عباس مستعد برغم كل شيء

حجم الخط
0

ماتت الرباعية منذ زمن لكن ‘شروط الرباعية’ بقيت هي الوصايا الثلاث لـ ‘مسيرة السلام’ بين اسرائيل والفلسطينيين: الامتناع عن العنف، والاعتراف بالدولة الجارة وقبول الالتزامات والاتفاقات السابقة معها. وتطلب الادارة الامريكية الى الرئيس محمود عباس أن تتبنى حكومته الجديدة هذا الثالوث المقدس. وتمسك الاتحاد الاوروبي بالثالوث ايضا. ولا يكتفي وزير الخارجية افيغدور ليبرمان بأن تفي حكومة الوحدة الفلسطينية بهذه الشروط بل يطلب أن تحتضنها حماس.
أجل إنها شروط لا نظير لها في أهميتها. وهي مهمة وعامة حتى إنه من المناسب أن تحترمها كل دولة باحثة عن السلام، واسرائيل ايضا. إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كان هو الذي أقر قاعدة ‘اذا أعطوا فسيأخذون واذا لم يعطوا فلن يأخذوا’ فتعالوا نفحص اذا عن مبلغ وفاء نتنياهو بهذه الشروط.
منع العنف: على حسب معطيات ‘بتسيلم’ قتلت قوات الامن الاسرائيلية في المناطق منذ بدء الانتفاضة الثانية في ايلول 2000 الى 2013 نحوا من 5 آلاف فلسطيني منهم نحو من 1000 حدث تحت عمر الثامنة عشرة. وأُدين سبعة جنود فقط بجنايات تتصل بموت ستة مدنيين فقط. وفي السنوات 2005 2013 انتهى 8.5 بالمئة فقط من ملفات التحقيق التي فتحت في منطقة شاي بشبهة أن اسرائيليين أضروا بفلسطينيين أو بأملاكهم، انتهت الى تقديم لائحة اتهام. ويقرر تقرير حقوق الانسان الاخير الذي صدر عن وزارة الخارجية الامريكية أن أكثر ‘هجمات ارهاب’ المستوطنين لا تبلغ الى المحاكم.
تزعم إمنستي الدولية في تقريرها الاخير أن ‘اليد اللينة التي يستعملها الجيش الاسرائيلي على المستوطنين الذين يمارسون العنف ضد الفلسطينيين، والقوة المفرطة التي يستخدمها الجيش على الفلسطينيين الذين تظاهروا اعتراضا على العنف الاسرائيلي، تُحدث وضعا يعتقد معه مستوطنون كثيرون أنهم يستطيعون الهجوم على فلسطينيين والاضرار بأملاكهم دون خشية أن يُحاكموا أو أن تكفهم السلطات في اسرائيل عن ذلك’.
اعتراف بالحق في دولة: تطلب خريطة طريق الرباعية من سنة 2003، التي ترجمت في تلك السنة الى قرار بالاجماع عن مجلس الامن، تطلب الى اسرائيل أن تنشر اعلانا لا لبس فيه يصادق على التزامها برؤيا الدولتين: ‘التي تشمل دولة فلسطينية مستقلة ذات وجود، تحيا في سلام وأمن الى جانب اسرائيل’. ولم تُجر الحكومتان برئاسة نتنياهو تباحثا في هذا الشأن ولم يُتخذ فيهما أصلا أي قرار. ولم تغير مؤسسات حزب نتنياهو نفسه موقفها الذي يرفض انشاء دولة فلسطينية بصورة مطلقة. ويسهل أن نصف رد الوزيرين نفتالي بينيت واوري اريئيل على اقتراح قرار في الحكومة يشمل كلمتي ‘دولة فلسطينية’.
احترام الالتزامات والاتفاقات السابقة: ندد مارتن اينديك رئيس فريق التفاوض الامريكي في محاضرة ألقاها الاسبوع الماضي في واشنطن بـ ‘النشاط الاستيطاني غير المكفوف الجماح في ذروة المباحثات’. ولم يذكر اينديك أن هذا النشاط هو نكث لالتزام اسرائيلي بتجميد البناء في المستوطنات ألبتة حتى من اجل الزيادة الطبيعية. وهذا الالتزام مع الوعد بنقض جميع البؤر الاستيطانية التي أنشئت منذ آذار 2001 ثابت بتقرير ميتشيل وخريطة الطريق التي وافقت عليها حكومة الليكود. وقد زاد عدد المستوطنين في الضفة منذ ذلك الحين من 220 ألفا الى 360 ألف نسمة (من غير شرقي القدس). وسجل ثلث الزيادة في المستوطنات شرقي مسار جدار الفصل.
إن البناء ‘غير المكفوف الجماح’ في المستوطنات والبؤر الاستيطانية تجسد نكثا لشروط الرباعية الثلاثة: فهو يستتبع اعمال عنف، ويشوش على احتمال انشاء دولة ذات بقاء في الضفة الغربية وشرقي القدس، وهو نكث سافر لالتزامات واتفاقات. وبرغم ذلك يعترف عباس بحكومة نتنياهو ليبرمان بينيت بل هو مستعد لأن يجري معها تفاوضا افتراضيا.

هآرتس 19/5/2014

عكيفا الدار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية