موقع «زيتيو» الإخباري المستقل كشف النقاب عن رسالة وقعها 12 من أعضاء مجلس الشيوخ في الولايات المتحدة، وُجهت إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، تضمنت تحذيره من إصدار مذكرات اعتقال لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين، تحت طائلة إنزال عقوبات شديدة بحق المحكمة عموماً وخان وأفراد أسرته على وجه التحديد. وجاء في الرسالة إن خطوة المحكمة في هذا الاتجاه سوف لن تُعتبر تهديداً للسيادة الإسرائيلية فقط، ولكن لسيادة الولايات المتحدة أيضاً، كما نصت على إنذار صريح يقول: «استهدفْ إسرائيل، وسوف نستهدفك» واختُتمت بعبارة الوعيد الباردة والخالية من اللياقة: «لقد تمّ تحذيرك».
ولأن الرسالة سابقة خطيرة على أصعدة قانونية ودبلوماسية، من نوّاب منتخبين إلى سلطة تشريعية عليا في القوة الكونية الأعظم، ثم لأنها وثيقة تهديد فاضحة وابتزاز صريح، فمن الواجب الأبسط في التعامل معها أن تُذكر أسماء النوّاب الموقعين عليها كي يحتسبهم التاريخ في سجلات الخزي والعار: توم كوتون، ميتش ماكونيل، مارشا بلاكبرن، كاتي بويد بريت، تيد باد، كيفن كريمر، تيد كروز، بيل هاغرتي، بيت ريكتس، ماركو روبيو، ريك سكوت، وتيم سكوت الذي تتردد معلومات بأنه على اللائحة القصيرة لمنصب نائب الرئيس في حملة دونالد ترامب لرئاسيات هذا العام.
وكانت تقارير صحافية في وسائل الإعلام الإسرائيلية قد أفادت باحتمال إصدار المحكمة الجنائية مذكرات اعتقال دولية تطال نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت ورئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي، بتهمة ارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة، بينها تجويع السكان. ومن المعروف أن المحكمة ضمّت الضفة الغربية وقطاع غزة إلى ولايتها القانونية في نيسان/ أبريل 2015 مع انضمام فلسطين إلى الدول الـ 124 الأعضاء الدائمين في المحكمة. معروف كذلك أن النظام الداخلي للمحكمة يجيز إصدار مذكرات اعتقال دولية، علنية أو مكتومة، على خلفية ارتكاب جرائم حرب.
وقد استنفر نتنياهو شخصياً لقطع الطريق على أي خطوة يمكن أن تذهب إليها الجنائية الدولية في هذا الصدد، سواء عن طريق التصريح بأن الاحتلال ماض في حرب الإبادة بصرف النظر عن إجراءات هذه المحكمة أو قبلها محكمة العدل الدولية، أو بتكثيف الاتصالات مع أصدقاء دولة الاحتلال في الإدارة الأمريكية والكونغرس لممارسة أقصى الضغوط على خان شخصياً. ثمرة أولى لهذه الضغوط تمثلت في رسالة ّ»شيوخ» أمريكا هؤلاء، وثمرة أخرى هي موقف البيت الأبيض الرافض مسبقاً للخطوة مع العلم أن الرئيس الأمريكي جو بايدن كان قد رحّب بمذكرة الاعتقال التي أصدرتها الجنائية الدولية ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ورغم أن خان ليس ذلك المدعي العام الذي ينتهج دائماً مواقف الحياد وتحكيم القانون الدولي في النزاعات بين الأمم، فإن مكتبه اضطر إلى المطالبة العلنية بوقف الضغوطات الهادفة إلى تقويض استقلالية المحكمة وإعاقة عمل موظفيها وترهيبهم وعائلاتهم. ولعل هذا بمثابة شكوى أضعف الإيمان، في انتظار ما قد يكون أدهى إذا رضخ خان وطوى مذكرات الاعتقال.