذي لا يمارس ضغطا كافيا عليها لتنفيذ قرارات الشرعية الدولية، وانطلاق مفاوضات سياسية جادة تنهي الاحتلال، وتضع المنطقة على أعتاب مرحلة جديدة من الأمن والاستقرار والسلام الدائم والشامل». وأعرب عن تقديره لما تحدث به الرئيس السيسي، خاصة تحذيره المتكرر من مغبة تهجير الفلسطينيين، معقبا: «نؤكد أننا لا نقبل بتلك المخططات، وسنبقى صامدين على أرضنا، وكل الإدارات الأمريكية المتعاقبة منحازة بصورة كاملة للجانب الإسرائيلي»، واصفا تصريحات الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة بأنها «مخيبة للآمال».
متابعا: «كرئيس دولة عظمى كان عليه أن يساهم في وقف العدوان ونزع فتيل الأزمة ووقف المجازر المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، لكنه وفّر مليارات الدولارات وفتح مخازن الأسلحة وسير البوارج الحربية مقابل شواطئ غزة؛ دعما لإسرائيل في حرب الإبادة الجماعية». ومن الجهود الرامية لدعم الشعب الفلسطيني: تفقد الدكتور حسان النعماني رئيس جامعة سوهاج، حملة التبرع بالدم لدعم الأشقاء الفلسطينيين. ووجه رئيس الجامعة بزيادة نقاط التبرع بالدم، نظرا إلى الإقبال المتزايد للطلاب للمشاركة بالحملة كما وجه أيضا بزيادة عدد الساعات المخصصة للتبرع.
بسبب إسرائيل

يبدو أن العالم على أبواب حرب كبرى تهز أرجاء الكون وتدمر آخر ما بقي من مصادر القوة والجبروت.. وأن الزلازل والبراكين والسيول التي اجتاحت دول العالم، كانت تمهيدا لكارثة أكبر وأننا على أبواب جريمة أكبر في حق الإنسان أعظم مخلوقات الله وأكثرها إيمانا وضلالا وقوة وجبروتا.. عاد فاروق جويدة في “الأهرام” بالذاكرة للوراء، حين زرع الغرب إسرائيل في أطهر بقاع الأرض، حيث مولد الأنبياء والرسل كان يدرك أنه حمل الموت والدمار لشعوب هذه الأرض، وما نراه الآن تفسير لمصير هذه المنطقة من العالم فإذا كانت أرض الحق والعدل فإن نهايتها ستكون الدمار والخوف والضلال.. إن إسرائيل تدمر الآن كل شيء البشر والبيوت المستشفيات والمدارس وتحاصر الشعب الفلسطيني بالموت والجوع والدمار، بينما تتدفق الملايين من البشر في العواصم والمدن والجميع يطالب بالعدل والحماية.. ولكن الطاغوت في تل أبيب قرر أن يعلن الحرب على البشر وأن تكون النهاية علي يد الطاغوت الذي زرعه الغرب في أرض الأنبياء، لتكون البداية حقا وتكون النهاية ضلالا على يد الطاغوت.. إن الشعب الفلسطيني سيكون أسطورة هذا الكون وهو يواجه الطاغوت ويعيد للأرض طهارتها وللإنسان الحق والعدل ويطارد أشباح الضلال.. نحن أمام عالم استباح كل شيء وأمام طاغوت خرب كل شيء، ولكن العدل قادم والضلال إلى الدمار.. إن النيران التي أحرقت الأطفال والنساء والبشر والجوع الذي طارد الضحايا واستحل دماء العدل والموت الذي ما زالت روائحه تغطي السماء وتلوث الأرض وكذلك المغامرون والقتلة وأصحاب المزادات وتجار الشعوب.. كل هؤلاء سوف تحملهم الرياح وتلقي بهم في مزابل التاريخ ونفايات البشر وسوف يخرج شهداء فلسطين من قبورهم يلعنون أزمنة الخيانة والتنطع والتآمر والفتن.

زيارة حرب

السلوك النازي ليس له حدود كما قال جلال عارف في “الأخبار”: ينتقل من مجزرة إلى أخرى حتى يصل – كما رأينا مؤخرا إلى الجريمة الكبرى بقصف إسرائيل للمستشفى في غزة، الذي راح ضحيته أكثر من خمسمئة شهيد حتى الآن. جريمة تعرف إسرائيل أنها ستصدم الرأي العام العالمي كله، وأنها ستضع الحكومات الغربية التي وضعت كل إمكانياتها لدعم حرب الإبادة على شعب فلسطين في حرج شديد. ولذلك بدأت على الفور في محاولة «التشويش» على ما حدث وإنكار المسؤولية عنه وتحميلها للمقاومة الفلسطينية المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ظهر – بعد ساعات – في مؤتمر صحافي ردد فيه الأكاذيب الإسرائيلية. الغريب حقا أن الرئيس الأمريكي بايدن الذي بدأ «زيارة حرب» لإسرائيل بعد ساعات من الحادث حرص فور وصوله على تأكيد انحيازه للرواية الإسرائيلية محملا «الطرف الآخر» ويقصد الفلسطينيين المسؤولية عن الجريمة البشعة.. وهو يعرف الحقيقة بالتأكيد من مصادر المعلومات الأمريكية، ويعرف أن إسرائيل طلبت من المستشفى المعمداني الإنجيلي الذي تم قصفه وغيره من مستشفيات غزة إخلاء المستشفيات التي رفضت ذلك، ويعرف أيضا أن مدير المستشفى تلقى عدة مكالمات من السلطات الإسرائيلية (آخرها قبل القصف بساعات) تطلب إخلاء المستشفى أو تحمل العواقب. ويعرف أيضا أن مستشفى آخر (هو المستشفى الأوروبي) تم قصفه بعد دقائق من قصف المستشفى المعمداني، لكن القصف وقع في محيط المستشفى وأصاب جزءا من المباني، الموقف واضح تماما.. هي حرب إبادة ومؤامرة لتهجير سكان غزة (وبعدها سكان الضفة) لتصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر ثم الأردن.. وهو المستحيل بعينه مهما كانت الضغوط، ومهما تصاعد الدعم الأمريكي لإسرائيل الذي وصل إلى حد الشراكة الكاملة وتقديم الدعم المالي والسياسي والعسكري لحكومة نازية واحتلال عنصري مصيره – مهما تلقى من دعم – هو الزوال. لا بد من إلغاء القمة الرباعية التي كانت ستعقد في عمان وتضم الرئيس الأمريكي وزعماء مصر والأردن وفلسطين. لتبقى زيارة الرئيس الأمريكي في نطاقها الطبيعي.. لقاء حرب مع نتنياهو وباقي القيادات المسؤولة عن حرب الإبادة التي تجري ضد شعب فلسطين الذي ما زال يجمع أشلاء مئات الشهداء في مذبحة المستشفى التي ارتكبتها النازية الإسرائيلية في حراسة البوارج الأمريكية.

«نسخة من أوشيفتز»

هل تسمعون عن كولومبيا؟ هذا البلد الأمريكي اللاتيني الذي تبعد عاصمته بوغوتا عن غزة بنحو 12 ألف كيلومتر، هي التي وصفها كارم يحيى في “درب” بأنها فعلت ما لم تفعله 5 عواصم عربية، ما زالت تحتفظ بسفارات وسفراء وبعثات دبلوماسية وتجارية ومكاتب اتصال إسرائيلية ولليوم. وهذا مع أنها أقرب جغرافيا وثقافيا من قطاع غزة، حيث الإبادة بالمقارنة مع بوغوتا عاصمة جمهورية كولومبيا، وهي: القاهرة وعمان وأبو ظبي والمنامة والرباط. أعلنت كولومبيا طرد سفير إسرائيل من بوغوتا، احتجاجا على الإبادة الجماعية الجارية ضد الشعب الفلسطيني. ببساطة استدعته وزارة الخارجية الكولومبية، وأبلغته بضرورة المغادرة، وبأنه شخص غير مرغوب فيه. هذا القرار المحترم يتوج معركة أعلنها رئيس الدولة غوستافيو بيترو، بوصف أن السياسة الخارجية تدخل في صلاحياته وفق الدستور. لم يصمت الرئيس بيترو على ما يجري للشعب الفلسطيني، وخرج قبل أيام ليعلن “أن فرض حصار كامل على غزة مع منع الكهرباء أو الغذاء أو الوقود غير مقبول، ولا يمكن لديمقراطيين أن يسمحوا للنازية بإعادة إنتاج وترسيخ نفسها في السياسة الدولية”. وحذر من أن استمرار الجرائم الإسرائيلية وخطاب الكراهية ضد الفلسطينيين لن يؤدي إلا إلى محرقة، مستخدما تعبير “الهولوكوست”، الذي طالما تاجرت به ولليوم الصهيونية وحلفاؤها منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية لتبرير الاحتلال والعنصرية وجرائم إرهاب العصابات/ الدولة. ولأن سفير الاحتلال في بوغوتا رد بوقاحة بدعوة الرئيس الكولومبي لزيارة أحد أكثر مواقع مراكز الاعتقال الألمانية النازية شهرة “أوشفيتز” في بولندا، فإن الرئيس بيرتو لم يعتبر الأمر منتهيا، أو كما يقال عندنا “أهو كلمتين فش خلق وانتهى الموضوع”، ولا ضير طالما الكلام للاستهلاك ليس إلا. وببساطة وثبات رد عليه بأنه يعرف “أوشفيتز” وزارها من قبل، وليس في حاجة لتكرار الزيارة، وبأنه الآن وهذا هو الأهم يرى في “غزة نسخة من أوشيفتز”.

كولومبيا عربية

واصل كارم يحيى كلامه، لأن دولة الاحتلال العنصري ترى أن أحدا من الحكومات حولها لا يجرؤ ولو على النطق بما قيل في بوغوتا، ومن رئيس الدولة، فقد استدعت وزارة خارجيتها السفير الكولومبي في تل أبيب. وأصدرت الوزارة بيانا قالت فيه إنها وبخت السفير بسبب ما ادعت أنه “التصريحات العدائية والمعادية للسامية للرئيس بيترو”. على الفور فعلها رئيس جمهورية كولومبيا، بثبات وثقة، وهو على بعد خطوات من الولايات المتحدة الداعم الأول لإسرائيل وشريكتها في حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين. وإذا حاولنا أن نفهم لماذا كولومبيا، وليس مصر والأردن، ولا الإمارات والبحرين والمغرب؟ البلد هناك دولة ديمقراطية تحكمها مؤسسات، ورئيسها الحالي بيترو، فاز بنسبة 50.47% عبر انتخابات حرة تعددية غير مزورة أو فاسدة أجريت في صيف 2022. وبالطبع لا يمكنه لا هو ولا غيره أن يحكم ويملك ويمارس “البزنس”. ولا يمكنه وهو في الحكم التدخل للتأثير في سير العملية الانتخابية، أو تعيين هيئة الانتخابات، أو استخدام أجهزة الدولة جيشا وشرطة وإدارة ومخابرات لصالحه كمرشح من مقعد الرئاسة. فهناك برلمان قوي محترم، وجاء بدوره من خلال انتخابات غير مزورة. وبالطبع هو رئيس سيشغل فترة حكمه تحت رقابة البرلمان والصحافة وغيرها من الجهات الرقابية الأخرى. ثم يغادر مع نهاية ولايته، دون محاولة تعديل دستور أو البقاء للأبد. وبالطبع هذه بلاد لا تعرف تكاثر صور رئيس الدولة العملاقة كالفطر الأميبي في شوارعها وميادينها وشاشات تلفزيوناتها، وعلى واجهات أقسام البوليس ومرافق الإدارة والجيش. الرئيس بيترو المحترم، هو أول رئيس لجمهورية كولومبيا من اليسار على مدى تاريخها السياسي. وكان من قبل مقاتلا في صفوف قوات حرب العصابات في بلده وأمريكا اللاتينية ضد الفاشيات اليمينية وجنرالاتها ورجال أعمالها. وكانت دعاية المؤسسات الرأسمالية الأمريكية تصفه بـ”المخرب” وهي الكلمة التي تستخدمها الدعاية الصهيونية الاستعمارية الأمريكية ضد كل مقاوم فلسطيني، بمن في ذلك مقاتلو “حماس”، بل كانت السلطات الأمريكية تمنع دخوله الولايات المتحدة، تماما كما كانت تفعل مع الأديب والصحافي العالمي ماركيز حتى عهد كلينتون وبعد حصوله على “نوبل” بسنوات. لا يملك إنسان عنده ضمير إلا أن يحيي الرئيس بيترو، ودولة كولومبيا. الآن يحق أن نقول بالعربية والإسبانية معا: تحيا جمهورية كولومبيا الإنسانية. وسنظل نتمنى شرف أن نقولها: تحيا جمهورية كولومبيا العربية.

