اعتقدت دائماً أن اشتراكية جمال عبد الناصر وفرديته، صنعت من مصر دولة رثّة ومهلهلة، وأنّه ترك ميراثاً ثقيلاً، أشبه بالداء الّذي لا يسهل شفاؤه، والسبب في هذه المعضلة، كما كنت أعتقد، هي الكاريزما والحضور الّذين كان يتمتّع بهما لدى قاعدة جماهيرية عربيّة عريضة، لم تكسرها حتّى الهزيمة المُدوّية في حزيران67. ذاك البريق وتلك الجاذبية، وفّرا غطاءً خادعاً وبرّاقاً للحقبقة الهزيلة القابعة تحتهما، كان هذا رأيي طبعاً، والّذي كنت أتمنّى أن أجد من يشاركني إيّاه خارج دائرة الإخوان المسلمين، والّذين قبعوا في محبس النبذ والتهميش، في غمرة المدّ القومي العاتي، هذا في الدول الّتي منحتهم حرّية الحركة، كما في المملكة الأردنية على سبيل المثال!
أما في الدول القومية، فقد قبعوا في السجون، او تدلّوا من أعواد المشانق!وأخيراً جاء المدد وحدث ما تمنّيت:وافق ناصر على مبادرة وليام روجرز، المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، في ذلك الزمان، والّتي تتضمّن توقيع صلح مع إسرائيل مقابل العودة إلى حدود ما قبل 5 حزيران1967!مسقطاً لاءاته الثلاث الّتي رفعها في قمّة الخرطوم لوهلة خلت: لا صلح، لا اعتراف، لا مفاوضات! كانت تلك صفعة لأنصاره ومريديه، والمستدفئين بألحفته وخطاباته من الناصريين والقوميين العرب، وبينما آوى الناصريون إلى الصمت، على أمل أن يجدوا تخريجاً لهذه الزندقة القومية، كان رد القوميين العرب مُمثّلين بالجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين ‘جورج حبش’، سيّئاً جدّا ً، ومتناسباً مع حجم الخذلان الّذي أصابهم، على يد أقرب الحُلفاء!
لقد وضعوا صورته بالمقلوب على مؤخّرة حمار، وساروا بها في شوارع المدن الأردنيّة، إيذاناً للقاصي والداني، بسقوط الرمز وتخليه، وإيذاناً أيضاً بمواصلة المسيرة، من دونه! فالقضيّة تصنع الأبطال ولا يصنعها أحد!كان ذلك في العام 1968 حيث كانت حركة المقاومة الفلسطينيّة، حاضرة وحُرّة الحركة، على أرض المملكة الاردنبّة!
والدي الّذي كان ذا ميول ناصريّة، استطال وجهه فجأة وغشيه الحزن، ولم يعد يرغب في النقاشات السياسيّة، الّتي كان يستمتع بها كثيراً! أمّا أنا فقد قلت لنفسي أنّ زماني قد حان، وأنّ وعياً جديدا سيتشكّل، في منأىً عن أصنام السياسة، وأنّ جيلاً جديداً سيولد! ويا الله! لكم كنت مخطئاً! مضت الاُمّة في صنع أصنامها، بحكم العادة، وكأنّنا بحاجة إلى نبي جديد، ليُخرجنا من عبادة الأصنام والعبيد إلى عبادة الله وحده!
استطال الزمان وتمادى، وتجذّرت ديكتاتوريات بذرائع مختلفة، في الأقطار العربيّة، ليس على مستوى الدول فقط، وإنّما على مستوى الحركات السياسيّة، ولدت رموز جديدة، وترسّخت سياسات الإستخلاف، وتربّع كثيرون على عروش عظمة زائفة، هم منها براء، وصار لنا سادة وكبراء، حولهم راقصون وأولياء!هي إذن العبارة المجاملة والضحكة المجاملة والخطابة المجاملة، وكُلُّها مجلجلة، وعلى حساب ماذا؟ الحققيقة ذاتها! فهل نحن هكذا من دون خلق الله جميعاً؟ نستمرىء جاهليّتنا ونعلي غرانيقنا، ونفني ذواتنا، لنُعزّ الوهم، ونُسمّي الأشياء بغير أسمائها؟!
لقد بعث فينا الربيع العربي الحياة من جديد! وبسقوط حسني مبارك، ظننّا أنّ الدهر استعاد سيرته وهيأته، وأنّنا على أوّل الطريق المؤدي إلى الخلاص! وما لبثنا حتّى انتفضت جيوش الرّدة، لتعيد المتمرّدين إلى الحظيرة، وتعيد تنصيب الأصنام من جديد!
أين نقف الآن يا ترى؟ هل نرفع السلاح في وجه جيش الرّدة، أم هل نتقاسم معهم الآلهة؟ هذا إذا قبلوا بالمشاركة! إذ يبدو أنّهم لن يقبلوا بنا إلّا خُدّاما لمعبدهم! فماذا نحنُ فاعلون؟ اخي ايُّها العربي الأبي؟ وأيُّها المسلم الموحّد؟
الذي يوحد العرب هو القومية العربية وقد وحدهم عبد الناصر باسم القومية وحرر الوطن العربي من الاستعمار الذي جزاء الوطني العربي الى دويلات لاكن الاستعمار رحل وبقي اذنابه حكام العرب الموالين للامريكان والصهاينة فحاربوا هولاء الحكام عبد الناصر بكل الوسائل مع الانجليز والفرنسيون لاسقاط حلم عبد الناصر بوحدة العرب وبان يكونون دولة عظمى وكان افضل وسيلة لتفكيك العرب بضرب الاسلام بالعروبة ورغم ان الاسلام مكمل للعروبة واذا لم يتوحد العرب لن يتوحد المسلمون فوجد الانجليز افضل حل وهو تأسيس الوهابية بالسعودية في العشرينات من القرن الماضية التي لا تؤمن ببقية المذاهب حتى تزرع الشقاق بين المسلمين وكذلك اسسوا حزب الاخوان في نفس الفترة في السفارة البريطانية فنجح المشروعين بفتيت المسلمين فاصبح اليوم الذي يقتل المسلمين في العراق وسوريا هم الوهابين والذي يقتل المصرين ويفرق بينهم دينآ ومذهبيآ هم الاخوان المسلمين .
لا أوافق على أن جمال عبدالناصر كان صنما متحجرا مثل الاصنام التي وجدت قبله وبعده، عبدالناصر هو القائد العربي الوحيد الذي اراد تقديم استقالته بعد حرب 1967 والتي خسر بها الحرب خسارة نكراء، خروج الملايين للمرة الاولى بالقاهرة والمطالبة ببقائه هو الذي جعله يستمر بالحكم، أما موقف الجبهة الشعبية من جمال عبدالناصر فقد كان يرتكز على ركائز ومواقف اخرى من ضمنها موقف عبدالناصر من الشيوعيين.
لقد اراد تقديم وفعل المزيد للعالم الثالث و للعالم العربي، لافريقيا، لمصر وللقضية الفلسطينية وقدم ما استطاع، كان يتبرع بقسم من راتيه لبناء مدارس في افريقيا، أقام مع نهرو وتيتو منظمة عدم الانحياز، كل العالم كان يعلم ان عبدالناصر عربيا وامميا واشتراكيا، لذلك يبقى جمال عبدالناصر رمزا من رموز الامة العربية لا مثيل له بالتاريخ المعاصر، كان صادقا ومخلصا للامة العربية والاسلامية، لم يخن ولم يهن امام أعداء الامة.
أحببت هذا المقال جداً و هو اصدق تعبير عما آمنت به لسنين خلت و لا زلت غير ان في النفس الم!
أوافقك فى كل ما قلت ولكن معظم الناس مغيبون ومن السهل خداعهم بالإعلام المضلل ، نريد أن نكون مثل الدول المحترمة فيها تداول سلطة سلمى وكم كانت سعادتنا فى الوقوف فى طوابير الإنتخابات لندلى بأصواتنا فى حرية كاملة ولكنهم يستكثرون علينا ذلك كما عيروا الدكتور محمد مرسى بأنه فلاح فكيف يحكم مصر.
مقال رائع جداً واستغرب حقيقة من محبين عبدالناصر فهو مؤسس لحكم العسكر والديكتاتورية ويكفي حرب اليمن وهزيمة حرب الأيام ٦ أو ما يعرف بنكسة ٦٧
كلامك سليم ولكننا في مصر والعرب عامة دائما ما نبحث عن ديكتاتور لنسبح بحمده ونستمد قوتنا من بطشه وكبرياءه وقذارته
اذا اراد الانسان ان يحكم على شخص او جماعة او هيئة او دولة او اي شيء فلا بد من ان يكون له ميزان وضوابط معقولة لكي يزن بها ولا يجوز ان تكون العاطفة او المصلحة هي الحكم ونحن كمسلمين عندنا الميزان الصحيح للحكم وتوصيف الاشياء والاعمال والاشخاص ولا يجوز لنا ان نستعمل غيره لا افكار الاخرين ولا رغباتنا ولا شهواتنا التي كثيرا ما تكون وراء احكامنا …. وكان بعض سلفنا يقول اذا رأيتم الرجل يطير في الهواء او يمشي على الماء فلا يغرنكم امره حتى تعرضوه على الكتاب والسنة … وموضوع المقال الرئيس عبدالناصر يجب ان نرى حكم الاسلام في افكاره التي بثها في كتابه وتصريحاته وخطبه ونرى اعماله كذلك ونرى ان كانت تتناسب مع حاكم مسلم
ان افكار الرئيس عبدالناصر مثلا ترتكز على القومية والاشتراكية والاسلام يجعل رابطة العقيدة فوق كل رابطة حتى فوق رابطة الوطن والقومية فالدين عند المسلم اغلى منهما ومستعد للهجرة كما فعل الرسول عليه السلام مع حبه الشديد لوطنه مكة
ان الرابطة القومية رابطة قهرية جبرية لا حيلة للانسان فيها ولا ترفعه ولا تخفضه فهي اختيار من الله ولا حساب عليه يوم القيامة فلا يسال الانسان عن جنسه ولا لونه ولا غير ذلك من الروابط القهرية .. ان الاجتماع الحر على الفكر والمباديء اليق بالانسان الذي يحترم نفسه فهو اجتماع اختياري يستطيع المرء فيه ان يختار العقيدة التي يقتنع بها ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)
اما اعمال عبدالناصر وسياساته ففيها ما يمدح وفيها ما يذم لكن الصفة الغالبة على القرارات التي يتخذها والسياسات انها كانت استبدادية للاسف فحكم عبدالناصر لا تستطيع وصفه الا بهذا الوصف حكم فردي وحكم اقصائي استئصالي للاخرين خصوصا التيار الاسلامي والذي كان لعبدالناصر علاقات جيدة معه في البداية ثم انقلب عليهم .. وكانت الالة الاعلامية لهذا الحكم الفردي تقوم على الاكاذيب والافتراءات وهي صفات لا تليق باعلام نظام يقوم على رئاسته رجل مثل عبدالناصر الذي كانت الامة تتامل منه الكثير
لا اريد ان اطيل واختم باني اشعر بالاسى الشديد ان عبدالناصر لم يستغل قوته وشخصيتة الطاغية وكارزميته في اقامة دولة مؤسسات ولو فعل لنجح ولقدم اضخم الانجازات لجيله وللاجيال التي جاءت بعده واشعر بالاسى ان هذه الشخصية انهمكت في صراعات داخلية مع التيارات المخلصة لامتها التي لو تعاون معها لحققوا المعجزات باذن الله
دعني اوافقك الراي في كل ما قلت الا في شيء واحد وهو تمجيد العرب باستثناء الاخوان لعبد الناصر، فالحقيقة ان اكثر المفكرين العرب يرون في عبد الناصر دكتاتورا دمويا وصنما عبد من دون الله
مقالة رائعة فكرا وصياغة…
انا من مواليد 1947 لم اكن يوما من مؤيدي عبد الناصر رحمه الله وبعد وفاته ومعاصرة حكامنا الجدد عرفت قيمه عبد الناصر يكفي انه
-امم قناة السويس والان دخل مصر منها اكثر من 400 مليون دولار شهريا
-بنا السد العالي عماد الزراعه بمصر رغم خراب الزراعه ايام مبارك
-قضى على الاقطاع وتوزيع الارض على المصريين علما ان الاقطاعين عالبهم اتراك والبان من بقايا المماليك
-يكفي جامعات مصر اللتي استوعبت المصرين والعرب من كل البلدان
-دعم كل الثورات العربيه على الاستعمار من شمال افريقيا للخليج
-يكفي ايامه كنت رافع راسي لاني عربي اليس افضل من حكام الخليخ ينفقون ملايينهم على قتل اخوانهم العرب وملزاتهم واصبح المسلم يقتل اخوة المسلم مساجد وكنايس تدمر بمن فيها وتركوا البارات تعمل على اشباع رغباتهم
-رحم الله الملك حسين من لا شيء واعتمادا على الاعانات عمر الاردن ونعيش بسلام وامان نحسد عليه
في عصر هذا الديكتاتور
تساوي الفقير والغني
تساوت الفرصة في التعليم والعلاج والسكن والدواء والرغيف
في عصر هذا الديكتاتور
بنينا السد العالي ومجمع الحديد والصلب ومصنع الألمونيوم وغيرها من المشاريع الصناعية التي كانت بمثابة خيال علمي بالنسبة لمجتمع زراعي
في عصر هذا الديكتاتور
قامت الوحدة العربية في أزهي صورها وصار ما يجري في مراكش يشعر به أهل البحرين
في عصر هذا الديكتاتور
قامت حركة ثقافية وفنية وأدبية مازالنا نعيش علي عطرها ونتنفس عبيرها حتي الأن
في عصر هذا الديكتاتور
تمكن العرب من إيصال كلمتهم لشتي بقاع الأرض وفرض الإحترام علي الجميع
في عصر هذا الديكتاتور
وصلنا لمعدل تنمية يكاد يصل لمعدل التنمية الياباني والألماني في وقت من الأوقات
في عصر هذا الديكتاتور
قامت حركات التحرر العربية والإفريقية بدعم ناصري وحازت جميعها علي ما تريد
في عصر هذا الديكتاتور
رأينا الزعيم الذي له القدرة علي التنحي وعلي تحمل المسئولية
في عصر هذا الديكتاتور
أممنا قناة السويس وفعلنا ما نريد
في عصر هذا الديكتاتور
أقمنا دول العرب المدنية وشجعنا الحداثة
في عصر هذا الديكتاتور
كفي لم أعد أستطيع أن أكتب عن هذا الظلم الذي أوقعه علي رؤوسنا
إنه حقآ ديكتاتور
—