ضقنا بكم ذرعاً أيها اليمينيون الاسرائيليون المتلونون

حجم الخط
0

ويْلاه.. ما أشد نفاق نقاد نتنياهو، الذي أفرج عن سجناء فلسطينيين قُبيل بدء التفاوض. ويا للجهد العظيم الذي بُذل للبرهنة على ان رئيس الوزراء أدار ظهره لايديولوجيته. إن جميع النقاد واصحاب الرأي يتجهمون ويقولون ‘إنها بُذلت مقابل لا شيء’. ولا أضم الى الحساب دموع التماسيح التي ذرفتها إييلت شكيد، في الرسالة الوقحة التي أرسلتها الى وزير الخارجية الامريكي.
إن منطق الهجوم واضح، فهؤلاء الاشخاص قتلوا أبناءنا ونحن نتفضل على مُرسليهم. صحيح أنه ليس واضحا ما الذي سينتج عن التفاوض. وصحيح ان الفروق بين الطرفين لا يمكن التقريب بينها. لكن كيف يستطيع نتنياهو من جهة ثانية ان يأتي الى محادثات سلام مع مُضايقة زئيف إلكين ونفتالي بينيت وأوريت ستروك وتسيبي حوتوبيلي له؟ ولماذا يتفضل الفلسطينيون أصلا بمحادثة حكومة يتناول متحدثوها المركزيون باستخفاف التزامات رئيس الوزراء في خطبة بار ايلان؟ إن الانتقاد المنافق لنتنياهو يتجاهل مسألة جوهرية، وهي ان الافراج عن السجناء يُنفذ بسبب رفض الحكومة ان تُظهر ولو أدنى قدر من الارادة الخيّرة في موضوعات اخرى.
لو أن رئيس الوزراء قال بصوت صاف واضح إن البناء في يهودا والسامرة سيتوقف وقت التفاوض لأمكن منع الافراج عن ‘قتلة مع دم على الأيدي’، لكنه لم يتجرأ على فعل ذلك. واذا أخذنا في الحسبان الخيارات التي كانت مُتاحة لبنيامين نتنياهو فانه قد أخذ باجراء يتساوق وتصوره العام.
كان يستطيع ان يرفض كل دعوة الى حوار الفلسطينيين، لكنه كان سيُعرض نفسه آنذاك لخطر ان يصبح التهديد بالمقاطعة الاوروبية مقاطعة عالمية عامة. وكان يستطيع ان يوقف البناء في المناطق فترة محددة، لكنه كان سيُعرض نفسه آنذاك لخطر تمرد داخلي لا يعلم أحد ماذا تكون عاقبته. فلا عجب اذا من انه فضل الافراج عن سجناء فلسطينيين.
لم أسمع هذا العويل حينما أُفرج عن 1027 سجينا ومعتقلا أمنيا مقابل الجندي جلعاد شاليط (وأنا أكشف هنا عن أنني نشرت في ذلك الوقت عددا من المقالات المعارضة لصفقة شاليط)؛ بالعكس، ضجت البلاد بعشرات الحملات الدعائية والمسيرات الداعية الى الافراج عنه. وجاء طلب انقاذ جندي من أسره من أعماق قلوب جماهير بيت اسرائيل.
ويبدو هنا ان نفس اولئك الذين هتفوا لصفقة شاليط التي زادت جدا في شعبية رئيس الوزراء، يهاجمون الآن نتنياهو بكامل القوة، لأنه أفرج عن سجناء ليُمكّن من محادثات سلام مع الفلسطينيين، هي مصلحة دولة اسرائيل الخالصة. وإن قرار نتنياهو الحاسم هذا هو الأول في سلسلة قرارات صعبة سيضطر الى اتخاذها. إن وجه الشرق الاوسط يتغير ازاء نواظرنا وتنشأ أخطار جديدة وآمال جديدة ايضا. وسيضطر رئيس الوزراء الى ان يكون شجاعا وحذرا وحكيما كي يشق لدولة اسرائيل مسارا صحيحا في بحر الأحداث الهائج.
اذا كان نتنياهو يريد ان ينظر الى المستقبل، بحسب طريقته، فيجب عليه ان ينشئ حكومة مختلفة. ويجب ان تكون حكومة غير متعلقة بجسم رافض متطرف كحزب البيت اليهودي؛ وحكومة يكون حزب العمل عضوا فيها. وهكذا فقط يمكن ان نواجه كما ينبغي التحديات التي تواجهنا.

هآرتس 20/8/2013

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية