واشنطن – وكالات الانباء: قلص صندوق النقد الدولي امس الثلاثاء توقعاته للنمو الاقتصادي العالمي خلال العامين الحالي والمقبل بسبب الانخفاض الحاد في الانفاق الحكومي في الولايات المتحدة ومتاعب الاتحاد الأوروبي الذي يعاني من الكساد.
ومع ذلك ذكر الصندوق أن الآفاق الاقتصادية تحسنت في الشهور القليلة الماضية مع انحسار المخاطر المالية. كما عدل بالارتفاع توقعاته لليابان ورحب بالسياسات النقدية الجديدة التي أعلنها بنك اليابان المركزي التي قال إنها ستقود إلى نمو أسرع وارتفاع مرغوب في معدل التضخم.
وذكر البنك في تقريره الدوري عن الآفاق الاقتصادية العالمية ‘الآفاق الاقتصادية العالمية تحسنت من جديد لكن الطريق إلى الانتعاش في الاقتصادات المتقدمة سيظل صعبا.’
وخفض الصندوق توقعاته للنمو العالمي في 2013 إلى 3.3 في المئة من توقعاته السابقة في يناير كانون الثاني عند 3.5 في المئة. كما قلص توقعاته للنمو في 2014 إلى 4.0 بالمئة من 4.1 بالمئة.
ودفعت توقعات أكثر قتامة لكل الولايات المتحدة ومنطقة اليورو الصندوق إلى تقليص توقعاته لنمو الاقتصادات المتقدمة إلى 1.2 في المئة هذا العام. وأبقى الصندوق على توقعاته لعام 2014 دون تغيير عند 2.2 بالمئة.
كما خفض الصندوق توقعاته لنمو الاقتصادات الناشئة إلى 5.3 بالمئة هذا العام رغم قوله إن النمو يتسارع بالفعل وسيبلغ 5.7 بالمئة في 2014.
وقال الصندوق إن النمو في الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم واحدى قاطرات الاقتصاد العالمي عاد إلى وتيرة طيبة بينما توقع تعافي النشاط الاقتصادي في البرازيل أكبر اقتصاد في أمريكا الجنوبية العام المقبل.
وتوقع التقرير أن يساعد الطلب المحلي القوي في أفريقيا جنوب الصحراء في تعزيز النمو في كل من الاقتصادات الغنية والفقيرة في الموارد الطبيعية في تلك المنطقة.
وقالت كريستين لاغارد رئيسة صندوق النقد ‘ما كان حتى الآن هو مساران للنمو الأول قوي في الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية والثاني ضعيف في الاقتصادات المتقدمة ولكن أضيف إليهما مسار ثالث’.
وأضافت أن ‘الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية مازالت تمضي بقوة ولكن في الاقتصادات المتقدمة هناك تفاوت متزايد بين الولايات المتحدة من ناحية ومنطقة اليورو من ناحية أخرى’.
وأشار الصندوق إلى أن ظروف الائتمان الصعبة في منطقة اليورو مازالت تضر بالاقتصاد فيها حيث مازال الركود الحاد قائما في أغلب أجزائها.
نقاط مضيئة في الاقتصاد الأمريكي
ويرى الصندوق أن الاقتصاد الأمريكي يظهر مؤشرات قوية على التعافي رغم وجود المخاطر الناجمة عن الخفض الحاد والكبير في الإنفاق العام للحكومة الأمريكية واستمرار أزمة ديون الاتحاد الأوروبي.
وأضاف الصندوق إن تعافي الاقتصاد الأمريكي ‘بدأ يظهر بعض النقاط المضيئة’ رغم معاناته من موجة جفاف وكارثة طبيعية وحافة الهاوية المالية العام الماضي.
وأشار الصندوق إلى أن القروض من البنوك وغيرها من المؤسسات المالية أصبحت أيسر لكل من الشركات والأفراد وهو ما ساعد في تعزيز الإنفاق الاستهلاكي وتعافي قطاع التشييد الذي عانى من الانكماش لسنوات عديدة.
كما تحسنت أسعار المساكن وتراجع معدل البطالة إلى أقل من 8′ لأول مرة منذ 4 سنوات.
في الوقت نفسه فإن الأجور استقرت ومازال معدل التضخم تحت السيطرة بما يتيح لصناع القرار في مجلس الاحتياط الاتحادي (البنك المركزي) الأمريكي الإبقاء على سعر الفائدة عند مستواه القريب من صفر في المئة ولعدة سنوات مقبلة بهدف زيادة المساحة أمام تعافي أكبر اقتصاد في العالم.
ويتوقع صندوق النقد تراجع معدل نمو الاقتصاد الأمريكي من 2.2′ العام الماضي إلى 1.9′ خلال العام الحالي قبل أن يقفز إلى 3′ العام المقبل.
وأشار صندوق النقد إلى توازن المخاطر للاقتصاد الأمريكي مازال يمثل الجانب السلبي رغم تراجع هذه المخاطر. ومازال الخطر الأكبر الذي يهدد الاقتصاد الأمريكي هو تفاقم الأزمة المالية في منطقة اليورو والتي تهدد الصادرات الأمريكية سواء من خلال تراجع الطلب عليها في أوروبا أو بدفع المستثمرين نحو الدولار وهو ما يؤدي إلى ارتفاع قيمته بما ينعكس سلبا على الصادرات الأمريكية في الأسواق الدولية.
في الوقت نفسه حذر الصندوق من المخاطر التي تهدد النظام المصرفي الأمريكي جراء ذلك .
ودعا الصندوق إلى أن يكون خفض عجز الميزانية الأمريكية على المدى المتوسط أولوية قصوى بالنسبة للسياسة الاقتصادية الأمريكية من خلال خفض مخصصات الضمان الاجتماعي وإجراء إصلاحات مالية وزيادة إيرادات الحكومة.
وبعد خمس سنوات تقريبا على اندلاع الازمة المالية حذر صندوق النقد الدولي من التفتت المتزايد للاقتصاد العالمي، بين دينامية البلدان الناشئة ومقاومة الولايات المتحدة، والتراجع المستمر لمنطقة اليورو.
وقال كبير الخبراء الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي اوليفيه بلانشار في مؤتمر صحافي ‘نحن في وضع افضل … لكننا لم نخرج بعد من الازمة.’
وتجد هذه اللوحة القاتمة ترجمتها بالارقام. فقد اعاد صندوق النقد الدولي النظر في اجمالي الناتج العالمي وتوقع ان يبلغ 3.3′ هذه السنة، في مقابل 3.5′ كانت متوقعة في كانون الثاني/يناير، و3.2′ العام الماضي.
وتواصل منطقة اليورو، خصوصا الوضع في قبرص وايطاليا، استقطاب هواجس صندوق النقد الذي يعقد جمعيته العمومية هذا الاسبوع في واشنطن.
واضاف بلانشار ان ‘الفراغ في منطقة اليورو امر مثير للقلق’، مشيرا الى الصعوبات التي تواجهها المؤسسات والافراد للاقتراض في البلدان ‘المحيطة’ بالمنطقة و’الغموض الكبير’ حول وضع بعض المصارف.
وفيما تتكاثر الخطط الاقتصادية في اوروبا، يعرب صندوق النقد الدولي ايضا في تقريره عن قلقه من ‘وهن’ متصل بخطط التقشف.
واعتبر كبير الخبراء الاقتصاديين انه ‘اذا ما توافرت لاحد البلدان الامكانية، من الضروري ان يفكر في ما يمكن القيام به لخفض وتيرة تصحيح الميزانية حتى تحافظ على صدقيتها، على الا ينجم عنها تأثير سلبي على الطلب’، مشددا على ضرورة ان تعيد بريطانيا النظر في سياسة التقشف التي تطبقها.
وهذا ليس الخطر الوحيد الذي يكشف عنه صندوق النقد الدولي. ولأنها المنطقة الوحيدة التي تواجه كسادا في العالم، تشهد اوروبا مزيدا من التراجع مقارنة بالمناطق الاخرى، مما يؤدي الى تعقيد التعاون بين البلدان والبحث عن حلول شاملة.
