لندن ـ «القدس العربي»: أثارت علاقة غامضة بين شبكة «سي إن إن» الأمريكية والسلطات في دولة الإمارات موجة من الجدل على مستوى العالم ودفعت مجموعة من المؤسسات الحقوقية إلى توجيه رسالة إلى الشبكة التلفزيونية تطلب فيها توضيح علاقتها مع دولة الإمارات والسلطات الحاكمة فيها.
ووجهت المؤسسات المختصة بحقوق الإنسان والديمقراطية ومناهضة الحرب رسالتها إلى شبكة «سي إن إن» بالتزامن مع معرض إكسبو دبي 2020.
وقالت تلك الجماعات الحقوقية في رسالتها إنهم «منزعجون للغاية عندما نعلم أن شبكة CNN ستكون هي المذيعة الرسمية لإكسبو دبي، رغم أن الإمارات والسعودية ارتكبت انتهاكات مروعة لحقوق الإنسان في اليمن وتسببت في معاناة فظيعة لملايين المدنيين اليمنيين».
وأضافت الرسالة: «تستخدم الحكومتان الإماراتية والسعودية فعاليات دعائية عالية، مثل «إكسبو 2020 دبي» الإماراتي في تشرين الأول/اكتوبر، ومبادرة الاستثمار المستقبلية السعودية، لجذب الاستثمار وبناء النفوذ السياسي على الرغم من سجلهما الوحشي في مجال حقوق الإنسان». ووجهت المؤسسات مطالبات واضحة لشبكة CNN تحثها فيها على «الكشف عن الشروط المالية والتعاقدية لعلاقتك مع العائلة المالكة في الإمارات العربية المتحدة و (إكسبو 2020 دبي) والكشف عن جميع الشروط المالية والتعاقدية لمحتوى (دبي الآن) الترويجي الخاص بك».
وطالبت المؤسسات الحقوقية الشبكة الأمريكية بالالتزام بالإبلاغ عن انتهاكات الإمارات لحقوق الإنسان الفظيعة واستخدامهم لأحداث مثل «إكسبو 2020 دبي» لأغراض دعائية، مضيفة: «في تغطيتك لمعرض الإمارات دبي إكسبو. إذا لم تستجيب CNN لهذه الطلبات والتوضيحات حول الشروط المالية والتعاقدية، فإننا ندعوك إلى الانسحاب بصفتك مذيعًا رسميًا لمعرض الإمارات دبي إكسبو على الفور».
وقال الصحافي الاستقصائي والمستشار الأول في معهد «كوينسي» إيلي كليفتون إن تغطية «سي إن إن» لأخبار الإمارات جعلتها الناطق الرسمي لمعرض «إكسبو دبي 2020» بحسب ما نقلت وسائل إعلام غربية.
وقال كليفتون إن «تعتيم شبكة سي إن إن حول علاقتها مع إكسبو دبي 2020 وسياحة دبي قد يشكل تحدياً مستمراً للجهود الرامية إلى التمييز بين صحافتها المنتجة بشكل مستقل والمحتوى الذي ترعاه الدولة والذي يروج لصورة منمقة ومحسنة لدولة هي في الأصل دولة غير ديمقراطية ذات سجل إشكالي في مجال حقوق الإنسان».
وأكدت صحيفة «statecraft» الصادرة عن معهد «كوينسي» الأمريكي أن «شبكة CNN تقدم أحيانا إشارات غامضة حول محتواها المدعوم ولا تفصح أبداً عن ماهية المحتوى المدعوم وما هو غير ذلك، والغالبية العظمى من تغطيتها المبالغ فيها في الإمارات توصف على هذا النحو».
وأعلن المدير التنفيذي لمؤسسة «Freedom Forward» عبر حسابه على تويتر أنه سيتابع تغطية «سي إن إن» لمعرض «إكسبو دبي» عن كثب، وقال في تغريدته: «أمير إماراتي متهم بالاعتداء الجنسي على المواطنة البريطانية كيتلين ماكنمارا، لكن سي إن إن لم تذكر ذلك، ولم تذكر ما إذا كانت تتقاضى رواتبها من قبل ديكتاتورية الإمارات لتكون مذيعا رسميا لإكسبو».
أما صحيفة «the column» فقالت إنه «يبدو أن انتهاكات حقوق الإنسان هذه لا تثير أي قلق لدى شبكة سي إن إن، والتي شاركت في الحد الأدنى من التقارير المنتقدة للنظام المطلق منذ أن بدأت في نشر المقالات الترويجية والمنمقة عن الإمارات العام الماضي».
وأشارت الصحيفة إلى أنها تواصلت مع مراسلي الشبكة عبر وسائل التواصل الاجتماعي لكنهم رفضوا التعليق على جميع تلك التساؤلات.
ونشرت شبكة «سي إن إن» العديد من التقارير والمواد الصحافية التي فهمها الكثير من المراقبين على أنها عمل دعائي مدفوع الثمن لصالح دولة الإمارات، كما انتقد الكثيرون هذه التقارير بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها دولة الإمارات والتي تتجاهلها شبكة «سي إن إن» الأمريكية.
وحسب معلومات حصلت عليها «القدس العربي» من مصدر إعلامي في الإمارات فإن المكتب الرئيس لشبكة «سي إن إن» عربية يقع في دبي ويحظى المكتب والعاملون فيه بتسهيلات وامتيازات كبيرة من قبل دولة الإمارات.
وقال المصدر الذي طلب من «القدس العربي» عدم الكشف عن اسمه إن مكتب «سي إن إن» في دبي الذي تديره صحافية أردنية والذي يقع في مدينة دبي للإعلام على الطريق الواصل بين إمارتي دبي وأبو ظبي يتمتع بجملة من الامتيازات التي لا يحظى بها الآخرون من بينها أنه لا يسدد أية رسوم مالية نظير التواجد هناك، كما أنه يحصل على كافة الخدمات المرافقة مثل الكهرباء والماء والإنترنت مجانا.
ويؤكد المصدر أنَّ سلطات دولة الإمارات تمنح تسهيلات أيضاً خاصة لصحافيي الـ«سي إن إن» تمكنهم من الحصول على المعلومات وإجراء المقابلات مع المسؤولين الإماراتيين بسهولة أكبر من غيرهم.
وحسب ما رصدت «القدس العربي» ففي شهر نيسان/أبريل الماضي نشرت شبكة «سي إن إن» قائمة بالدول الأفضل من حيث استقبال السياح الأجانب، ووضعت على رأسها دولة الإمارات، وهو ما فهمه كثيرون في ذلك بأنه ترويج مباشر للسياحة في دولة الإمارات.
وحلّت الإمارات في قائمة أعدتها شبكة «سي إن إن» لأبرز الدول التي فتحت أبوابها لاستقبال السياح الدوليين، حيث أشارت الشبكة الأمريكية إلى أن «الرحلة إلى الإمارات من بين الأكثر أماناً في العالم».
وأوضحت أنه يجب على جميع الزائرين الذين تزيد أعمارهم على 12 عاماً، الحصول على تأمين طبي وإجراء فحص سلبي لمسحة الأنف قبل 96 ساعة من موعد السفر، واستكمال نموذج البيان الصحي قبل السفر.
وفي وقت لاحق، أعلنت شبكة «سي إن إن» إطلاق برنامج «CNN Marketplace Middle East» بحلته الجديدة في الشرق الأوسط، عبر شاشة التلفزيون والمنصات الرقمية، للتركيز على كل ما يتعلق بالاقتصاد وإدارة الأعمال، وكل ما يمكن أن يحدد شكل المنطقة، إضافة إلى تركيز البرنامج على دراسة كيفية تكيف الصناعات والشركات في وقت محوري من النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وذلك بالتزامن مع «إكسبو 2020 دبي».
وبدأت شبكة «سي إن إن» بنقل برنامج «CNN Marketplace Middle East» لجمهور «سي إن إن» العالمي لتسليط الضوء على التحولات الكبيرة في المنطقة، إضافة إلى التقارير الميدانية عن الأحداث الكبرى في الشرق الأوسط، وكذلك تغطية معرض «إكسبو 2020 دبي» الذي تعد «سي إن إن» شريك البث الرسمي له.