صرخة من اوتاوا: يوم تضامني كبير يجمع مناهضين لإبادة وتجويع غزّة

زهرة مرعي
حجم الخط
0

بيروت – «القدس العربي»: بمناسبة اليوم العالمي لمعرفة الحقيقة ولكرامة الضحايا في24 آذار/ مارس، نظّمت مجموعات مساندة للإنسانية، ومناهضة لما يتعرّض له الشعب الفلسطيني من مجازر في غزّة، وبالتعاون مع مسرح عشتار، يوماً تضامنياً مساء الأحد في قاعة السلام في العاصمة الكندية أوتاوا.
في تحقيق عن هذه الفعالية التضامنية التي شاركت بتنظيمها مجموعة متنوعة من الكنديين المتحدرين من كافة أنحاء العالم، وجمعت حولها جمهوراً كبيراً ومتنوعاً، تحدّثت ستيفاني بلاتيرو. أعلنت عن تواصلها مع مسرح عشتار في الضفة الغربية. فدافعها الإنساني لمناصرة الحق والعدالة على الأرض مهدا طريقها لهذا التواصل. تقول: وجدت في معاناة الشعب الفلسطيني ما يستحق بذل الجهود لتسليط الضوء على واقعه الرهيب في ظل الاحتلال. التواصل مع مسرح «عشتار بلور» مشروع تنظيم يوم للتضامن مع الشعب الفلسطيني، ومن خلال الفنون. ولفت مسرح عشتار لأهمية المشاركة عبر سرديات تحكي معاناة الشعب الفلسطيني، وما يتعرّض له أهل غزّة من تجويع وإبادة.
عرّفت ستيفاني نفسها بالقول: عضو ناشط في المجتمع الكندي. شغوفة بمناصرة الحق والإنسانية. وأطمح لأكون فعّالة دعماً لحرية التعبير. بحثت لتعزيز معرفتي حول غزّة. وجدت اعلاناً على انستغرام من مسرح عشتار في رام الله، يدعو لكتابة رسالة إلى غزّة. وبدأ التواصل، وتوضحت الأفكار للمشاركة في هذه الرسائل في السياق الكندي. وحددنا 24 أذار/ مارس «اليوم العالمي لمعرفة الحقيقة ولكرامة الضحايا» يوماً للتضامن مع شعب فلسطين.
وأضافت: يوم مهم بالنسبة لي، فعائلتي نالت حق اللجوء في كندا سنة 1984. كانت والدتي تعمل في السلفادور مع الأسقف أوسكار روميرو، الذي اغتيل سنة 1980. يوم 24 بالنسبة لي حقيبة مقفلة. حتى الآن لا نعرف حقيقة ما جرى للمئات من الأشخاص الذين قتلوا بطريقة عنيفة في السلفادور. لست بصدد المقارنة، لكننا خصصنا هذا اليوم لوضع ما يحدث في غزّة ضمن إطار سردي، وتعبيري. في غزّة تطهير عرقي وليس صراعاً. والدتي هي من حرّكت الأحداث في حياتي، وهي الحدث. ولأنها أمي أنا هنا اليوم. نحن في لحظات وحشية، والأمل أن نتمكن من التعبير عن آلام الناس وحجم معاناتهم.
البروفسور دينا صالحة شاركت في تنظيم فالعاليات قالت: تضمّن الافتتاح تلاوة رسائل إلى غزّة. واحتلت الفنون جانباً بارزاً، وبخاصة الفن التشكيلي، حيث تبرّع عدد من الفنانين بأعمالهم. وعرضت بعض المحال التجارية المهتمة بالتراث الشرقي منتجاتها، وجرى مزاد علني صامت على حوالى 100 قطعة يعود ريعها لغزة. وقدّمت الراقصة ماخينا رانكين ـ غيران من السكّان الأصليين رقصة «دعم المحارب». وأدت الفنانة الفلسطينية رولا خوري أغنيات من تراث وطنها. وقدّمت الشيف سوزان حسيني سرديات عن الطعام الفلسطيني المرتبط بالتقاليد والتراث، والذي يلقى حرباً من الصهاينة. وتبرّعت العديد من المؤسسات بالطعام الذي بيع وعاد ريعه لأطفال فلسطين. جمع 24 مارس العديد من الناشطين والناشطات المنتمين لجذور مختلفة. جمعتنا الإنسانية في هذا العالم. وقمة الإنسانية أن تعتبر الآخر مثلك.
وعن كتابة الرسائل إلى غزّة قالت صالحة: كانت الدعوة مفتوحة لكل من يرغب وشارك ما يزيد عن 50. واخترنا بعضها للقراءة في هذا اليوم. وما تبقى سيُقرأ في مناسبات أخرى.
ورداً على سؤال عن اهتمام الجمهور في كندا بما يجري في فلسطين ومدى الاختلاف بين 7 أكتوبر والآن؟ قالت مي عيسى: ثمة تحولات في مقاربات الناس لما يحدث في فلسطين. بات البعض يفهم ما يحدث، بعيداً عن تأثير الإعلام الموجه من قبل الصهاينة. ألمس جهداً ذاتياً، وحشرية بحثاً عن الحقيقة. وحيث اعمل باتت الأسئلة الاستيضاحية كثيرة، وحب المشاركة والدعم أكبر. بات الاهتمام محصوراً بالبشر والهجوم على غزّة. جمهور ملحوظ بدأ ينظر إلى ما يحدث في فلسطين بشجاعة.
وعقّبت البروفيسورة دينا صالحة: أضيف لما قالته مي بأن الوعي بات يأخذ طريقه الصحيح، ومشاركة الناس في المظاهرات تكبُر. الناس يتحركون من منطلق إنساني. ينزلون إلى الشارع رفضاً لقتل الأطفال، والنساء والرجال والعجزة. والأنامل التي ضغطت أزرار وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الحقيقة أعادت تشكيل ضمير العالم، الذي بات يسأل عن الإنسانية التي تباهى بها الغرب، والتي تحطمت بعد نكرانه لإنسانية الغير. المفاهيم التي وزّعها الغرب كما «البونبون» باتت موضع اسئلة نقدية حول حقيقة تلك الأيديولوجيا، مما أدّى إلى تعاطف واعى مع الشعب الفلسطيني. وتعقيباً قالت ستيفاني: التمييز والعنصرية قائمان في كندا ضمن سياقات ليس لنا رؤيتها في العلن. وهما ممنهجان في السياق الذي يعيش فيه الناس حياتهم في مجتمعاتهم. حقيقة لم اشعر بالدهشة حين لمست الصمت حيال المجازر الحاصلة في غزّة، فأنا اعرف كلاجئة جئت إلى كندا ما يكمن حقاً في هويات الناس. أذكر من طفولتي مع اخوتي أن الأطفال ليس لديهم التجارب نفسها التي مررت بها، بل لديهم بالفعل هوية كونهم من الفئة الرابعة. الناس هنا لديهم جانب من التمييز، وهويتي ليست سوى هوية شتات سلفادورية. ولهذا التحدّث معي يختلف عنه مع البيض. وما قلته هو نفسه جواب السكان الأصليين في كندا.
وقرأت ميمونة يحي رسالة في اوتاوا قائلة: «أنا شديدة القلق على ما يحدث في فلسطين، ومنذ انبلاج الفجر حتى آخر الليل. يطلع ضوء الصباح، وتدريجياً تتحوّل الحال إلى مزيد من الحزن (….) أفكر بمن يحتاج لشربة ماء أو لقمة خبر ولا يجدها في غزّة. فأزداد عصبية. فلسطين تبكي. لبنان واليمن يقفان مع الشعب الفلسطيني ويبذلان جهداً لمساعدة فلسطين. وبلدان أخرى لم تقم حتى بمحاولة للمساعدة. مهما كانت الأحوال لن أتوقف عن ترداد «فلسطين حرّررررة». وسأستمر حتى تصبح فلسطين حرّة.
وعبّرت مي عيسى عن تجربتها كلبنانية في كندا بالقول: نشأت في كندا وشعرت بالتميز حيث تاريخ البلد قائم على الهجرة والمهاجرين، ولهذا يتساوى ما اقوله مع ستيفاني. إنما حالياً علينا التركيز على المسألة الإنسانية وما يحدث في غزة. فكل من لديه قيم واخلاق لن يقبل بهذه المجازر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية