“طرد العرب بعون الله”.. نظرة إسرائيلية للتخلص من المشكلة الديمغرافية

حجم الخط
0

هل نحن قادرون على فهم ما سيحدث في العام 2065 عندما يعيش 31 مليون شخص هنا؟ أريد أن أضيف وأؤكد عدة مواضيع عقب المقال المهم الذي كتبه جلعاد هيرشبرغر وسيون هيرشهبلر وشاؤول اريئيلي. “في الوقت الذي غفوتم فيه، تحول اليهود إلى أقلية في أرض إسرائيل” (“هآرتس”، 5/8). نعم، اليهود في 2022 أقلية في أرض إسرائيل، كما تشير المعطيات التالية.

مع ذلك، من المهم التأكيد على أن الوضع أخطر من ذلك؛ فمن بين جميع الذين يعيشون في أرض إسرائيل، ثمة مجموعات كثيرة من غير اليهود وغير المواطنين. يدور الحديث عن عمال أجانب، بتصاريح أو بدون تصاريح، أجانب بدون تأشيرة مكوث (طلاب ورجال دين ومتطوعين)، ومهاجرين من إفريقيا وأولادهم الذين ولدوا في إسرائيل، وسياح بدون تصاريح، ومقيمين فلسطينيين استناداً للم شمل العائلات، ومقيمين فلسطينيين غير قانونيين. حسب التقدير، فإن عدد هؤلاء الاجمالي هو 650 ألف شخص. هذه الحقيقة تخفض نسبة اليهود في أرض إسرائيل إلى 46 – 47 في المئة. ويجب الإشارة أيضاً إلى أن عملية تحول اليهود إلى أقلية في أرض إسرائيل فعلياً بدأت في العام 1967. وما الذي يخفيه لنا المستقبل؟ حسب توقعات المكتب المركزي للإحصاء، سيكون في أرض إسرائيل عام 2065 31 مليون نسمة. أرض إسرائيل الآن من الدول الأكثر اكتظاظاً في العالم، ونشعر بذلك من خلال الاكتظاظ في الشوارع، وأسعار السكن، والحدائق الوطنية التي يتم إغلاقها بين حين وآخر أمام الجمهور بسبب عدد الزوار الكبير، وفي المشهد الحضري الآخذ في ملء المناطق المفتوحة. هل نحن قادرون على فهم ما سيحدث في 2065 عندما سيعيش 31 مليون شخص هنا؟

إذا كان الأمر هكذا فكيف يمكن أن تفقد أرض إسرائيل الأغلبية اليهودية، وهذه المشكلة ليست على رأس سلم الأولويات الآن؟ سأستبق وأنبه بخصوص الاستطلاعات التي تتناول الديمغرافيا. من تجربتي، أعرف أن الجمهور في معظمه غير خبير في جغرافيا أرض إسرائيل. لذلك، لا يستطيع دائماً التمييز بين مفاهيم “أرض إسرائيل” و”إسرائيل” و”يهودا والسامرة” و”قطاع غزة” و”شرقي القدس” و”منطقة المثلث” و”منطقة أم الفحم” وغيرها. لذلك، يجب أن نتناول بحذر الإجابات المتعلقة بهذه المفاهيم.

حسب رأيي، ثمة عدم اهتمام بفقدان الأغلبية اليهودية في الأوساط الوطنية، التي تتمسك بالاعتقاد الذي يجب عدم التشكيك فيه بشأن الوجود الأبدي لأغلبية يهودية في أرض إسرائيل، وثمة من يؤمنون بأن كل شيء يُحلّ بعون الله وبمساعدة طرد العرب، وهم يميلون من خلال هذا الإيمان إلى استخفاف كاسح بكل المعطيات التي ينشرها المكتب المركزي للإحصاء والإدارة المدنية. في المقابل، الجمهور العلماني وجمهور الهايتك، يخطط للهجرة من البلاد ببساطة.

في محاضرات كثيرة ألقيتها على المعلمين حول ديمغرافيا أرض إسرائيل، واجهت لدى معلمين ينتمون للأوساط الوطنية استخفافاً واستهزاء عندما شاهدوا المعطيات التي عرضتها. كل ذلك من خلال الشعور العميق بعدم وجود مشكلة حقيقية هنا، حيث إن طرد جميع العرب من هنا ليس سوى مسألة وقت. إذا كان المعلمون في هذا القطاع يشعرون بذلك، فمن الذي سيقدم الحقائق للطلاب؟

المشكلة الصعبة هي أن هذا الاعتقاد لا يتعلق فقط بأشخاص هامشيين، بل هو اعتقاد أشخاص يحتلون مواقع كبيرة وعالية جداً في هيئات رئيسية في الدولة، مثل التخطيط القومي ومؤسسات الأمن ووزارة الزراعة والمؤسسات المهمة الأخرى. وهؤلاء يضعون حقائق لا يمكن التراجع عنها. هذه الأوساط الوطنية، التي هي أقلية في السكان اليهود، تملي جدول الأعمال الوطني، وتتنكر للمعطيات وتخلق وقائع على الأرض تقودنا إلى كارثة لا يمكن العودة عنها. باسم الاحتفاظ بالضفة الغربية، يتسببون بضياع الجليل وضياع القدس وضياع النقب. قد تكون النتيجة ضياع كل أرض إسرائيل.

بقلمارنون سوفير

هآرتس 29/8/2022

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية