صمود سكان جباليا أمام المجازر الإسرائيلية يعزز فشل مخطط الجنرالات شمال غزة

إسماعيل عبدالهادي
حجم الخط
0

أكد مختصون في الشأن الإسرائيلي على أن صمود عدد كبير من العائلات في مخيم جباليا والمناطق المحيطة بالمخيم، يعزز فشل جهود الجيش الإسرائيلي في تحقيق مخطط الجنرالات، الذي يهدف إلى السيطرة الأمنية الكاملة على المخيم. فبالرغم من ارتكاب الاحتلال المجازر الدامية بحق السكان في منازلهم ومراكز الإيواء، وجهت المقاومة عمليات قاتلة ونوعية للجيش، ما دفع بأوساط عسكرية لمطالبة الجيش والمستوى السياسي بضرورة الخروج السريع من المخيم وباقي مناطق القطاع، مع المخاطر الكبيرة التي يواجهها الجيش ضمن حرب الاستنزاف.
ومنذ أكثر من شهر يشن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية هي الثالثة والأعنف ضد مخيم جباليا والسكان المدنيين، حيث يعمل بلواء مدرع كامل قوامه 5 آلاف جندي، وبأسلوب الأرض المحروقة باستخدام كافة أنواع الأسلحة الجوية والبحرية والبرية، ويقصف الجيش المخيم بالمدفعية والبراميل المتفجرة والأحزمة النارية ويستخدم الروبوتات في تفجير المربعات السكنية، عدا عن قطع الطعام والماء والاتصالات عن المخيم، بهدف إجبار الناس على الخروج وعزل المخيم عن باقي مناطق الشمال.
تصاعد عمليات المقاومة داخل مخيم جباليا وتفجير المقاومة لعدد من الدبابات وقتل عدد من الضباط والجنود، لاسيما عملية قتل قائد لواء المدرعات 401 قبل أيام على أطراف المخيم، أجبر الجيش على التراجع والتمركز خارج حدود المخيم، ضمن خطة جديدة لحصار مخيم جباليا لإجبار عناصر المقاومة وباقي السكان على الخروج، لكن رفض السكان الخروج ومواجهة الموت، يحبط القيادتين السياسية والعسكرية إمكانية تحقيق الخطة بعد مرور أكثر من شهر على العملية التي تتركز في مساحة لا تتعدى 2 كيلو متر مربع.
في تعقيب على ذلك، يقول الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي شريف السيد «بالنسبة للجيش على مدار سنوات الصراع، يعاني من شراسة المقاومة في مخيم جباليا، والتي طالما أرهقت الاحتلال من خلال عمليات قتل الجنود خلال الاقتحامات داخل المخيم مطلع انتفاضة الأقصى، ومن ثم من خلال عمليات اقتحام عناصر المقاومة الحدود نحو الثكنات العسكرية المحاذية للمخيم، لذلك يحاول بمثل هذه الخطط كسر المقاومة، بعزل المخيم من السكان والاستفراد بالمقاومة والقضاء عليها». ويقول لـ«القدس العربي» إن «السكان المدنيين منذ اللحظة الأولى للقصف العشوائي على المخيم، يرفضون النزوح ومواجهة الموت، وغالبيتهم نزحوا إلى مراكز الإيواء بعد قصف المربعات السكنية فوق رؤوس السكان، لكن الاحتلال تجاوز كافة القوانين باستهداف النازحين داخل المراكز، بل واعتقل المئات منهم ودفع بأعداد إلى النزوح نحو غرب غزة بالقوة«.
ولفت إلى أن «صمود المقاومة داخل المخيم وتلقين العدو ضربات موجعة ونوعية بين الفينة والأخرى، عزز حالة من الأمل والصمود لدى السكان، الذين ما زالوا داخل منازلهم ويحمون بصمودهم المقاومة من استفراد الاحتلال بهم، حيث أن هناك يوميا مجازر مروعة ترتكب بحق السكان لكن برغم هذا فإن الكثيرين يرفضون النزوح ويواجهون بالموت».
ويوضح أن «سكان مخيم جباليا ومناطق الشمال بشكل عام، يعرفون جيدا ما هو معنى خطة تهجير السكان وإفراغ المناطق من أهلها، والخوف هو من تكرار سيناريو هجرة عام 1948 لذلك يواجهون المخطط بصدورهم العارية وثقتهم بالمقاومة، لمنع الاحتلال من تحقيق خطته بتهجير سكان الشمال إلى الجنوب، وإعادة احتلال تلك المناطق وإقامة بؤر استيطانية عليها».
ومع وجود أصوات من اليمين وغيرها من الأحزاب الإسرائيلية، التي تطالب الجيش بضرورة إنهاء العمليات العسكرية في غزة بشكل عام وبالتحديد شمال القطاع، إلا أن بعض الوزراء في الحكومة اليمينية المتطرفة من بينهم ايتمار بن غفير وسموتريتش وغيرهم، ما زالوا يؤيدون خطوة الاستيطان في غزة ويقدمون الدعم المالي لتطبيقها.
ويرى الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي محمود الزق أن «الجيش يعتبر مخيم جباليا مركز ثقل للمقاومة على مستوى شمال القطاع، والمعركة في مخيم جباليا تعتبر نقطة مفصلية بالنسبة للمقاومة، والتي تعتبر أن نجاح خطة الجنرالات في كسر المقاومة وفرض سيطرة أمنية كاملة للجيش هناك، ستكون مقدمة لتهجير باقي سكان القطاع لاحقا والقضاء على أي وجود للمقاومة، وبالتالي هناك دعم من السكان إلى جانب المقاومة لمنع تطبيق أي خطة تهجير للسكان».
وقال لـ«القدس العربي» إن «سكان جباليا واجهوا أبشع صور القهر والاضطهاد مرورا بارتكاب المجازر وصولا إلى تجويع السكان لأشهر، ومنع دخول الطعام والماء وفقدان العشرات من السكان أرواحهم، لاسيما الأطفال والمرضى وكبار السن بسبب سوء التغذية، لذلك لم يعد أمامهم خيار إلا الحفاظ على كرامتهم ومواجهة الموت».
وأضاف إن «ما يعانيه النازحون في جنوب قطاع غزة، الذي أجبروا قسرا وخلال الأيام الأولى من الحرب للنزوح، والعيش داخل خيام مهترئة لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء، حتى أن القوارض والحشرات تسكن خيامهم، كل هذه المعاناة دفعت السكان في شمال غزة إلى عدم انصياعهم للأوامر والنزوح للجنوب، لعدم رغبتهم في خوض التجربة القاسية التي يمر بها النازحون في الجنوب».
وتوقع أن «تنتهي العملية في جباليا خلال أسابيع قليلة بفشل الخطة لعدة أسباب، أولها أن المقاومة لا تزال تعمل وبخطط عالية الدقة بعد مرور أكثر من شهر، حتى مع الحصار الخانق والضغط العسكري على المخيم، وتكبيد الجيش خسائر في الأرواح والعتاد، ثانيا حجم القتل والمجازر التي يواصل الجيش ارتكابها انتقاما من السكان زاد من حدة العزلة لإسرائيل، وبدأت تخرج أصوات عربية ودولية تندد بما يحصل من مجازر، ذلك يدفع بالشبان من داخل مدن الضفة الغربية والداخل المحتل وحتى من الأردن، لتنفيذ عمليات داخل إسرائيل انتقاما لدماء الشهداء».

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية