صمغ

في حديث مع إحدى الصديقات سألتها، في مشاغبة فلسفية، لماذا تودين الذهاب للجنّة؟ نظرت إليّ نظرة مستغربة وكأن السؤال لم يسبق أن خطر لها على بال. تلعثمت بعدها بكلمات عدة عن السعادة والرفاهية، عن الفواكة والحدائق الغنّاء، عن القصور والأنهار. قلت لها، لا يمكن أن تكون تلك هي كل القصة، فالحديقة ستملينها بعد فترة، والقصر لن يكون له طعم إذا ما لم يكن هناك عناء ما يشعرك بطعمه، إلا أنها أكدت أن المشاعر ستكون غير المشاعر، وأن الملل والحزن والقلق والغيرة لن تكون كلها من ضمن مكوناتنا النفسية البشرية عندئذ. سألتها، ما سيُعَرّف إنسانيتنا إذاً؟ إلا أن هذا السؤال لم يلق اهتماماً ولم يحظ بنصيب من النقاش، حيث إن موضوع الغيرة سرعان ما طغى وجذب بقية السيدات للحديث واللواتي اشتكين استتباب هذه الغيرة في القلوب تجاه الوعود الأخروية للرجال بحور العين والجوارِ الحسان. تطور الحديث إلى موقع النساء في الجنة ودرجة استمتاعهن بها إذا كن سيبعثن زوجات للأزواج الدنيويين أنفسهم، وإذا ما لم يكن لهن نصيب في المتع الجسدية الموعود بها الرجال، حيث وصل بنا الحوار إلى استنتاج أن الرغبة في الجنة هي في أساسها رغبة في تفادي النار وعذاباتها المهيبة. كل العمل والاجتهاد الدنيوي هو في النهاية يُقَدّم تفادياً لهذا الحرق والتعذيب الجسدي الذي لا يمكن تخيله وليس طمعاً في المتع الموصوفة التي ليس للنساء منها نصيب كنصيب الرجال.
لربما هنا تكمن المعضلة الفلسفية، التي لا تنحصر في القراءة الإسلامية فقط وإنما تتصل في قراءات كل الأديان الإبراهيمية، والتي لاحظها علي بن أبي طالب، على سبيل المثال، حين كان يدعو الخالق ألا يجنبه النار خوفاً منها وألا يوصله الجنة طمعاً فيها، فالأسس الأخلاقية التي تبنى على التخويف تتحول إلى أسس مصلحية، مفادها تجنب ضرر والاستحواذ على فائدة، وتلك أسس في حد ذاتها تتنافى والمنطق الأخلاقي الذي يفترض أنه يقدم الاختيار على أساس فضله وفضيلته وإنسانية مداه، لا على أساس منفعته.

أغلبية البشر لا يزالون قادرين على تقديم بعض الاختيارات الأخلاقية حتى ولو اضطروا لفلسفة الثواب والعقاب الناتجين عنها.

وفي حين أن العديد من المفكرين الدينيين حاولوا فلسفة مفهومي الجنة والنار كمفهومين نفسيين أو تعبيريين، إلا أن ثقلهما كمكانين ماديين لاحقين لهذه الحياة، هو المحرك الرئيسي للكثير من التصرفات ليس الأخلاقية فقط منها ولكن غير الأخلاقية على قدم المساواة، فالانتحار في العمليات الإرهابية ذات المنطلقات الدينية، على سبيل المثال، هو اختيار مدفوع بتوق للجنة وملذاتها وبتفاد للنار وأهوالها. هذا الخوف وذاك التوق هما ما يحولان العلاقة بين الإنسان واختياراته إلى علاقة منفعية، وهي علاقة ستستشري في بقية جوانب حياة الإنسان، فتصبح اختياراته في العموم قائمة على منفعته لا على أخلاقية هذه الاختيارات. هنا لا بد من الإشارة إلى أن الأخلاق في بداياتها، كما يرى علماء الإنسان، قد تكونت على أساس المنفعة، لا تسرق حتى لا تُسرق، لا تقتل حتى لا تُقتل، إلا أن تطور الوعي الإنساني أخذ دوافع هذه الأخلاق إلى مرحلة أبعد من المنفعة والمحافظة على البقاء، وهي درجة يحتاج الخطاب والتفسير الدينيان إلى مراعاتها واللحاق بها.
لكن الملحوظ هو أن أغلبية البشر لا يزالون قادرين على تقديم بعض الاختيارات الأخلاقية حتى ولو اضطروا لفلسفة الثواب والعقاب الناتجين عنها، ففي حين أن هناك مثلاً قراءة صريحة بقتل المرتد في الإسلام، إلا أن الكثير من ملتزمي الإيمان يرفضون هذه الفكرة بغريزتهم الطبيعية، متطلعين لقراءات أكثر حداثة وإنسانية في تواؤمها مع الزمن ومعطياته، فتجدهم يحاولون إيجاد المخارج لرفض هذه الفكرة ولتغيير مفهومها، وهو بالتحديد ما ينبغي أن يكون عليه التوجه الفكري في الأديان، وما يجب أن يكون عليه فعل المؤمنين المعاصرين في جميعها، وخصوصاً مع طواعية النصوص الدينية (المسيحية والإسلامية على وجه الخصوص) وقبولها بالقراءات التجديدية الناجعة التي يمكن لها أن تأخذ الفهم البشري لهذه المنظومات الدينية خطوات رائدة للأمام، المسيحية في ذلك مثالاً. ولربما يجب البدء أولاً من فكرة المنظومة العقابية التقليدية التي يجب أن تتحول إلى منظومة أخلاقية العمق لا تهديدية الفحوى، حيث لا يفترض أن يكون التهديد بنار أو الترغيب بجنة ومتعها هما الصانعان للمؤمن الجيد وللإنسان الجيد، وإنما يجب أن تكون هي المنظومة الأخلاقية المقنعة والتعليم الإنساني المبكر اللذين يمكن لهما أن يبنيا إنساناً أخلاقياً حقيقياً، يختار بوعي مبدأه مع مراعاة لمصلحته.
هل سيتسبب ذلك في ذوبان الغراء القيمي الذي يقيم ظهر المنظومة الإنسانية؟ هل سيخرج الناس للشوارع نهباً وسرقة وقتلاً واستباحة فيما لو تغيرت فكرة التهديد بالنار؟ لربما يكون هذا موضوع مقال مقبل.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول رياض:

    فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ. تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ. أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَىعَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ. قَالُوا رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ. رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ. قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُون.إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ.فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ. إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ 

    1. يقول رياض-المانيا:

      تصحيح: ألم تكن آياتي تتلى عليكم.

  2. يقول نزار حسين راشد..كاتب:

    فكرتان الخلود والمساءلة هما جوهر الخلق الإنساني والباقي تفاصيل تستمد معناها من هاتين الفكرتين
    وقد أكدهما كل من سارتر ودوستويفسكي وبدونهما فالحياة عبث” أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون” ” وما نرسل بالإيات إلا تخويفا”
    “يدعون ربهم خوفاً وطمعاً”
    هذه هي النوازع الإنسانية وفكرة اللذة والألم والثواب والعقاب أكدت الفلسفات المختلفة أصالتها لدى الإنسان وصولا للتجريد او المتعة المجردة وهي المستوى الأعلى الذي يدرك بتسلق السلم من أسفله أي اللذة والألم والثواب والعقاب وهذا ما قال به البراغمتيون والنفعيون والتربويون والدين تعامل مع هذه النوازع البشرية التي أودعها الله في الإنسان فأين العجب؟!

  3. يقول سوري:

    النساء مهضومات الحقوق حتى في الجنة أليس لهن الحق أيضا بفتيان مفتولي العضلات وسيمي الطلعة وشديدي الفحولة ينتظروهن هناك…

    1. يقول الكروي داود النرويج:

      عزيزي سوري بعد التحية ومزيد من الإحترام أسألك: هل تقبل لزوجتك في الجنة أن يضاجعها فتيان مفتولي العضلات وسيمي الطلعة وشديدي الفحولة؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

    2. يقول ابن الوليد. المانيا.:

      سؤالك للأخ سوري غريب و ضرب تحت الحزام … و هل تقبل زواجتك أن تضاجع حور العين ؟ و هم زوجاتك؟ هل هن مصنوعات من الخشب؟ اعني تقبلهن الفطري و ليس انكسارهن امام اوامر حتى لو كانت سماوية.
      .
      الأخ سوري اراه كتب سؤالا يحتوي على فكاهة تشير الى وضع حقوق المرأة الآن .. و انت عقبت بابيض و أسود.