وكتب اوليفييه بلانشار في مقدمة التقرير ان ‘ما كان حتى الان انتعاشا بسرعتين -قويا في البلدان الناشئة لكنه ضعيف في الاقتصادات المتقدمة-، بات انتعاشا بثلاث سرعات’، مشيرا الى تزايد ‘الفارق’ بين الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة.
وستواجه الولايات المتحدة التي ارهقتها الاقتطاعات التلقائية في الميزانية، حالا من المراوحة هذه السنة (+1,9’، بتراجع 0,2 نقطة)، لكنها ستبقى في وضع تحسد عليه ‘بفضل طلب داخلي متين’، كما يقول صندوق النقد الدولي.
لكن صندوق النقد يعرب عن ‘قلقه’ من الا تبصر النور اي خطة تتمتع بالصدقية لخفض العجز في البلاد، فيما سيرفع سقف الدين لتجنب العجز عن الدفع.
ولا تواجه كبرى البلدان الناشئة هذه المشكلة. وعلى رغم تراجع توقعات النمو في الصين (+8,0′) وخصوصا في البرازيل (3,0′)، يتوقع ان تؤكد حيويتها هذه السنة والاستمرار في حمل الاقتصاد العالمي.
واعتبر صندوق النقد ان ‘الصين عادت الى وتيرة نمو سليمة’.
لكن الصندوق كشف عن ‘استثناء’ يتمثل بالمغرب العربي والشرق الاوسط، حيث من المتوقع ان يتباطأ تقدم النشاط بالمقارنة مع 2012 بسبب ‘عمليات الانتقال السياسي’ في عدد من البلدان التي يحاول صندوق النقد ابرام اتفاق معها (مصر، تونس …).
ويعرب صندوق النقد الذي خرج من جبهة النمو عن ارتياحه لتراجع بعض الاختلالات العالمية وينتقد مرة اخرى فرضية اندلاع حرب عملات ويصفها بأنها ‘مبالغ فيها’.
وفيما عمدت اليابان الى تليين سياستها النقدية، دافع صندوق النقد الدولي من جديد عن التدابير التي اتخذتها المصارف المركزية لمعالجة الازمة (خفض نسبة الفوائد وضخ السيولة). لكنه حذر من بعض النتائج غير المرغوب فيها لهذه السياسات، كتدفق رؤوس الاموال المقوضة للاستقرار نحو البلدان الناشئة.
وخلص بلانشار الى القول ‘يتعين فعلا مراقبة هذه الامور’.
ويرى صندوق النقد الدولي أن البنك المركزي الأوروبي لديه هامش لخفض أسعار الفائدة بعدما خفضت المنظمة الدولية اليوم الثلاثاء توقعاتها لنمو منطقة اليورو وتكهنت بحدوث تراجع في معدل التضخم.
وجاء في تقرير صندوق النقد أن ‘المجال لا يزال متاحا لإجراء المزيد من التيسير التقليدي’ ، بينما حذر من تهديد ‘ركود طويل في منطقة اليورو’.
لكن الصندوق يتوقع حتى اللحظة الراهنة أن يكتسب النمو الاقتصادي تدريجيا قوة الدفع على مدار العام مع توقع أن يسجل تكتل العملة الموحدة الذي يضم 17 دولة نموا يبلغ 1.1′ العام القادم.
غير أن البطالة من المتوقع أن تظل عند مستوى 12.3′.
وفي تقريره قال الصندوق إن مجموعة من الإجراءات التي اتخذها كل من البنك المركزي الأوروبي والقادة الأوروبيين تسهم في تخفيف حدة المخاطر. لكنه نبه إلى أن المنطقة تعرضت لمجموعة من الضغوط التي تهدد تعافيها.
من بين ذلك، عدم اليقين الحالي في إيطاليا وقبرص وكذلك قوة اليورو الذي يمكن أن يضعف صادرات المنطقة من الآلات.
ويتوقع الصندوق أن تشهد الاقتصادات المتقدمة في أوروبا بما فيها بريطانيا ودول أخرى غير عضو بمنطقة اليورو ركودا هذاالعام قبل أن تنمو بمعدل 2ر1′ في عام 2014 تعززه التجارة مع الاقتصادات الصاعدة مثل تركيا.
ومن المتوقع أن تزداد سرعة اقتصادات دول وسط أوروبا على مدار العام لتسجل نموا يبلغ معدله 2.2′ هذا العام و2.8′ في العام القادم.
تباطؤ النمو في الشرق الاوسط
وتوقع عودة اقتصاد ايران للانتعاش
وجاء في تقرير صندوق النقد الدولي ان النمو الاقتصادي في الدول النفطية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا سيتراجع الى 3.2 في المئة العام 2013 مقابل 5.7 في المئة العام الماضي نظرا لضعف الطلب العالمي على الخام.
وفي المقابل ستشهد الدول غير النفطية في المنطقة نموا نسبته 2.7 في المئة مقارنة مع 1.9 في المنة العام 2012 رغم بقائها معرضة للتقلبات السياسية وتراجع المبادلات التجارية مع اوروبا وارتفاع اسعار المواد الاولية.
وافادت توقعات الصندوق للاقتصاد العالمي ان ‘الدول المصدرة للنفط في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا شهدت عام 2012 نموا اقتصاديا قويا بمعدلات قاربت 5.75 في المئة’.
واوضح التقرير ان هذا الاداء مرده استعادة ليبيا قدراتها الانتاجية بشكل شبه كامل والنمو الاقتصادي القوي في دول الخليج. واضاف ان ‘النمو سيتراجع الى 3,25 في المئة العام الحالي لان الزيادة في الانتاج متوقفة وسط ضعف نسبي في الطالب العالمي على النفط’.
والسعودية من ابرز دول اوبك المصدرة للنفط في المنطقة اضافة الى العراق وايران وليبيا والجزائر ودول خليجية اخرى واليمن.
واضاف التقرير ان امدادات النفط العراقية والليبية ‘ستعوض بشكل كبير تراجع صادرات النفطية الايرانية العام الحالي’ مشيرا الى ان تراجعا ملحوظا في الطلب على النفط السعودي من شانه تخفيض الانتاج بشكل طفيف’.
اما الانتاج الاجمالي الاحمالي للدول النفطية فسيكون بحدود 4.2 في المئة العام الحالي مدعوما بازدياد النفقات الحكومية بحسب صندوق النقد الذي يتوقع ان ترتفع نسبة النمو الاقتصادي الى 3.7 في المئة العام 2014.
وستتراجع نسبة النمو في السعودية من 6.8 العام 2012 الى 4.4 في المئة العام الحالي في حين ستنخفض في الامارات من 3.9 العام الماضي الى 3.1 في المئة العام الحالي.
وفي الكويت سيتراجع النمو بشكل كبير من 5.1 العام 2012 الى 1.1 في المئة العام الحالي كما سينخض الى 5.2 في المئة في قطر العام 2013 من 6.6 العام 2012.
وفي العراق سترتفع نسبة النمو الى تسعة في المئة العام الحالي مقابل 8.4 العام الماضي، كما ستزداد الى 3.3 في المئة من الجزائر حيث كانت 2.5 العام الماضي.
وفي ليبيا سينمو الاقتصاد بمعدل ستة في المئة مدعوما بازدياد الصادرات النفطية التي تقترب من مستوياتها السابقة للانتفاضة التي اودت بنظام العقيد معمر القذافي العام 2011.
اما الدول غير النفطية في الشرق الاوسط وشمال افريقيا، فان النمو ما يزال رهن التقلبات السياسية والاضطرابت المرتبطة بحركات الاحتجاح و’المضاعفات الاقليمية لتصاعد النزاع في سوريا’.
ويشير التقرير الى تراجع واردات الشركاء الاوروبيين لهذه الدول وارتفاع اسعار المواد الاولية وخصوصا المنتجات الغذائية والنفطية.
والدول غير النفطية هي مصر والاردن ولبنان والمغرب والسودان وتونس وجيبوتي وموريتانيا. وتم استبعاد سوريا بسبب النزاع.
اما السودان الذي شهد اقتصاده انكماشا بنسبة 4.4 في المئة العام 2012 فسيستعيد نموه العام 2013 بنسبة 1.2 في المئة.
وفي تونس ستبلغ نسبة نمو الاقتصاد اربعة في المئة العام الحالي مقابل 3.6 العام الماضي، في حين ستنخفض نسبة النمو في مصر التي تتفاوض مع صندوق النقد للحصول على قرض الى 2 في المئة من 2.2 في المئة العام 2012.
من جهة ثانية قال صندوق النقد الدولي إن اقتصاد إيران لن يتخلص من الركود جراء العقوبات الدولية المفروضة على البلاد بسبب برنامجها النووي المثير للجدل حتى 2014 وذلك بعد عام من توقعات سابقة.
وسببت العقوبات أضرارا للتجارة ومنعت إيران بشكل كبير من التعامل مع النظام المصرفي العالمي منذ أواخر 2011 ويعتقد محللون أن صادرات الجمهورية الإسلامية من النفط هبطت بمقدار النصف تقريبا.
لكن صندوق النقد الدولي قال إن إيران تمكنت من تفادي أي أزمة في ميزان المدفوعات وذلك في تقرير أشار إلى أن العقوبات لا تزال بعيدة عن إحداث تأثير يصيب الاقتصاد الإيراني بالشلل وهو ما يسعى إليه قادة الولايات المتحدة.
وقيدت إيران الحصول على بيانات اقتصادية حساسة أثناء الأزمة النووية لذا فإن التحليلات من صندوق النقد الذي لا يزال على صلة مع السلطات في طهران ربما تظهر أدق مؤشرات متاحة عن الوضع الاقتصادي في البلاد.
وقال الصندوق في تقرير يشكل جزء من تحليله نصف السنوي للاقتصاد العالمي إن الناتج المحلي الإجمالي الإيراني من المتوقع أن ينكمش 1.3 في المئة هذا العام بعدما انكمش 1.9 في المئة العام الماضي.
ويشكل ذلك خفضا في التوقعات عن التقرير السابق للصندوق في تشرين الأول/اكتوبر حينما توقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي في إيران 0.9 في المئة فقط في 2012 وأن ينمو الناتج 0.8 في المئة في 2013.
وتم إعداد أحدث تقرير للصندوق قبل الزلزال المدمر الذي ضرب إيران امس الثلاثاء قرب حدودها مع باكستان.
وتوقع الصندوق أن يرتفع معدل البطالة في إيران إلى 13.4 في المئة هذا العام و14.7 في المئة في 2014 من 12.5 في المئة في 2012.
وتوقع الصندوق أيضا أن يستأنف الاقتصاد الإيراني نموه مجددا في 2014 بواقع 1.1 في المئة. ويشير ذلك إلى أن الاقتصاد سيكون قادرا على تدبير مصادر محلية للطلب ليعوض جزئيا الأضرار التي لحقت بالصناعات التصديرية.
وتسببت العقوبات في أن يصبح عشرات الآلاف بلا عمل إضافة إلى خفض مستويات المعيشة على مدى العام الماضي لكن اقتصاد إيران وقوامه 500 مليار دولار يعد كبيرا ومتنوعا بشكل يكفي لدوران عجلاته في مجالات كثيرة وذلك بحسب رجال أعمال يعملون هناك.
وتوقع صندوق النقد استمرار الفوائض الخارجية في إيران وأن يبلغ فائض المعاملات الجارية الذي يغطي التجارة في السلع والخدمات 3.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2013 و1.9 في المئة في 2014 بعد 4.9 في المئة العام الماضي.
وإذا كانت تلك الأرقام دقيقة فإن ذلك يعني أن العقوبات أخفقت في دفع احتياطيات إيران من النقد الأجنبي للهبوط إلى مستويات حرجة. وتستهدف عقوبات كثيرة ميزان المدفوعات الإيراني كجزء ضعيف في الاقتصاد.
وواصلت إيران معظم تجارتها من خلال صفقات المقايضة وشبكة من شركات الواجهة. وفرضت أيضا قيودا على الأموال بينما يتراجع الريال الإيراني الذي فقد حوالي ثلثي قيمته مقابل الدولار في السوق الحرة على مدى 15 شهرا وهو ما يبدو أنه ساعد ميزان المدفوعات من خلال منع بعض الواردات غير المهمة.
وتوقع الصندوق تراجع متوسط معدل التضخم في إيران بشكل معتدل إلى 27.2 في المئة في 2013 و21.1 في المئة في 2014 من 30.6 في المئة العام الماضي. وارتفع التضخم بشكل حاد في نهاية 2010 حينما خفضت الحكومة دعم الغذاء والوقود ومنذ ذلك الحين شكلت العقوبات مزيدا من الضغوط الصعودية على الأسعار بإضعاف قيمة العملة.
وقال الصندوق ‘من المرجح أن تظل بيئة الاقتصاد الكلي صعبة نظرا للهبوط الحاد في قيمة العملة والأوضاع الخارجية غير المواتية وهو ما يدفع التضخم للصعود إلى مستويات مرتفعة نسبيا’. ولم يذكر الصندوق مزيدا من التعليقات عن توقعاته لإيران.
تفاؤل بشأن افريقيا
وقال صندوق النقد إن من المتوقع أن تشهد دول أفريقيا جنوب الصحراء نموا اقتصاديا سريعا ومستمرا خلال العامين الحالي والقادم يقوده طلب محلي قوي وتضخم متدني.
وعلى الرغم من ذلك، خفض صندوق النقد بشكل طفيف توقعاته للمنطقة هذا العام من 7ر5′ إلى 5ر5′.
وبلغ معدل النمو في العام الماضي 75ر4′ وهو ما يقل بشكل طفيف عن التوقعات الماضية، ويرجع ذلك جزئيا إلى الناتج في نيجيريا الذي جاء أقل من المتوقع والاضطرابات العمالية في جنوب أفريقيا وتوقف إنتاج النفط في جنوب السودان.
كان الصراع في منطقة غرب أفريقيا ومالي له تأثير سلبي على اقتصاد المنطقة.
وأضاف الصندوق أن من المتوقع أن ينمو اقتصاد جنوب أفريقيا القوة الاقتصادية في القارة بمعدل ضعيف على غير العادة يبلغ 75ر2′ هذا العام، ‘ويرجع ذلك إلى تباطؤ ناتج قطاع التعدين وضعف الطلب في منطقة اليورو، السوق الرئيسية لها’.
وقال إن ناتج جنوب أفريقيا سيرتفع العام القادم بنسبة 3ر3’، فيما ستشهد أيضا الدول الأخرى ذات الدخل المتوسط في المنطقة نموا أكثر إذا ما كان هناك تحسن في أماكن أخرى في العالم خصوصا في أوروبا.
ويشهد معظم أنحاء القارة تراجعا في التضخم ما ساعد جزئيا في تحقيق إنتاج محلي أفضل للأغذية. لكن بعض الدول الفقيرة سريعة النمو مثل إثيوبيا وتنزانيا تشهد ارتفاع أسعار المستهلكين بشكل سريع.
وفي حين يظل دائما الصراع والاضطرابات السياسية هما مصدر الخطر في أفريقيا ، ستكون الهواجس الرئيسية للنمو الاقتصادي هي ضعف الانتعاش في منطقة اليورو وتراجع الاستثمار الأجنبي في القارة.
وحذر صندوق النقد من أن الكثير من الاقتصادات في أفريقيا ستظل في حاجة إلى تنويع أكبر وأنه لا تزال هناك فجوات كبيرة بين احتياجات البنية التحتية والأبنية والمنشآت القائمة.