واشنطن – رويترز: قال «صندوق النقد الدولي» في وقت متأخر يوم الخميس إن تصعيد الصراع في الشرق الأوسط قد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على المنطقة والاقتصاد العالمي، لكن أسعار السلع الأولية لا تزال -رغم ارتفاعها- أقل من أعلى مستوياتها في العام الماضي.
وصرحت جولي كوزاك، المتحدثة باسم الصندوق، في إفادة صحافية روتينية بأن الصندوق يتابع عن كثب الوضع في جنوب لبنان «بقلق بالغ» وقدمت تعازيها في القتلى هناك. وأضافت «احتمال تصعيد الصراع يزيد من المخاطر وحالة عدم اليقين وقد تكون له تداعيات اقتصادية كبيرة على المنطقة وخارجها».
وأوضحت أن من السابق لأوانه التنبؤ بتأثيرات محددة على الاقتصاد العالمي، لكنها أشارت إلى أن اقتصادات المنطقة تعاني بالفعل بشدة، ولا سيما في قطاع غزة، حيث يواجه السكان «ظروفا اجتماعية واقتصادية قاسية وأزمة إنسانية ونقصا في المساعدات».
وقالت كوزاك إن صندوق النقد يُقَدِّر أن الناتج المحلي الإجمالي في غزة انخفض 86 في المئة في النصف الأول من العام الجاري، في حين من المرجح أن الناتج المحلي الإجمالي للضفة الغربية في الفترة نفسها تراجع 25 في المئة، مع وجود احتمالات لحدوث مزيد من التدهور.
وأضافت أن الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل انكمش بنحو 20 في المئة في الربع الأخير من 2023 بعد اندلاع الصراع، ولم تشهد البلاد سوى انتعاش جزئي في النصف الأول من العام الجاري.
وقالت المتحدثة إن التأثير الرئيسي للصراع على الاقتصاد العالمي تجلى في ارتفاع أسعار السلع الأساسية، بما في ذلك النفط والحبوب، فضلاً عن زيادة تكاليف الشحن، مع تجنب السفن هجمات حركة الحوثي اليمنية على الملاحة في البحر الأحمر.
وفيما يتعلق بالتداعيات المحتملة للصراع على الاقتصاد العالمي في الأسابيع المقبلة فإنها اقتصرت حتى الآن على أسواق المال حيث يلجأ المستثمرون إلى استثمارات الملاذ الآمن.
واستفاد الدولار من الهجوم الصاروخي الإيراني على إسرائيل مع تداول مؤشر العملة الأمريكية الذي يقيس أداءها مقابل اليورو والين وأربع عملات رئيسية أخرى بالقرب من أعلى مستوياته في ثلاثة أسابيع.
وارتفعت أسعار النفط بنحو 9% خلال الأسبوع وسط مخاوف من أن الصراع الأوسع قد يعطل تدفقات الخام من المنطقة، إذا قررت إسرائيل على سبيل المثال استهداف بُنية تحتية نفطية في إيران مما قد يستتبع بدوره رداً إيرانياً.
ولكن من غير المرجح أن يتحول ذلك إلى ارتفاع في أسعار المنتجات البترولية المقدمة للمستهلكين. ويشير محللون إلى أن الولايات المتحدة لديها مستويات عالية من مخزونات النفط الخام في حين أن الدول المنتجة في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» لديها ما يكفي من الطاقة الاحتياطية لتخفيف تأثير الاضطرابات، على الأقل في الأمد القريب.
ويبلغ سعر العقود الآجلة لخام برنت حالياً نحو 75 دولاراً للبرميل، وهو أقل من مستوى 84 دولاراً التي بلغته وقت الهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على إسرائيل قبل عام تقريبا، وأقل كثيرا من أعلى مستوياتها عند 130 دولاراً بعد غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
ومن المتوقع أن تتأثر أوروبا بارتفاع أسعار النفط لأنها، على عكس الولايات المتحدة، ليس لديها إنتاج محلي كبير من الخام. ولكن صناع السياسات في أوروبا يقَدِّرون أن ارتفاعا قدره 10 في المئة في أسعار النفط سيرفع التضخم 0.1 نقطة مئوية فقط.
غير أن التداعيات الاقتصادية ستكون أوضح وأشد قوة في حالة الحرب الشاملة التي تتضمن هجمات أوسع على البُنية التحتية للطاقة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط والخليج بالإضافة إلى المزيد من الاضطرابات في طرق التجارة عبر البحر الأحمر.
وقدرت شركة «أكسفورد إيكونومكس» أن مثل هذا السيناريو من شأنه أن يرفع أسعار النفط إلى 130 دولاراً للبرميل ويقلص نمو الناتج المحلي العالمي العام المقبل بنحو 0.4 نقطة مئوية، والذي يتوقعه «صندوق النقد الدولي» حالياً عند 3.3 في المئة.