شيعة العراق يهبون لنصرة النظام السوري مع تزايد الانقسام الطائفي
20 - يونيو - 2013
حجم الخط
0
بغداد – من سؤدد الصالحي: كان يجلس بين الحجاج الإيرانيين ومسؤولي الشركات الأجانب والسياح في قاعة انتظار المسافرين في مطار بغداد 12 شابا عراقيا في طريقهم إلى سوريا للمشاركة في الحرب الطائفية ليس في صف مقاتلي المعارضة الذين يسعون للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وإنما ضدهم. هؤلاء الشبان الذين يرتدون الجينز وقصروا شعورهم هم عراقيون شيعة من بين مئات يتوجهون للمشاركة فيما يرون أنه نضال من أجل الدفاع عن الشيعة السوريين ومراقدهم المقدسة ضد مقاتلي المعارضة وغالبيتهم من السنة. وأدت الحرب في سوريا إلى تقسيم الشرق الأوسط بين الطائفتين المسلمتين الرئيسيتين وحولت سوريا إلى ساحة حرب بالوكالة بين إيران الحليفة الإقليمية الرئيسية للأسد التي يغلب عليها الشيعة وبين أعداء الاسد السنة في تركيا ودول الخليج العربية. وجذب الصراع في سوريا بالفعل تيارات من المقاتلين الإسلاميين السنة في صف المعارضة بينما يخوض حزب الله اللبناني المدعوم من إيران حربا علنية دفاعا عن الأسد. والآن يثير تدفق مسلحين عراقيين عبر الحدود الشكوك في الموقف المحايد الرسمي الذي تتبناه الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة في الحرب الأهلية السورية التي قتل فيها 90 ألف شخص منذ ما يزيد عل عامين. كان علي (20 عاما) وهو أحد أفراد ميليشيا لواء أبو الفضل العباس في طريقه للحاق بوالده في سوريا لحماية مزار شيعي بالقرب من دمشق من مقاتلي المعارضة. قال علي لرويترز قبل أن يغادر بغداد الأسبوع الماضي ‘من واجبي الشرعي أن أذهب إلى هناك وأن أقاتل دفاعا عن مسجد السيدة زينب.’ وبينما تدخل الحرب السورية عامها الثالث تتزايد أعمال القتل الطائفية ويعلن رجال الدين السنة المتشددون الجهاد ضد الشيعة في سوريا والعراق ولبنان. ويحفز كل هذا المتشددين الشيعة للرد. وهناك تقارير كثيرة عن أن المقاتلين السنة نبشوا الأضرحة في بعض المزارات الشيعية في سوريا ومن بينها مزار حجر ابن عدي لكن من الصعب غالبا التحقق من صحة هذه التقارير بسبب القيود التي تفرضها سوريا على وسائل الإعلام والحالة الضبابية التي تثيرها الحرب بشكل عام. وبدأت الميليشيات الشيعية العراقية تعترف علنا في الأشهر القليلة الماضية بدورها في سوريا الذي كان سريا من قبل الأمر الذي ساعد على مضاعفة أعداد المجندين طبقا لقادة الميليشيات. ومع هذا فإن هذا كشف عن وجود انقسامات واقتتال على الزعامة بين المسلحين السوريين والعراقيين الذي يحاربون إلى جانب قوات الأسد. وكثير من المقاتلين الشيعة متطوعون شبان مثل علي ولكن هناك آخرين من رجال الميليشيا الذين دربتهم إيران وشحذوا مهاراتهم أثناء القتال ضد القوات التي تقودها الولايات المتحدة واحتلت العراق حتى عام 2011 . تجمع علي ومقاتلون آخرون من أنحاء شتى من العراق في بيت أبو زينب في بغداد حيث أمضوا ليالي قليلة قبل أن يسافروا إلى سوريا عن طريق مطار بغداد. وكان أبو زينب قائدا كبيرا في ميليشيا جيش المهدي وقال أبو زينب إن زعماء الميليشيات يهتمون بالتجنيد والتجهيز وحجز تذاكر الطائرة والنفقات وضمان الحصول على تصاريح من الحكومة السورية ويقومون أحيانا بالتنسيق بين الجماعات الشيعية المختلفة. وقال مقاتلون إن حوالي 50 شيعيا عراقيا يسافرون إلى دمشق أسبوعيا للحرب غالبا إلى جانب قوات الأسد او لحماية مزار السيدة زينب على مشارف دمشق والذي يحظى بمنزلة خاصة لدى الشيعة. وقال أبو زينب ‘طرأت زيادة كبيرة على أعداد المتطوعين بعد هجمات المعارضة السنية التي كانت تستهدف بشكل رئيسي الشيعة والمزارات الشيعية في سوريا. ‘طلبنا من رجال الدين الذين نثق فيهم تسجيل أسماء الشبان الذين يرغبون في القتال في سوريا.’ ويحكم العراق – الذي كانت الأقلية السنية تسيطر عليه حتى الإطاحة بصدام حسين في عام 2003 – الآن زعماء من الأغلبية الشيعية بقيادة رئيس الوزراء نوري المالكي. وبالنسبة لهم فإن الاضطرابات في سوريا كابوس ويرون أن انهيار حكم الأسد سيجلب إلى السلطة نظاما سنيا متشددا مما سيشعل التوترات السنية الشيعية في العراق. وازدادت بالفعل الهجمات الطائفية حيث استعاد مسلحون ينتمون لتنظيم القاعدة وجماعات إسلامية سنية أخرى مسلحة أرضا في صحراء غرب العراق المتاخمة لسوريا. وسقط ما يقرب من ألفي قتيل في أعمال العنف منذ أبريل نيسان بتفجيرات تستهدف المساجد والأحياء الشيعية والسنية وقوات الأمن العراقية. ويقول العراق إنه يتبنى سياسة عدم التدخل في سوريا ويبقي القنوات مع حكومة الأسد والمعارضة مفتوحة. لكن الدول الغربية تتهم بغداد بغض الطرف عن جهود دعم الأسد مثل السماح للطائرات الإيرانية باستخدم المجال الجوي العراقي لنقل العتاد العسكري إلى سوريا جوا. وترفض بغداد تلك الاتهامات وتنفي أنها تسمح للمقاتلين الشيعة بالسفر بحرية إلى سوريا أو تقديم أي نوع من الدعم لهم. وقال وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في مقابلة مع رويترز إن هناك مبالغة في عدد الألوية أو الوحدات العراقية التي تحارب في سوريا مشيرا إلى وجود عدد قليل من المتطوعين. وتابع قائلا إن هؤلاء المتطوعين ذهبوا إلى سوريا دون أي موافقة أو تأييد أو دعم من قبل الحكومة أو النظام العراقي أو الزعماء السياسيين. لكن السياسة الداخلية العراقية معقدة وبعض الأحزاب الشيعية تعتمد بشدة على الدعم الإيراني مما يجعلها أكثر تعاطفا مع موقف طهران بخصوص سوريا. ويقر سياسيون ومسؤولون وزعماء ميليشيات شيعية في أحاديث خاصة بأن هناك دعما يقدم للأسد وأن هذا يعني السماح للمقاتلين الشيعة بالسفر جوا إلى دمشق. وقال مستشار للمالكي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته نظرا لحساسية الموضوع ‘يعتقد السياسيون الشيعة أن أفضل طريقة لإبقاء المقاتلين السنة المتطرفين خارج العراق هي ان يظلوا مشغولين بسوريا.’ ويقول مقاتلون من الميليشيات إن المقاتلين الشيعة يسافرون عادة في مجموعات صغيرة تضم ما بين عشرة أشخاص و15 شخصا من بغداد أو مدينة النجف ويتخفون أحيانا كحجاج. وقد يحملون في حقائبهم زيا ومعدات عسكرية ومسدسات أحيانا. قادة الميليشيات يقولون إنهم يستخدمون نفوذهم وتعاطف المسؤولين الشيعة لتسهيل مرور المقاتلين مع معداتهم عبر نقاط التفتيش في بغداد. ويقول مقاتلون وساسة عراقيون إن معظم الذين يقاتلون في سوريا أعضاء ميليشيا سابقون في جيش المهدي الذي يتزعمه رجل الدين مقتدى الصدر أو من فيلق بدر – الجناح العسكري السابق لحزب لمجلس الأعلى الإسلامي العراقي – وميليشيات عصائب الحق وميليشيا كتائب حزب الله-العراق. ومعظمهم موال للزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي كسلطة دينية. ويقول قادة إن بعض مقاتلي ميليشيا جيش المهدي الذين لجأوا الى سوريا عندما سحقت القوات العراقية جماعتهم في عام 2007 شكلوا هناك لواء أبو الفضل العباس بالتنسيق مع الحكومة السورية ومكتب خامنئي في دمشق للدفاع عن مرقد السيدة زينب. وقال قادة المقاتلين العراقيين إنه تعين حتى على بعض المقاتلين العراقيين المخضرمين الالتحاق بذلك اللواء والقتال تحت قيادة الشبيحة السوريين الذين ينتمون غالبا للطائفة العلوية التي ينتمي إليها الأسد. وكان هذا شرط كي تسمح لهم الحكومة السورية بالعمل وتسلحهم. الآن تغيرت قواعد الاشتباك وظهرت انقسامات بين المقاتلين الشيعة السوريين والعراقيين فجيش المهدي وعصائب الحق وكتائب حزب الله بدأت تقاتل تحت قيادة حزب الله اللبناني الذي ساعد قوات الأسد في استعادة بلدة القصير الاستراتيجية هذا الشهر. يقول بعض المقاتلين العراقيين إن الانضباط العسكري الذي فرضه قادة عصائب الحق وكتائب حزب الله على العراقيين أثار غضب الشبيحة لأن السوريين حاولوا الاستفادة من الفوضى لتحقيق مكاسب مالية من القتال. وتفجرت هذه الخلافات في اشتباك مسلح اندلع بالقرب من مرقد السيدة زينب قبل أسابيع قليلة بين مقاتلي عصائب الحق وكتائب حزب الله وجيش المهدي من ناحية وبين أبو عجيل القائد السوري للواء أبو الفضل العباس ومقاتليه المحليين من الناحية الأخرى. وقال مسلحون في بغداد إن مقاتلين عراقيين قتلا كما قتل ثلاثة من الشبيحة السوريين في الاشتباك. وعقد اجتماع للمصالحة بأمر من مكتب خامنئي لكن الانقسامات استفحلت وشكل المقاتلون العراقيون لواء جديدا رافضين القتال تحت القيادة السورية. وقال أبو سجاد وهو مقاتل سابق من جيش المهدي وأحد القيادات الشيعية التي أسست لواء أبو الفضل العباس إنه لا يتقاضى راتبا من الحكومة السورية وإنه ليس من حق أحد أن يعامله كأحد أفراد الشبيحة المرتزقة. وأضاف أنه لن يقاتل مرة أخرى بجانب من قتلوا إخوته.