السبيل لنصرتهم

في البداية يعترف زياد بهاءالدين في “المصري اليوم” بما يلي: الكتابة عن غزة وسكانها ليست سهلة. فما الذي يمكن أن تضيفه الكتابة والمقالات إلى الواقع الذي يعيشه المليونان وربع المليون فلسطيني المحاصرون، والذين يتعرضون لقصف يومي، ومهددون في أي لحظة باجتياح إسرائيلي وبمحاولة جديدة لطردهم من أرضهم؟ ولكن السكوت أيضا غير ممكن. وإن كان لأصواتنا – من مصر والوطن العربي ومن كل أنحاء العالم – أن تصل للغزاويين وللشعب الفلسطيني فلعلها تدعمهم معنويا في عزلتهم، وعلى أرضهم التي صارت سجنا اختاروا ألا يبرحوه أو يتنازلوا عنه مهما كان المقابل، ومهما كان الثمن. ولكن هل بيدنا أن نفعل أكثر من الكلام والكتابة لمناصرة أهل غزة والشعب الفلسطيني في هذه المحنة الكبرى؟ السؤال يتردد بين الناس، حتى من كان منهم حتى وقت قريب في حيرة من أمره، أو غير واثق من موقفه بسبب تعقد المشهد. ولكن رد الفعل الإسرائيلي الانتقامي بدد الحيرة ولم يترك مكانا للتردد أو المفاضلة بين الآراء، ووحد الصف العربي وجانبا لا يُستهان به من الرأي العام العالمي، وراء إنقاذ أهل غزة من واحدة من أكبر عمليات الانتقام الجماعي والإبادة المنظمة والتهجير القسري في العصر الراهن. نعود لسؤال: هل يمكننا عمل أكثر من التأييد والمناصرة بالكلام والكتابة؟ نعم هناك الكثير والضروري. ضرورى استمرار تصاعد الصوت الجماهيري العربي دعما لأهل غزة المحاصرين ولحقوق الشعب الفلسطيني، فهذا ليس موقفا معنويا فقط، بل يشحذ الرأي العام وراء الحكومات العربية لاتخاذ مواقف مساندة للجانب الفلسطيني، والمظاهرات القليلة التي انطلقت في المدن العربية وفي عواصم الدول الأجنبية لم توقف العدوان الإسرائيلي ولا خففت من وطأة الحصار، ولكنها أكدت أن شعوب المنطقة لا تقبل هذا العدوان الوحشي على غزة وأهلها، وستقف وراء الدول العربية المتخذة مواقف وطنية واضحة.

لا تعجزوا

علينا أيضا وفق ما يرى زياد بهاء الدين أن نعمل على بناء واستمرار موقف عربي جماهيري متحد حيال القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني. فما نشهده اليوم من انفجار للغضب الفلسطيني ومن انتقام إسرائيلي مروع، هو بالأساس نتيجة السياسات الإسرائيلية الاستيطانية وإمعان اليمين الإسرائيلي المتطرف في إهدار أبسط الحقوق الفلسطينية وأقلها طموحا. ولكنه أيضا نتاج تجاهل القضية الفلسطينية وتحولها إلى موضوع هامشي على جدول الأعمال العربي والدولي. نحتاج إذن للرجوع إلى أصل الموضوع، وهو نصرة الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال بكل الوسائل المتاحة، وبعيدا عن الصراعات الدائرة بين قياداته وطوائفه وفرقه المختلفة. هذا الموقف العربي المتحد يجب أن يكون قويا ومعاصرا، يعترف بواقع اليوم، ويتبنى موقفا منحازا بلا تردد للجانب الفلسطيني لأنه المعتدى عليه والمحتل والمنزوعة حقوقه، ولكن ينبذ العنصرية والطائفية ويحترم قواعد القانون الدولي بمعيار واحد لا بمكيالين. أما في المجال العملي فعلينا شحذ الجهود الأهلية وراء مساندة أهل غزة حينما تُفتح المعابر ويُسمح بدخول المساعدات الطبية والغذائية ومتطلبات البنية التحتية داخل القطاع. هذا جهد ينبغي أن لا يقتصر على المساعدات الحكومية فقط، بل يجب أن يساهم فيه المجتمع المدني والمنظمات الأهلية والمهتمون من الأشخاص بما يضاعف من زخمه وموارده من جهة، ويؤكد مرة أخرى أن الشعوب العربية لم تنسَ ولن تنسى الشعب الفلسطيني في محنته. قد يكون كل هذا قليلا وبلا أهمية مباشرة في التأثير على الأحداث الجارية على أرض غزة، ولكنه بيدنا فدعونا نبادر به.

الحق معنا

“الحق معك، والأرض معهم” هكذا لخص الشاعر الفلسطيني محمود درويش مأساة الفلسطينيين وصراعهم من أجل البقاء والحفاظ على أرضهم وكرامتهم، حين كان للكلمة قيمة ومعنى، وللقصيدة صدى. وبدورها تتساءل جيهان فوزي في “الوطن”: هل تغير الزمن؟ بالقطع نعم هل تبدلت الأولويات؟ إنه سؤال المرحلة، والإجابة المحرجة، التي ستضع قواعد المحاسبة والمساءلة التاريخية في ما بعد، لكل هذا الوجع والأنين، واللاإنسانية التي يعامل بها الفلسطينيون. «الحق معنا والأرض معهم»، كيف ستتساوى هذه المعادلة المصيرية المستعصية؟ التي أصبح يغض النظر عنها حتى ذوو القربى، فما بالنا بالعالم المنحاز المضلل الذي لا يعترف إلا بمنطق القوة، ومساندة الاحتلال، والمعايير المزدوجة، والكيل بمكيالين، حتى حين يتعلق الأمر بالإنسانية، انظروا كيف تعامل وتعاطف مع أوكرانيا وشعبها، متباكيا على تشريدهم وتهجيرهم من أرضهم، واحتضنتهم دول أوروبا وقدمت لهم الغالى والنفيس، لأنهم ضحايا فاشية الاحتلال الذي غزا أرضهم فماذا عن الفلسطينيين؟ ألم تغتصب أرضهم منذ نحو خمسة وسبعين عاما ومن حقهم الدفاع عن وطنهم الذي سُلب منهم، والتصدي والمقاومة لاسترداد حقوقهم؟ سياسة الأرض المحروقة تطبق على قطاع غزة بلا هوادة، والعالم يقف متفرجا، لا يحرك ساكنا، عندما يكون الأمر متعلقا بإسرائيل، الجميع يصمت وتزور الحقائق ويتشبع الفضاء الإلكتروني الغربي بالأكاذيب والصور الملفقة والروايات المضللة العارية من الصحة، إنها غطرسة القوة وقانون البقاء للأقوى. جو بايدن، رئيس أكبر دولة في العالم، يخرج بتصريحات كاذبة، ينعى فيها ما حدث لأطفال إسرائيل أثناء هجوم المقاومة على مستوطنات الاحتلال الغاصب، دون أن يتحقق، وللإنصاف هو لا يريد أن يعرف سوى رواية واحدة يبثها الإعلام الإسرائيلي، ويصدرها للعالم، وانبرى من بعده القطيع الغربي، مرددا الرواية نفسها: “الإرهاب الفلسطيني يقتل الأطفال والمواطنين الآمنين، ويأسر النساء، ويمثل بالجثث”.

ماذا ننتظر؟

حالة من السعار في الإعلام الغربي الذي يردد رواية الاحتلال كالببغاء دون تحقق، وحين انكشفت أكاذيب الاحتلال، يرفضون تكذيبها كما أوضحت جيهان فوزي، وكأنهم لا يريدون أن يصدقوا إلا ما تقوله إسرائيل، فكانت النتيجة حالة غير مسبوقة من التحريض ضد كل ما هو فلسطيني، وتزييف للوعي وشحذ مواطنيهم بنشر الأكاذيب للانتقام. وقد جاء الحصاد سريعا، بقتل طفل فلسطيني عمره لا يتجاوز 6 سنوات في ولاية شيكاغو الأمريكية، تلقى 26 طعنة سكين من رجل سبعيني دون رحمة، ومن ثم والدته التي نجت بأعجوبة، على يد رجل سبعيني يحمل وجهه كل ملامح الغل والشهوة في الانتقام. فمن كان السبب؟ ألم يكن هذا نتيجة تحريض رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دون تردد ضد الفلسطينيين، ونعتهم بالإرهابيين الذين يقتلون الأطفال، وعندما عاد دون خجل ليعلق على جريمة القتل البشعة بأنها «جريمة كراهية»، لم يقف ليحاسب نفسه أولا، أو يعتذر عما بدر منه من تصريحات غير مسؤولة دون أن يتحقق من صحة المعلومات التي يمده بها مساعدوه، وهو يمثل رئيس أكبر دولة في العالم. سأعود إلى السؤال الذي ينبغي أن لا نجيب عنه ونمضي: «ما هو الوطن؟»، إنه الأرض والعرض والحق في الحياة. من حق الفلسطينيين أن يكون لهم وطن، ومن حقهم الدفاع عنه، وعن حريتهم في العيش فيه بأمان، هكذا بهذه البساطة، بعيدا عن التجاذبات السياسية المعقدة، والحسابات الكامنة في ضمير العالم المريض بعقدة الذنب تجاه اليهود فهل الفلسطينيون هم المسؤولون عما حدث لليهود من قتل وتنكيل في أوروبا؟ لماذا ندفع نحن ثمن هذا الجرم؟ ولماذا نحرم من أبسط حقوقنا؟ بل غن المشهد يتكرر بـ«هولوكوست» جديد ضد الفلسطينيين على يد إسرائيل، وهذه المرة يشارك فيه العالم كله، بالصمت المريب على ارتكاب المجازر ضد المواطنين العزل؛ تهدم البيوت على رؤوسهم، تقصف المستشفيات، وتدك الأحياء بالصواريخ والقنابل الفسفورية المحرمة دوليا، ودون توقف، تمنع عنهم الإمدادات والمساعدات الإغاثية، يقطع عنهم الماء والكهرباء والوقود والغذاءالعالم يشاهد الإبادة الجماعية وينتظر فماذا ينتظر؟

لهذا كان خائفا

قال خبير لغة الجسد الدكتور محمد حسن نقلا عن نيرمين عزت في “الوطن”، عما تعبر عنه ملامح لاعب فريق ليفربول محمد صلاح: “اللي ظاهر على لغة جسده الخوف وده باين في انخفاض الحاجبين، هو فعلا خايف على أهالي وأطفال غزة والناس المصابين واللي لسه بيتصابوا في القطاع. ونقلت نرمين تعليقا للدكتور حسن عن أسباب الثبات الظاهر على ملامح محمد صلاح حيث قال: الثبات كان واضحا على ملامحه ما يدل على إنه مركز جدا ليوصل الرسالة بوضوح وواضح إنه “كان بيقرا من حاجه مكتوبة قدامه لأنه مركز بعينيه وده خلاه ميعملش إشارات وكأنه عايز كل اللي يشوف ويسمع الرسالة يركز بس في الكلام اللي عايز يقوله علشان كدا مكنش في حركات للإيدين وتعبيرات الوش”. وكان مضمون الرسالة التي قدمها لاعب منتخب مصر محمد صلاح: «ليس من السهل أبدا الإدلاء بتصريحات في مثل هذه الأوقات العصيبة، شهدنا في الأيام السابقة عنفا شديدا ووحشية غاشمة تدمي القلوب، لا يمكن تحمل وتيرة العنف المتصاعدة منذُ أسابيع وجميع الأرواح مقدسة ويجب توفير سبل الحماية لها، يجب أن تتوقف المجازر، فالعائلات تتقطع أواصرها، ويجب السماح بتقديم الدعم الإنساني لغزة فورا، ويمر سكان غزة بأوضاع مزرية، شاهدنا مشاهد مروعة في المستشفى، يحتاج سكان غزة إلى الغذاء والماء والدواء فورا، وأناشد جميع قادة العالم للتكاتف معا لمنع وقوع مزيد من المذابح للأبرياء، والإنسانية يجب أن تسود».

