لندن ـ “القدس العربي”:
نشرت مجلة “فورين بوليسي” تحليلا لكارل بيلدت، الرئيس المشارك للمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، ورئيس الوزراء ووزير خارجية السويد الأسبق، تساءل فيه إذا ما كان التوغل الأوكراني في منطقة كورسك الروسية هو نقطة تحول في الحرب الروسية الأوكرانية، وإذا ما سكون له التأثير الأكبر على تدمير رواية فلاديمير بوتين عن تحقيق النصر في الحرب.
وقال الكاتب إنه بعد “توسيع القوات الأوكرانية لمنطقة سيطرتها في منطقة كورسك الروسية، في الأسبوع الثاني من توغلها، ستضطر في النهاية إلى العودة إلى ديارها، خاصّة أن مبدأ سلامة الأراضي هو جوهر قتال أوكرانيا، ورد الفعل الدولي الحازم على محاولة روسيا تغيير حدود أوروبا من خلال الغزو”.
وأكّد أن “الخبراء قيّموا الأهمية العسكرية للعملية، وقد أظهرت بوضوح ضعفًا كبيرًا في دفاعات روسيا الحدودية، وأثارت ارتباكًا في سلسلة القيادة في موسكو، وأثبتت موهبة أوكرانيا المستمرة في التحركات المفاجئة”.
وشدد الكاتب على أنه من الناحية السياسية، غيّر توغل أوكرانيا في كورسك مسار الصراع بشكل أساسي.
وذكر أنه “بعد الفشل الواضح للهجوم المضاد الذي شنّته أوكرانيا خلال عام 2023، عمل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بجدّ من أجل إقناع أوكرانيا والعالم بأنّ الأمر لن يكون سوى مسألة وقت، قبل أن تسحقها الماكينة الروسية حتما، قرية تلو الأخرى”.
وبحسب بوتين، فإنّه إذا صدّق عدد كاف من الناس هذه الرواية، فسوف تضطر أوكرانيا في النهاية إلى الاستسلام والاندماج، إما جزئيا أو كليا، في روسيا الكبرى.
جاءت عملية كورسك، فدمّرت ما كان بوتين يحاول بناءه، ومن الواضح أن الزعيم الروسي ظهر متوترا، خلال سلسلة من الاجتماعات التي عقدها على عجل
ووفق الكاتب حقّقت استراتيجية بوتين بعض النجاح، وسرعان ما باءت محاولة الجيش الروسي لشنّ هجوم كبير في منطقة خاركيف قبل بضعة أشهر بالفشل، ولا تزال القوات الروسية غير قادرة على القيام بهذا النوع من الجهود ضد المدافعين المتحصنين، ولكن على مدار الصيف، كانت قوات بوتين تحقّق مكاسب تدريجية على طول خط المواجهة في دونباس، على حساب خسائر فادحة في الأرواح والمعدات الروسية.
وبحسبه لم يكن لأي من هذه المكاسب أي أهمية عسكرية كبرى، غير أنّها كانت كافية من أجل إعطاء مصداقية لرواية بوتين حول سحق الدفاعات الأوكرانية تدريجيا.
وأكد الكاتب “كما لو كانت صاعقة من السماء”، جاءت عملية كورسك، فدمّرت ما كان بوتين يحاول بناءه، ومن الواضح أن الزعيم الروسي متوتر، فخلال سلسلة من الاجتماعات التي عقدها على عجل مع مجلسه الأمني ومستشاريه الآخرين، كان يحاول التّقليل من شأن نجاحات أوكرانيا من خلال وصفها بأنها “استفزازات”، وتوبيخ حكام المناطق، ناهيك عن حجم منطقة سيطرة أوكرانيا، والنظر بصرامة إلى قادته العسكريين، ومحاولة الظهور بمظهر غير متأثر بالتحول المفاجئ للأحداث.
وشدد على أنه لا تزال القيادة الروسية تُكافح لإعادة نشر قوات كافية في كورسك لاحتواء الغزو، ناهيك عن هزيمته، فمن الواضح أن عملية كورسك السريعة التي شنّتها أوكرانيا استولت بالفعل على مساحة أكبر بكثير من الهجوم المضاد الفاشل خلال عام 2023، فيما يبدو أيضًا أن القوات الأوكرانية كانت أكثر نجاحًا على مدار ثلاثة أيام في كورسك، مقارنة بالقوات الروسية خلال ثلاثة أشهر في خاركيف.