صائب عريقات: أي تطبيع عربي مع إسرائيل الآن استباحة للدم الفلسطيني ومكافأة للاحتلال على جرائمه

إسماعيل طلاي
حجم الخط
0

الدوحة – «القدس العربي»: دعا أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في حوار أجرته معه «القدس العربي» حركة حماس إلى التنفيذ التدريجي والشامل لاتفاق القاهرة حول المصالحة، قائلاً إنه ليس هناك خلاف بين فتح وحماس، ولو حدث ذلك بعد تنفيذ اتفاق المصالحة «فلا بد من العودة إلى صناديق الاقتراع، لا صناديق الرصاص». وأشار إلى أنه طلب من قطر إقناع حماس بضرورة القبول بالمصالحة، خلال لقائه مع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في الدوحة.
وانتقد عريقات توجه دول عربية إلى تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بحجة التدخل لمساعدة الفلسطينين، بالقول «نحن لا نحتاج لأي مساعدة من هذا القبيل بمنتهى الصراحة، وأي تطبيع حاليا مع الاحتلال الإسرائيلي هو طعنة في الظهر، واستباحة للدم الفلسطيني، ومكافأة للاحتلال الإسرائيلي على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني»، داعياً في المقابل إلى حل الأزمة الخليجية، وتنقية الأجواء العربية التي تشهد ـ حسبه- 19 خلافا سياسيا في الوقت الراهن، لكنها لا تختلف حول القضية الفلسطينية. كما دعا الدول العربية إلى اتخاذ موقف قوي إزاء قرار أستراليا الاعتراف بالقدس الغربية عاصمة لإسرائيل، وإحالة مصير القدس الشرقية إلى المفاوضات، واصفا إياه بالقرار الأخطر سياسيا وقانونيا، لأنه يستهدف أن تكون المفاوضات منحصرة باقتسام القدس الشرقية… وإلى تفاصيل الحوار:

نختلف مع حماس لكنها ليست إرهابية

■ أجريتم لقاءات مع وزراء خارجية عدد من الدول ومسؤولين أجانب على هامش منتدى الدوحة، فما كان مضمونها؟
■ كانت لي لقاءات مع وزراء خارجية قطر واليابان ورومانيا، ووزير الدولة البريطاني للشؤون الخارجية، ووزير خارجية سنغافورة، وعشرات الأكاديميين، على هامش منتدى الدوحة الذي كان فرصة ليسمعوا منا لا عنا تطورات القضية الفلسطينية والواقع الفلسطيني. وخلال لقائي بنائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، سمعت منه حرص دولة قطر على تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية. وكما تعلمون، فإن آخر اتفاق بين فتح وحماس كان بتاريخ 12 تشرين الأول/أكتوبر 2017 في القاهرة، وصادقت عليه كافة الفصائل الفلسطينية. والأسبوع الماضي، حاولت الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل وسم حركة حماس بالإرهابية، والذي وقف في وجه ذلك هو الرئيس محمود عباس شخصيا، لأنه لن يسمح بوسم أي فلسطيني بالإرهابي، وبالفعل أسقطنا القرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة. فأنا أختلف مع حماس، لكنها ليست إرهابية، وأريد أن أحقق المصالحة معها، وأشكل حكومة وحدة وطنية. ولما يتم وصم حماس بالإرهاب، فمعنى ذلك أنك تحاول حرماني من تحقيق المصالحة الفلسطينية، وتشكيل حكومة وحدة وطنية. لقد كان هناك تحرك خبيث جدا، ونحن أحبطناه. وما نريده الآن هو تنفيذ اتفاق القاهرة الشامل، بما في ذلك الوصول إلى حكومة وفاق وطني تنهض بالضفة وغزة معاً، وصولا إلى حكومة وطنية وشراكة سياسية، لكننا لا نريد تجزئة الأمور.
■ ما مدى نجاح فرص تحقيق المصالحة في ظل هذه الظروف؟
■ لا بد من تحقيق المصالحة. إن لم نساعد أنفسنا كفلسطينيين، فلن يساعدنا أحد، إن أردنا فعلا إسقاط مشروع ترامب ونتنياهو، وإسقاط «صفعة العصر»، لأنه أصبح واضحاً الآن للقاصي والداني أن مشروعهما يستهدف إسقاط القدس، وملف اللاجئين، واعتبار الاستيطان شرعيا، وعدم إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس، ومحاولة إقامة كيان محاصر في قطاع غزة، وفصل غزة عن الضفة. فلا بدّ من إزالة أسباب الانقسام، وتحقيق المصالحة الوطنية. ولذلك طلبنا من وزير الخارجية القطري مساعدتنا، وطلبنا مساعدة الأشقاء في مصر، وكل من يريد أن يتم تنفيذ اتفاق القاهرة، لأنه ليس أمامنا حل آخر.
■ ما تعلقيكم على قرار السلطات الأسترالية بشأن القدس؟
■ القرار الأسترالي هو الأخطر من الناحية القانونية والسياسية، فهي تقول إنها تدعم أن تكون القدس الغربية عاصمة لإسرائيل، والقدس الشرقية تكون موضع مفاوضات، والطموح الفلسطيني في إقامة الدولة الفلسطينية يناقش خلال المفاوضات. وللأسف، فإن البعض قال إن هذا لا يمس بالحقوق الفلسطينية، بينما الحقيقة أن هذا المقترح أكثر ما يمسّ الحقوق الفلسطينية، لأنه عندما نصل إلى المفاوضات النهائية، فإن القدس كاملة ستكون موضع مفاوضات، شرقا وغربا، يمينا وشمالاً! فأن تقول أستراليا إن القدس الغربية عاصمة لإسرائيل؛ معناه أن المفاوضات ستكون منحصرة باقتسام القدس الشرقية. وأنا أدعو الدول العربية لإدانة هذا القرار، لأن أستراليا ليست دولة بسيطة، بل إن ميزانها التجاري مع العالم العربي ارتفع بنسبة 52 في المئة عام 2017، بمجموع 17 مليارا و200 مليون دولار.

إسقاط «صفعة القرن»
مرهون بالوحدة الفلسطينية

■ ماذا طلبتم تحديدا من وزير الخارجية القطري لدعم المصالحة؟
■ ما نريده من قطر والأشقاء العرب هو إقناع حركة حماس بضرورة قبول المصالحة، وعندما نختلف نعود إلى صناديق الاقتراع، وليس إلى صناديق الرصاص. ونحن نأمل من الأشقاء في قطر أن يدعمونا لتحقيق ذلك، خاصة أن هناك اتفاقات تمت في الدوحة بحضور الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بحضور الرئيس أبو مازن والأخ خالد مشعل، واجتماعات عقدت في بيت نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري. وما نريده هو تنفيذ شامل ودقيق وتدريجي لاتفاق القاهرة. لكن إن لم نساعد أنفسنا، فلن يساعدنا أحد. فنحن أبناء شعب واحد. وكما رأيتم فقد اتصل الرئيس أبو مازن لتعزية الأخ اسماعيل هنية، وأصدرنا بيانا من اللجنة التنفيذية لتعزيته. فنحن أبناء شعب واحد، ولا يوجد هناك ما نقتتل عليه، أو ما نختلف حوله. وإن أردنا فعلا إسقاط «صفعة القرن»، فيمكن ذلك بتحقيق الوحدة، خاصة في ظل قطع المساعدات الأمريكية للشعب الفلسطيني.
■ وماذا كان الرد الذي سمعته من وزير الخارجية القطري؟
■ الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني قال إن دولة قطر تبذل وستظل تبذل كل جهد لتحقيق المصالحة. وهذا ما قاله أمير قطر للرئيس أبو مازن، وهذا هو موقف دولة قطر دوما، وما نص عليه اتفاق الدوحة، وما جاء في نص خطاب الشيخ تميم الذي خصص النصيب الأكبر منه للقضية الفلسطينية، ولا أحد يستطيع أن يشكك في دعم قطر أو أي دولة عربية للقضية الفلسطينية.
■ هل تعتقد بوجود حاجة لعقد لقاءات جديدة لتحقيق المصالحة؟
■ لسنا في حاجة للقاءات جديدة للمصالحة. فهناك اتفاق كامل. والسؤال للإخوة في حماس: نحن نختلف، لكن حينما نختلف دعونا نعود إلى صناديق الاقتراع، ولنبدأ بتنفيذ الاتفاق بخطوات حددها اتفاق القاهرة الذي يقول إن حكومة الوفاق تقوم بمسؤولياتها كافة تجاه قطاع غزة، تماما مثل الضفة الغربية، وحسب القانون الأساسي، فلنبدأ بتنفيذ ذلك تدريجيا لكن بشكل شمولي، وصولا للوحدة الجغرافية والضريبية والقانونية بين الضفة وغزة، وعاصمتهما الأبدية القدس الشرقية.
■ تتحدثون عن ضغوطات ترامب ونتنياهو، فماذا عن تأثير هرولة بعض الدول العربية للتطبيع؟
■ نحن نعلم أن نتنياهو يبالغ حينما يتحدث عن تطبيع مع الدول العربية، لأن القضية الفلسطينية ستبقى قضية العرب بامتياز، والدول العربية لا تزال متمسكة بالمبادرة العربية للسلام. وفي قمة الظهران في أبريل/ نيسان الماضي، كان هناك إجماع على رفض قرارات الرئيس ترامب، والتمسك بدولة فلسطينية عاصمة القدس الشرقية.
■وماذا عن التطبيع الحاصل حاليا من دول عربية؟
■ أي تطبيع عربي الآن مع إسرائيل هو استباحة للدم الفلسطيني، في ظل جرائم الحرب التي ترتكب في حق الشعب الفلسطيني، واستمرار حصارغزة، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية. فأي عربي يفكر مجرد التفكير في التطبيع مع إسرائيل، فهو يكافئ إسرائيل على جرائمها في حق الشعب الفلسطيني. وهناك من يبرر التطبيع بأنهم يتدخلون لمساعدتنا، ونحن نقول لهم إننا لا نريد أي مساعدة بمنتهى الصراحة. ولا نريد أي تطبيع لأنه طعنة في ظهرنا، واستباحة للدم الفلسطيني. نحن لدينا مبادرة سلام عربية، نطلب من كل الأشقاء العرب التمسك بها.

إسرائيل تحرض على قتل الرئيس عباس كما فعلت مع الراحل عرفات

■ ماذا عن استهداف أبو مازن لتصفيته جسديا؟
■ الاحتلال الإسرائيلي والحركة الصهيونية حاصرتا الرئيس الراحل ياسر عرفات، وقتل مظلوما، لأنه تمسك بالقدس الشرقية عاصمة لفلسطين، وبحق عودة اللاجئين، وبدولة فلسطينية مستقلة بحدود 1967، وتمسك بكل الحقوق الفلسطينية المشروعة للشعب الفلسطيني. واليوم الرئيس محمود عباس يتمسك بذات الحقوق الفلسطينية، وأكثر من ذلك، أنه وقف وقال إنه لا للرئيس ترامب، وإن القدس وفلسطين ليستا للبيع. وبالتالي، الحكومة الإسرائيلية تقوم الآن بالتحريض على قتل الرئيس عباس وتصفيته جسديا عبر منشورات، ولو جاءت الأم تيريزا أو مونتسكيو أو توماس جيفرسون ودافعوا عن حقوق الشعب الفلسطيني، لقتلوا ولاعتبروا إرهابيين.
■ هناك حديث عن سيناريو أمريكي ـ إسرائيلي، بالتنسيق مع دول عربية لإيجاد بديل للرئيس أبو مازن، ما تعليقكم؟
■ الولايات المتحدة، وتحديداً الرئيس ترامب، قطعت كل الخطوط الحمراء في تبني المشروع المتطرف الصهيوني لنتنياهو، الذي يقوم على تدمير خريطة الدولتين، واستبدالها بما أسميه بمبدأ الدولة بنظامين أو «الأبارتيد». أما أشقاؤنا العرب فأدعوهم إلى التمعن فيما صدر عن قمة الظهران من إجماع عربي.
■ تراهنون على الدعم العربي الرسمي في ظل الخلافات التي تنهش الجسد العربي؟
■ بين الدول العربية الآن 19 خلافا سياسيا، لكن ليس هناك خلاف حول القضية الفلسطينية بينهم.

ترامب يرى أنه كلما تعمقت الخلافات العربية.. قدمت له أوراق اعتماد أكثر

■ وكيف ترون الأزمة الخليجية الراهنة، وتداعياتها على القضية الفلسطينية؟
■ نحن نرى أن أي خلاف عربي يعرّي ظهرنا، سواء في سوريا أو العراق، أو بين الدول الخليجية فهو إضعاف للقضية الفلسطينية، ونحن لا نقدم دروسا لأحد، لكننا نطلب من صناع القرار العربي ونقول لهم إن الوقت هو لتصفية وتنقية الأجواء بين الدول العربية. ترامب لا يستهدف القضية الفلسطينية فقط، بل لديه برنامج دولي، وبرنامج نظام دولي جديد، وهو يرى أنه كلما تعمقت الخلافات العربية، كلما قدمت له أوراق الاعتماد أكثر فأكثر. أنا لست هنا لأقدم دروسا لأحد، لكن هذا هو المشروع الذي يديره ترامب، ونحن أكثر طرف مهددين به. لقد اجتمعنا مع الرئيس ترامب أكثر من 37 مرة خلال عام 2017، واربعة لقاءات على مستوى القمة، فأرجو من إخواننا العرب أن يتنبأوا بالأخطار المحدقة بنا، والعمل على تنقية كل الأجواء العربية.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية