عصر اللا أيديولوجيا

حجم الخط
0

لم بعد الموقف السياسي مشتقة من مشتقات الأيديولوجيا السياسية، فقد قصُرت مسافة المواجهة، لتصبح بطول البندقية، وبعرض الشارع، وعلى مرمى الحجر، وأصبح الخط الفاصل بين خيارين نحيلا كحد الصراط، وفي لحظة الأزمة: تُستفتى المشاعر الدفينة ومخزون الانحياز القادم من الوعي الجمعي الواسع الذي تضيق به قوالب الأيديولوجيا، ويترجم الإنتماء من خلال شيفرة تاريخية لا تتوقف كثيرا عند منطوق النصوص. قنابل الأحداث التي انفجرت هنا وهناك، آخذة الجميع على حين غرة، ومُضطرّة إياهم لإعادة الإصطفاف، لم تترك هامشاً لترف الأيديولوجيا!وعبر تراكمات مديدة، تسلسلت مُشكّلة وعيا جديداً، وأبجدية عقائدية جديدة، تبحث عن صيغة للتشكل، لم يفلح محاربو الأيديولوجبا القدماء في التقاط تردداتها!
وهكذا تحولت الأيديولوجيا السياسية إلى متراس تختبيء خلفه ديكتاتوريات ‘وطنية’ تحولت إلى وجع مزمن! أو طلل يبكي عليه الذين لا زالت أعينهم تنظر للخلف، للأمجاد التي صنعوها، أوشُبّه لهم!
حين أستفتي الجيل الجديد، مُتخلّياً للحظة عن اجتهاداتي الخاصّة، أجدهم يذكرون أسماءً لاأحزاباً، فيقول أحدهم الشيخ رائد صلاح، وآخر اسماعيل هنية! وحين أسألهم مثلاً عن الرئيس محمد مرسي، تتراقص على شفاههم ابتسامات غامضة لها ألف تفسير وتفسير!وأسأل عن الشيخ ‘نصر الله’مثلاً، فيقول أحدهم: ‘كان فعل ماضي ناقص’! ويقول آخر’إغسل إيدك منّه’!
وأنا هنا أتحدّثُ بالضبط عن الجيل الذي سيتولّى قريباً تشكيل المستقبل، وليس الذي يمسك آنياً بزمام الأمور، وبالطبع تغلب عليهم الروح الدينية، فلا يفوتهم سماع الآذان مثلاً!ولا أحد منهم لا يعرف ‘صلاح الدين’! وهم يعرفون ‘جورج بوش’ و’صدّام حسين’ ويهمهم كثيراً أن يتأكدوا أن صدام عاد إلى الدين ونطق بالشهادتين قبل أن يقضي! فكل من يحبون أن يعدّوه في صفهم، لا بدّ وأن يكون مؤمناً!فإذا تحدثت عن مسؤول أو رئيس وزراء، ضحكوا استخفافاً، أو قلبوا شفاههم في ازدراء!
أنا أستعرض هذا في حين ترقص الساحات المصرية في مصر بعد الثورة، على إيقاع يسار معارض، فقد هويته، حين تحالف مع بقايا نظام في سبيله إلى الإندثار جملة وتفصيلاً! وحين يطل اليسار برأسه من وراء المتراس، في مصر أو تونس ويصرُّ على تسديد طلقاته إلى مقدسات الجيل الجديد، فسيكون حتماً الخاسر الأكبر، عمّا قريب!
نزار حسين راشد
[email protected]

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية