عام التنظيمات الجهادية الاسلامية
ssحكم الباباssspp اذا كان عام 1991 قد شهد سقوط الاتحاد السوفييتي وانهيار منظومة الدول الاشتراكية التابعة له، ونهاية المشروع الأيديولوجي لفكرة الأممية الشيوعية في العالم كلّه، فان عام 2006 الذي ينتهي اليوم يستحق أن يسمي بعام موت القومية العربية ذات الطروحات المدنية كفكرة وكمشروع بعد صراع طويل مع المرض، لصالح الأيديولوجيا الدينية الاسلامية التي أكدت في هذا العام سيطرتها الكلية علي المنطقة العربية نهائياً، وألحقت بها بقايا القوي الشيوعية والعروبية التي تتقاطع معها فكرياً في موضوع العداء لـ الغرب الاستعماري . فرغم أن فكرة القومية العربية قد بدأت بالانهيار فعلياً بعد هزيمة نظاميها الرئيسيين في نكسة حزيران 1967، الاّ أنها استمرت في المكابرة حتي مع خروج مصر من الصف العربي بتوقيعها معاهدة كامب ديفيد مع العدو الاسرائيلي، ثم توقيع الأردن اتفاقية وادي عربة، وتحولات العقيد القذافي الأفريقية، وانشاء منظومات بديلة عن فكرة الأمة العربية الواحدة كدول المغرب العربي ودول مجلس التعاون الخليجي، ونفي الفلسطينيين من الأردن الي لبنان، ثم تشريدهم بالجملة الي تونس، وبعدها اعادتهم بالمفرق الي جزء من الأرض الفلسطينية بشروط الاحتلال الاسرائيلي عقب اتفاق أوسلو، والغطاء العربي الذي قدّم للتحالف الدولي في حربه علي العراق بعد احتلال للكويت، ومن ثم العجز العربي أمام الاحتلال الأمريكي للعراق، والخلافات العربية العربية التي كانت تصل الي حد حشد الجيوش علي الحدود بين بلدين عربيين، واعتماد الولايات المتحدة الأمريكية كصوت مرجح في أي خلاف علي أي قرار عربي، وظهور شعارات مثل مصر أو الأردن أو لبنان أولاً.pppوخلال كل هذه الأحداث التي كانت تجري فيها ترقيعات لفكرة القومية العربية لم يكتب لها النجاح، مثل اعلان اتحاد الجمهوريات العربية ومحاولة الوحدة السورية العراقية، وتوقيع باقات من الاتفاقيات والمعاهدات الورقية بين مختلف الدول العربية لبث الروح في جثة هامدة.. خلال كل تلك الأحداث كان اسلام ولاية الفقيه (الحاكم) في ايران، واسلام الخلافة (المعارض) في الدول العربية ينشط بصمت داخل المجتمعات العربية عبر تقديم الرشاوي الأرضية والسماوية، بعد أن خسر الحسم العسكري عقب الحرب الايرانية العراقية، والمواجهات المسلحة للتنظيمات الجهادية الأصولية مع أكثر من سلطة عربية، ليعلن في عام 2006 انتصاره النهائي علي القومية العربية ذات الطروحات المدنية كفكرة وكمشروع، وليلحق كل بقايا التنظيمات الشيوعية والقومية المعادية لـ الغرب الاستعماري بامرة تنظيم القاعدة في العراق وحزب الله في لبنان وحماس في فلسطين.لا شك أن جزءاً هاماً من نجاح الاسلام الجهادي (بشقيه الخلافة وولاية الفقيه) يعود الي أن تنظيماتهما كانت تبذر وتزرع وتحرث في أرض تعرفها وتفهم كيفية التعامل مع تربتها، معتمدة علي ارث ديني يمتد لمئات السنين، ولكن جزءاً آخر وهاماً من نجاحها يعود الي أنها استطاعت تقديم نصر ثأري أعاد شيئاً من الثقة للجماهير العربية كانت بحاجة اليه، علي عكس التنظيمات القومية التي اكتفت بالحروب الاذاعية والتلفزيونية، فضرب أمريكا في عقر دارها في أحداث 11 سبتمبر (أيلول) ومن بعدها الضربات المؤلمة التي ألحقها تنظيم القاعدة العراقي بالجيش الأمريكي، والانسحاب الاسرائيلي من لبنان عام 2000 ومن بعده صمود حزب الله خلال العدوان الاسرائيلي علي لبنان هذا العام، والعمليات التي أثبتت فيها حماس قدرتها علي كسر هيبة اسرائيل، مكّن تلك التنظيمات من تملّك الشارع العربي، وجعلها القوي الحقيقية العظمي في المنطقة لسنوات طويلة قادمة، وحوّل كل المشاريع القومية العربية ذات الطروحات المدنية، الي شيء متحفي من الماضي، وجوده اليوم لايثير الاّ عاطفة الشفقة.9