حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا، عرضتها المفوضية الأوروبية واقترحت فيها أن تتم إضافة نحو مئتي فرد وكيان على القائمة السوداء منها القوات المسلحة الروسية وثلاثة بنوك روسية.
باريس ـ «القدس العربي»: تدخل الحربُ الروسية على أوكرانيا يومها الـ 296 على وقع عقوبات أوروبية ضد موسكو، وتعهدات بدعم كييف، وذلك وسط مخاوف من استمرار الصراع في بداية الجديد.
ففي مواجهة الضربات الروسية المستمرة، بما في ذلك في خيرسون، اتفقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، منتصف هذا الأسبوع، على اعتماد حزمة عقوبات جديدة ضد روسيا، كانت المفوضية الأوروبية قد عرضتها الأسبوع الماضي واقترحت فيها أن تتم إضافة نحو مئتي فرد وكيان على القائمة السوداء للاتحاد الأوروبي، بينهم القوات المسلحة الروسية وثلاثة بنوك روسية. كما اقترحت المفوضية الأوروبية حظر تصدير مكونات تصنيع الطائرات بدون طيار إلى روسيا وكذلك تعليق أربع وسائل إعلام روسية جديدة متهمة بالمشاركة في دعاية الكرملين، موصية كذلك بحظر أي استثمار جديد في قطاع التعدين الروسي وتشديد القيود على تجارة السلع ذات الاستخدام المزدوج، المدني والعسكري، عبر استهداف المواد الكيميائية وعوامل الأعصاب والمكونات الإلكترونية والمعلوماتية.
تزامنت هذه العقوبات الأوروبية مع أخرى أمريكية، أعلنت عنها وزارتا الخزانة والخارجية، استهدفت خاصة قطاع الخدمات المالية الروسي ورجل الأعمال الروسي الكبير فلاديمير بوتانين وعائلته وشركة إنتيروس الاستثمارية التي يديرها. وتشمل هذه العقوبات بنك روسبنك، الذي استحوذ عليه بوتانين هذا العام، بالإضافة إلى 17 شركة تابعة لبنك (في.تي. بي) الروسي الذي فرضت واشنطن عليه عقوبات في السابق.
رداً على هذه العقوبات الغربية، أكد الرئيس فلاديمير بوتين، في كلمة يوم الخميس المُنصرم حول الوضع الاقتصادي في البلاد، أن بلاده ستعمل على توسيع تعاونها التجاري مع شركائها في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، بما في ذلك زيادة صادراتها من الغاز إلى الصين بصورة كبيرة، متحدثاً عن مشاريع ستسمح لروسيا بتعزيز مبيعاتها من الغاز إلى الصين إلى ثمانية وأربعين مليار متر مكعب سنويا بحلول عام 2025 وإلى ثمانية وثمانين مليار متر مكعب بحلول عام 2030. كما جدد الرئيسُ الروسي الحديث عن خطته لإقامة «مركز غاز» جديد في تركيا، موضحاً أنه سيحدد أسعار مبيعات الغاز إلى أوروبا باستخدام «منصة إلكترونية».
علاوة على العقوبات الجديدة ضد موسكو، توصلت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أيضاً إلى اتفاق بشأن مساعدة جديدة لكييف بقيمة 18 مليار، وذلك عقب ثلاثة أيام من تعهد المشاركين في مؤتمر باريس، يوم الإثنين الماضي، بحوالي مليار يورو لمساعدة الأوكرانيين على الصمود خلال هذا الشتاء، على خلفية تدمير الضربات الروسية منشآت الطاقة فيها. فمنذ نهاية شهر تشرين الأول/اكتوبر الماضي، يركّز الجيش الروسي ضرباته على البنى التحتية المدنية ومنشآت الطاقة الأوكرانية، الأمر الذي تسبب في حرمان ملايين السكان من التدفئة والمياه. وغداة ذلك، وجّهت منظمة الأمم المتحدة نداء من أجل جمع تمويل بـ 1.2 مليار دولار بغية توفير الرعاية الصحية للنساء والفتيات، لاسيما في مناطق تشهد نزاعات مسلّحة على غرار أوكرانيا، التي أضحت هذه الاحتياجات أكثر إلحاحا بسببها، بالإضافة إلى التغيّر المناخي وخطر المجاعة في أفريقيا.
وبينما تتجه الحرب إلى الدخول في شهرها الحادي عشر، تعرضت أوكرانيا يوم الجمعة لضربات روسية جديدة مكثفة أدت إلى انقطاع المياه في العاصمة كييف والتيار الكهربائي في مدن عدة في البلاد، وسط تأكيد الجانب الروسي أنه من غير المحتمل وقف إطلاق النار بمناسبة أعياد الميلاد، رافضاً بذلك دعوة كييف لبدء سحب القوات بحلول عيد الميلاد كخطوة لإنهاء أكبر صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. وتوقع قائد الجيش الأوكراني فاليري زالوجني أن يشن الجيش الروسي هجوماً جديداً على العاصمة كييف بداية العام الجديد 2023 عقب تركز القتال منذ أشهر في شرق أوكرانيا وجنوبها، بما في ذلك في خيرسون، التي يواصل الجيش الروسي قصفها، منذ أن استعاد الجيش الأوكراني السيطرة عليها الشهر الماضي. بدوره، حذّر الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ من أن موسكو تستعد لحرب طويلة ضد أوكرانيا، مؤكداً أنه يتعين على أعضاء الحلف الاستمرار في إمداد كييف بالسلاح حتى يدرك الرئيس الروسي أنه «عاجز عن الفوز على أرض المعركة».
وأمام المخاوف الأوكرانية من هجوم روسي جديد على كييف مع بداية العام الجديد، أعلنت البنتاغون الخميس الماضي، أن الولايات المتحدة ستطوّر اعتبارًا من شهر كانون الثاني/يناير برنامجها لتدريب أكبر عدد كبير من الجنود الأوكرانيين على الأسلحة التي تمنحها واشنطن لكييف. في حين، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء الخميس الماضي، عن رغبته في مهاتفة نظيره الروسي فلاديمير بوتين للتباحث معه بشأن عمليات القصف والغارات بالمسيّرات التي تشنّها القوات الروسية في أوكرانيا، بالإضافة إلى أمن محطة زابوريجيا للطاقة النووية.
إلى ذلك، أكدت مفوضية الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، هذا الأسبوع، أن مئات المدنيين تم إعدامهم بإجراءات موجزة في أوكرانيا خلال الأشهر الأولى من الحرب الروسية، ما يشكّل «جرائم حرب محتملة». وقد سجّلت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة 441 عملية إعدام بإجراءات موجزة وجريمة قتل في ثلاث مناطق في أوكرانيا في الفترة ما بين بداية
الحرب في نهاية شباط/فبراير إلى غاية بداية نيسان/ابريل. كما تم توثيق جرائم قتل 341 رجلاً و72 امرأة و20 فتى وثماني فتيات في 102 مدينة وقرية في مناطق كييف، تشيرنيغيف وسومي خلال تلك الفترة. ويمثّل الرجال والفتيان غالبية الضحايا «الأمر الذي يشير إلى أنهم كانوا مستهدفين في المقام الأول بسبب جنسهم».
وكان محقّقو الأمم المتحدة اتهموا موسكو في 23 أيلول/سبتمبر الماضي بارتكاب «عدد كبير» من جرائم الحرب في أربع مناطق أوكرانية في الأسابيع الأولى بعد الغزو الروسي، لكنهم اعتبروا أنه من السابق لأوانه الحديث عن جرائم ضدّ الإنسانية، خلافا لما تصر عليه أوكرانيا ومنظمات غير حكومية.