  4. يقول فادي / لبنان:

    مهما بلغنا من العلم والمعرفة
    سنبقى غير قادرين على استيعاب كل الامور
    وستبقى هناك اشياء واشياء عصية على الفهم
    في القرآن لبلاغته الى حين!
    وهناك غيبيات لن يستطيع الانسان الوصول اليها
    للدلالة على الايمان من عدمه!
    وبالنسبة للحور العين وحصرها بالرجال فقط
    اين الدليل ؟
    اما فكرة مكافأة الرجل بالجنة على حساب المرأة
    فكرة ساذجة لا يتقبلها العقل السليم
    فمن خلق فسوى وحكم فعدل لا يكافئ رجل
    ويتجاهل امرأة ؟!

  5. يقول المغربي-المغرب.:

    حتى الإلحاد فيه مستويات ومراتب. …تشمل الملحد المتفلسف والفيلسوف الذي يصل إلى أعلى درجات التعمق الفكري والقدرة على القياس والتحليل. ..ويصل الأمر به إلى مايسمى بالانسداد النظري….كما هو موجود بالنسبة إلى الماركسية والوجودية. ..الخ..وهناك الإلحاد السطحي الذي ينشأ بفعل العجز عن إدراك مختلف الزوايا والجوانب المتعلقة بموضوع البحث أو النقاش. ..؛ ويذكرني تصور البعض للجزاء الاخروي نعيما أو عقابا. …بادعاء أحد فقهاء ومتكلمي بغداد قديما بأن الشيطان لن يعاقب بالنار لأنه مخلوق منها. …فما كان من أحد رواد الاعتزال إلا أن قذفه بقطعة طوب مصنوعة من الطين. …وعندما اشتكاه إلى القاضي. ..أجاب بأن المفروض أن لاتؤذيه قطعة الطوب لأنه مخلوق منها. ..قياسا على ادعاءه بعدم تأذي الشيطان من النار……!!!!!.

  6. يقول سلام عادل(المانيا):

    تحية للدكتورة ابتهال وللجميع
    اعتقد ان الموضوع اليوم سيثير الكثير من النقاشات والتساؤلات وساقولها باختصار بما ان الله هو العدل المطلق فلا يمكن ان يكون هناك عقاب ابدي لاي جريمة {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ } ولو فكرنا بعظمة الخالق فلا يمكن ان نتخيل انه يصنع نار ليضع فيها الانسان ذلك المخلوق البسيط الذي هو من خلقه واعطاه العقل ليفكر فيه ويختلف فيه بافكاره عن الاخرين من بني جنسه فليطمئن اخوتي المتدينين فاني افولها لهم لايوجد هناك جهنم ولا نار اما الجنة والخلود الابدي فيها فهو مقبول لان الله هو الرحمة المطلفة

  7. يقول سلام عادل(المانيا):

    الاخ المغربي-المغرب
    بدلا عن السرد التاريخي وما حصل ل الفلاسفة وغيرهم قل لنا رايك بوضوح او راي العلماء المسلمين بالامر المطروح لكي يتم مناقشته او على الاقل الاطلاع عليه والاستفادة منه

    1. يقول المغربي-المغرب.:

      شيء طبيعي أن تكون تعليقاتي يا اخ سلام مطبوعة بميدان الفلسفة الذي أعرفه اكثر من غيره….ولو كنت طبيبا أو فيزيائيا لكان الأمر مختلفا أيضا. ..ولو كنت فقيها أو أصوليا لكان أسلوبي كذلك أكثر ارتباطا بذواخل هذه الميادين التي بلغت أعلى درجات الدقة والتعمق. ..ولاتنفع الثقافة العامة في التنظير فيها. ..أما موقفي من هذه الأمور فاحيلك على كتاب القاضي عبد الجبار المسمى بالبرهان. ..ففيه الكثير مما اقتنع به فكريا. .. علما بأن الإجابة في مجال الفلسفة هي آخر مايطلب. …!!!!.

  8. يقول رياض-المانيا:

    للبقاء في دائرة الإسلام أو حتى للدخول فيها شروط وواجبات عديدة منها عدم إنكار ما عرف منه بالضرورة ومن ذلك عدم إنكار ما ورد في القرآن الكريم والاعتقاد بصحته كاملا كما نزل من رب
    العالمين وهذه النقطة بالذات هامة فالخط الفاصل بين الإيمان والإلحاد واضح ولهذا على الملحدين أن يتسموا بالجرأة والوضوح بالقول الفصل أنهم ينكرون القرآن كليا ولا يؤمنون بالاسلام كدين حتى تضع النقاط على الحروف. إن أعلى مراتب الجهل هي الكفر، فالكفر عبارة عن إلغاء كامل للعقل ولهذا تحدث القرآن عن الكفار بأنهم اضل من الأنعام لأنهم امتلكوا عقولا مميزة فعطلوها بمحض إرادتهم. ولنتأمل قوله تعالى (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ) العالم الحق الذي يلاحظ الظاهرة ويحاول تفسيرها، دائما ما يبحث عن الفاعل ليتعرف على مركز التحكم واتخاذ القرار. فلا يوجد فعل بلا فاعل وبالتالي لا يوجد كون بلا خالق ومن ينكر هذا فهو جاهل مركب.

  9. يقول عربي -فلسطيني:

    تقول الكاتبه:
    .
    “…المنطق الأخلاقي الذي يفترض أنه يقدم الاختيار على أساس فضله وفضيلته وإنسانية مداه، لا على أساس منفعته…”
    .
    وكيف يمكن قياس ‘فضل و فضيله و إنسانية’ اي منطق سواء أخلاقي ام غيره؟ أليست منفعه الإنسان في مجتمعه و لمجتمعه هي المقياس؟

  10. يقول رياض-المانيا:

    @ تونس الفتاة
    أنا كتبت مليوني نفس بريئة ولم أكتب مليوني مسلم. فهناك مسيحيون وغيرهم قتلوا بسبب هذا المجرم. لسنا نحن المسلمون من قتل وجرح أكثر من 50 مليون إنسان في حربين عالمييتين مجنونتين. أما ما تقوم به الاستخبارات العالمية من ذبح وقتل باسم الاسلام، والذي ابتدأ فعليا في الجزائر في التسعينيات لتشويه الاسلام ومحاولة إيقاف الزحف القادم إلى العالمية لانقاذ البشرية من الأشرار أمثال ترمب والشياطين الاخرين. فانظر إلى الافلام الوثائقية الغربية والاعترافات عن المرتزقة ورجال الاستخبارات والشركات الأمنية الذين أطلقوا لحى وقصروا الأثواب في أقبية مخابرات فرنسا ثم ارسلوا إلى الجزائر ليضعوا الاطفال في مقالي الزيت وهذا ما يحصل في سوريا الان. الاسلام واضح بخصوص إزهاق النفس البريئة وسفك الدماء وهذا يعرفه الجميع حتى ترمب وبوتن الانجليين اللذان يعتقدان أنهما سيذهبان إلى( السماء)وكذلك بوش الصغير الذي رآى في المنام أن ( الرب) أمر لغزو العراق مع أن الحلم إن صدق كان من شيطان من الجان اوحى الى شيطان من الإنس.

    1. يقول المغربي-المغرب.:

      ربما كنت أنا المعني بتعليق الفتاة…في أحد جوانبه أخي رياض ولم أرغب في الرد عليها بسبب خروج التعليق عن سياق الموضوع الذي نحن بصدده…وللاشارة فقط فعندما قامت امريكا بتلغيم المياه الإقليمية لفيتنام سنة65. ..والبدىء في حملة حرق مناطق هذا البلد بالنابالم. ..صرح وزير خارجية بورقيبة …وكان هو ابنه المسمى بورقيبة الابن. ..بأن امريكا تمارس حق الدفاع المشروع عن النفس! !!!! إنها نفس مدرسة الاستلاب التي تؤمن بأن البيت الأبيض أولى بالتقديس من البيت العتيق….وأن الايليزي هي قبلة المؤمنين الفرنكفونيين…المسبحين بحمد الإستعمار. ..والممجدين لمذابحه ومجازره…!!!!.

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية