إسطنبول – “القدس العربي”:
يتواصل الحراك الدبلوماسي الاستثنائي في المنطقة على نطاق واسع وبسرعة كبيرة وهو ما أعاد إلى الواجهة مجدداً الحديث عن سيناريوهات قرب إتمام المصالحة التركية المصرية لا سيما عقب زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى أنقرة وزيارة أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني إلى القاهرة.
وتمهد الكثير من التحركات الدبلوماسية وإعادة رسم خريطة التحالفات في المنطقة إلى خطوة أهم في مسار العلاقات التركية المصرية وذلك في ظل تحركات واتصالات دبلوماسية على مستويات مختلفة لم تنجح حتى الآن في تحقيق زيارات رفيعة المستوى بين البلدين تمهد للإعلان عن طي صفحة الخلافات وإعادة تطبيع العلاقات مجدداً.
ونهاية العام الماضي، نجحت الجهود الدبلوماسية في إعادة تحسين العلاقات بين تركيا والإمارات وتوجت هذه الجهود بزيارة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد إلى أنقرة التي أعقبها زيارة أردوغان إلى أبو ظبي، ومؤخراً زار أردوغان المملكة العربية السعودية والتقى الملك سلمان وولي العهد محمد بن سلمان قبل أن يزور بن سلمان أنقرة قبل أيام ويعلن البلدان فتح صفحة جديدة في سجل العلاقات. وما بين الزيارتين استقبل أردوغان الرئيس الإسرائيلي في أنقرة أعقبها زيارة وزير الخارجية وإعلان تبادل السفراء لتفتح بذلك تركيا صفحة جديدة في سجل علاقاتها مع الإمارات والسعودية وإسرائيل ودول أخرى مختلفة.
وطوال الأشهر الماضية، كثفت تركيا جهودها لتحقيق خطوات مشابهة في مسار تحسين العلاقات مع مصر، وكما جرى في المسارات السابقة مع الدول الأخرى، انتقلت الاتصالات التركية من مستوى الاستخبارات والدبلوماسية المنخفضة إلى الدبلوماسية الرسمية وهي الخطوة التي تسبق بالعادة الإعلان عن لقاء على المستوى السياسي الأول لتكون هذه الخطوة بمثابة إعلان رسمي عن إنهاء الخلافات وفتح صفحة جديدة في سجل العلاقات بين البلدين.
وبحسب الكثير من التصريحات والتسريبات، فإن الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة يتوقع أن تشهد زيارة لوزير الخارجية التركي مولود جاوش أوغلو إلى القاهرة وهي الزيارة الأهم على مسار تحسين العلاقات بين البلدين والتي يفترض أن يتخللها الإعلان عن إعادة تبادل السفراء بين البلدين لأول مرة منذ سنوات.
وكانت تكهنات أخرى تحدثت عن إمكانية إجراء الرئيس التركي زيارة إلى القاهرة على غرار ما فعل مع الإمارات والسعودية لكن لا خطوات عملية معلنة تشير إلى أي تحضيرات للزيارة التي يمكن أن تأتي عقب خطوات دبلوماسية أخرى أهمها زيارات متبادلة لوزراء الخارجية وإعادة تبادل السفراء بين البلدين.
كما أن مسار تحسين العلاقات يعتقد أنه واجه عقبات حقيقية طوال الأشهر الماضية حيث لم يتمكن الجانبان من تحقيق تقدم حقيقي باستثناء بعض الخطوات والاتصالات الدبلوماسية، وفي هذا الإطار يتوقع أن يمثل التقارب السعودي التركي عقب التقارب الإماراتي التركي من جانب، والتقارب المصري القطري من جانب آخر، إعطاء دفعة كبيرة لمسار تحسين العلاقات بين أنقرة والقاهرة.
وفي حديث للصحافيين على متن الطائرة في طريق عودته من السعودية إلى إسطنبول، تحدث أردوغان عن مسار تحسين العلاقات مع مصر، لافتاً إلى أن المرحلة المقبلة سوف تشهد “تطورات إيجابية” و”خطوات رفيعة المستوى” في تصريح اعتبر بمثابة تلميح لإمكانية عقد لقاء سياسي رفيع المستوى في الأسابيع المقبلة.
وقال أردوغان: “لدينا سياسة حيال إسرائيل، وهذه السياسة ممكنة مع مصر أيضا. تتواصل علاقتنا مع مصر في مستوى أدنى وبين أجهزة الاستخبارات ورجال الأعمال”، مؤكداً أن “النتائج الإيجابية تشير إلى إمكانية اتخاذ خطوات رفيعة المستوى بين البلدين لأن الشعبين المصري والتركي لديهما الكثير من القواسم المشتركة”، معتبراً أن “تركيا بصفتها دولة كبيرة في المنطقة لن تستفيد شيئا من قطع علاقاتها مع الدول الأخرى بشكل كامل”.
والشهر الماضي، أعلنت قناة مكملين المصرية الفضائية (معارضة تابعة للإخوان المسلمين) التي تبث من تركيا، أنها اتخذت قرارا بإنهاء عملها من تركيا وإغلاق مقرها بشكل نهائي، وبررت ذلك “بالظروف التي لا تخفى على أحد”، كما وعدت باستئناف البث قريباً من خارج تركيا.
وتأتي هذه الخطوة بعد قرابة العام على بداية تضييق السلطات التركية على قنوات المعارضة المصرية التي تبث من إسطنبول، حيث طلبت أنقرة في آذار/مارس 2021 من هذه القنوات وقف برامج العديد من المذيعين المعروفين بمعارضتهم الشديدة للنظام المصري وفرضت عليهم “الالتزام بميثاق الشرف الإعلامي”، وهو ما دفع نحو إغلاق مؤسسات إعلامية ووقف بث العديد من البرامج وانتقال مذيعيها إلى خارج تركيا.
واعتبرت جميع هذه الخطوات بأنها بمثابة “استحقاق” يقدمه الجانب التركي لتحقيق تقدم في مسار تحسين العلاقات مع مصر، وقال سامح شكري وزير الخارجية المصري في تصريح سابق إن تلك الإجراءات “خطوة” على طريق تهيئة الأرضية لتطبيع العلاقات مع تركيا.