عباس مع بقاء قوات ‘الناتو’ ضمن السيادة الفلسطينية وللأبد.. ويرفض فكرة ‘الإمتحانات’ الإسرائيلية

حجم الخط
0

لندن ـ ‘القدس العربي’ يرى المعلق الأمريكي توماس فريدمان في صحيفة ‘نيويورك تايمز’ أن فكرة الرئيس الفلسطيني محمود عباس حول قوة دولية من الناتو تحرس كل مكان في الدولة الفلسطينية المنزوعة السلاح كي تحافظ على سيادتها تستحق التفكير بها.
وعلق فريدمان الذي التقى وزميلته في الصحيفة جودي رودورين الرئيس عباس في مقر إقامته برام الله على أن انعدام الثقة هو العقبة الوحيدة أمام تحقيق سلام بين الطرفين.
ولكن فريدمان لاحظ في خطاب عباس نبرة استعداد من يريد تطمين الإسرائيليين وأن أمن الفلسطينيين لا يتحقق بدون أن يشعر الإسرائيليون بالأمن.
ولاحظت الصحيفة أن اللقاء مع عباس والذي عقد يوم السبت كان الأوسع وشمل الحديث عن القضايا الأمنية وترتيباتها.
وفي بداية مقاله قال إن ما لفت انتباهه في مطار بن غوريون الإسرائيلي هو صورة للرئيس المصري أنور السادات وهو يجلس إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن في رحلة جوية وكلا الرجلين يبتسمان ‘وتلمع من وجهيهما علامات الصداقة’. لن نرى صورة كهذه تجمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع أن الجهود التي يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري تدخل مرحلتها الرئيسية والمهمة.
والسبب وراء إنعدام صورة تجمع المسؤولين الفلسطيني والإسرائيلي هو غياب الثقة وبدون وجود هذه الثقة فإن اتفاقا يقتضي التوافق على عدد من الموضوعات الصعبة والمعقدة ليس ممكنا، إذا أخذنا بالإعتبار الوقت القصير وغير الكافي الممنوح لتحقيقه. فالعملية تشبه بناء بيت من طوب لكن لا يوجد فيه إسمنت.

متحمس للفكرة

وأضاف فريدمان أنه جلس وزميلته رودورين مع الرئيس محمود عباس في مقر عمله في رام الله يوم السبت لطرح أسئلة وفهم موقفه من العملية السلمية. ويقول إن عباس عاد للفكرة القديمة وبحماسة لا مثيل لها أي دعوة الناتو لتوفير الحماية، وفي فكرة بناء البيت وتوفير الإسمنت.
فبعد اتفاق الفلسطينيين والإسرائيليين على حدود الدولة الفلسطينية يوافق الرئيس عباس على بقاء القوات الإسرائيلية في مناطق الدولة الفلسطينية خلال الخمس سنوات الإنتقالية للعمل مع القوات الأمنية الفلسطينية والأردنية و’لتطمين الرأي العام الإسرائيلي أنه لن يكون عرضة للقصف الصاروخي الذي تعرضت له بعد أن تركت إسرائيل غزة، وبعد أن تحل قوات ناتو بقيادة أمريكية في الأراضي الفلسطينية محل القوات الإسرائيلية في كل نقطة ومعبر وفي القدس الشرقية إلى جانب قوات الأمن الفلسطينية.
ويرى فريدمان أن عباس ‘كلف نفسه كثيرا’ وحاول إظهار استعداده للمضي قدما كي يتصدى لمظاهر القلق الإسرائيلية المتعلقة بالأمن ولكن ضمن اهتماماته بتحقيق السيادة على أراضي الدولة الفلسطينية والحفاظ عليها.
وقال عباس ‘لتبقى قوات الناتو المدة التي تريدها، وليس على الحدود الشرقية ولكن على الحدود الغربية.. لمدة طويلة..الوقت الذي ترغب فيه البقاء، يمكن للناتو أن يكون في كل مكان، ما المانع’.
ويرى عباس أن وجود قوات الناتو من أجل ‘تطمين الإسرائيليين ولحمايتنا، ستكون دولتنا منزوعة السلاح. هل تعتقد أن لدينا أي وهم بأن أمننا سيتحقق في الوقت الذي لا يشعر فيه الإسرائيليون بالأمن’.
ويلتفت الكاتب هنا إلى مطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو الذي يطالب بإقامة طويلة للقوات الإسرائيلية في وادي الأردن، حيث أشارت بعض التقارير لمدة 40 عاما، ومن أجل التأكد أن إسرائيل ستكون دائما قادرة على التصدي لأي هجوم من الشرق.
ويقول المسؤولون الإسرائيليون أنهم غير قادرين على التكهن بطبيعة التهديدات التي يمكن أن تظهر في العقود القادمة من الشرق، خاصة أن سوريا ولبنان والعراق تعيش اضطرابات وتؤثر وتضع ضغوطا على الأردن.
ولكن عباس يرفض فكرة بقاء القوات الإسرائيلية ضمن حدود الدولة الفلسطينية ذات السيادة على أراضيها ولمدة طويلة.
ويقول ‘بعد خمسة أعوام سيكون بلدي نظيفا من الإحتلال’، وهذا لن يكون على أساس امتحان أو فحص ‘لأداء’ السلطة الوطنية وتشرف عليه إسرائيل، فهذا سيكون ‘إهانة لنا سيقومون بامتحانا وبالطبع سنرسب’.

معارضة إسرائيلية

ويعلق فريدمان أن إسرائيل لم ترد أبدا وجود قوات دولية في الضفة الغربية مع أنها قبلت وجودها في لبنان وسوريا وفي سيناء بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد.
وفي الوقت الحالي يقول ‘قامت قوات الأمن الفلسطينية بمهمة جيدة لمنع حدوث هجمات على إسرائيل إلا أن الأخيرة لا تزال ترسل وحدات كوماندوز وقوات خاصة تقوم بمداهمات ليلية تقتل وتعتقل الفلسطينيين الذين تقول إنهم يخططون لعمليات عنف ضد إسرائيل.

حرية المناورة

ولا يخفى أنه لا الجيش الإسرائيلي ولا القوات الأمنية تريدان خسارة حرية التحرك والمناورة ولا تسليم المهمة للناتو حتى ولو كانت عملية يقودها جنرال أمريكي، مع أن كيري اقترح دورا أمريكيا يشرف على العملية من خلال أجهزة استشعار وتكنولوجيا متقدمة وليس قوات أمريكية على الأرض.
ويضيف عباس أن الإسرائيليين ‘لا يريدون طرفا ثالثا’ وقال ‘رحب (رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق) أيهود أولمرت بالفكرة، وقال لي نتنياهو مباشرة ونحن في بيته ‘لا أستطيع الإعتماد على أي شخص لحماية أمني باستثناء جيشي’، وهو لا يريد ترك مهمة حماية الحدود لنا، وقلت له ‘إذا لم تثق بحلفائك، فبمن تثق إذا، انا لا أحضر لك قوات تركية أو أندونيسية، فأجاب ‘أنا لا أثق إلا بجيشي’، الإسرائيليون محتلون ويريدون البقاء للأبد، وعندما يقولون إنهم يريدون البقاء لمدة أربعين عاما، فهذا يعني أنهم لا يريدون مغادرة أراضينا’.

قضايا جوهرية

ويعلق فريدمان أن هناك الكثير من القضايا ‘الجوهرية’ لهذه المفاوضات ـ اللاجئون والقدس والمستوطنات والحدود وغير ذلك- لكن ما يهم ‘الغالبية الصامتة’ في إسرائيل هو ما يضمن لهم بعد الإنسحاب من الضفة الغربية بعد 5، 10، 40 عاما أن لا تتحول الضفة الغربية قاعدة لضرب أراضيهم؟
وكل ما يمكن قوله إنه لا يوجد هنا اتفاق كامل في هذه المنطقة، ولن يكون هناك اتفاق بين الفلسطينين والإسرائيليين إن أصرت إسرائيل على إقامة طويلة في الضفة الغربية، ولن يكون هناك سلام طالما لم يضمن الفلسطينيون للغالبية الصامتة في إسرائيل أنهم قادرون على حفظ الأمن في المناطق التي سينسحب منها الإسرائيليون.
ويرى فريدمان أنه في ظل غياب الثقة والخوف والمطالب الإسرائيلية بتحقيق الأمن ففكرة الرئيس الفلسطيني عباس تستحق النظر، اي ما اقترحه في لقائه مع ‘نيويورك تايمز’ حول الإستعانة بقوات من حلف شمال الأطلنطي (الناتو) للإشراف على حفظ السلام، ولتحقيق هذا يقول إن هذا يتطلب من إسرائيل والفلسطينيين وأمريكا القيام بعمل شعروا بالراحة أنه خارج محاور اهتماماتهم الإستراتيجية. لكن تحقيق سلام يقتضي ترك الكثير من المحاور المريحة لكل طرف، أي تقديم تنازلات.

مواعيد غير مقدسة

وفي المقابلة قالت الصحيفة أن الرئيس عباس اقترح على وزير الخارجية جون كيري قوات من الناتو بقيادة أمريكية تحمي الدولة الفلسطينية في المستقبل وبشكل دائم،حيث سيتم وضع هذه القوات في كل مكان وأمام كل معبر وعلى الحواجز وفي القدس الشرقية.
وقال إنه سيتم التخلص من المستوطنات الإسرائيلية على مراحل وجدول زمني يتم الإتفاق عليه، في الوقت الذي لا يبقى به الجيش الإسرائيلي في مناطق الدولة الفلسطينية أكثر من خمسة أعوام.
وقال عباس إن فلسطين ستكون منزوعة السلاح أي بدون جيش فقط قوات شرطة، ومن هنا فستكون مهمة قوات الناتو منع تهريب الأسلحة والإرهاب. ولم يحدد عباس مدة لبقاء الطرف الثالث أي قوات الناتو فيمكن لهم البقاء ‘لتطمين الإسرائيليين وحمايتنا’. ووصفت الصحيفة اللقاء بأنه كان نادرا مع الزعيم الفلسطيني من ناحية حديثه الموسع حول الترتيبات الأمنية، وأظهر الثغرات التي لا تزال قائمة بين الطرفين، مشيرة إلى ان إسرائيل تصر على إقامة طويلة الأمد في وادي الأردن والتحكم بشروط ووقت انسحاب قواتها من هناك.
وترى الصحيفة أن اقتراح عباس يأتي في مرحلة حساسة بالنسبة للولايات المتحدة، حيث يحضر جون كيري وزير الخارجية لتقديم ‘خطة إطار’ حول القضايا الجوهرية لاتفاق السلام، والتي تشمل الخطة الأمنية وشكل الحدود القائمة بشكل عام على خطوط عام 1967 واعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة لليهود والقدس كعاصمة مشتركة. وستحدد تفاصيل خطة الإطار وتحفظات كل طرف عليها طريقة المفاوضات وفيما إن كانت ستتواصل بعد 29 نيسان/إبريل.
وهناك إمكانية لتمديد إطار المفاوضات طوال عام 2014، حيث توافق إسرائيل على تجميد بناء المستوطنات في المناطق التي ستكون ضمن الدولة الفلسطينية في المستقبل مقابل موافقة الرئيس عباس على عدم تقديم طلب للإنضمام لمحكمة جرائم الحرب الدولية. ووصف عباس موعد انتهاء المحادثات بأنه ليس ‘موعدا مقدسا’، ‘على افتراض أننا حققنا بعد 9 أشهر تقدما هل سنتوقف؟ لا لن أتوقف، وإذا لم يتحقق شيء في الأفق بعد 9 أشهر فسنتوقف’.
وتضيف الصحيفة إن عباس أبعد نفسه عن إطار عمل كيري مؤكدا أن من حقه قول وفعل ما يريد. وحول اقتراح عباس طرفا ثالثا لمراقبة الأمن نقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي بارز قوله ‘موقفنا من طرف ثالث هو الشك وبدرجة متطرفة’، وأكد المسؤول على فكرة ‘الأداء’ التي يرفضها عباس حيث يقول المسؤول ‘لا يمكن أن يكون التوقيت سطحيا، ويجب أن يقوم على الأداء وسيكون بإمكاننا الحكم على ما يجري عبر الأداء’.
ونقلت عن جين بساكي، المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية في رسالة عبر الإيميل ‘هناك الكثير من الأفكار التي اقترحها الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني ومن السابق لأوانه التكهن بمحتويات الإطار.
وهناك من يقول إن وزير الخارجية يعمل على ردم الهوة في الجانب الأمني من خلال الضغط على عباس كي يمدد من إطار الإتفاق وفي الوقت نفسه يحث الإسرائيليين على السماح للولايات المتحدة وربما الأردنيين تقييم شروط الإنسحاب.
ويقول مسؤول أمني إسرائيلي إن ‘نقطة التوازن لم يتم التوصل لها بعد’. ويضيف أن الولايات المتحدة تتفهم الموقف الإسرائيلي وتتقبل وجودا إسرائيليا طويل الأمد ولكنها في الوقت نفسه تريد ربطه بحاجات الفلسطينيين لدولة ذات سيادة.
طلب مستحيل

وقال عباس إن اعتراف الفلسطينيين بإسرائيل كدولة يهودية ‘مستحيل’ مشيرا إلى أنه لم يشترط على الأردنيين والمصريين هذا الشرط عندما وقعت إسرائيل معاهدات سلام معهم. وقال عباس إنه يواجه ضغوطا من الفلسطينيين والشارع الفلسطيني ومن حزبه، حركة فتح للإنضمام لمؤسسات الأمم المتحدة ومحاكمها قائلا انه لا يحب المحاكم ‘أريد حل مشاكلي مباشرة مع الأطراف’ المعنية ولكن ‘إن لم أحصل على حقوقي، ضعي نفسك مكاني، ماذا أفعل؟’.
وحول ما إذا كان سيسمح بانتفاضة ثالثة أجاب ‘في حياتي، وإن تبقى لي الكثير للعيش في المستقبل، فلن أسمح بعودة الكفاح المسلح’.
وترى الصحيفة أن اقتراح الناتو ليس جديدا، فقد حظيت الفكرة بدعم أولمرت والرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، وقال عباس إنه تقدم بفكرة قوة أمريكية تضم قوات أردنية لنتنياهو في لقاء معه وبحضور وزيرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون. ويعتقد عباس أنه يجب أولا حل ‘مشكلة نتنياهو’ ‘فهو المفتاح وإن آمن بالسلام فكل شيء سيكون سهلا’.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية