الدوحة ـ «القدس العربي»: نظمت مؤسسة قطر للتربية والعلوم بطولة العالم لفرق الرياضيات – قطر 2024، والتي تعتبر حدثاً يضم عباقرة من دول عدة، استلهموا إرث عباقرة العصر الذهبي للعلوم، وعلماء مسلمين تركوا بصمتهم. وتجمع البطولة بين عبقرية الماضي وتطلعات الحاضر، مسلطة الضوء على إرث علمي خالد يعود إلى العصر الذهبي للحضارة الإسلامية.
ورفعت البطولة هذا العام شعار «الجبر والموازنة»، تكريمًا لإنجازات العالم المسلم محمد بن موسى الخوارزمي – أبو الجبر- الذي تستمر مساهماته في تشكيل مجالات الرياضيات والفلك والجغرافيا. وكشف الأستاذ محمد الجناحي، مدير المرحلة الابتدائية، في أكاديمية العوسج التابعة للتعليم ما قبل الجامعي في مؤسسة قطر، أن: «ما يجعل الخوارزمي فريدًا ليست إنجازاته فحسب، إنما رؤيته التقدمية التي دمجت بين العلوم المختلفة، مما أثمر عن نهضة علمية غير مسبوقة».
ويقول الجناحي: «اليوم، عندما نُجري العمليات الحسابية على أجهزة الحاسوب، أو نستخدم مفاهيم الجبر والخوارزميات، فإننا نستذكر إسهامات هذا العبقري الذي أثبت أن العلم لغة لا تعرف الحدود ولا الزمان».
وأشار إلى أن كتاب الخوارزمي «المختصر في حساب الجبر والمقابلة» أكثر من مجرد نص رياضي، بل مرجع أكاديمي وحجر الأساس لكل ما نتعلمه اليوم في مجال الجبر. مما يعكس عمق التأثير الذي تركه الخوارزمي على تطور علم الرياضيات.
ويُنسب إلى الخوارزمي قوله: «الرياضيات هي باب العلوم ومفتاحها»، وهو قول يعكس ما يؤمن به الجناحي بأن الرياضيات تُشكل الأساس الذي تقوم عليه جميع العلوم الأخرى، ويضيف: «تُحفز الرياضيات الطلاب على استكشاف مجالات العلوم والتعمق في فهمها، فهي الأساس الذي يرتكز عليه العديد من التخصصات الأخرى، مثل الفيزياء والهندسة». ويُعرف الجناحي بشغفه وبأسلوبه المبتكر في تعليم الرياضيات، حيث يمزج بين الإنشاد والشعر في مقاطع تفاعلية منشورة على منصة إلكترونية تعليمية تتيح لجميع الطلاب الاستفادة منها، مما يسهم في تبسيط المفاهيم العلمية وجعلها أكثر ارتباطًا بحياتهم اليومية. ويرى أن التعرف على إنجازات العلماء الذين أسهموا في تطور هذا المجال يمكن أن يُثري معرفة الطلاب، ويعزز تقديرهم لأهمية الرياضيات، قائلاً: «تُعد الرياضيات مجالًا يتطلب جهدًا مستمرًا وسنوات طويلة من البحث والتطوير لتحقيق التقدم فيه، وهذا لا يتحقق إلا بالالتزام والعمل المستمر، وهذا بالفعل ما ستمنحه هذه البطولة للطلاب باعتبارها منصة علمية لإطلاق إمكاناتهم وتطوير شغفهم العلمي».
ويشرح الجناحي أنه من خلال فعاليات مثل بطولة العالم لفرق الرياضات – قطر، يمكن أن تتبلور بدايات علماء المستقبل، إذ ما يميز هذه الرحلة هو انطلاقها من شغف التعلم وحب المعرفة، حيث تتجاوز البطولة طابعها التنافسي لتصبح رحلة علمية وفكرية تلهم الشباب ليكونوا جزءًا من مسيرة علمية ممتدة من الماضي، بعيدًا عن السعي وراء الألقاب أو الجوائز، كما كان الحال مع العلماء العظماء عبر التاريخ.
وحسب الجناحي؛ تُتيح هذه البطولة للطلاب فرصة استثنائية لاستكشاف الرياضيات – أحد أقدم العلوم التي عرفها الإنسان – التي تمتاز بكونها لغة عالمية تربط بين الحضارات المختلفة، متجاوزة الفروقات اللغوية والثقافية، ويقول: «إن دور البطولة لا يقتصر على التحدي والتنافس وحسب، إنما يعكس القوة الناعمة التي تمتلكها الرياضيات لتوحيد الشعوب وتعزيز التواصل العلمي.» مشيرًا إلى أن ما يميز هذه البطولة هو قدرتها الفاعلة على جمع المشاركين تحت مظلة واحدة، لتصبح الرياضيات جسرًا للتواصل والإبداع.