بغداد ـ «القدس العربي»: في الوقت الذي أجمعت فيه القوى السياسية العراقية على أهمية انفتاح العراق على الدول العربية والإقليمية والدولية، لكنها شددت على أهمية أن تأخذ الحكومة العراقية برئاسة عادل عبد المهدي، مصلحة الشعب العراقي «أولاً» في جميع الاتفاقات ومذكرات التفاهم التي تبرمها مع الدول، وخصوصاً السعودية.
يأتي ذلك تزامناً مع زيارة يجريها رئيس الحكومة العراقية، ووفد مؤلف من 11 وزيراً، فضلاً عن عشرات المسؤولين والمستثمرين ورجال الأعمال، إلى السعودية، أثمرت حتى الآن عن توقيع 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الجانبين.
تحالف «سائرون» المدعوم من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، شدد على «أهمية أن تكون جميع تلك الاتفاقيات لصالح الشعب العراقي»، ملمّحاً في الوقت عيّنه إلى «استضافة عبد المهدي داخل البرلمان لتوضيحها».
وقال النائب عن كتلة «سائرون» البرلمانية، برهان المعموري، لـ»القدس العربي»: «نحن مع جميع الاتفاقيات التي تبرمها الحكومة العراقية مع الدول، لكن يجب ألا تكون على حساب الشعب العراقي»، معتبراً أن «الانفتاح على الدول الإقليمية والعربية شيء إيجابي يحسب للحكومة والرئاسات الثلاث».
إلى الانفتاح
وأضاف: «العراق يجب أن يخرج من موقعه ويخرج إلى موقع الانفتاح على العالم العربي والإقليمي، شريطة أن يكون ذلك وفقاً لمصلحة الشعب العراقي بالدرجة الأساس ومن ثم المصالح المشتركة بين الدول»، مبيناً أن «بعض الاتفاقيات تتضمن سلبيات وهي مشخصة من قبل البرلمان والمعنيين».
وشدد على أهمية «استضافة رئيس الوزراء (عادل عبد المهدي) في البرلمان، لتوضيح الاتفاقيات أمام مجلس النواب والشعب العراقي».
وتتباين ردود فعل أعضاء مجلس النواب بشأن ضرورة عرض الحكومة جميع الاتفاقيات التي تبرمها، على البرلمان للمصادقة عليها، من عدمه، إذ رأت كتلة «النهج الوطني»، المنضوية في تحالف «النصر» بزعامة رئيس الوزراء السابق، حيدر العبادي، إن إبرام الاتفاقات جزء من عمل السلطة التنفيذية.
وحسب النائب عن الكتلة حسن العقابي، فإن «على الحكومة العراقية أن تكون فاعلة ومؤثرة في منظومة العلاقات الدولية. اليوم نحن في حاجة ماسة للانفتاح على المجتمع الدولي والإقليمي، وتسوية الخلافات والأزمات والمشكلات القائمة»، مشدداً على أهمية «إخراج العراق من هذه الأزمات، حتى لا يكون ساحة للصراعات الدولية والإقليمية».
وأضاف: «الدستور والقانون العراقي نظم آلية لإقرار الاتفاقات والمعاهدات الدولية»، مؤكداً أنه «لا يمكن إشراك البرلمان، قانوناً ودستورياً، في إعداد وصياغة الاتفاقيات الدولية. دور السلطة التشريعية هو الإقرار بالقبول أو الرفض لأي معاهدة أو اتفاقية دولية».
التطور المتسارع في العلاقات العراقية ـ السعودية، لاقى ترحيباً من أغلب القوى السياسية، وتحديداً السنّية، لكنه كان مشروطاً بالنسبة لتحالف «الفتح» الذي يقوده هادي العامري. النائب عن كتلة «الفتح» في مجلس النواب العراقي حسن شاكر الكعبي، وصف لـ«القدس العربي»، زيارة رئيس الوزراء إلى السعودية، وعزمه زيارة فرنسا وألمانيا أيضاً أنها خطوات «جيدة جداً، لكن يجب النظر أولاً إلى مصلحة الشعب العراقي وليس الدول»، مبيناً أن «الانفتاح مع السعودية مطلوب، لكن السعودية مطلوبة دمّ ودَين للشعب العراقي».
وأضاف: «الفتاوى السابقة وإرسال الانتحاريين، كلها أمور أدت إلى سقوط آلاف الشهداء والجرحى العراقيين. هؤلاء يجب على السعودية تعويضهم كبادرة لحسن نواياها»، مشيراً إلى أن «على السعودية أن تعيد خط أنبوب النفط العراقي (ينبُع) الذي تم إكماله من قبل وزارة النفط العراقية، لتصدير مليون و700 ألف برميل نفط يومياً عبر الموانئ السعودية، لكن السعودية صادرته. يجب أن يُعاد كونه يمثل أموال الشعب العراقي».
وأوضح «إن حجة السعودية على مصادرة الأنبوب هي إنها أعطت أموال لصدام حسين (الرئيس الراحل)، غير أن العراق اليوم لا يرتبط بصدام»، مشدداً في الوقت عينه على أهمية أن «يكون تعامل الجانب السعودي مع الحجاج العراقيين، في أيام الحج أو العمرة، بشكل أفضل».
ورأى أن «التبادل التجاري والاقتصادي والعلمي بين الجانبين مهم جداً، لكن يجب أن يكون مشتركاً وليس لطرف على حساب الآخر»، معتبراً أن جميع الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة مع السعودية «هي اتفاقيات أولية. جميع الاتفاقيات يجب أن تمر من خلال مجلس النواب».
في الأثناء، أعلن المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء عبد الحسين الهنين، أمس الخميس، أن بغداد ستحتضن ورشة عمل «كبرى» لمتابعة الاتفاقات الاقتصادية مع مصر وإيران والسعودية.
وقال في بيان، «ستُعقد في بغداد ورشة عمل كبرى لرجال الأعمال العراقيين لمتابعة اتفاقاتنا الاقتصادية مع مصر وإيران والسعودية»، مبيناً أن هذه «الورشة ستضع الاتفاقات حيز التنفيذ ولتصبح مشاريع كبيرة في جميع أرجاء العراق».
وأضاف أن «موعد الورشة سيُحدد لاحقاً، والمشاركة في الورشة ستكون متاحة لجميع رجال الأعمال دون استثناء»، مشيراً إلى أن «دولا كفرنسا والمانيا والولايات المتحدة والصين وكوريا واليابان وغيرها في الطريق للعمل والتعاون مع العراق».
ومن المقرر أن يعود عبد المهدي، والوفد المرافق له، اليوم الجمعة، مختتماً زيارته إلى السعودية، والتي تخللها إجراء مباحثات لإنشاء منطقة حرة للتبادل التجاري في مدينة النجف، ذات الغالبية الشيعية.
محافظ النجف لؤي الياسري، الذي زار السعودية برفقة عبد المهدي، أوضح أن «من ضمن برنامج الزيارة جرى لقاءٌ مع محافظ الهيئة العامة للجمارك في السعودية أحمد الحقباني». وأشار في بيان إلى أن «اللقاء كان إيجابيا ومثمراً وناقشنا فيه فتح منطقة حرة داخل الحدود العراقية وتفعيل طريق التبادل التجاري بين البلدين من خلال محافظة النجف الأشرف، عبر إنشاء طريق التبادل التجاري بطول 239 كم قرب مخفر حاكم الحدودي».
«التعامل الإيجابي»
كذلك، دعا عبد المهدي، السعودية، إلى زيادة حصة العراق من الحجاج، فيما وعدت وزارة الحج السعودية بـ»التعامل الإيجابي» مع طلبه.
وقال مكتبه الإعلامي أنه «طالب خلال لقائه مع المسؤولين السعوديين بزيادة حصة العراق من الحجاج لتعويضه عن عدم استيفاء حصته لعقود طويلة، ولزيادة عدد سكان العراق بشكل كبير دون تعديل الحصة حسب نسبة عدد سكان العراق».
وأضاف البيان، أن «قيادة الدولة السعودية ووزارة الحج وعدتا بالتعامل الإيجابي مع الطلب العراقي»، مبيناً أن «من المتوقع أن تصبح حصة العراق وفق المعايير أعلاه إلى خمسين ألف حاج في الموسم المقبل».
كما بحث عبدالمهدي في مقر إقامته في الرياض، مع أمين عام منظمة مجلس التعاون لدول الخليج، عبداللطيف الزياني، «تطوير العلاقات بين العراق ودول مجلس التعاون والقضايا ذات الاهتمام المشترك وتعزيز فرص الأمن والاستقرار والتعاون الاقتصادي».
وضمن جدول أعمال الزيارة، التقى عبد المهدي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي أكد، وفقاً لبيان لمكتب عبد المهدي، إن بلاده «تضع جميع إمكاناتها وخبراتها في خدمة العراق».