نيسان/ابريل 1967، ايلول/سبتمبر 1973، حزيران/يونيو 1982، يونيو 2013؟ يحسن بنا أن نتلقى تهديدات بشار الاسد بالرد بالنار على هجمات سلاح الجو الاسرائيلي على منطقة دمشق بحرفيتها. هل يطلق صواريخ على جبهة اسرائيلية داخلية ـ ليس من الضروري أن يطلقها على منطقة مدنية، بل على قاعدة سلاح الجو التي هاجموهم منها، كما سيزعم السوريون – أو يطلق الشرارة في الجولان. ويكون هذا مسألة ثانوية بالنسبة للقرار نفسه وتذكيرا بما يأتي ايضا. كانت اسرائيل تعايش عائلة الاسد منذ 47 سنة، منذ كان حافظ الاسد عضوا في الجماعة الحاكمة، ووزيرا للدفاع وقائدا لسلاح الجو نفسه. وبدأ الانزلاق الى حرب الايام الستة بتشجيع سوري لارهاب فلسطيني موجه على اسرائيل في خطوط وقف اطلاق النار. وهدد رئيس هيئة الاركان اسحق رابين باسقاط نظام الحكم في دمشق. وفي السابع من ابريل 1967 اسقطت بمعارك جوية ست طائرات سورية؛ واتجه النظام الذي شعر بالذل بمساعدة السوفييت، الذين زعموا ان الجيش الاسرائيلي يحشد قوات بالهجوم وجر مصر الى سلسلة اجراءات تحد، خسر العرب بعدها سيناء وغزة والجولان والضفة الغربية وشرق القدس. وحسنت الهزيمة وضع الاسد، فقد التف عليها، ثم بعد ذلك على احداث ‘ايلول الاسود’ في الاردن، الى حكم الفرد من تشرين الثاني/نوفمبر 1970 الى ان مات في يونيو سنة 2000. وقد اخطأت اسرائيل في فهم شخصيته. لانه كان يبدو لنا انقلابيا عسكريا آخر في سلسلة طويلة، وضابطا محدود الافق ومحدود مدة الحكم، قبل أن يعزله الانقلاب التالي. وفي مقابل ذلك اخطأت اسرائيل في فهم شخصية من سيصبح في غضون ثلاث سنوات شريك الاسد في حرب يوم الغفران، وهو أنور السادات. فكما كانت حال ترومان بعد روزفلت، واشكول بعد بن غوريون بدا وريث عبد الناصر شاحبا وبلا قدرة على القيادة. وكان ذلك في الحالة المصرية خطأ باهظ الكلفة جدا. في 13 سبتمبر 1973 تطورت طلعة جوية تصويرية فوق حمص وحماة لتصبح معركة حاشدة. فقد اسقطت 12 طائرة سورية، او ربما 13 طائرة سورية وطائرة ميراج اسرائيلية ايضا. استل طيارها يوسي سمحوني من المياه مع واحد من الطيارين السوريين. واخطأ في اسرائيل تقدير اجراءات الاسد التالية، الذي اتفق مع السادات على حرب لاعادة الاراضي التي احتلت في 1967. لكنه بدا في صورة من يخشى اظهارا آخر لتفوق الجيش الاسرائيلي. كانت منظومة صواريخ ارض ـ جو تحسم المعركة في الشمال في تشرين الاول/اكتوبر. ان صاروخ أس.ايه 6 في ذلك الوقت هو جد المنتوج الجديد اس 300. وقد نصب العم اس.ايه 5 حول دمشق على اثر حرب لبنان. رغم أن سورية قد انتصرت في حرب لبنان في السياق السياسي العام وخسرت اسرائيل فيها. بعد اسبوع سيكون قد مر 13 سنة على موت والد بشار وتوليه هو الحكم. ففي 2003 بعد قصف اسرائيلي لقاعدة ارهاب فلسطينية قرب دمشق، حذر بشار الاسد من أنه سيرد في المرة التالية وصدقوه في اسرائيل، ولذلك تم منذ سبتمبر 2007 فما بعد ذلك الحفاظ على الصمت الرسمي، عقب الهجوم على المنشآت الذرية التي زودت كوريا الشمالية سورية بها. وكوفئ الاسد على الصمت بضبطه للنفس حتى حينما قتل على الارض السورية عماد مغنية والجنرال السوري محمد سليمان اغتيالا. لم تتغير تقديرات الاسد التي ترفض فتح جبهة اخرى في ذروة الحرب الاهلية في الاشهر الاخيرة، حينما توالت الهجمات الاسرائيلية؛ لكنه ليس سيد نفسه في القيادة السورية، حيث يضغطون عليه ليرد، ان بشار الاسد في محيط الفوضى في دمشق يسمع نحو الخارج قتاليا، لكنه في واقع الامر عامل ضبط وتعديل. وتستطيع اسرائيل اذا ارادت الاختيار بين ضبط النفس عن نقل سلاح صاروخي الى حزب الله والمخاطرة المحققة في رد سوري، ان تختار الخيار الثالث وهو الاعتراض الحذر والخفي وغير المفجر ولا اللافت للانتباه. ومن كالدكتور بشار طبيب العيون يعرف مثل هذه الدقائق. اذا نشأ في دمشق حكم معاد للاسد بدعم غربي ومن غير القاعدة وحزب الله وايران فستتجدد المساومة في الجولان، الذي يعارض العالم كله ضمه مقابل السلام. ولن تستطيع اسرائيل أن تتهرب من هذا القرار الحاسم.