العالم يدعمها

الاصطفاف الغربي غير المسبوق وراء إسرائيل في حربها المجرمة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة حاليا لا يستهدف فقط مساندتها في مواجهة مئات، وربما عدة آلاف من المقاتلين الفلسطينيين، الذين يسعون إلى تحرير أرضهم من الاحتلال الإسرائيلي، وإنما يستهدف من وجهة نظر أشرف البربري في “الشروق”، تصفية القضية الفلسطينية كلها وفرض السلام الجائر القائم على القهر وإذلال الشعب الفلسطيني ومعه الشعوب العربية كلها. ونظرة سريعة لكتابات ومواقف صناع السياسة الأمريكية وكبار المسؤولين في إدارة الرئيس جو بايدن ستؤكد أن الغرب قرر طي صفحة البحث عن السلام العادل كحل للقضية الفلسطينية وبدء مرحلة فرض السلام الجائر على العرب والفلسطينيين، في ظل المجازر الإسرائيلية وآخرها ما تم في المستشفى العربي الأهلي المعمداني في غزة. ففي بيان رسمى صادر عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الذي يضم نخبة من المفكرين والمسؤولين الأمريكيين السابقين تعليقا على الحرب الدائرة في قطاع غزة، دعا المعهد إلى ضرورة منح الحرية المطلقة لإسرائيل لاستخدام كل ترسانتها العسكرية ضد الفلسطينيين بدعوى «أن التقدم نحو السلام العربي الإسرائيلي يقوم على أساس إدراك قوة الردع الإسرائيلية والأمريكية، وتآكل هذه القوة سيجعل السلام أقل احتمالا. لذلك فإن استعادة القوة والقدرة على الردع هو شرط مسبق وأساسي لعودة عملية السلام بين العرب وإسرائيل». بيان المعهد لم يتطرق إلى أي تسوية للصراع تضمن الحد الأدنى من حقوق الشعب الفلسطيني، لكنه أشار إلى أن الدول العربية باتت مستعدة للتطبيع مع إسرائيل، وإقامة سلام معها دون حاجة لأي تسوية عادلة للقضية الفلسطينية. أما الكاتب الأمريكي البارز توماس فريدمان فقال في مقال في صحيفة “نيويورك تايمز”، إن السبب الحقيقي وراء العملية العسكرية الكبيرة لحركة حماس الفلسطينية أنها رأت تزايد قبول الدول العربية لوجود إسرائيل وتطبيع العلاقات معها، وليس الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة، ولا الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى ولا سياسات وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ضد الفلسطينيين، وبالتالي يجب عدم السماح لحماس بتحقيق هدفها وعرقلة التطبيع العربي الإسرائيلي.

لهذا جاءت

من غير المعقول على حد رأي أشرف البربري تصور أن مواجهة المقاومة الفلسطينية محدودة العدد والتسليح يحتاج إلى نشر حاملتي طائرات أمريكيتين في المنطقة وتشغيل جسر جوي لنقل السلاح من أمريكا إلى إسرائيل، بل تسابق الدول الأوروبية على تقديم الدعم المادي والعسكري لتل أبيب. في الوقت نفسه لم يتطرق أي تصريح غربي ولو حتى من باب ذر الرماد في العيون إلى حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وأقصى ما تحدثت عنه الدول الغربية هو مطالبة إسرائيل وعلى استحياء بإدخال بعض المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، الذي حولته إسرائيل ليس إلى سجن جماعي، وإنما مقبرة جماعية تضم نحو 2.2 مليون فلسطيني ينتظرون دورهم في الموت، سواء بالقنابل الإسرائيلية والأمريكية والأوروبية، أو بالجوع والعطش تحت سمع وبصر دول العالم، وفي المقدمة منهم، للأسف، بعض الدول العربية. وفي حين تتبجح حكومات الغرب في دفاعها عن إسرائيل وانحيازها لها وتتحدث بأعلى صوت عن قتل الأبرياء والمدنيين الإسرائيليين، يتكلم بعض العرب باستحياء عن الضحايا الفلسطينيين وحقهم في المساعدات الإنسانية، دون أن يواجهوا المسؤولين الغربيين بالحقيقة الجلية وهي، أن المقاومة الفلسطينية لم تقتل مدنيين إسرائيليين في عملية السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وإنما قتلت إما عسكريين أو مستوطنين مسلحين محتلين، يعيشون في مستوطنات غير مشروعة وفقا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة. في غلاف غزة. ويجب أن يعلم الغرب أن قصف المقاومة للمدن الإسرائيلية جاء ردا على القصف الكثيف والعشوائي الإسرائيلي للأحياء السكنية في غزة، ويجب أن لا يتجاهل الكثير من العرب الحديث عن أن المقاومة المسلحة حق للشعب الفلسطيني تكفله القوانين الدولية والقيم الإنسانية، ما دامت إسرائيل مصرة على استمرار احتلال أرضه وحرمانه من أبسط حقوقه. أخيرا فإن قبول بعض الحكومات العربية بفرض السلام الغربي الجائر على الشعب الفلسطيني لن يحقق لها ولا لغيرها الاستقرار والأمن، وإنما سيحول ملايين الفلسطينيين المقهورين إلى قنابل موقوتة تنفجر في وجه الجميع.

مسار مختلف

هكذا قالها الدكتور مصطفى عبد الرازق صريحة في “الوفد”: مصر لا يمكن في أي حال من الأحوال أن تكون الوجهة الطبيعية لعملية التهجير. لماذا؟ لأن ذلك لن يكون سوى حل مؤقت لمشكلة ستعود للتجدد بمجرد أن تخمد النيران، ببدء مسلسل جديد من المقاومة الفلسطينية، ولكن من أرض سيناء، حيث يستوطن الفلسطينيون الذين تم تهجيرهم، وبذلك يكون قد تم توسيع نطاق المشكلة وليس تطويقها. على هذه الخلفية نرشح ثلاثة بدائل أولها شمال غزة أو غلاف غزة، أو بمعنى أصح تلك الأراضي التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية. ومنطق ما ندعو إليه أن المشكلة الجارية تتعلق بأطراف تقع كلها في الإطار المكاني لفلسطين التاريخية، وأن الحل يجب أن يكون في الإطار المكاني ذاته وليس تصدير الأزمة إلى دولة مجاورة. أما الجهة الثانية التي نرشحها فهي الضفة الغربية من خلال توفير ممرات آمنة إليها وليكن ذلك بمثابة بروفة حقيقية لفكرة الربط بين الضفة وغزة بشأن إمكانية تحقيق هدف إقامة الدولة الفلسطينية ضمن حل الدولتين. لو صحت دعاوى إسرائيل، وهي غير صحيحة فإن ذلك ربما يمثل جزءا من حل مؤقت أو دائم. على العكس فإنه ربما يكون الحل الأكثر ملاءمة في ضوء تجربة السلطة الفلسطينية في الضفة، التي استطاعت السيطرة على الموقف هناك بشكل لم تعد معه الضفة تمثل أي صداع لإسرائيل. أما ثالث الأماكن فيقوم على تفنيد فكرة أن المنفذ الوحيد هو البري إلى مصر وتأكيد أن البحر يعتبر منفذا كذلك، وعلى هذا الأساس يمكن توفير مسارات بحرية ليتم تهجير أبناء غزة إلى أوروبا وبشكل خاص إلى بريطانيا في ضوء حقيقة أن تلك الدولة هي الوريث الطبيعي للمشكلة التي تسببت فيها في المنطقة لتشارك في تحمل تبعاتها مع شقيقاتها الأوروبيات. وربما يعزز الفكرة أن تلك العملية ربما تتحول إلى تهجير دائم في ضوء حقيقة أن أوروبا تعاني من تراجع المواليد، ما يعني أن تلاقي الطرفين سيمثل حلا عبقريا لمشكلة تراجع السكان في أوروبا العجوز. فضلا عن أنه سيحقق هدف تذويب القضية الفلسطينية. ربما يتناسى هذا الطرح وغيره أصحاب القرار الأصلي وهم فلسطينيو غزة، الذين لا نملك سوى رفع القبعة لموقفهم الرافض لمغادرة أرضهم ولو على جثثهم.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية