يجتاز الشرق الاوسط هزة في ميزان القوى لديه. فقد هز الربيع العربي الاعمدة في مصر، في ليبيا وفي سوريا. اكثر من 100 الف شخص قتلوا في المعركة المضرجة بالدماء في سوريا، في معركة لم تنتهي بعد. والمعارك من سوريا تتسرب الى داخل لبنان، الشقيق الاصغر، والبارود هنا بات جاهزا بانتظار من يشعله ويشعل معه لبنان بأسره. وبالتوازي تواصل ايران طريقها في تطوير برنامجها النووي والغرب ايضا لم ينجح في وقفها. في اتفاق جنيف حقق الايرانيون ليس فقط الغاء قسم من العقوبات الاقتصادية بل وبالاساس الشرعية التي يتوق لها جدا نظام آية الله. كل هذه التطورات تدخل دول الخليج الفارسي، والسعودية على رأسها، في معضلة لا تكون فيها أي امكانية كاملة. ‘ تطل دولة الامارات العربية على مياه الخليج وترى ايران تعزز. حلفاؤها في الغرب، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، خيبوا آمالها بعدم التدخل في الحرب الاهلية في سوريا وفي التوقيع على اتفاق جنيف. ويفهم السعوديون بانهم يحتاجون الى حلفاء جدد يكونوا ضمانتهم في وجه الخطر الايراني. ‘ الايرانيون ايضا يلاحظون ضعف دول الخليج ويحاولون استغلال ذلك للتقرب منها، وأخيرا اكتساب مكانة الزعيمة في الشرق الاوسط. ويسافر مسؤولون ايرانيون باستمرار الى الخليج ويلتقون مع كل جهة سياسية لاقناعها بانهم ليسوا تهديدا بل درعا، ولكن سكان الخليج السنة تعلموا من التجربة ولا يسارعون في الدخول الى شرك العسل الايراني الشيعي. ويفهم السعوديون بان ايران غير مستعدة للتنازل عن بشار الاسد، عن مصالحها في البحرين وفي الجزر موضع الخلاف التاريخي في الخليج الفارسي. ولهذا فانهم يفضلون تحالف ايران على عقد تحالف يجري في ذيل الايرانيين. ‘ وبالتالي فان المسألة هي اين يمكن ايجاد الحلفاء الجدد. تفحص السعودية امكانية التقرب من روسيا. ومع أن روسيا هي التي تعطي السند الدبلوماسي للخطوات الايرانية في مسألة النووي وفي مسألة سوريا، الا أن السعوديين يشخصون بوتين بصفته الرجل الاقوى في الساحة الدولية اليوم، وينظرون’ كيف توقع مصر على اتفاقات لتجارة السلاح مع روسيا. ومن الافضل اللحاق بالروس على اللحاق بايران. وبالتالي يحاول السعوديون جس النبض مع روسيا كيف يمكن عقد تحالف يسد طريق ايران القريبة او على الاقل يوازن بين مصالحهم المتضاربة مع الايرانيين. امكانية اخرى هي تحالف توازن قوى مع عدو العدو. اي مع اسرائيل، العدو الاكبر لايران. غير أن هنا تقف المسألة الفلسطينية. كان السعوديون يسعدهم لو ان اسرائيل اقتربت نحو المبادرة السعودية لحل النزاع الاسرائيلي العربي. كان هذا سيسهل عليهم جدا تعزيز العلاقات مع اسرائيل في الجانب الدبلوماسي وفي الجانب العسكري. ولكن السعوديين ايضا يفهمون بان الارض غير ناضجة للتقدم السياسي في المسألة الفلسطينية. ومع ذلك، لا يجب استبعاد هذه الامكانية. وفضلا عن ذلك فان على اسرائيل أن تتطلع الى التقارب مع السعوديين أكثر من أي وقت مضى. يجدر بالذكر ان في نهاية المطاف فان التهديد الايراني يقلق السعوديين اكثر بكثير من المسألة الفلسطينية. وبالضبط مثلما وقع الرئيس المصري أنور السادات على اتفاق سلام مع اسرائيل انطلاقا من الفهم بان التحالف مع اسرائيل افضل له من استمرار النزاع، هكذا يمكن التوقيع على اتفاق مشابه مع السعودية. ويمكن تحلية القرص بكل أنواع الطرق. لارضاء الفلسطينيين حصلت مصر بالمقابل من رئيس الوزراء مناحيم بيغن على ملحق لاتفاق السلام بشأن منح حكم ذاتي للفلسطينيين. يمكن الوصول الى اتفاق مشابه مع السعودية. هذا سيكون حلف مصالح للطرفين يوازن التهديد الايراني. بمعنى أن الشرق الاوسط يوجد في مفترق طرق، وحلف كهذا يمكنه أن يرسم خريطة الطريق من جديد. حذار على اسرائيل أن تفوت الفرصة.